عاجل

الإثنين 12/مايو/2025

من شافيز إلى أردوغان: غزة هي المعيار

من شافيز إلى أردوغان: غزة هي المعيار

صحيفة الشرق القطرية

دخل العدوان على غزة أسبوعه الرابع ويكاد يكمل الشهر، والدماء البريئة والطاهرة لم تكف عن التدفق الحار، فيما يؤكد بعض العرب عجزهم المثير للريبة وتواطؤهم المكشوف مع العدو من أجل تصفية حسابات مع منظمة حماس فيما هم يدرون جيداً أنها الفرصة الذهبية والتاريخية ل”إسرائيل” لكي تحاول “إسرائيل” قتل روح المقاومة لدى الشعب الفلسطيني وفرض شروط تسويتها المذلة وتصفية القضية الفلسطينية إلى الأبد.

ولولا موقف قطر الذي دعا إلى قمة عربية عاجلة وطارئة بمعزل عن قمة الكويت الاقتصادية وإلى فرض عقوبات على “إسرائيل” وأولها تجميد مبادرة السلام وما إلى ذلك لظننا أن العرب لم يعد لهم وجود.

ولعلها مفارقات التاريخ أن تصبح مصادر التهديد السابقة مصادر أمن الجنبات والظهر فيما تحول الداخل هو مصدر التهديد.

هكذا كانت إثيوبيا وإيران وتركيا في العقود الماضية مثلث دول الجوار الجغرافي التي نظّر لها البعض في السابق وبعضهم اليوم ممن هو رأس حربة فكرية في الدفاع عن سياسات كامب ديفيد مع “إسرائيل”.

اليوم تغيّرت خريطة الصداقات والعداوات، أصبحنا نحن أصدقاء “إسرائيل” ومن يعطيها الضوء الأخضر لذبح شعب غزة، فيما إيران وتركيا داعمتان لنضال الشعب الفلسطيني.

لكن هذه الفرص التاريخية في تأمين الظهر العربي لم تجد من يستفيد منها سوى قلة.

لقد أعطت تركيا درساً في الانحياز إلى جانب المظلومين. ومنذ اللحظة الأولى انتصر رئيس الحكومة رجب طيب أردوغان لكرامة تركيا وشرفها.

انتفض على أيهود أولمرت عندما حاول أن يوهم العالم أن تركيا تغطي العدوان بزيارته إليها قبل أيام قليلة منه وهذا غير صحيح. وانتفض أردوغان ليقول: لا للظلم الذي لحق بالشعب الفلسطيني من جانب اليهود الذين آواهم مسلمو الدولة العثمانية بعد أن طردهم مسيحيو إسبانيا عام 1493 وخيّروهم بين اعتناق المسيحية أو الطرد.

ولعبت تركيا دوراً كبيراً في محاولة رأب الصدع العربي وتحولت وساطتها إلى وساطة بين العرب أنفسهم بدلاً من التركيز على التصدي للعدو الإسرائيلي.

وكان جهد تركيا واضحاً في محاولة عدم السماح بشطب حركة حماس من المعادلة الفلسطينية والإقليمية.

فهي أولاً قضية مبدئية بالنسبة إلى تركيا لأنها قضية شعب مظلوم. وثانياً إنها مسألة دفاع عن الخيار الديمقراطي للشعب الفلسطيني الذي أفضى إلى انتصار حماس في الانتخابات النيابية. من هنا قول أردوغان إنه بعد اليوم لن نقبل أن تعطينا أوروبا دروساً في الديمقراطية أو في حقوق الإنسان.

ويتجلى الزيف الأوروبي والغربي عموماً في أن أية زوجة لرئيس غربي لم تحضر ملتقى إسطنبول من أجل غزة الذي دعت إليه أمينة زوجة أردوغان في إسطنبول. كما لم تحضر الملتقى سوزان زوجة الرئيس المصري حسني مبارك، فيما كان لزوجة أمير قطر الشيخة موزة دور رئيسي في إنجاح المؤتمر لا سيما المعرض الذي نظمته ورعته على هامش الملتقى وتضمن صوراً وأفلام فيديو عن غزة الصامدة.

لم ينقطع أردوغان عن التنديد بالعدوان وانتقاد همجية “إسرائيل” مع كل يوم يشهد استمرار العدوان.

وتساءل الكثيرون عن سرّ الموقف التركي. لكن سيجد الجميع أنه لا أسرار ولا ما شابه ذلك. فمذبحة غزة المعزولة والمحاصرة من عرب جوارها ومن العدو تشكل محطة تحوّل في الصراع العربي- الإسرائيلي فهناك ما قبل غزة وما بعدها. ويخطئ من يظن أن أية تصفية لحماس ستنهي المقاومة أو تنهي جبهة الممانعة لمخططات الغرب. وبقدر ما تضعف هذه الجبهة بقدر ما تضعف أيضا تركيا التي لن يستثنيها مخطط غربي بالتقسيم والإضعاف هي التي أثبتت أنها صاحبة قرار مستقل لا سيما من احتلال العراق.

إن التاريخ الذي لن يرحم من محاكمته قادة “إسرائيل”، كما قال أردوغان نفسه، لن يرحم من وقف إلى جانب العدو ومذابحه في غزة فيما سيسطّر بأحرف من نور قادة مثل الفنزويلي هوغو شافيز والبوليفي إيفو موراليس والتركي رجب طيب أردوغان. غزة اليوم هي معيار الإنسانية وتركيا لم تفوت هذه الفرصة لتكون إلى جانب الإنسانية الذبيحة في غزة.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات