البعد العربي لحق العودة الفلسطيني

صحيفة الدستور الأردنية
بعيداً عما يمثله حق العودة الخاص بفلسطينيي الشتات واللاجئين الفلسطينيين من أبعاد متعددة، وبعيداً عن الحديث عن الأبعاد المتكاملة لغياب هذا الحق ومنع ممارسته من جهة ثانية، فإن البعد العربي لحق العودة يمثل أساساً من أسس العمل على تطبيقه، حيث أن العمق العربي للقضية الفلسطينية هو ذاته العمق العربي لحق العودة الفلسطيني.
وبرغم استمرار جامعة الدول العربية ومؤتمرات القمم العربية والمؤتمرات الشعبية العربية بالتأكيد على حق العودة وحل مشكلة اللاجئين غير أن تطورات متعددة غيرت الموقف العربي من هذه القضية، حيث كان الموقف حاسماً إزاء عودة اللاجئين، ثم تحول الموقف إلى البحث عن حل “عادل” لمشكلة اللاجئين، وأضيف له بعد ذلك “متفق عليه”، أي مع “إسرائيل”، وفرض على العرب التعامل معها بوصفها مشكلة عربية وفلسطينية، بعيداً عن تحميل تبعاتها والتزاماتها للمجتمع الدولي والكيان الصهيوني، وأصبح حل مشكلة اللجوء والشتات الفلسطيني بلا برنامج عربي واضح المعالم، بل لم يعد حق العودة جزءاً من برامج التسوية الخاصة بحل الصراع العربي – الإسرائيلي، ومن هنا فإن الحديث عن البعد العربي لحق العودة يستحضر بالضرورة صيرورة الموقف العربي من هذا الحق والسياسات العربية التي يجري تطبيقها في التعامل معه.
إن الحديث عن البعد العربي يستحضر أيضاً الواجبات التي ألقاها حال اللجوء الفلسطيني على الأمة العربية حكومات وشعوباً، فقد آوى الفلسطينيون في الشتات أساساً إلى أرض العرب التي هي أرضهم ووطنهم، وإلى شعوب عربية هم إخوانهم وعشيرتهم بكل ما يستوجبه ذلك من تحمل ومشاركة في عبء النضال والكفاح للحفاظ على الحقوق الفلسطينية والعيش الكريم والنضال السياسي والإعلامي وحتى ممارسة المقاومة في سبيل انجاز هذه الحقوق ومنها حق العودة.
ولذلك فإن النظر إلى حالة اللجوء والتعامل معها إنما ينطلق من كونها همّاً عربياً جماعياً كما هي همّ قطري خاص لكل دولة من الدول العربية المضيفة، وهي بذلك تستحق أن تشكل سياسات داخلية عربية مع هذه القطاعات الاجتماعية وكأنها قضية وطنية وليست سياسة تجاه قطاعات من السكان أو العمالة الوافدة أو الغرباء كما أطلق البعض عليهم أحياناً، أو التمييز بينهم وبين أهل البلاد المواطنين في الحقوق والواجبات الحياتية المدنية على الأقل.
وبنظرة فاحصة نجد أن الحضن العربي تفاوت في نظرته إلى هذه المسألة، كما أن الموقف السياسي للقوى العربية كان كذلك متفاوتاً، وأحياناً أقحم البعض الشتات الفلسطيني في تصفية حسابات داخلية في بلاده، وفي ترجيح كفة توجهات معينة بين أبناء الوطن الواحد، وكان الذي يدفع الثمن دوماً هؤلاء اللاجئون وليست أزمة فلسطينيي العراق عنا ببعيدة.
ويظهر الاستقراء التاريخي والدراسات السياسية والقانونية والاجتماعية إن الحال القانوني والسياسي بل وأحياناً الإنساني الخاص باللاجئين والشتات الفلسطيني لا زال محط جدل غير مبرر في معظم المجتمعات العربية، بل إن بعض حالات هذا الجدل قد خرجت عن طور المقبول بتجاوزها للحقوق الإنسانية الأساسية التي تعطيها الشرائع الدولية لمثل حالتهم في كل مكان، ولا زال معظم المشهد العربي لم يبلور تصوره الواقعي والعملي المرحلي والاستراتيجي في التعامل مع مشكلة فلسطينيي الشتات في بلاده إلى حين عودتهم إلى ديارهم، ولذلك فإن هذه المقالة سوف تتحول إلى تقديم المقترحات العملية المطلوب تطوير الموقف العربي وفقها حتى تتكامل هذه المقترحات مع الأداء النضالي الرائع لهذا الشعب في الداخل والخارج، ولتكون روافع فعلية لمشروع الأمة النهضوي بإسهام فلسطيني متميز من جهة، ولتشكل كذلك دعائم أساسية لمشروع تحرير فلسطين من جهة ثانية، وحتى لا يترك الأمر للمجتمع الدولي الذي ثبت أنه منحاز إلى الكيان الصهيوني وممارساته الإجرامية بحق الشعب الفلسطيني على الدوام.
وتتضمن هذه المقترحات المكونات الطبيعية للدور والبعد العربي لحق العودة وكيفية تفعيلها، وأهمها:
1 – الاحتضان الرسمي والشعبي والرعاية والدعم السياسي والإعلامي والمالي.
2 – توفير الحريات الكافية بما فها السياسية المتعلقة ببناء وإنشاء الحراك الاجتماعي بين صفوف الشتات للعمل على فرض تطبيق حق العودة وممارسة حق تقرير المصير.
3 – التأكيد على أن الاستضافة العربية لا تتعارض مع توفير الحقوق السياسية والمدنية للاجئين في الوطن العربي.
4 – المساعدة على حفظ الذاكرة التاريخية للأجيال والهوية الوطنية للشعب الفلسطيني كجزء من الهوية العربية الإسلامية للأمة.
5 – المساعدة على توفير مستلزمات النهوض بالتعليم والصحة والعمل والاستثمار والتنظيم السياسي والشعبي، والتنمية الحضرية لإحيائه (أو قل مخيماته اصطلاحاً).
6 – توفير حرية حركة العمالة ورأس المال الفلسطيني والطلبة في مختلف إرجاء الوطن العربي.
7 – تبني حق العودة ودعم قضية الشعب الفلسطيني كأولوية في سياسات العرب وإعلامهم، وفي كل المنتديات الدولية والعربية.
8 – مقاطعة الكيان الصهيوني ورفض التطبيع معه، بوصفه كياناً عاصياً ومتمرداً على المجتمع الدولي، ولأنه يتحمل جريمة تشريد ستة ملايين فلسطيني في العالم بوصفها جريمة تطهير عرقي وجريمة ضد الإنسانية.
9 – إن حق العودة بحاجة إلى قوة متكاملة حامية له، وقوة تفرض تطبيقه، وقوة تجبر المجتمع الدولي على دعمه وتحمل تبعاته من التعويض وإعادة التأهيل بعد إعادته إلى أرضه ودعم برامج التنمية الاجتماعية والاقتصادية الخاصة به.
10 – اعتبار الموقف السياسي لأي طرف تجاه الشتات واللاجئين محدداً مهماً في تشكيل الاصطفافات الإقليمية والدولية والتعاون الاقتصادي للعرب.
11 – الحرص على وحدة الصف الفلسطيني على حق العودة وتقرير المصير، والحذر والابتعاد عن التدخل في الخلافات الفلسطينية لتحقيق مصالح ذاتية قطرية على حساب القضية، وإنما لرأب الصدع وتوحيد الكلمة على القواسم المشتركة ما أمكن.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

الإعلامي الحكومي: الاحتلال يُهندس مجاعة تفتك بالمدنيين
المركز الفلسطيني للإعلام قال المكتب الإعلامي الحكومي، إن سلطات الاحتلال "الإسرائيلي" تواصل ارتكاب جريمة منظمة بحق أكثر من 2.4 مليون مدني في قطاع...

حماس تردّ على اتهامات السفير الأمريكي: أكاذيب مكررة لتبرير التجويع والتهجير
المركز الفلسطيني للإعلام رفضت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) تصريحات السفير الأمريكي لدى الاحتلال، مايك هاكابي، التي اتهم فيها الحركة بالتحكّم...

شهيدان باستهداف الاحتلال في نابلس
نابلس - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد مقاومان بعد خوضه اشتباكاً مسلحاً - مساء الجمعة- مع قوات الاحتلال الصهيوني التي حاصرته في منزل بمنطقة عين...

حماس تثمّن قرار اتحاد نقابات عمال النرويج بمقاطعة الاحتلال
المركز الفلسطيني للإعلام ثمنت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) قرار اتحاد نقابات عمال النرويج بمقاطعة الاحتلال الصهيوني وحظر التجارة والاستثمار مع...

صاروخ من اليمن يعلق الطيران بمطار بن غوريون
المركز الفلسطيني للإعلام توقفت حركة الطيران بشكل مؤقت في مطار بن غوريون، بعد صاروخ يمني عصر اليوم الجمعة، تسبب بلجوء ملايين الإسرائيليين إلى...

27 شهيدًا و85 إصابة بعدوان الاحتلال على غزة في 24 ساعة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية وصول 27 شهيدًا، و85 إصابة إلى مستشفيات قطاع غزة، خلال الـ 24 ساعة الماضية؛ جراء العدوان...

اتحاد نقابات عمال النرويج يقرر فرض المقاطعة الشاملة على الاحتلال
المركز الفلسطيني للإعلام قرر الاتحاد العام لنقابات عمال النرويج (LO) فرض المقاطعة الشاملة على الاحتلال الإسرائيلي، وحظر التجارة والاستثمار مع...