الجمعة 09/مايو/2025

هل ننتظر استشهاد (غزة)؟

هل ننتظر استشهاد (غزة)؟

صحيفة الوطن العمانية

ربما هي اللحظات الأطول والأكثر وجعاً في حياة أهل القطاع المحاصر – حتى النفس الأخير. وهي أيضاً من أشد الصفحات غرابة واسوداداً في تاريخ البشرية – مستهل القرن الحادي والعشرين. ذلك أنها لحظات على فريقين: الأول انتظار (الموت) والثاني انتظار (الخلاص) من عبء الشعور بتأنيب الضمير.. بل حتى التخلص من الضمير الإنساني ذاته (تبنيجاً أو حتى اغتيالاً).

لسنا ندري كيف يمكن للعالم – الآتي – أن يفهم المعادلة الراهنة في فلسطين المحتلة: بين مؤتمرات – في نابلس المحتلة – تبحث في تشجيع الاستثمار هناك، وبين مليون ونصف المليون في قطاع غزة اضطروا إلى التخلص من (مشروع غذائهم اللحمي) بقتل أكثر من مليون طير (داجن) ومن ثم الاضطرار إلى العيش على علف هذه الحيوانات والطيور. وحتى الخبز عاد إلى ما كان العالم عليه قبل مئات السنين – قبيل اكتشاف الغاز والكهرباء والنفط.

الصورة (السريالية) الوحيدة التي لم يرسمها (سلفادور دالي) ينجح الاحتلال الإسرائيلي في رسمها ( بإغلاق المعابر لمدة تصل إلى عشرين يوماً)، وقطع الكهرباء والنفط والمحروقات بحيث تنتظر الأم أن يلفظ وليدها أمام عينيها أنفاسه الأخيرة وهو في (الخدج) – وكان على وشك أن يسلم لأمه لترضعه بعد أن تنقله إلى البيت.

لسنا ندري كيف تنام عيون بعضهم (قريرة) دون أن تتوجع الضمائر من منظر الموت يزحف باتجاه أبناء وأهل لنا – في القطاع – هم أكثر من مليون ونصف المليون. وماذا كانت جريمتهم؟ لا أحد يستطيع أن يبوح بالسر.. سر الصمت المتآمر على الحياة في القطاع: قولوا لنا سبباً مقنعاً لكي نسكت على اغتيال الحياة في قطاع سكانه هم أهلنا وذوونا؟ بل قولوا لنا كيف لا نتألم ونحن نشاهد منظر الموت في أي مكان في العالم وهو يحاصر (إنساناً واحداً) في أي من القارات الخمس أو الألف؟ كيف تسكت علينا ضمائرنا؟ لسنا ندري.

ما الحل؟ ألا تستطيع أمة العرب وأمة المسلمين أن تتحرك لإنقاذ بضعة منها يحوم حولها الموت وتتقافز الضحكات شماتة بين شفاه وعيون وقلوب القتلة الغاصبين؟

أهو الخوف أم الجبن أم هو في الحقيقة المرة نوع من التواطؤ – حتى على الذات؟

لنفرض أنهم – في غزة – قد اقترفوا جريمة أفيكون الجزاء التفرج عليهم يموتون أمام أعيننا وننام بعد ذلك قريري العيون؟

غير معقول: إنه اللامعقول – صورة العبث الجنوني الذي يوصل إلى حدود تزيين صورة الكفر (انتحاراً).. ولنستغفر الله على المشاركة العلنية لبعضنا في اقتراف جريمة الشماتة في بعضنا الآخر.

أين جامعة الدول العربية ودولها؟

أين منظمة المؤتمر الإسلامي؟

أين الجمعية العامة للأمم المتحدة؟

أين منظمات حقوق الإنسان؟ وأين المدافعون عن حقوق الإنسان في أرجاء الدنيا؟ أين الذين تقوم قيامتهم إن مس أحد شعرة في مفرق (المحرقة) فشكك – مجرد تشكيك – في أعداد ضحاياها من اليهود؟ أين المتباكون على السامية)؟ أين أصحاب القوانين التي أجازت التعدي علينا وعلى نبينا باسم (حرية التعبير)؟ أين هؤلاء من (حرية الإنسان وحقه في الحياة) كما هي شرائع العالم وشرائع السماء؟

ونحن ننتظر أن نتفرج على استشهاد (غزة) لكي نظل نلوم أنفسنا ونجلد ذواتنا إلى أبد الآبدين؟

كاتب فلسطيني

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات