الأحد 11/مايو/2025

آخر القول التصعيد ضد حماس.. في ضوء مساعي الحوار

آخر القول التصعيد ضد حماس.. في ضوء مساعي الحوار

صحيفة الشرق القطرية

أعلن قادة أجهزة سلطة رام الله أنهم اكتشفوا مخازن أسلحة لحماس وأن هذه الأسلحة معدة لحربهم.. وأنهم قاموا باعتقالات في الخليل.. ويأتي ذلك في سياق استهداف طويل ومتعدد الأشكال لحركة حماس وأنصارها وحزب التحرير خاصة والفكر الإسلامي وما يسمونه المنابع الفكرية (للإرهاب) عامة من اعتقالات وقتل وابتزاز وتشويه سمعة وانتهاك مساجد ثم أخيراً اعتقال الحرائر من زوجات وأمهات وأخوات المجاهدين للضغط عليهم وابتزازهم بهن.. ما عده المحللون تدهوراً نوعياً في المحددات الاستراتيجية والقيم الوطنية وتوجهات التثقيف المعنوي والفكري التي باتت تحكم خطط وتحركات أجهزة السلطة وقناعات واعتبارات قادتها في ظل سيطرة التيار الانقلابي على حركة فتح وعلى المنظمة وعلى السلطة.

استهداف حماس والاستقواء عليها بالاحتلال يأتي متزامنا مع حدثين لابد من تركيز الضوء عليهما الأول الحوارات التي ترعاها مصر في القاهرة بين الفصائل الفلسطينية والثاني اعتداءات المستوطنين الصهاينة على المدن والقرى الفلسطينية وعلى فلسطينيي الـ 48 في عكا والتي من المتوقع أن تشمل مدنا أخرى.. الأسئلة المنطقية هنا: هل تأخذ السلطة في رام الله في اعتبارها ضرورة إنجاح حوارات القاهرة؟ وإذا كانت تفعل أليس أول ما يتطلبه ذلك إحداث تغيير إيجابي في العلاقة مع حماس على مستوى خطوات حقيقية تصدر رسالة إيجابية لإعادة الثقة بين الحركتين كما فعلت حماس بمناسبة العيد من افراجات عن كوادر فتحاوية في غزة، وزيارة وفدها في الضفة لعباس؟ ثم ما الغاية أو ما هذا العمى السياسي الذي يحركهم للتصعيد وفي هذا الوقت بالذات؟ والسؤال الآخر لماذا نشط المستوطنون في العدوان على أهلنا في القرى والمدن في الضفة والـ 48 وهو ما لم يجرؤوا عليه من قبل.. فقد عرفهم الشعب الفلسطيني وبالأخص في الضفة بأنهم – يوم كانت أسلحة حماس غير مطاردة من السلطة وأجهزتها أقول كان هؤلاء المستوطنون كالفئران لا يجرؤون على المشي العادي مجرد المشي في الحقول الفلسطينية بل كانوا إذا دخل أحدهم إلى بلدة بالخطأ تقوم أجهزة عباس بالبحث عنه وحمايته ثم تسليمه للعدو قبل أن تتلقفه حماس والجهاد فتقتلانه أو تساومان عليه؟

قد يقال هذا من التكتيك التفاوضي الحواري بمعنى أن كل طرف يريد أن يقنع الطرف الآخر بأنه قادر على الإضرار به فيعمل على رفع الأثمان التي يطلبها.. وأقول هنا: لقد فعلوا ذلك دائماً وبالتنسيق مع الاحتلال ما يؤكد أن القضية تتجاوز التكتيك والحوار، وأنه دور وظيفي يقومون به، وإذا كان هؤلاء يجيدون الضغط والتكتيك إلى هذا الحد وأنهم يريدون رفع أثمانهم فلماذا لا يجيدون ذلك ولا يرفعون أثمانهم في وجه الاحتلال الصهيوني الذي لا يردون له يداً ولا يرجعون له قولاً؟ ثم هل الحالة الفصائلية باتت تحتمل هكذا مناورات ومغامرات يمكن أن تنسف كل مساعي التفاهم والحوار؟ وأخيراً لماذا لا تفعل حماس مثل ما يفعلون على ما ينالها منهم ؟ وأقول أيضاً لا يجوز أن ننسى هنا فضيحة اتفاق ذياب العلي (قائد أمن عام جماعة رام الله) مع الضباط الصهاينة في مستوطنة بيت إيل قرب القدس المحتلة قبل شهر من الآن على نقل سرية من قواته في أريحا إلى الخليل لحرب حماس ولجم ردة فعلها على تمديد ولاية عباس، ولا يصح أن ننسى أن ذلك يأتي بعد أسبوع من إعلانهم عن إحباط عملية مقاومة داخل الكيان.. ولا أن نعزل ذلك عن حقيقة وصول الـ700 عنصر منهم فعلياً إلى منطقة الخليل.

ما يجري في الضفة الغربية من تصعيد ضد حماس هو استراتيجية إلا أنه في هذا الوقت بالذات لا يمكن فهمه وعزوه إلا إلى أمرين آخرين إضافة بالطبع للمقاصد العامة والدائمة؛ أولهما: تفجير الحوار في القاهرة حتى لا يتوصل لتفاهم وهنا تجب ملاحظة أنهم يصعّدون وتيرة العدوان لعل حماس تنسحب وتحمل نفسها مسؤولية هذا الانسحاب أو إن بقيت تبقى تحت وطأة التهديد والاستهداف حتى آخر لحظة ما يهيئ الأجواء لتفجير الحوار في أية لحظة ومع أي تصعيد نوعي آخر فالتيار الانقلابي إنما قبل الحوار ليخرج من حالة الحرج الإعلامي أمام الرأي العام ثم ليقوم بعد ذلك بوضع العراقيل في وجهه وإثارة قضايا تطيله وأسباب تعمقه ثم يصبح الخلاف هو الأصل ويصير حالة ثقافية مبررة ومنطقية وهذا بالضبط وبالتطابق هو مشروع الاحتلال قديماً وحديثاً.. أما ثانيهما: فهم يعتقدون أن بقاء قوة حماس وبالذات في الضفة سيجعلها في موفق تفاوضي أفضل وسيبقي لها قدرة مناورة مستقبلية وبالتالي فهم يهدفون إلى أضعاف المقاومة وإبقائها في أدني مستويات الوجود من خلال تكسير عظامها وإطالة أمد استهدافها وتصعيب معادلة وجودها والإساءة لسمعتها وهذا هدف أوسع وأعمق من مجرد تكتيك لسياسة أو لكسب حوار، وهنا يجب ألا نغفل أيديولوجية الاحتلال القائمة على عدم إعطاء أية إنجازات أو نجاحات للمقاومة وزعمه بأن المقاومة لا يمكن أن تجر على شعبها إلا الدمار والشر .. وهنا نرى بالضبط وعلى التعيين إلى أي مدي تنسجم بل تتطابق أهداف العدو مع تصريحات المدعو ذياب العلي والذي قال عن المقاومة إنها لم تجر على الشعب الفلسطيني إلا الشر والأذى وأنها صنعت منه شعباً إرهابياً متطرفاً.

آخر القول: لم تعد الخلافات بين حماس وبين هذا التيار المتسلط على القرار الرسمي الفلسطيني وعلى فتح والسلطة مسألة خلافات في الرأي ولا حتى في المصالح ولكنها صراعات بقاء وتدافعات وجود على نفس قاعدة التناقض مع الاحتلال وبالتالي فلا يطمع أن تؤدي هذه الحوارات إلى شيء ذي بال اللهم إلا المزيد من رسائل الفشل.. وذلك بقدر ما يوجب على حماس أن تواجههم وأن تصر على الحوار وأن تجلي مواقفها بقدر ما على كل فتحاوي وطني يحترم شعبه وقضيته أن يشعر بخطرهم وأن يعمل على محاصرة تيارهم.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات