عاجل

الثلاثاء 13/مايو/2025

عدم تمديد التهدئة قرار يحمل أكثر من رسالة قوية للكيان الصهيوني والأطراف الأخرى

عدم تمديد التهدئة قرار يحمل أكثر من رسالة قوية للكيان الصهيوني والأطراف الأخرى
اعتبر مراقبون أن عدم تمديد حركة “حماس” للتهدئة مع الاحتلال، قرار صائب جاء ليصب في خانة المصلحة الوطنية للشعب الفلسطيني، باعتباره يحمل رسالة قوية تضمنت أكثر من إشارة موجهة للكيان الصهيوني ولأطراف أخرى مفادها أنه لا هدنة مجانية، أو لا هدنة بدون ثمن يدفعه الاحتلال.

وتبدو الحركة مصرة على موقفها الذي اتخذته يوم (18/12) رغم التهديدات التي أطلقها قادة الكيان الصهيوني في الآونة الأخيرة باستئصال الحركة واستهداف رموزها والقيام بعملية عسكرية واسعة ضد قطاع غزة.

                                           رهان خاسر

فقد أكد القيادي في حركة “حماس” الدكتور إسماعيل رضوان بأن الحركة “ليست بصدد تجريب تهدئة كالتي كانت سابقاً بحيث استمر الحصار وإغلاق المعابر والعدوان ولم تنقل التهدئة إلى الضفة”، معتبرا “أن الحالة الطبيعية مع الاحتلال هي حالة المقاومة، وأن الحالة غير الطبيعية هي التهدئة”.

وكانت حركة “حماس” ومعها فصائل المقاومة قد رفضت تمديد التهدئة الشفوية مع الاحتلال والتي رعتها مصر، بعد مضي ستة أشهر عليها، بسبب عدم وفاء الكيان الصهيوني بالتزامات التهدئة، وهي فتح المعابر ووقف العدوان، وإنهاء حالة الحصار على قطاع غزة.

وشددت “حماس”، على أن لا عودة إلى التهدئة مع الكيان الصهيوني إذا لم يلتزم باستحقاقاتها وشروطها، ونفت “الافتراءات” التي أوردتها صحيفة ” الأهرام” مصرية حول قبولها بتجديد التهدئة بذات الشروط السابقة.

وفي هذا الصدد؛ نفى عضو المجلس التشريعي الفلسطيني عن حماس مشير المصري ما أوردته صحيفة “الأهرام” يوم (23/12) نقلا عن القيادي في الحركة الدكتور محمود الزهار من أن الحركة على استعداد لتجديد التهدئة بذات الشروط السابقة، ووصف ذلك بأنه “افتراء لم يقله الدكتور الزهار هدفه إضعاف المقاومة الرافضة للتهدئة المجانية”.

ووفقا لمراقبين؛ فإن تطورات الأمور على الأرض أظهرت أن من يبادر إلى طلب استئناف التهدئة أو تمديدها حاليا أطراف إقليمية ودولية ومنها الجانب المصري ، وليست حركة حماس، بخلاف مراهنات أطراف ومنها سلطة رام الله من أن حماس ستستجدي التهدئة بعد انتهائها.

وقد أوضح القيادي في الحركة إسماعيل رضوان أن حماس لن تهرول ولن تجري وراء تهدئة، لأن الحالة الطبيعية مع الاحتلال هي حالة المقاومة والمدافعة، و” أن أولئك الذين راهنوا على انكسار حركة حماس وأنها تبحث عن تهدئة للحفاظ على رؤوس قياداتها فإنهم قد خسروا الرهان، وحركة حماس تستمر في مشروعها الوطني وفي مقاومتها وفي مدافعتها والدفاع عن أبناء شعبنا الفلسطيني”.

وبيّن أن من يسعى إلى التهدئة ويبحث عنها هو الاحتلال حفاظا على وضعه الأمني بعد أن فشلت كل خياراته العسكرية ضد الشعب الفلسطيني، وبسبب انتخاباته الداخلية.

                             الاحتلال والتخوف من مواجهة غزة عسكريا

ويرى محللون سياسيون وعسكريون صهاينة أن تردد الكيان الصهيوني في خوض عملية عسكرية واسعة هو ما يرجح بحثها في بدائل التهدئة مجددا، وتتمثل المخاوف الصهيونية التي تسبب ترددها في صدمة الهزيمة في لبنان خلال حربها العدوانية عام 2006، والمخاوف من التورط في وحل غزة والاحتمالات المرجحة لوقوع خسائر كبيرة في أرواح جنود جيشها، والفشل في وقف الهجمات الصاروخية للمقاومة، وخصوصا صواريخ القسام، وهي المبرر الذي يتم طرحه لتنفيذ مثل هكذا عملية، ، إلى جانب استمرار أسر الجندي الصهيوني جلعاد شاليط، وعدم الرغبة بالمخاطرة بحياته.

وعلى نحو متصل؛ قال أمين سر كتلة حركة “حماس” البرلمانية مشير المصري في تصريح متلفز إن “التهدئة انتهت في موعدها وان أي طرح جديد يقدم للفصائل الفلسطينية حول التهدئة سيناقش بين الفصائل مع استحضار كل الخروقات والجرائم الإسرائيلية وتنصل وتهرب الاحتلال من استحقاقات التهدئة وشروطها”.

وتابع” أن المقاومة لا تستجدي اليوم التهدئة ولا تلهث وراءها، مؤكدا أنها في موقع الدفاع عن الشعب الفلسطيني بكل الوسائل المتاحة، ولن تخيفها كل تهديدات الاحتلال ولن ترهبها.

وأكد المصري أن الفلسطينيين لن يقبلوا بتهدئة مجانية أو من طرف واحد، وليس بدون تحمل الوسيط المصري والاحتلال مسؤولياتهم والاستحقاقات التي عليهم، معتبرا أن الفصائل الفلسطينية لن تقبل بتهدئة على غرار التهدئة المنتهية.

                                 “خطوة مجنونة” من فريق “رام الله”!

ورغم التأييد الفلسطيني الواسع الذي حظيت به خطوة عدم تجديد التهدئة مع الاحتلال، إذ اتخذ قرارها بصورة نهائية بعد اجتماع عقدته الفصائل الرئيسة في قطاع غزة نهاية الأسبوع الماضي، وتمثلت في كل من حركة حماس وحركة الجهاد الإسلامي، والجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية، فضلا عن مباركتها من قبل لجان المقاومة الشعبية وجناحها العسكري ألوية الناصر صلاح الدين، والمبادرة الوطنية الفلسطينية التي حملت على لسان أمينها العام مصطفى البرغوثي الكيان الصهيوني مسؤولية انهيار التهدئة؛ فإن سلطة رام الله وصفت عدم التمديد بأنها “خطوة مجنونة”، واعتبر من يطلق عليه بالمستشار السياسي لرئيس السلطة برام الله نمر حماد رفض حماس لتمديد التهدئة في قطاع غزة بـ”الخطوة المجنونة وتصرف يهدف لتحقيق مصالحهم الخاصة كتنظيم لا مصلحة الشعب الفلسطيني وذلك لإظهار أنهم لا يزالون حركة وفصيل مقاومة وأيضا لإظهار أنهم جزء من الضحية المسماة غزة”.

وشدد على أنه “إذا كان القرار بالإلغاء اتخذ بسبب كثرة الخروقات الصهيونية، فإن الوضع الآن سيزيد سوءا” متوقعا أن “تزيد إسرائيل من عدوانيتها خاصة مع اقتراب موعد الانتخابات الإسرائيلية والتي سيحاول المتنافسون الفوز بها على حساب دماء الشعب الفلسطيني” ، على حد تعبيره.

وأبدى مراقبون للوضع الفلسطيني دهشة إزاء هذه التصريحات التي تناقض أولا تصريحات سابقة لفريق رام الله التي صرحوا بأن الهدنة أبرمت للحفاظ على قيادات حركة حماس، ورغبة في استمرار إمساكها بزمام الحكم، وثانيا لأن السلطة كانت تسهم دائما إلى جانب الاحتلال في فرض الحصار على غزة وترفض فتح معبر رفح الحدودي مع مصر، فضلا عن عدم استطاعتها رفع الحصار المتواصل أو التخفيف من وطأة معاناة أهالي غزة خلال الفترة الماضية.

                                     المقاومة والشروط التحسينية للتهدئة

وبرأي مراقبين؛ فإن إعلان حركة المقاومة الإسلامية “حماس” وفصائل المقاومة إنهاء التهدئة “جاء كرسالة قوية للأطراف المعنية بأن خيار المقاومة لا يزال قائماً وأنه لا توجد تهدئة مقابل تهدئة”، وهو ما يفتح المجال للحصول على تهدئة بشروط أفضل لصالح قطاع غزة المحاصر.

ووصف الدكتور ناجي شراب المحلل السياسي والأكاديمي الفلسطيني الأصوات التي كانت تتحدث عن أن حركة “حماس” توصلت للتهدئة لتحفظ رؤوس قادتها بأنها “تردد مغالطات وتنشر حديث غير منصف، وأنها (حماس) إنما كانت تنطلق من مسؤوليات أمام شعبها”.

وأشار أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر بغزة، في مقابلة خاصة نشرها “المركز الفلسطيني للإعلام”، إلى أن هناك العديد من السيناريوهات التي يمكن أن تتجه إليها دولة الاحتلال في المرحلة القادمة منها: “إما العودة للتهدئة مع شروط تحسينية”، مبيناً أن الفرصة لازالت سانحة لهذا السيناريو وأن دولة الاحتلال تريده”.

وقال شراب: “إن السيناريو الثاني يتمثل، في التصعيد العسكري المتدحرج (الجزئي) بأن يكون هناك قدر من إطلاق الصواريخ من قبل المقاومة وترد عليها قوات الاحتلال باستهداف بعض الأهداف”، مشيراً إلى أن هدف الاحتلال من ذلك العودة للسيناريو الأول المتمثل بالتهدئة بشروط تحسينية.

واعتبر أن السيناريو الثالث هو الأخطر والذي يتجه نحو عملية عسكرية واسعة وشاملة بهدف تقويض المقاومة بغزة تمهيداً لإدخال قوات طوارئ دولية لإدارة شؤون قطاع غزة، مشدداً على أن هذا السيناريو “يتوقف على فشل السيناريوهات الأول والثاني.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات