صناعة الدراما العربية والشيخ أحمد ياسين!

صحيفة الشرق القطرية
لماذا لم تفكر أية شركة إنتاج عربية في تحويل قصة حياة الشيخ أحمد ياسين إلى مسلسل تليفزيوني خاصة في رمضان؟! لماذا يبحث كتاب الدراما عن تلك القصص الرديئة التي تشوه صورة الإنسان العربي، وتتجاهل قصة حياة تثير خيال الإنسانية كلها، وتشكل فخراً للحضارة العربية الإسلامية؟!
بعد أن فكرت قليلاً حمدت الله كثيراً أن أحداً من أولئك الكتاب لم يحاول الاقتراب من قصة الشيخ، وأنه لم تفكر أية شركة في إنتاج هذا المسلسل رغم حاجة الجماهير العربية إليه.. لماذا؟!
الإجابة قد تشكل صدمة قاسية لكل القائمين على صناعة الدراما العربية.. فهي بكل صراحة ووضوح ليست مؤهلة لإنتاج مسلسل عن حياة الشيخ أحمد ياسين.. ولكي تصبح مؤهلة لذلك فإنها لابد أن تحرر نفسها من التبعية للغرب فكرياً وثقافياً.. ولابد أن تحرر نفسها من التبعية للسلطات العربية.
كما أن حياة الشيخ تشكل لنا ثروة فكرية وثقافية تنتظر كتاباً ينتمون للأمة ويعشقون الحرية، ويعتزون بالانتماء للإسلام عقيدة وحضارة وثقافة ومقاومة.. ولذلك فمن الأفضل أن يظل الكنز تحت الجدار حتى يكبر الأبناء ويصبحوا مؤهلين لفتحه.
صناعة الدراما العربية ليست مؤهلة بعد لهذا العمل لأنها مازالت أسيرة لصناعة التسلية الغربية، وقصة حياة الشيخ هي جزء من كفاح الأمة من أجل تحرير فلسطين.. لذلك فإن الذي يستطيع أن يكتشف جمال القصة هو من يشارك بعقله وقلبه وقلمه وسلاحه في كفاح الأمة، ويعتز بانتمائه لها كما فعل الشيخ لأنه ببساطة لا يعرف أقدار العلماء سوى العلماء ولا يعرف معنى الحرية إلا من قاتل من أجلها، ولا يفهم الإسلام إلا من أعطاه عمره وقلبه وروحه وعقله وجهده.
لذلك لا يمكن أن يكتب القصة كاتب جاهل متغرب يبحث عن وسيلة للتسلية.. ولا يمكن أن يمثل الدور ممثل من أولئك الذين استخدموا قدراتهم لإلهاء الجماهير وتسليتها، ولا يمكن أن تنتج القصة شركة تريد الربح على حساب الرسالة والمبادئ.
في بداية عصر الحرية
حلمت يوماً أن أكتب قصة حياة الشيخ أحمد ياسين.. لكنني كلما هيأت نفسي لهذا الأمر أتراجع خوفاً من أنني لست مؤهلاً بعد، وأن الزمن لا يتيح الحرية الكافية للكتابة عن قائد حركة التحرر الوطني، وأستاذ المقاتلين من أجل الحرية، وشيخ عشاق فلسطين.
إن القصة يجب أن تكتب في بداية عصر الحرية.. يوم أن نحرر فلسطين يكون من حقنا أن نجلس أمام شاشات التليفزيون لنشاهد قصة الشيخ احتفالاً بانتصار أوضح هو الطريق إليه، وعلم المجاهدين كيف يحققونه.
لكن الأمة تحتاج إلى هذا المسلسل وهي تصمد في وجه حصار ظالم، وهي تحلم بالحرية.. ليضيء لها الطريق، وليكون زاداً فكرياً وثقافياً يقوي عزيمة الرجال ويشحذ همم المجاهدين ويملأ النفوس بالأمل.
الإنسان العربي يحتاج إلى هذا المسلسل ليستعيد فخره بذاته واعتزازه بحضارته التي قدمت للإنسانية ذلك النموذج للقادة العلماء الذين يعطون حياتهم لأمتهم.
الإنسان العربي يحتاج لهذا المسلسل ليقهر خوفه وضعفه وعجزه، ويتعلم كيف ينظر للمستقبل بأمل، وكيف يكافح لتحويل الأمل إلى واقع.
القصة الثروة
إن قصة حياة الشيخ هي ثروة للأمة، ومن حقها أن تستغل ثروتها في كفاحها، لتحرير فلسطين، ولتحقيق النهضة، لذلك لا يمكن أن نعطل ثروتنا.
قصة حياة الشيخ يمكن أن تشكل رأس مال لا مادياً للأمة، وهي تحتاج لاستثماره في بناء مشروعها الحضاري، وفي مقاومة الاستعمار الثقافي، وفي تحقيق النهضة والعملية التعليمية فهي يمكن أن تساهم في تعليم الأبناء كيف يصبحون قادة لعصر الحرية ويتحررون من التفكير الفردي الذي يحولهم إلى عبيد في عصر التبعية.
لو أن الشيخ أحمد ياسين ينتمي إلى الحضارة الغربية لحولوا حياته إلى مادة لصناعة مضمون درامي، ولأنتجوا الكثير من المسلسلات والأفلام عنه.
في الغرب يقومون بإنتاج الكثير من الأعمال الدرامية عن قصص حياة أشخاص يعتبرونهم أبطالاً بالرغم من أنها شخصيات لم تقدم شيئاً للإنسانية يمكن الاعتداد به.
فكيف يمكن أن نهمل نحن قصة حياة الشيخ التي يمكن أن تجعلنا نشعر بالفخر بأنفسنا وحضارتنا؟ وكيف يمكن أن نضيع على أنفسنا فرصة لتحويل أبنائنا إلى قادة، وتقديم مثل عليا لهم.
إنها تثير الخيال
وشخصية الشيخ أحمد ياسين تتمتع بثراء فكري وغني إنساني يثير الخيال، فالجوانب الإنسانية في شخصية الشيخ يمكن أن تجعل المسلسل جذاباً ومثيراً.. أي أنه بالمقاييس المادية يمكن أن يكون ناجحاً ويجذب الملايين.. لكن الأمر أكبر من ذلك وأخطر.. إن تأثيره الثقافي يفوق بكثير النجاح المادي.
الجوانب الإنسانية في شخصية الشيخ يمكن أن توفر كل شروط النجاح لعمل درامي، ويمكن أن يكون هذا العمل بداية مرحلة جديدة في تاريخ صناعة الدراما العربية، وصناعة المضمون الإعلامي والثقافي بشكل عام، ذلك أن النجاح في هذا العمل يشحذ خيال الكتاب والمنتجين ويمكن أن يضيء أمامهم الطريق لإنتاج درامي يتحرر من أسر ثقافة التسلية الرأسمالية الفردية الغربية.
عندما أراد هوجو شافيز أن يدفع مواطنيه في فنزويلا لتحقيق النهضة والتقدم والتحرر من السيطرة الأمريكية وجه محطات التليفزيون للبحث عن شخصيات تاريخية في أمريكا اللاتينية تثير الفخر في نفوس المواطنين، وتشحذ الهمم، وركز على استخدام هذه الشخصيات في التعليم، ونجح شافيز في أن يحرر المواطنين في فنزويلا من الشعور بالانكسار والضعف والعجز ويدفعهم للعمل ولتحقيق النهضة.. ولذلك كان الإنجاز الثقافي الذي حققه شافيز هو الأساس الذي قامت على أساسه نهضة فنزويلا.
في ضوء ذلك هل يجوز أن نهمل قصة حياة الشيخ أحمد ياسين وهي قصة يمكن أن تثير خيال شبابنا وتشحذ هممهم وتضيء بصيرتهم، وتحيي آمالهم وتحررهم من الشعور بالإحباط واليأس والهزيمة.
بداية نهضة
تخيلوا معي ماذا يمكن أن يحدث عندما نقدم لشبابنا قصة حياة الشيخ أحمد ياسين بكل جوانبها الإنسانية المضيئة؟! ماذا لو قلد شباب العرب تلك الشخصية وشحذ كل واحد منهم إرادته، وأطلق لخياله العنان، وأراد أن يكون فارساً مقاتلاً من أجل الحرية، ورفض أن يكون خادماً في اقتصاد التبعية.
إننا ببساطة أيها السادة نمتلك ثروة فكرية وثقافية وحضارية يمكن أن تحول شبابنا إلى أساس لنهضة الأمة وإلى قادة للكفاح ضد الاستعمار والاستغلال والفساد والطغيان.
إن أهم ما يمكن أن يقوله ذلك المسلسل لشبابنا أن الإنسان عندما يمتلك قوة الإيمان بالله فإنه يمكن أن يواجه كل قوى الطغيان والاستبداد والاستعمار.
لقد واجه الشيخ الاحتلال الإسرائيلي بقوة رجل يمتلك الإيمان والإرادة ففاز بالشهادة.. ويواصل تلاميذه الجهاد لتحرير فلسطين.
تجدد الحلم مرة أخرى في أن أكتب قصة حياة الشيخ.. لكنني وجدت دموعي تنهمر: كيف وأنا لا أستطيع الوصول إلى غزة؟! السلطات العربية تحكم الحصار على أهل غزة وأنا أجلس صامتاً لا أملك سوى كلمات.. معذرة يا شيخ الأحرار.. لست مؤهلاً لكتابة قصة حياتك!!
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

حماس: قرار برلمان بروكسل تمكين للعدالة الدولية
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أشادت حركة حماس بقرار برلمان بروكسل مطالب الحكومة الفيدرالية بتنفيذ مذكرات التوقيف الصادرة عن المحكمة الجنائية...

القسام يشتبك مع قوة صهيونية ويجهز على سائق آلية عسكرية شرقي غزة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، اليوم الثلاثاء، الاشتباك مع قوة هندسة صهيونية، والإجهاز على سائق آلية...

470 ألف فلسطيني بغزة قد يواجهون جوعاً كارثياً من المرحلة الخامسة حتى سبتمبر
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام رجح تقرير التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي إن يواجه 470 ألف شخص في قطاع غزة، جوعاً كارثياً (المرحلة الخامسة...

شهيد بقصف مسيّرة إسرائيليّة دراجة نارية في جنوب لبنان
بيروت - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد شخص، اليوم الثلاثاء، إثر قصف من مسيّرة إسرائيليّة على بلدة حولا جنوبيّ لبنان، في استمرار للخروقات...

الصحة تعلن ارتفاع عدد ضحايا الإبادة بغزة إلى 52908 شهداء
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت وزارة الصحة في غزة، اليوم الثلاثاء، ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي إلى 52908 شهداء و119721 مصابا منذ 7 أكتوبر/...

أمن السلطة يقتل الشاب رامي زهران في مخيم الفارعة
طوباس - المركز الفلسطيني للإعلام قتلت عناصر أمن السلطة، الشاب رامي زهران بإطلاق نار مباشر -اليوم الثلاثاء- في مخيم الفارعة شمال الضفة الغربية....

الأمم المتحدة: عدد الوجبات اليومية المقدمة في غزة تراجع بنسبة 70%
نيويورك - المركز الفلسطيني للإعلام قال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، إن عدد الوجبات اليومية المقدمة للفلسطينيين في قطاع غزة انخفض هذا...