اليد العليا لبرنامج المقاومة

صحيفة الدستور الأردنية
من استمع إلى إيهود أولمرت وهو يتحدث عن معركته وانتصاره، وقوة الردع التي استعادها جيشه العظيم سيظن أنه خاض معركة ضد جيش الصين وليس ضد قوة مقاومة معزولة ومحاصرة في شريط ضيق اسمه قطاع غزة.
تلك أولى ملامح الهزيمة للجيش الصهيوني وكيانه العتيد، ما يؤكد أن زمن الانتصارات الصهيونية السريعة والخاطفة قد ولّى، تماماً كما هو زمن الهزائم لهذه الأمة، وإلا فأي انتصار حققه أولمرت بالطائرات وقذائف الدبابات من دون الاشتباك المباشر مع المقاومين خوفاً على حياة جنوده الذين يسيرون إلى المعركة بأيد مرتجفة وأقدام مهزوزة؟ وأي انتصار حققه في مواجهة صمود بطولي استمر ثلاثة أسابيع كاملة، وكان بوسعه الاستمرار لفترة أطول بكثير لو تورط الجيش الصهيوني بدخول المناطق السكنية؟ وأي انتصار، وقد بدأ معركته وأنهاها من دون الوصول إلى جنديه الأسير؟.
لقد أعلنوا أنهم يشنون الحرب من أجل تغيير الوضع في قطاع غزة، وإنهاء حكم حماس، فهل تغير شيء من ذلك، أم أن حماس باقية على نحو أفضل بكثير مما كانت عليه، حيث أضافت إلى شرعية الانتخابات، شرعية جديدة هي شرعية المقاومة والدم والتضحيات والاعتراف العربي والدولي؟
قالوا إنهم سيوقفون إطلاق الصواريخ، لكنها استمرت في الانطلاق حتى ما بعد الإعلان الإسرائيلي عن وقف إطلاق النار، أما تهريب الأسلحة فليس ثمة ما يمنعه في واقع الحال، حتى لو صار أكثر صعوبة، مع العلم أن حماس لم تهرّب إلى غزة طائرات ولا دبابات، وإنما هي صواريخ من النوع العادي لا أكثر ولا أقل، أما التهدئة الدائمة فرفضتها قوى المقاومة، وبالطبع لما تنطوي عليه من تنكر لخيار المقاومة.
قال أولمرت إن حماس قد تلقت ضربة موجعة في قيادتها وقدرتها العسكرية، الأمر الذي لا يبدو صحيحاً بحال، حتى لو صدقنا تقاريرهم الصهاينة حول فقدانها لما يقرب من 400 من مقاتليها، وحتى لو خسرت بعض ما لديها من إمكانات عسكرية، والسبب أن كل ذلك صار برسم التعويض على نحو أكبر بكثير بعد الشرعية الشعبية الداخلية والخارجية التي حصلت عليها.
لقد حققت حماس في هذه الأسابيع الثلاثة أرباحاً وفيرة، ومعها قوى المقاومة وبرنامج المقاومة، فالحركة التي كانت تواجه العديد من الأسئلة منذ دخولها الانتخابات ومن ثم الحسم العسكري صارت اليوم الأكثر شعبية في الداخل والخارج، وفي العالم العربي والإسلامي، ومن يحصل على مثل هذه الشعبية سيكون بوسعه تعويض خسائره، أكان على الصعيد البشري، أم على الصعيد المادي، بل سيضيف إليها الكثير من الإمكانات التي لم تكن لتتوفر قبل ذلك.
نعم، لقد حصلت حماس من خلال هذه المعركة على حاضنة شعبية، فلسطينية وعربية وإسلامية ستمكّنها من مراكمة الكثير من أسباب القوة، وتلك معادلة يدركها جماعة رام الله، بينما لا يستغرب أن يتجاهلها أولمرت، وبالطبع حتى لا يفسد انتصاره المزعوم الذي يريد من خلاله مسح قصص فساده وإخفاقاته في حرب تموز 2006.
أولمرت سيتعامى أيضاً عن الخسارة السياسية التي منيت بها دولته في العالم أجمع، وأمام الرأي العام الدولي حين ظهرت بصورة قاتلة الأطفال الذين نقلت صورهم وسائل الإعلام، بينما ظهر الفلسطينيون بوصفهم شعباً مقاوماً وصامداً يرفض القبول بشروط عدوه، مهما كانت التضحيات.
ليست حماس ولا قوى المقاومة وحدها التي ربحت من هذه الحرب، بل القضية برمتها، والسبب هو الشرعية التي حصل عليها نضال الفلسطينيين أمام العالم، إضافة إلى الشرعية التي حصل عليها برنامج المقاومة الذي يعلم الجميع أنه الوحيد القادر على تحقيق الإنجازات.
بعد هذا اليوم سيكون بوسع حماس وقوى المقاومة أن تطرح رؤىً جديدة للصراع برمته، من قبيل ما طرحه الدكتور رمضان شلح حين طالب بحل السلطة وتشكيل حكومة مقاومة، لا سيما أن شرعية الطرف الآخر قد هبطت إلى الحضيض، ليس فقط بسبب موقفه من المعركة، بل أيضاً بسبب فشله في تحقيق شيء من خلال المفاوضات رغم قمعه المتواصل للمقاومة.
ما تحقق في هذه المعركة كان انتصاراً للمقاومة ولحماس ولفلسطين، مقابل هزيمة للاحتلال ولمن يطلبون رضاه وتسهيلاته. أما الدمار الذي وقع فسيعاد بناؤه بإذن الله من حر مال أبناء الأمة إذا قصرت الدول.
لقد كانت معركة رائعة ألهبت مشاعر جماهير الأمة، وأعادت إليها الحيوية، وهي معركة ستتواصل ما دام جنود الاحتلال داخل القطاع. كما أنها معركة سيكون لها ما بعدها، في سياق مواجهة الغطرسة الخارجية. والمرحلة المقبلة ستثبت ذلك.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

الأورومتوسطي: إسرائيل تمارس حرب تجويع شرسة في قطاع غزة
غزة- المركز الفلسطيني للإعلام أكد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، أن الهجوم الإسرائيلي المتواصل والحصار الخانق والنقص الحاد في الإمدادات...

550 مسؤولا أمنيا إسرائيليا سابقا يطالبون ترامب بوقف الحرب بغزة
القدس المحتلة – المركز الفلسطيني للإعلام طالب مئات المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين السابقين الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالعمل على وقف الحرب في...

حماس تدعو للنفير لحماية الأقصى بعد محاولة ذبح القرابين
القدس المحتلة – حركة حماس قالت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، إن محاولة المستوطنين ذبح قربان في المسجد الأقصى يعد تصعيداً خطيراً يستدعي النفير...

مؤسسات الأسرى: تصعيد ممنهج وجرائم مركّبة بحق الأسرى خلال نيسان الماضي
رام الله - المركز الفلسطيني للإعلام واصلت سلطات الاحتلال الإسرائيلي خلال شهر نيسان/ إبريل 2025 تنفيذ حملات اعتقال ممنهجة في محافظات الضفة الغربية،...

إضراب جماعي عن الطعام في جامعة بيرزيت إسنادًا لغزة
رام الله- المركز الفلسطيني للإعلام أضرب طلاب ومحاضرون وموظفون في جامعة بيرزيت، اليوم الاثنين، عن الطعام ليومٍ واحد، في خطوة رمزية تضامنية مع سكان...

القسام تفرج عن الجندي مزدوج الجنسية عيدان ألكساندر
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أفرجت كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، عند الساعة 6:30 من مساء اليوم...

خطيب الأقصى: إدخال القرابين يجب التصدي له بكل قوة
القدس – المركز الفلسطيني للإعلام استنكر خطيب المسجد الأقصى الشيخ عكرمة صبري، محاولة يهود متطرفين إدخال قرابين إلى ساحات المسجد الأقصى، معتبراً أنه...