الجمعة 09/مايو/2025

التقسيم والدولة

التقسيم والدولة

صحيفة البيان الإماراتية

واحد وستون عاماً على قرار تقسيم فلسطين إلى دولتين عربية ويهودية، المنظمات الصهيونية المدججة بالسلاح حتى الأنياب نجحت في إقامة «إسرائيل» في ذلك الوقت على نحو أربعة أخماس مساحة فلسطين عبر سياسات التطهير العرقي والمجازر الجماعية المخططة المبيتة مع سبق الإصرار الإجرامي، في حين رفض العرب القرار والدولة، ومنذ ذلك الوقت تتراصف الأسئلة على أجنداتنا السياسية كلما حلت ذكرى التقسيم:

متى تقوم يا ترى الدولة الفلسطينية المستقلة وفقاً للقرار الدولي المشار إليه ووفقاً لجملة أخرى من القرارات الدولية التي تتحدث عن حق العودة للاجئين الفلسطينيين وعن إقامة الدولة الفلسطينية؟

ألم تنضج الظروف المحلية والإقليمية والدولية يا ترى لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة؟

ألم تنضج الظروف الإسرائيلية على نحو خاص الرسمية والشعبية على حد سواء للقبول بالدولة الفلسطينية المستقلة؟

ونتساءل اليوم أيضاً: حيث إن «خريطة الطريق» «والمبادرة العربية» هما المشروعان الوحيدان المعروضان اليوم للتسوية.. فهل ستقام الدولة الفلسطينية حقاً إذا ما تم تطبيقهما، ومتى وأين بالضبط ستقام الدولة، وما مساحتها وحدودها ومضامينها.

وماذا سيحل بالقضايا الجوهرية المعلقة مثل حق العودة للاجئين والقدس والمقدسات والمستعمرات اليهودية والحدود والمياه؟، ثم والأهم من كل ذلك كيف ستكون المضامين السيادية للدولة الفلسطينية العتيدة، أم هناك خيارات أخرى بديلة للدولة الفلسطينية المستقلة؟

الحقيقة الكبيرة التي نوثقها اليوم ونحن أمام الذكرى الحادية والستين لقرار تقسيم فلسطين في التاسع والعشرين من نوفمبر1947، (والذي يُعرف أيضاً بالقرار رقم 181، أن ذلك القرار الصادر عن الأمم المتحدة والذي استند بالأصل إلى وعد بلفور الذي أعطى ما لا يملك لمن لا يستحق.

وكان قراراً ظالماً مجحفاً وقف وراءه الانتداب الاستعماري البريطاني بكل ثقله، وأسفر عن قضية / نكبة القرن المتواصلة والمفتوحة والمركبة أضعافاً مع الزمن، ناهيك أن الأمم المتحدة وقفت حتى سراً إلى جانب تلك الدولة الصهيونية المصطنعة بالقوة.

بل إن المؤرخ الإسرائيلي الدكتور إلعاد بن درور كشف النقاب في الذكرى السنوية الستين لصدور «قرار التقسيم» في 29 نوفمبر 1947، عن «أن الأمم المتحدة أعدت مخططاً لتشكيل أجهزة أمن يهودية مسلحة ومزودة بطائرات حربية بهدف تنفيذ القرار بتقسيم فلسطين وإقامة دولة يهودية فقط، وكشف المؤرخ الإسرائيلي عن ذلك بعد إطّلاعه على وثائق سرية في الأمم المتحدة، على مدى العام/2007، وكانت مصنفة على أنها سرية لكن الأمم المتحدة أزالت مؤخراً صفة السرية عنها وفتحتها أمام الجمهور.

وأكد بن درور «أن الأمم المتحدة أهملت نصف قرار التقسيم أي أنها أهملت فكرة إقامة الدولة العربية، وقد كانت الفكرة تنفيذ إقامة الدولة اليهودية فقط وأن تعمل الأمم المتحدة في وقت لاحق على إقامة الدولة العربية»، وقال «إنه بموجب مخطط اللجنة التنفيذية فإن المهمة الأساس لأجهزة الأمن اليهودية كانت فرض سيطرة الدولة اليهودية على العرب الذين بقوا فيها والذين كان عددهم في الدولة اليهودية، وفقاً لخارطة التقسيم، مطابقاً تقريباً لعدد اليهود».

تصوروا هذه الحقيقة الكبيرة الخطيرة الضائعة المغيبة، كان من المفترض وفق قرار التقسيم على ما فيه من ظلم وسطو على معظم الوطن الفلسطيني، أن يعطي الشعب الفلسطيني نحو 44% من فلسطين، لتقام الدولة الفلسطينية عليها، فما الذي حدث.

ومن يتحمل مسؤولية ضياع فلسطين ومسؤولية عدم إقامة الدولة الفلسطينية، وهل تضيع الحقوق والأوطان هكذا مع التقادم أم أنها يجب أن تعود مركبة، ثم أين الخريطة الجغرافية والسياسية والسكانية في فلسطين اليوم بعد واحد وستين عاماً على ذلك القرار التقسيمي؟

تؤكد التقارير والدراسات العربية والعبرية على «أن الحركة الصهيونية مجسدة بدولة “إسرائيل” تواصل «عبرنة» و«تهويد» أكثر من 8400 اسم عربي لمواقع جغرافية وتاريخية»، فحسب كتاب «المواقع الجغرافية في فلسطين – الأسماء العربية والتسميات العبرية» وهو من تأليف الدكتور شكري عراف فإن «الصهيونية غيرت وهودت 90% من أسماء المواقع في فلسطين».

ولكن- دولة الاحتلال لا تكتفي بتهويد الجغرافيا والتاريخ وإنما تخطط وتبيت وتسعى لاقتلاع وترحيل من تبقى من أهل فلسطين بوسائل مختلفة، أو تسعى لإلغاء وجودهم تاريخياً ووطنياً وسياسياً وحقوقياً وحشرهم في إطار كانتونات ومعازل عنصرية هي في الصميم معسكرات اعتقال ضخمة قد يطلق عليها اسم «دولة أو دويلة فلسطين» أو «كيان فلسطيني» أو ربما تبقى بسقف «الحكم الذاتي الموسع».

إلى ذلك- تصوروا- اليوم وبعد واحد وستين عاماً على القرار يأتي رئيس الدورة الـ63 للجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة المنظمة العالمية ميغيل ديسكوتو بروكمان ليطالب بالعمل على تطبيق قرار تقسيم فلسطين -181- الصادر عن الأمم المتحدة في العام 1947، إلى دولتين، والعمل بدون تأخير على «تنفيذ الالتزام القديم للأمم المتحدة بإقامة دولة فلسطينية مستقلة»، وقال في كلمته التي ألقاها بعد انتخابه لمنصب رئيس الجمعة العامة، إن «الفشل الأكبر للأمم المتحدة هو عدم إقامة دولة فلسطينية».

فهل يتحرك العرب يا ترى ومتى من أجل تحشيد حقيقي وجاد لطاقاتهم من أجل إجبار الأمم المتحدة والعالم و«إسرائيل» على تنفيذ قرار التقسيم وما أضيف إليه من مئات القرارات الأخرى على مدى أكثر من ستة عقود من الزمن؟

تحتاج فلسطين في مقدمة ما تحتاج إلى أن يراجع المجتمع الدولي سياساته إما المتفرجة أو المنحازة لصالح “إسرائيل”، وأن تراجع الولايات المتحدة سياساتها وحساباتها أيضاً، في الوقت الذي من الأولى والأصح أن يراجع العرب بدولهم وجامعتهم وأنظمتهم السياسات والمواقف العربية التي أوصلت الأمة إلى هذا الحال التي هي عليه اليوم.

وتحتاج فلسطين في ذكرى التقسيم وفي اليوم العالمي للتضامن معها، إلى تحشيد كل الطاقات والقدرات الشعبية والرسمية على صعيد المجتمع الدولي من أجل إجبار “إسرائيل” على التنفيذ.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

شهيدان باستهداف الاحتلال في نابلس

شهيدان باستهداف الاحتلال في نابلس

نابلس - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد مقاومان بعد خوضه اشتباكاً مسلحاً - مساء الجمعة- مع قوات الاحتلال الصهيوني التي حاصرته في منزل بمنطقة عين...