لماذا “الملتقى العربي والدولي لحق العودة

صحيفة الخليج الإماراتية
على هامش الملتقى الدولي لنصرة القدس، الذي عقد في اسطنبول خريف العام الماضي، بحضور نحو خمسة آلاف متضامن مع حقوق الشعب العربي فيها، وإدانتهم التعديات الصهيونية على مقدساتها الإسلامية والمسيحية، اتفق بعض نشطاء العمل القومي العربي على الدعوة لمؤتمر مماثل لنصرة حق العودة، وتشكلت لذلك لجنة تحضيرية ضمت شخصيات فكرية وسياسية من مشرق الوطن العربي ومغربه. وبعد تدارس كل الاحتمالات قررت عقد المؤتمر في دمشق يومي 23 و 24 من الشهر الجاري. وذلك انطلاقاً من القناعة بأن حق العودة إنما هو المكون الأساسي للقضية الفلسطينية، كما ورد في الدعوة الصادرة عن رئيس اللجنة التحضيرية المناضل القومي مشغول الفكر والوجدان بقضايا أمته معن بشور.
وتأتي الدعوة للملتقى في مرحلة تتواتر فيها الدعوات في واشنطن والقدس المحتلة لاغتنام الفرصة لتصفية الصراع العربي الصهيوني وفق الاشتراطات الصهيو أمريكية المعهود للرباعية الدولية تمريرها. وأولها إسقاط حق العودة بتجاوز القرار 194. وفي اتساق مع المخطط المرسوم جاء الترحيب الرسمي العربي بإعلان الصهاينة استعدادهم للتفاوض حول المبادرة العربية، كما كانت عليه قبل إضافة النص على حل مشكلة اللاجئين استناداً للقرار الدولي. وهو النص الذي جرت إضافته في قمة بيروت العام 2000 نزولاً على إصرار الرئيس اللبناني السابق إميل لحود.
ولأهمية الملتقى تبنى الدعوة إليه خمسون اتحاداً ومؤتمراً ومنظمة، من أبرز هيئات المجتمع المدني العربية، في طليعتها: المؤتمر القومي العربي، والمؤتمر القومي- الإسلامي، ومؤتمر الأحزاب العربية، والمنظمة العربية لحقوق الإنسان، وجميع الاتحادات المهنية العربية العامة، والمركز العربي لحق العودة في لندن، ومؤتمر حق العودة، والمجلس الوطني للعرب الأمريكيين. وتجاوباً مع الدعوة، وتقديراً لأهمية المنظمات والشخصيات القائمة عليها، وإدراكاً لخطورة التواطؤ الدولي والإقليمي والسلطوي الفلسطيني على حق العودة والقرار 194 بالذات، استجاب للدعوة، وأبدى استعداده لتحمل نفقات وأعباء السفر والإقامة، ما يجاوز الألفين والخمسمائة. كما ذكر رئيس اللجنة التحضيرية قبل أسبوعين، وأنها ما زالت تتلقى طلبات المشاركة، وإن شباباً من الجنسين من لبنان وسوريا والأردن تطوعوا للعمل مع الجهاز الإداري للملتقى.
والملتقى بحضور الذين يجاوزون الألفين والخمسمائة مقصود به أن يكون تظاهرة إعلامية قومية ودولية، أولى غاياتها المستهدفة تأكيد إجماع هيئات المجتمع المدني العربية، ذات المكانة والاعتبار قطرياً وقومياً، والمتحررة من الارتباطات الخارجية المشبوهة، على رفضها أي مساس بحق العودة، وأي التفاف حول القرار 194، الذي والت الجمعية العامة للأمم المتحدة تأكيده بحيث اكتسب قوة القانون الدولي العام.
ثم إن الملتقى بهذا العدد الكبير من المشاركين، من مشرق الوطن العربي ومغربه، كما من المهجر الأوروبي والأمريكي، وقطاع غير يسير منهم ليس من مواليد فلسطين المحتلة، أو من أبناء وأحفاد مواليد فلسطين، وإنما هم عرب ملتزمون بالتحرير والعودة خياراً استراتيجياً، فإن في مشاركتهم دلالة اتساع إطار المؤمنين بأن حق العودة حق لا عودة عنه. وحين يؤخذ في الحسبان أن كلاً من المنظمات الملتزمة بالدعوة للملتقى تمثل آلاف المواطنين والمواطنات في عموم الوطن العربي، يغدو منطقياً القول بأن الملتقى، وإن اقتصر على المشاركين بحضوره مهما كان عددهم إنما يجسد إرادة الأمة العربية في الوطن والمهجر. الأمر الذي يدحض كل مقولات أدعياء الواقعية حول تراجع الأهمية النسبية للقضية الفلسطينية لدى المواطن العربي الذي بات مشغولاً بشؤونه وهمومه الخاصة.
والملتقى وإن هو اختص بحق العودة إلا أنه في الواقع العملي يعبر عن الإرادة العربية بالتصدي لمخاطر الدعوة الأمريكية الصهيونية باعتبار “إسرائيل” دولة يهودية، وفي مقدمتها التهجير القسري “الترانسفير” للمواطنين العرب في الأرض التي احتلت عام 1948 وقام عليها الكيان الصهيوني. ذلك لأن الذين يصرون على حق العودة وعدم المساس بالقرار 194، إنما يؤسسون بموقفهم الرافض للتنازل عن هذا الثابت الوطني الفلسطيني، لإقامة جدار عربي قومي للتصدي لأي مساس بالحقوق القومية والوجود الفعلي للمواطنين العرب فيما احتل من أرض فلسطين في جولة الصراع الأولى، وبخاصة مواطنو الجليل والمثلث والنقب.
والثابت في التجارب الإنسانية عبر التاريخ أن رفض التسليم بالأمر الواقع أولى درجات الممانعة وأكثرها جذرية، والقاعدة التي تنطلق منها كل أشكال المقاومة، السلمية منها وغير السلمية. وعليه فالدعوة للملتقى العربي والدولي لحق العودة، وإن لم تتضمن الإشارة للمقاومة، دعوة غير معلنة للمقاومة، بما تنطوي عليه من رفض مبدئي لجريمة التطهير العرقي التي اقترفتها القوات الصهيونية في حرب 1948/1949، وما انطوت عليه من تهجير قسري “ترانسفير” لما يقارب 70% من مواطني فلسطين، ومصادرة عقاراتهم وما خلفوه من أموال منقولة، تصرف بها “حارس أملاك العدو” الصهيوني وكأنها غنائم حرب.
ولأن الملتقى إنما يجسد إرادة الأمة العربية في رفض الأمر الواقع الذي يجري التواطؤ الدولي والإقليمي والسلطوي لإبرام صفقة التصفية على أساسه، فإنه برغم طابعه السلمي اعتبر من قبل أطراف تحالف التصفية دعوة منكرة ومرفوضة. وهذا ما يفسر استنكاف اللجنة التنفيذية، فاقدة الشرعية، لمنظمة التحرير الفلسطينية عن المشاركة في الملتقى، بعد أن كان اسمها مدرجاً بين المنظمات الداعية له، تأسيساً على القبول المبدئي الذي أبداه الرئيس محمود عباس لرئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر حين دعاه شخصياً للمشاركة. غير أن مدير مكتب المنظمة في بيروت عباس زكي أبلغ رئيس اللجنة التحضيرية معن بشور قرار الاستنكاف عن المشاركة. وهو استنكاف إن دل على شيء فإن أول ما يدل عليه خطورة الملتقى في نظر من هم وراء فريق أوسلو. الأمر الذي يؤكد أهمية الملتقى وضرورته باعتباره عملاً جماهيرياً مقاوماً لمخطط التصفية المتواطأ على تنفيذه دولياً وإقليمياً وسلطوياً. وهذا في حد ذاته يقدم الإجابة الوافية عن سؤال: لماذا الملتقى العربي والدولي لحق العودة؟
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

مسؤولون بالبرلمان الأوروبي يطالبون إسرائيل بإنهاء حصار غزة فورا
المركز الفلسطيني للإعلام طالب قادة العديد من الجماعات السياسية في البرلمان الأوروبي اليوم السبت، إسرائيل بالاستئناف الفوري لإدخال المساعدات...

جراء التجويع والحصار .. موت صامت يأكل كبار السن في غزة
المركز الفلسطيني للإعلام قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إنّه إلى جانب أعداد الشهداء التي لا تتوقف جرّاء القصف الإسرائيلي المتواصل، فإنّ موتًا...

إصابات واعتقالات بمواجهات مع الاحتلال في رام الله
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام أُصيب عدد من الشبان واعتُقل آخرون خلال مواجهات اندلعت مع قوات الاحتلال الإسرائيلي في عدة بلدات بمحافظة رام الله...

القسام ينشر مقطع فيديو لأسيرين إسرائيليين أحدهما حاول الانتحار
المركز الفلسطيني للإعلام نشرت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، السبت، مقطع فيديو لأسيرين إسرائيليين ظهر أحدهما بحالة صعبة وممددا على الفراش....

جرائم الإبادة تلاحق السياح الإسرائيليين في اليابان
المركز الفلسطيني للإعلام في خطوة احتجاجية غير مسبوقة، فرضت شركة تشغيل فنادق في مدينة كيوتو اليابانية على الزبائن الإسرائيليين توقيع تعهد بعدم التورط...

سلطة المياه: 85 % من منشآت المياه والصرف الصحي بغزة تعرضت لأضرار جسيمة
المركز الفلسطيني للإعلام حذرت سلطة المياه الفلسطينية من كارثة إنسانية وشيكة تهدد أكثر من 2.3 مليون مواطن في قطاع غزة، نتيجة انهيار شبه الكامل في...

تقرير: إسرائيل تقتل مرضى السرطان انتظارًا وتضعهم في أتون جريمة الإبادة الجماعية
المركز الفلسطيني للإعلام حذر المركز الفلسطيني لحقوق الانسان، من إصرار دولة الاحتلال الاسرائيلي على الاستمرار في حرمان مرضى الأورام السرطانية من...