الجمعة 09/مايو/2025

ما بعد حرب غزة

ما بعد حرب غزة

صحيفة الخليج الإماراتية

مازالت معركة غزة مستمرة ولا مؤشرات واضحة على قرب نهايتها، فالجيش “الإسرائيلي” يستميت في سرعة حسمها لكنه كلما حاول التوغل جوبه بمقاومة عصية على الاستسلام، فيما حماس تعتبر أن هذه معركتها الحاسمة لأن تكون بعدها عنوان القضية الفلسطينية أو لا تكون نهائياً… ومثل كل هذا النوع من المعارك يصعب خروج أحد طرفيها منتصراً بالمعنى الحرفي للانتصار، ف”إسرائيل” ستعتبر نفسها انتصرت في حال تدمير مواقع ضرب الصواريخ وتدمير البنية العسكرية لحماس، وحماس هي الأخرى ستعتبر نفسها منتصرة في حال صمودها وبقاء سيطرتها السياسية على قطاع غزة، وسيكون السؤال الطبيعي حينئذ هو ماذا بعد؟

المعركة ستنتهي عاجلاً أم آجلاً، وفيما الحكومة “الإسرائيلية” المنتهية ولايتها تواصل العدوان بضوء أخضر من هنا وهناك على أمل إنهاء الحرب قبل 20 يناير/ كانون الثاني الجاري فإنها في الوقت ذاته تعتبر إعلان حماس أنها غير معنية بالقرار الدولي رقم (1860) الصادر عن مجلس الأمن مؤشراً إضافياً لها باستمرارها في العدوان على قطاع غزة… وبالمقابل فإن حماس تراهن على عامل الوقت فكلما طال صمودها أدى ذلك إلى انهيار في معنويات “الإسرائيليين” ساسة وعسكريين باعتبار شبح انكسارهم في حرب صيف 2006م جنوب لبنان مازال ماثلاً أمامهم، ورغم الرأي العام العالمي غير المسبوق المناصر للفلسطينيين في حرب غزة والذي كان سبباً في الكثير من الإحراج للدول الكبرى خاصة مع انتشار صور المذابح “الإسرائيلية” وضحاياها من الأطفال والنساء إلا أن الحرب ستخلف أعباء هائلة على حماس إن استمرت في سيطرتها السياسية والأمنية على قطاع غزة لأن الدمار قد طال كل شيء في القطاع ابتداء من المساكن وانتهاء بالبنية التحتية، وهذا كله سيعني بشكل أو بآخر أن تتبنى (حماس) رؤية سياسية واستراتيجية مختلفة بعض الشيء خلال المرحلة المقبلة ليست بالتأكيد استراتيجية الاستسلام لكنها بالضرورة استراتيجية قادرة على الإجابة عن سؤال ماذا بعد هذه الحرب الطاحنة التي ستطال في تأثيراتها التدميرية جزءاً أساسياً وكبيراً من البنية العسكرية لحماس.

من غير الواضح ما هي المقاييس التي اعتمدها القادة “الإسرائيليون” لتحقيق أهداف حربهم العدوانية على قطاع غزة، فحتى لحظة كتابة هذا المقال مازال العمل العسكري “الإسرائيلي” يبدو عبثياً بدليل كثرة الضحايا من الأبرياء رغم ما يتم إعلانه من قبل الجيش “الإسرائيلي” أنه حقق كذا وكذا، كما أن الصمود غير المتوقع للمقاومة الفلسطينية يؤكد أن الأهداف “الإسرائيلية” ما زالت بعيدة المنال إلى حد كبير وقد لا تتحقق على أرض الواقع إلا من خلال العمل الدبلوماسي الجاري في اللحظة الراهنة والذي تركز في العاصمة المصرية القاهرة… وفيما تبدو حماس حتى الآن دبلوماسية جداً وحذرة جداً في تعاطيها مع المبادرة المصرية فإن وزيرة الخارجية “الإسرائيلية” (تسيبي ليفني) تتحدث بالكثير من الاستفزاز والتحدي بأن ما يجري من مشاورات في القاهرة هو ضد حماس بالدرجة الأولى ما يوحي بعدم وجود جدية “إسرائيلية” من ناحية تجاه وقف الحرب ومحاولة لإحراج مصر من ناحية أخرى، وكل ذلك كما يبدو من أجل كسب المزيد من الوقت لتحقيق الأهداف “الإسرائيلية” المرسومة من هذه العملية والتي تأخر تحقيقها كثيراً عما كان محدداً له عند بدء العدوان، إلا أن هذا الصمود الكبير للمقاومة في غزة والصبر الكبير لأهلها منذ الحصار وحتى العدوان أصبحا عاملين مغريين للمقاومة للمزيد من المواجهة، وفي ظني أن قادة حماس يدركون جيداً أنهم سيصبحون من الآن فصاعداً رقماً يصعب تجاوزه في أي تسوية وأنهم قد يكونون أقدر من السلطة الحالية وعمودها الفقري منظمة فتح في انتزاع أي مكاسب سياسية للفلسطينيين مستقبلاً وهو ما يدعونا للتساؤل مجدداً عن مدى توفر رؤية واضحة لدى حماس للفترة القادمة بكل ما تتطلبه من خبرة وحنكة.

ومن الآن وحتى تنجلي الصورة تماماً عن مدى نجاح “الإسرائيليين” في تحقيق أهدافهم من هذه الحرب، وعن مدى نجاح حماس في تحقيق رهاناتها من خوض هذه المواجهة التي كانت تعلم أنها قادمة، حتى ذلك الحين ستظل صور ضحايا المجازر التي يرتكبها “الإسرائيليون” عنواناً لقسوة العالم الديمقراطي الحر الذي أثبت أن أشلاء ألف شهيد فلسطيني من آلة دمار هائل لا تساوي عنده مجرد جروح يصاب بها مستوطن “إسرائيلي” غاصب لأرض غيره.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

اعتقال 4 فلسطينيين من الخليل

اعتقال 4 فلسطينيين من الخليل

الخليل – المركز الفلسطيني للإعلام اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي، فجر اليوم الجمعة، 4 فلسطينيين خلال اقتحامات متفرقة في مدينة الخليل جنوبي الضفة...