الأحد 11/مايو/2025

الحاجة إلى الحوار الفلسطيني

الحاجة إلى الحوار الفلسطيني

صحيفة العرب القطرية

تبدو الحاجة ماسة إلى الحوار الوطني الفلسطيني في أيامنا هذه، لأن معالجة الوضع الداخلي الفلسطيني من أهم التحديات التي باتت تواجه القضية الفلسطينية. وتعي تماماً مختلف الفصائل والقوى الفلسطينية أن الحوار في «القاهرة» ينبغي ألا يمرّ مرور الكرام، وأن يفضي إلى نتائج حقيقية، يمكنها من معالجة مختلف القضايا والتحديات التي تعترض القضية الفلسطينية في وقتنا الراهن.

وصار الحديث عن معالجة الوضع الداخلي الفلسطيني ضرورياً، بغية استعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية، والعمل على فكّ الحصار الجائر الذي يعاني منه قطاع غزة، وتعزيز المقاومة بمختلف أشكالها من أجل نيل الحقوق الوطنية الفلسطينية المشروعة، وأولها الحق في الاستقلال وإقامة الدولة المستقلة على جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 وعاصمتها القدس.

ولن يتحقق شيء من هذا الأمر دون الوصول إلى توافق شامل بين حركتي «فتح» و«حماس»، وإنهاء الخلافات السياسية القائمة بينهما التي أضرت كثيراً بالمشروع الوطني الفلسطيني، خصوصاً أن الوضع الفلسطيني الداخلي يحتاج إلى ما هو أكبر من مجرد الحوار بين الفصائل، كونه وصل إلى حدود الاقتتال الكارثي في الآونة الأخيرة، ولا يخفى على أحد خطورة تحويل الداخل الفلسطيني إلى ساحة لصراع الإرادات الإقليمية والدولية.

وتذهب المؤشرات القادمة من مفاوضات القاهرة إلى قرب جلوس الأطراف الفلسطينية إلى طاولة الحوار المنشود، خاصة أن تصريحات ممثلي حركتي «فتح» و»حماس» العلنية تعكس حرصاً على توفير كل ما من شأنه أن يعزّز فرص نجاح الحوار الفلسطيني، وتلتقي معظمها عند الرغبة في عدم تفويت الفرصة هذه المرّة، وعدم الخروج عن الإجماع الوطني، والرجوع إلى مظلة الوحدة الوطنية التي تتسع للجميع.

ولا شك في أن الحوار الفلسطيني مهمته الأساسية وضع نهاية لحالة الانقسام، بعد انسداد أفق التسوية والتفاوض مع “إسرائيل”، وانسداد أفق الممانعة والانتفاضة كذلك، نظراً لتأثير حالة الانقسام الفلسطيني، وتعنّت “إسرائيل” التي تواصل نهجها وسياساتها العدوانية الرامية إلى فرض الأمر الواقع، من خلال الإمعان في سياسة الاستيطان وبناء الجدار الفاصل وعزل القدس من جهة، واستفرادها بالشعب الفلسطيني، والاستمرار في فرض الحصار على قطاع غزة، مدعومة بالانحياز الأميركي لسياستها ومساندة أغلب دول الاتحاد الأوروبي من جهة ثانية، في وقت بات فيه الموقف العربي موقف المتفرّج أو الوسيط في أحسن الأحوال.

وعليه، فإن القوى والفصائل الفلسطينية لا تجد مخرجاً من حالة انسداد الأفق أمامها سوى التوافق على المستوى السياسي، والبحث عن استراتيجية نضالية تخلصها من حالة التخبط والفرقة والانقسام، وبما يرقى إلى مستوى التحدّي والمسؤولية التاريخية. والطريق المفضية إلى ذلك الإجماع والعمل على تشكيل حكومة وحدة وطنية فلسطينية، تلقى على عاتقها مهام تنفيذ نقاط التوافق.

ويبدو أن الفصائل الاثني عشر اتفقت في القاهرة على تشكيل حكومة فلسطينية، تتمحور مهمتها حول العمل على تسيير الشؤون الفلسطينية، والعمل على فك الحصار؛ إلى جانب التحضير لانتخابات تشريعية ورئاسية متزامنة، مع القيام بالإصلاحات المطلوبة لمنظمة التحرير الفلسطينية، وإعادة بناء الأجهزة الأمنية الفلسطينية على أسس مهنية ووطنية جامعة.

إذاً، نجحت مصر في إيصال القوى الفلسطينية إلى التوافق على حكومة ائتلافية تتولى الدعوة لانتخابات تشريعية ورئاسية متزامنة. غير أن الأهم من كل ذلك هو قراءة المرحلة السياسية الراهنة بكل معطياتها العربية والدولية، والتخلي عن المصالح الفئوية لهذا الفصيل أو ذاك، ومراجعة الثقافة السياسية السائدة التي تحصر الصراع مع “إسرائيل” بالوسائل العسكرية فقط؛ لأن الصراع مع العدو ينبغي خوضه بمختلف الإشكال والوسائل السياسية، والاقتصادية، والثقافية، والعلمية، والعمل الجاد على تحسين حياة الفلسطينيين، وتطوير العلاقات السياسية، والمشاركة بين مختلف أوساط الشعب الفلسطيني.

ويبقى أنه في ظل الأوضاع الصعبة والدقيقة والخطيرة التي يعيشها الفلسطينيون، فإنه لا بديل عن التوافق، وتوحيد الطاقات والإمكانات، بغية تعزيز الصمود الفلسطيني وتنظيمه وفق ما تمليه المصلحة الوطنية، وأن تكون الحسابات السياسية على أساس دراسة المعطيات الدولية والإقليمية الراهنة، وموازين القوى السائدة، ومفاعيل الصراع مع العدو والتحديات الناجمة عنه.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات