الأحد 11/مايو/2025

أهل مكة وحجاج غزة ومبادرات كسر الحصار

أهل مكة وحجاج غزة ومبادرات كسر الحصار

صحيفة الدستور الأردنية

حتى الآن، لا يزال حجاج قطاع غزة عالقين على معبر رفح في انتظار التأشيرة والإذن بالخروج، ولا يعرف ما إذا كان ذلك سيحدث أم لا. وفي حين يبدو مشهد الحصار أكثر أهمية في هذه المرحلة من سؤال مصير الحجاج، فإن عودة هؤلاء خائبين إلى بيوتهم بعد هذه الرحلة الطويلة من المعاناة لا ينبغي أن تمر مرور الكرام.

إننا نتمنى أن تتحول قصة هؤلاء الحجيج إلى قضية يتداولها حجاج بيت الحرام فيما بينهم طوال الرحلة، فهم ليسوا ضحايا المحتل هذه المرة، بل ضحايا بعض المواقف العربية البائسة، بما في ذلك المواقف الرسمية الفلسطينية.

ثمة مقترح مهم هنا سمعت أن هناك من يتبناه في حال يئس حجيج غزة، وهم حوالي ثلاثة آلاف شخص، من الوصول إلى الديار المقدسة، ويتلخص المقترح في توزيع أسمائهم على أهالي مكة وما حولها، بحيث يبادر متطوعون بالحج نيابة عنهم، وبذلك تكسر الأمة الحصار بطريقتها الخاصة، مع أن ذلك قد لا يزيل المرارة من نفوس الذين منّوا أنفسهم بشهود عرفة.

إننا نتحدث ها هنا عن مبادرات إبداعية على الأمة أن تجترحها في سياق فك الحصار من حول قطاع غزة، ولا يمكن أن تكون مبادرات الأجانب يتيمة على هذا الصعيد، إذ ما الذي يحول دون توجه سفن عربية إلى قطاع غزة؟

وهنا لا نجد، ورغم خلافنا وانتقاداتنا للسياسة الليبية الرسمية سوى الإشادة بمبادرة السفينة التي توجهت إلى القطاع، بصرف النظر عما إذا كان الصهاينة سيسمحون لها بالمرور أم سيعاملونها على نحو مختلف. لعل الجهد الأهم على صعيد مساعي فك الحصار هو المتوقع من الداخل المصري الذي كان له الفضل في مرات سابقة في تغيير الموقف الرسمي، ويمكنه أن يفعل ذلك هذه المرة بعدما بلغ السيل الزبى ووصل بؤس الوضع مستويات غير مسبوقة.

الشارع المصري كان على الدوام سباقاً في نصرة قضايا الأمة، لكنه يحتاج لكي يتحرك إلى مبادرات من القوى الحيّة هناك، وعلى رأسها جماعة الإخوان، من دون أن يقلل ذلك من أهمية المبادرات العربية الأخرى، فهذا الصمت العربي، بل التواطؤ في بعض الأحيان يستحق الكثير من الإدانة، مع ضرورة الإشارة إلى أن الأنظمة العربية ليست سواءً على هذا الصعيد.

قصة الانقسام التي يتعلل بها البعض لا ينبغي أن تكون عائقاً دون نصرة قطاع غزة، لا سيما أن مقترحات إنهاء الانقسام لا تمر إلا من خرم الموافقة على الشروط الإسرائيلية وشروط الرباعية الدولية، أي أننا إزاء تجويع هدفه التركيع، وهي معادلة لا ينبغي لشرفاء الأمة أن يقبلوها.

إنها الحقيقة، وإلا فليقل لنا هؤلاء وأولئك ماذا يعني حشر المصالحة في الانتخابات المبكرة، وهل سيقبل من يطاردون حماس بالنتيجة لو فازت الحركة من جديد، أم أن المطلوب هو إعادة “الشرعية” بأية وسيلة للذين يعلنون أن خيارهم الوحيد هو التفاوض ونبذ المقاومة؟

حصار غزة عار علينا جميعاً، أما الانقسام فهو عرض للمرض المتمثل في الاعتراف بشرعية الاحتلال ورفض برنامج المقاومة كمسار للكرامة والتحرير، ومن أراد الخير للقضية فليدع إلى وحدة على قاعدة برنامج المقاومة.

والخلاصة أن قصة الانقسام ليست عذراً لأحد، لأنه انقسام حول الموقف من الصراع وليس انقساماً على سلطة بائسة محاصرة، حتى لو أخذ شكلياً هذا البعد.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات