الجمعة 09/مايو/2025

المذابح ومنظمات حقوق الإنسان

المذابح ومنظمات حقوق الإنسان

صحيفة الخليج الإماراتية

قبل انتهاء الحرب الباردة بين الاتحاد السوفييتي السابق والولايات المتحدة لم تكن منظمات حقوق الإنسان العربية بهذا العدد الذي بلغته الآن منذ انتهاء تلك الحرب، كما لم يكن دورها بتلك الفعالية التي هي عليها الآن حتى رغم كل أشكال التضييق والقيود المفروضة عليها بدرجات متفاوتة في كل الأقطار العربية، أما منظمات حقوق الإنسان الدولية، وعلى الأخص العريقة منها والتي تتمتع بقدر معقول من المصداقية العالمية، كمنظمتي “العفو الدولية” و”هيومن رايتس ووتش” فقد كان جل تركيزها خلال سني الحرب الباردة على انتهاكات حقوق الإنسان في دول المعسكر الشرقي بقيادة الاتحاد السوفييتي.

الآن وقد بات واضحاً أن المنظمات الحقوقية العربية، ورغم ما تواجهه من قيود ومضايقات رسمية داخل بلدانها فإنها تتمتع بمصداقية ومكانة دولية في المحافل العالمية ولدى الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان العالمية، هذه المنظمات الأخيرة باتت تولي اهتماماً أكبر لأوضاع حقوق الإنسان في بلدان العالم الثالث ومنها بلداننا العربية، فإنه يفترض من هذه المنظمات ألا تكون أنشطتها وفعالياتها وسائر أشكال ووسائل ضغوطها من أجل الدفاع عن حقوق الإنسان في زمن السلم مثلها في زمن الحروب الذي ترتكب خلاله أبشع الجرائم اليومية التي يندى لها جبين البشرية كما جرى ويجري تماماً الآن بحق الشعب الفلسطيني الأعزل في غزة الذي يتعرض على أيدي قوات الاحتلال لمجازر جماعية بشعة تطاول أطفاله ونساءه ورجاله الأبرياء بوساطة مفرمة أحدث أسلحة الفتك والدمار الأمريكية التي تقطع لحومهم.

اليوم فإن قضية حقوق الإنسان العربي الأولى التي ينبغي أن تتداعى لها المنظمات الحقوقية القطرية والقومية العربية والتي ينبغي ألا يعلو صوت عليها في اللحظات الراهنة هي قضية فضح جرائم الإبادة التي ارتكبتها سلطات الاحتلال بحق العزل المدنيين الأبرياء في غزة أمام مرأى ومسمع العالم المتمدن بأسره، ناهيك عن كل أشكال المآسي والمحن الأخرى المترتبة على هذه الحرب العنصرية الهمجية الحاقدة التي شنتها النازية الصهيونية بتلذذ سادي لرؤية الدماء المتفجرة من أشلاء الأطفال والأبرياء المدنيين، من حصار تجويعي وتعطيشي ودوائي ونسف منازل ومساكن على ساكنيها وتشريد وتجويع وغيرها من المآسي الأخرى المتولدة من هذا العدوان الهمجي المتواصل.

وإذا كان لا أحد ينكر ما تلعبه منظمات حقوق الإنسان العربية والدولية من دور في زمن السلم للتنديد بانتهاكات حقوق الإنسان، سواء داخل الأقطار العربية أم داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، فإن من غير المفهوم أن يكون الدور الذي اعتادت أن تلعبه المنظمات الحقوقية العربية بشكل خاص والمنظمات الحقوقية العالمية بوجه عام في زمن السلم هو نفسه بنفس الآليات البطيئة والرتابة في زمن الحرب أو على الأصح في زمن ارتكاب “إسرائيل” جرائمها الوحشية العسكرية بحق المدنيين الأبرياء.

وإذا كان لا أحد ينكر ما تجترحه أكثر المنظمات الحقوقية العربية مصداقية من معارك ضارية صعبة في ظروف سياسية بالغة التعقيد من أجل الدفاع عن حقوق الإنسان العربي في الظروف العادية زمن السلم، فمن باب أولى أن تضاعف هذه المنظمات أقصى جهودها الممكنة وتبتكر شتى الأشكال الممكنة المكثفة من الضغوط المتنوعة لكشف وفضح المجازر الدموية الجماعية التي ارتكبها الفاشيون “الإسرائيليون” في غزة، ومن ثم حشد أقصى الطاقات والمساعي لإشراك أكبر عدد ممكن من منظمات حقوق الإنسان العالمية لتشكيل جبهة عالمية واحدة موحدة من هذه المنظمات لفضح هذه الجرائم الصهيونية في غزة والتي لا تضاهيها جرائم أخرى خلال هذه اللحظات العصيبة الفاصلة من تاريخ الإنسانية في الحجم والخطورة والتي تهدد حياة مليون ونصف مليون إنسان في قطاع غزة، هذا إلى جانب ممارسة كل وأقصى أشكال الضغوط الممكنة انطلاقاً من الصعد القطرية والإقليمية لتقديم مرتكبي جرائم الحرب هذه إلى محاكمات دولية عادلة لينالوا عقابهم الرادع جراء ما اقترفته أياديهم من جرائم جماعية بحق الإنسانية في غزة، وصولاً إلى تمكين ومساعدة الشعب الفلسطيني على الخلاص من الاحتلال “الإسرائيلي” الذي ابتلي به وجثم على أرضه وعليه منذ أكثر من 40 عاماً وبناء دولته المستقلة بعاصمتها القدس الشريف.

فهل نأمل في أن تبادر منظمات حقوق الإنسان العربية سريعاً للاضطلاع بمسؤولياتها الإنسانية والوطنية والقومية العليا في هذه اللحظات الحاسمة من تاريخ القضية الفلسطينية، بحيث تكون هذه المنظمات في صدارة الشعوب والحركات العربية الضاغطة على حكوماتها من أجل نصرة شعبنا في غزة؟

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

شهيدان باستهداف الاحتلال في نابلس

شهيدان باستهداف الاحتلال في نابلس

نابلس - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد مقاومان بعد خوضه اشتباكاً مسلحاً - مساء الجمعة- مع قوات الاحتلال الصهيوني التي حاصرته في منزل بمنطقة عين...