الأحد 11/مايو/2025

العنصرية حين تُعربد

العنصرية حين تُعربد

صحيفة الخليج الإماراتية

حدث خطير طرأ قبل أيام: تقارير منسوبة إلى كبار القادة العسكريين “الإسرائيليين” تتحدث عن تغيير جذري في الاستراتيجية العسكرية “الإسرائيلية” تجاه لبنان: من نمط الحرب البرية الخاطفة التي قيل إن الجيش “الإسرائيلي” تبناها بعد حرب 2006، إلى العودة إلى تكرار نمط هذه الحرب الأخيرة والتي تركّز في الدرجة الأولى على سلاح الجو.

لماذا هو حدث خطير؟

سنجيب بعد قليل. قبل ذلك وقفة أمام ما يقوله القادة العسكريون حيال الخطة العسكرية الجديدة.

قائد القيادة العسكرية الشمالية الجنرال غادي أيسينكوت قال في مقابلة إن الجيش “الإسرائيلي” سيواصل منح الأولوية القصوى للقوة النارية، “حتى ولو اختلفت الأهداف التي سيتم اختيارها عن أهداف الحروب السابقة”.

هذه المسألة التي أثارها أيسينكوت ليست، كما تقول “هآرتس”، مجرد مسألة نظرية، إذ رغم أنه لا “إسرائيل” ولا حزب الله يبدوان مهتمين في هذه المرحلة بجولة جديدة من القتال، إلا أن الحرب واردة بالتأكيد. فهي يمكن أن تندلع نتيجة عملية ما لحزب الله للانتقام من اغتيال عماد مغنية مثلاً.

في المقابلة الصحافية عرض الجنرال ايسينكوت ما وصفه ب”مبدأ داهيا” الذي سيقوم بموجبه الجيش “الإسرائيلي” بتوسيع نطاق قوته التدميرية لتشمل مناطق خارج الضاحية الجنوبية من بيروت. قال: “سنستخدم قوة غير موازية ضد كل قرية تطلق منها النيران على “إسرائيل” وسنلحق أضراراً ودماراً فادحين. بالنسبة إلينا ستكون هذه القرى قواعد عسكرية. وما أتحدث عنه ليس اقتراحاً بل هو خطة أقرت بالفعل”.

هذا السيناريو هدفه القريب نشر دمار شامل يجبر أصحاب القرار في سوريا ولبنان على تذكره لسنوات عدة مقبلة. لكن هدفه الأبعد تعميق قوة الردع “الإسرائيلية”.

ويرى جنرال آخر هو غيورا إيلاند، الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي “الإسرائيلي”، أن حرب العام 2006 فشلت، ويحتمل أن تفشل الحرب التالية، لأن الدولة العبرية قاتلت العدو الخطأ: حزب الله، في حين أنها كان يجب أن تقاتل الدولة اللبنانية. لماذا؟ لأنه، برأيه، من المستحيل إلحاق الهزيمة بجيش حرب غوار فعال تدعمه دولة. ولأن حزب الله بنى معاقله تحت القرى في جنوب لبنان، فإن هذا سيصعب كثيراً قدرة الجيش “الإسرائيلي” على المناورة، هذا إضافة إلى أن شن الغارات على مواقع الصواريخ لن ينجح في تقليص عدد القذائف التي ستطلق على “إسرائيل”.

ويقترح الجنرال تمرير رسالة إلى الحكومة اللبنانية مفادها أن “إسرائيل” خلال الحرب المقبلة ستدمر كل الجيش اللبناني ومعه البنى التحتية المدنية.

هل اتضحت الصورة الآن؟ يفترض ذلك. وهي صورة ذات أبعاد ثلاثة:

الأول، أن الدولة العبرية وضعت خططاً لتدمير لبنان كوسيلة للضغط على حزب الله.

والثاني، أن الهدف الرئيس هذه المرة سيكون المدنيين بهدف التمهيد لحروب أهلية جديدة بين “اللاجئين” والمقيمين اللبنانيين في شتى المناطق.

والثالث، أن سلاح الجو سيكون مجدداً هو الأداة الرئيسة للحرب، مما سيخدم غرضين في آن: خفض الخسائر البشرية “الإسرائيلية” إلى الحد الأدنى، ورفع مستوى الدمار في لبنان إلى حدوده القصوى.

خطط مجنونة؟

ربما. لكنها حقيقية وتعكس طبيعة المجتمعين المدني والعسكري في “إسرائيل” والتي تتسم حقاً بدرجة غير مسبوقة من جنون التطرف وعربدة العنصرية.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات