الجمعة 09/مايو/2025

حصار غزة وانسداد آفاق التسوية

حصار غزة وانسداد آفاق التسوية

صحيفة الخليج الإماراتية

لو كان الحصار “الإسرائيلي” لقطاع غزة يهدف إلى تطويع “حماس” تمهيداً لطرح مشروع تسوية سياسية جدية لكان يمكن تفسير هذا الصمت العربي على “جريمة العصر” بل التواطؤ مع هذا الحصار.

حتى هذه اللحظة ليس هناك من استعداد لدى الطرف “الإسرائيلي” لكي يقدم للشعب الفلسطيني حلولاً من النوع الذي يؤدي إلى الاعتراف بكيان مستقل قابل للحياة كما صار متداولاً في الطروحات الغربية. كل المشروع “الإسرائيلي” يقوم على إطالة أمد التفاوض لخلق معطيات ميدانية تخرج القدس وحق العودة وكذلك كامل أراضي 1967 من البحث.

عملياً القدس لم تعد القدس بعد عمليات التهويد والتهجير، وحق العودة يتقادم عليه الزمن حتى ينقرض الجيل الذي يحفظ ذاكرة فلسطين، والضفة الغربية تجري فيها جراحة يومية بواسطة الجدار والمستوطنات والتهجير، و”حكومة السلطة” عاجزة عن ممارسة أكثر من إدارة محلية. ما يُعطى للسلطة هو أقل من فتات الموائد. مائتا أسير أطلق سراحهم من أصل أحد عشر ألفاً، لم يكن حال الخليل بأحسن من حال أحياء غزّة عندما استباحها قطعان المستوطنين حرقاً وتدميراً، ووزيرة الخارجية تسيبي ليفني تهدد بتشريد عرب 1948.

لا نعتقد أن مسؤولاً فلسطينياً واحداً يقدر عند التفاوض الحقيقي على الحل النهائي أن يقبل شروط “إسرائيل” وأن يجد جمهوراً فلسطينياً يصغي له. “إسرائيل” الآن وهي تعاني أزمة كيانية لا تنتج إلا التطرف ولا تقدم إلا مشاريع هروب إلى الأمام عبر المزيد من الإجراءات الهادفة إلى إلغاء الوجود الفلسطيني إلغاءً مادياً ومعنوياً. “إسرائيل” تدرك الآن أن أي تنازل سيفتح مساراً تاريخياً معاكساً لنمط كيانها. إن حل الدولتين الذي يبدو واقعياً ومنطقياً أصبح الآن مع التطور الديمغرافي غير مشجّع لأن “إسرائيل” بلغت الذروة في استقطابها لليهود بينما الشعب الفلسطيني يتزايد بسرعة غير قابلة للسيطرة.

لقد نجحت “إسرائيل” إلى حد بعيد في فك الارتباط بين قضية الشعب الفلسطيني ونضال الشعوب العربية الأخرى في مواجهة المشروع الصهيوني. لكن الاستعدادات النضالية لدى الشعب الفلسطيني في الداخل فاقت التوقعات.

كلما تمسك “الإسرائيليون” بأوهامهم في تبديد الوجود الفلسطيني والتنكر لحق تقرير المصير وممارسة أبشع أنواع انتهاكات حقوق الإنسان، ازدادت الاستعدادات لدى هذا الشعب للتضحية.

تتهيّأ “إسرائيل” الآن لمغامرة كبرى من خلال شن حرب تدميرية لمقومات الحياة في قطاع غزّة. إن مستوى الجرائم التي ترتكبها تجعل القضية الإنسانية أكبر من أي قضية وطنية وأبعد أثراً في الرأي العام العربي والعالمي.

إن حرب الإبادة لن تكون وسيلة ناجعة لإنضاج حلول سياسية كما يتوهم النظام الرسمي العربي. ولن يتخلص هذا النظام من عبء القضية الفلسطينية عن طريق ما يعتقده إزالة التطرف. إن ما تقدمه “إسرائيل” لحكومة الضفة لا يشكل بديلاً سياسياً ولا نموذجاً يمكن المراهنة عليه والاقتداء به. ان سياسة المهادنة مع “إسرائيل” لم توقف حركة الاستيطان ولا استكمال بناء جدار العزل العنصري، ولا وقف عمليات التجريف للأراضي والأشجار ولا سياسة المعابر المذلة وتقطيع أوصال المدن والقرى، ولا طبعاً تطلق الأسرى وتوقف الطموحات “الإسرائيلية” في تعميق مشروع تفكيك الضفة وجعلها مجرد كانتونات فاقدة لمقومات بناء دولة قابلة للحياة.

إن التذكير بهذه الوقائع المعروفة يؤكد أن “إسرائيل” لا ترفض برنامج “حماس” بل ترفض أصلاً المبادرة العربية للسلام. ولن يكون تدمير قطاع غزة مقدمة لطرح خيارات سياسية جديدة، لأن القطاع قد خرج أصلاً من دائرة الاحتلال الداخلي، و”إسرائيل” تهدف إلى تعميق عزلته عن باقي الشعب الفلسطيني وليس تسهيل مهمة إعادة بناء الوحدة الفلسطينية.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

عشرات الآلاف يؤدون صلاة الجمعة في الأقصى

عشرات الآلاف يؤدون صلاة الجمعة في الأقصى

القدس المحتلة – المركز الفلسطيني للإعلام أدى عشرات آلاف الفلسطينيين صلاة الجمعة، في المسجد الأقصى المبارك وباحاته، وسط تشديدات وإجراءات مكثفة فرضتها...

1000 شهيد و6989 مصابًا في الضفة منذ 7 أكتوبر

1000 شهيد و6989 مصابًا في الضفة منذ 7 أكتوبر

رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام وثق مركز معلومات فلسطين "معطي" استشهاد 1000 فلسطيني في الضفة الغربية المحتلة منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر...