السبت 10/مايو/2025

لماذا يتفهمون مواقف إسرائيل العدائية؟!

لماذا يتفهمون مواقف إسرائيل العدائية؟!

صحيفة الوطن القطرية

الهجمات الإسرائيلية الوحشية على قطاع غزة وما خلفته من أعداد كبيرة من الشهداء والجرحى ودمار شامل للبنية التحتية ولكل مظاهر الحياة في القطاع المنكوب صاحبها تصريحات فحواها تفهم جهات كثيرة عربية ودولية لما تقوم به “إسرائيل” من اعتداءات سافرة على القطاع.

كان ذلك بطبيعة الحال موقف بعض الدول العربية وموقف الولايات المتحدة الأميركية الحليف الاستراتيجي ل”إسرائيل” وموقف الاتحاد الأوروبي والموقف الفرنسي على وجه الخصوص من خلال تصريحات الرئيس الفرنسي ساركوزي الذي حمل حماس المسؤولية عن الأوضاع المأساوية في القطاع.

و”إسرائيل” توفر لها في حربها على غزة الكثير من الدعم وذلك لأنها كانت تخوض حرباً بالوكالة عن المجتمع الدولي وعن بعض الدول العربية كما جاء على لسان وزيرة الخارجية تسيبي ليفني ولذلك كان لزاماً على الجميع أن يدعموها ويقفوا بجانبها وأن يتفهموا ما تقوم به من مجازر ومحارق بحق الشعب الفلسطيني.

والحرب على غزة بسبب الأهداف المشتركة بين عدد من الأطراف أصبحت حرباً إسرائيلية مدعومة فلسطينياً وعربياً ودولياً هدفها المعلن هو القضاء على الإرهاب المتمثل في حركات المقاومة الفلسطينية وتمكين السلطة. ومن القادة العرب من أعاد الاحتلال لقطاع غزة بتصريح وتوصيف خاطئ للوضع في القطاع.

ومن المضحك حقاً بعد هذه المجازر والمحارق القول بأن بقاء المبادرة العربية يشكل ضغطاً على “إسرائيل”!

ربما كان القصد من ذلك هو أن المبادرة تضغط على “إسرائيل” ومن شدة الضغط عليها يقدم قادتها رغماً عنهم على قتل الفلسطينيين وإبادتهم كما حدث في جنين وغزة! ولا ندري كيف تشكل المبادرة العربية ضغطاً على “إسرائيل” بعد أن نعاها عمرو موسى الأمين العام للجامعة العربية الذي قال: إن المبادرة العربية ماتت!

“إسرائيل” والمجتمع الدولي

“إسرائيل” تدرك جيداً أنه لا توجد قوى إقليمية أو دولية تستطيع أن تمنعها من مواصلة اعتداءتها على الفلسطينيين وعلى العرب أيضاً كما يحدث في لبنان وسوريا مثلاً أو حتى مجرد إدانة ما تقوم به من انتهاكات لكل الأعراف والمواثيق الدولية فالفيتو الأميركي جاهز دائماً لعرقلة صدور أي قرار يمس “إسرائيل”.

ومن الدلائل على ذلك قيام قوات جيش الاحتلال بقصف المقرات والمدارس التابعة للأونروا في قطاع غزة في الوقت الذي كان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون يجري فيه مباحثات مع الساسة في تل أبيب من أجل وقف إطلاق النار.

ومن أهم أسباب إهمال “إسرائيل” لقرارات المنظمات الدولية عدم وجود دور فاعل للدول العربية والإسلامية في هذه المنظمات يضمن لها الحد الأدنى من حفظ الحقوق ومنع الاعتداءات.

نجحت قمة الدوحة رغم أن الكثيرين أرادوا لها ألا تنجح وقال البعض إنها ستسهم في شق الصف العربي ونقول لهم إن الصف العربي الذي يتحدثون عنه ممزق ومهلهل أصلاً بشهادة الأمين العام للجامعة العربية وهناك حسابات خاصة لدى الكثير من قادة الأنظمة العربية ليس من ضمنها مصلحة الشعوب أو البلدان العربية لأن الكثيرين منهم مرتهنون لأجندات ومشاريع خارجية ومواقفهم وتوجهاتهم معروفة للجميع والدور الذي يقومون به هو الأداة ووسيلة التنفيذ.

وتغيب رئيس السلطة عن حضور قمة الدوحة المخصصة لمناقشة الأوضاع في قطاع غزة يرجع لحسابات خاصة ليس من ضمنها الوحدة الفلسطينية أو الحرص على المصالح العليا للشعب الفلسطيني. وقمة الدوحة نجحت في التأكيد على دور المقاومة في هذه الفترة الحرجة والمصيرية بالنسبة للقضية الفلسطينية.

والتمثيل الرسمي في القمة كان متوافقاً مع إرادة الشعوب وقراراتها محققة لتطلعاتها وهي من المرات القليلة والنادرة التي يحدث فيها ذلك.

لا نبالغ إذا قلنا إن العرب وحدهم يتحملون مسؤولية ما يجري في قطاع غزة من مجازر ومحارق بحق الفلسطينيين وأعتقد أننا لا نتجنى عليهم كذلك إذا حملناهم المسؤولية عن قتل وتشريد الفلسطينيين منذ عام 1948 وإلى الآن رغم وجود تواطؤ ومؤامرات دولية حاكتها الدول الكبرى فقد شاركت الأنظمة العربية في ذلك بنسبة كبيرة إما خيانة وتواطؤاً وإما تخاذلاً وبيعاً للقضية.

فإذا كان هناك من العرب من يدعم الموقف الإسرائيلي ضد المقاومة في فلسطين فهل من الممكن أن نلوم “إسرائيل” على استهداف المقاومة ومحاولة القضاء عليها ومحاولة تصفية القضية الفلسطينية إلى الأبد.

والأعمال الوحشية التي يقوم بها الإسرائيليون مستمدة من عقيدتهم، وعداؤهم للمسلمين متأصل في نفوسهم يقول الله عز وجل: (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ).

ولذلك ينبغي ألا نلوم الكيان الصهيوني على المجازر التي يرتكبها في قطاع غزة لأن ذلك جزء من عقيدتهم وفي المقابل يجب أن نلوم أنفسنا على ضعفنا وتخاذلنا وعلى عجزنا رغم أننا نملك جميع الإمكانات التي تؤهلنا لأن نكون دولاً ذات مكانة ومهابة وتؤهلنا لكي نكون قادة للعالم في الكثير من المجالات.

ورغم ذلك تخلت الكثير من الأنظمة العربية عن ورقة التوت التي تستر عورتها وتداري فشلها داخلياً وخارجياً وهذه الأنظمة ينبغي أن تلفظها الشعوب لأنها وقفت في معسكر أعداء الأمة وفرطت في حماية الأوطان والدفاع عن الأمن القومي وتآمرت على إخواننا في فلسطين ومنحت “إسرائيل” تفويضاً وغطاء لأعمالها الوحشية في قطاع غزة.

رفع سقف المطالب العربية

أن نخطئ ليس عيباً ولكن المشكلة أن نتمادى في الخطأ فعلى مدى حوالي أكثر من 15 عاماً وتحديداً منذ مؤتمر مدريد للسلام 1991 والعرب يسعون نحو السلام مع الكيان الصهيوني الغاصب وقد أثبتت الأيام أن هذا الكيان لا يسعى للسلام حقيقة ولا يريده وإنما يريد أن يوسع نفوذه ويفرض شروطه على المنطقة بأسرها. ولذلك نعتقد أن الوقت قد حان ليراجع العرب خيارهم الاستراتيجي وأن ينحازوا لخيار المقاومة وأن يضغطوا وبقوة على هذا الكيان وعلى من يساندوه كالولايات المتحدة والغرب لانتزاع حقوق الشعب الفلسطيني التاريخية.

فالعجز العربي على مدى عقود من الزمان أدى بالضرورة إلى ارتفاع سقف المطالب الإسرائيلية وتدني سقف المطالب العربية والفلسطينية خلال التاريخ الطويل للصراع العربي – الإسرائيلي.

فقد رفض العرب قرار التقسيم في عام 1947 والذي أعطى “إسرائيل” 55% من أرض فلسطين فاستولت على 78% من أراضي فلسطين عام 1948 وبعد حرب 48 تم التوقيع على اتفاقية رودس وتم بموجبها رسم الخط الأخضر الذي أصبح بالفعل حدوداً بين “إسرائيل” والدول العربية المجاورة.

