الكوفية المليونية

صحيفة العرب القطرية

أن يتم بيع كوفية السيد إسماعيل هنية رئيس الوزراء الفلسطيني بأكثر من مليون ومئتي ألف ريال تقريباً في مزاد علني بالكويت، فهذا له دلالات ومعانٍ كثيرة لن تصعب على كثيرين من أولي الألباب والأفهام. كوفية ربما لا تساوي خمسين ريالاً في السوق، لكن ثمنها ارتفع لأسباب عدَّة هي التي دفعت بالمشاركين في البرنامج الجماهيري الكبير الذي كان قد أُقيم قبل أيام في الكويت بالتزامن مع قمة الكويت الاقتصادية لمحاولة نيل شرف اقتنائها، ليس لذات الكوفية بل لما ترمز إليه.

الكوفية غلا وعلا ثمنها لأنها كوفية إسماعيل هنية.. ارتبطت الكوفية برجل عُرف عنه النزاهة والإخلاص والصدق في خدمة دينه ووطنه وشعبه، ولا نزكِّي على الله أحداً، وظاهر الرجل يؤكد ما نقول، وسلوكياته ترجمة واقعية لما يحمل من أفكار وهموم ومبادئ وقيم، نتفق معها.

رجل نذر نفسه لله كما الذين استشهدوا من إخوانه، فارتفعت قيمته في الدنيا بإذن الله قبل الآخرة، ونسأل الله له حُسن الخاتمة وكل من يقرأ هذا المقال.. الناس عرفته نظيفاً مخلصاً، فصارت ممتلكاته بالمثل طاهرة نظيفة، رجل ينتمي لحركة مقاومة أصيلة أثبتت جدارتها وكفاءتها في مقاومة التوحش اليهودي.

حركة بذلت أزكى الدماء وقدمت النفوس في سبيل الدين والوطن، فعلا شأنها في العالم كله، وبالضرورة يعلو شأن كل من يتشرف بالانتماء إليها. يكفي الحركة فخراً أنها أجبرت المتوحشين اليهود على التراجع وإعلان وقف إطلاق النار تحت أية حجة أو سبب. يكفيها فخراً أن العالم كله تكالب عليها وصار يطالب بتركيعها أو إن صح وجاز لنا التعبير، التخلص منها بشكل نهائي، وما كان اجتماع شرم الشيخ إلا لهذه الغاية. أحسب أن فكرة المزادات الآن على بعض الممتلكات والمقتنيات للمقاومين الأبطال، فكرة رائعة تستحق أن تُقام في أكثر من بلد، بل هي فرصة للأغنياء محبي المقتنيات التاريخية للدخول فيها. إن كانت كوفية هنية بيعت بأكثر من 300 ألف دولار، فما بالكم لو جئنا بمجسم لصاروخ من صواريخ القسام، أو رشاش أحد المجاهدين، أو بضع طلقات رشاش أحدهم وتم المزاد عليها؟! أحسب أنها ستباع بالملايين من الدولارات التي ستذهب لصالح المنكوبين والأرامل واليتامى والجرحى وبالطبع أهالي الشهداء.. وأحسب أن هذه المزادات أحد أبواب دعم ومكافأة هذا الصمود البطولي الذي يستحق كل ما يمكن أن نتصوره من دعم.