وبدلاً من العيش في دولة ذات حدود قبل الفلسطينيون بدولة مقطعة الأوصال تفصلها عن بعضها البعض حواجز ومعابر حولت حياة الفلسطينيين إلى معاناة يومية وجحيم لا يطاق. وبدلاً من المطالبة بإزالة المستوطنات التي أقيمت على الأراضي الفلسطينية أصبح مطلب السلطة الفلسطينية هو وقف الاستيطان الذي تضاعف عشرات المرات منذ بدء مرحلة التفاوض مع هذا الكيان الغاصب.

وقامت “إسرائيل” ببناء الجدار العازل الذي يلتهم ويصادر الأراضي الفلسطينية ويعزل القرى الفلسطينية عن بعضها البعض.

وبدلاً من العيش بسلام وأمن صار مطلب الفلسطينيين الملح هو وقف الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على أرواحهم وممتلكاتهم.

و”إسرائيل” سعت جاهدة من أجل الحصول على الاعتراف بها من قبل الدول العربية والإسلامية وتحقق لها ما أرادت وهي الآن ترفض الاعتراف بالدولة الفلسطينية وبحقوق الشعب الفلسطيني. و”إسرائيل” رفضت العرض السخي الذي قدمه الأمير عبد الله بن عبد العزيز آنذاك من خلال المبادرة السعودية التي طرحت في قمة بيروت عام 2002 وتبناها القادة العرب والتي تتضمن إقامة دولة فلسطينية معترف بها على حدود 1967 وعودة اللاجئين والانسحاب من هضبة الجولان السورية مقابل التطبيع الكامل مع “إسرائيل”.

وآخر ما حصلت عليه “إسرائيل” من مكاسب هو الاتفاق مع الولايات المتحدة الأميركية على منع تهريب الأسلحة إلى قطاع غزة والتوصل إلى اتفاق خطي مع مصر حول إجراءات مكافحة تهريب الأسلحة واستعداد كل من بريطانيا وألمانيا وفرنسا للمساعدة في ذلك.

وفي مقابل المكاسب الكثيرة التي حصلت عليها “إسرائيل” والتي ربما لم يحلم قادتها يوماً ما بالكثير منها كانت خسائر الأطراف العربية مضاعفة وهو ما تدل عليه العبارات التي صارت تتردد على ألسنة ومسامع العرب مثل: الاحتلال والنكبة والنكسة والمجازر والمحارق وتدل عليه الأسماء التي تطلقها “إسرائيل” على هجماتها على العرب وآخرها عملية «الرصاص المتدفق أوالمصبوب».

ولذلك فإن الدول العربية والإسلامية مطالبة الآن أكثر من أي وقت مضى بأن تعيد حساباتها وأن ترفع من سقف مطالبها في الصراع مع الكيان الصهيوني الغاصب فإذا حصلت على أقل منها لم تكن الخسارة كبيرة أو فادحة وأن يتم ذلك وفق خطط مرحلية مدروسة بعناية من أجل تحقيق نوع من توازن المصالح في المنطقة.

والقضية الفلسطينية يجب أن تأخذ بعدها الإسلامي بعد أن فشل دعاة القومية العربية في الحفاظ على الوحدة العربية وقيام “إسرائيل” باحتلال القدس وسيناء والجولان في 67 ومن رفعوا شعارات القومية العربية وتوعدوا “إسرائيل” بأن يلقوا بها في البحر ألقت بهم وبالقومية العربية التي نادوا بها وسعوا إليها في البحر وتركوا تاريخاً مليئاً بالصفحات السوداء نتيجة للجرائم التي ارتكبوها في حق الشعوب وحق الأوطان التي احتلت على أيديهم والجرائم البشعة التي ارتكبوها في حق التيار الإسلامي الذي كان أول المدافعين عن القضية الفلسطينية.

مواجهة الغطرسة الإسرائيلية ممكنة

الكيان الصهيوني الغاصب أضعف من أن يواجه الدول العربية والإسلامية مجتمعة ويمكن إضعافه وتحجيم دوره في المنطقة فقط إذا توافرت الإرادة وصدقت النيات وصح العزم. وقد آن للعرب أن يدركوا أن المقاومة هي الخيار الوحيد لتحرير الأرض واستعادة المقدسات وأن مصالحهم الاستراتيجية تتطلب التعاون

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

شهيدان باستهداف الاحتلال في نابلس

شهيدان باستهداف الاحتلال في نابلس

نابلس - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد مقاومان بعد خوضه اشتباكاً مسلحاً - مساء الجمعة- مع قوات الاحتلال الصهيوني التي حاصرته في منزل بمنطقة عين...