عكا المحتلة .. ثورة في وجه اعتداءات الصهاينة تستحضر تاريخاً حافلاً في مواجهة الغ

دق فلسطينيو عكا داخل الأراضي المحتلة منذ عام 1948، جرس الإنذار بانتفاضة شعبية عارمة في وجه العنصرية الصهيونية واعتداءات المتطرفين اليهود، التي تحاول استكمال مخططات التهجير والتهويد التي بدأت منذ ستين عاماً.
وأعادت الاعتداءات التي شنها المتطرفون من اليهود الصهاينة خلال الأيام الماضية، على فلسطينيي عكا، إلى الأذهان السياسة العنصرية التي تتعامل بها قوات الاحتلال مع العرب، الذين بقوا في أراضيهم ومنازلهم والتي اغتصبتها سلطات الاحتلال وتعاملت معهم كمواطنين من الدرجة العاشرة.
شرارة الاعتداءات
شرارة الاشتباكات، الأخيرة انطلقت الأربعاء الماضي (8/10) عند تعرض شاب فلسطيني للاعتداء بحجة قيادته سيارته في ما يسمى “يوم الغفران” اليهودي الذي تُشل فيه الحياة تماماً داخل الكيان.
وسرعان ما تحول الاعتداء إلى صدامات بين المئات من العرب واليهود، عندما تدخل العرب للدفاع عن سائق السيارة، وإنقاذه من براثن المتطرفين الذين حاولوا الفتك به.
وبدا أن تطورات الأحداث، وازدياد حالة الاحتقان الشعبي في صفوف الفلسطينيين نتيجة سياسة التفرقة العنصرية، والاعتداءات المتكررة تنذر باحتمال أن تؤدي أحداث عكا إلى انفجار على شكل هبة شعبية كالتي وقعت عام 2000 إبان انتفاضة الأقصى، وهي مخاوف تلقى مشروعيتها من الأوضاع المزرية للسكان العرب في المدينة.
ويقطن المدينة 50 ألف نسمة، ثلثهم من العرب الذين يعيشون في الأحياء الفقيرة، فيما تحظى الأحياء اليهودية بأعلى مستوى من الخدمات والعناية. كما تنشط في المدينة منذ سنوات حركات يمينية استيطانية تحرض ضد العرب وترفع شعار تهويد المدينة.
اعتداءات عديدة
وأكد الشيخ محمد الماضي مسؤول الحركة الإسلامية في عكا أن “ثمة اعتداءات عديدة متواصلة مازالت حتى الآن في منطقة البستان بالمنطقة الشمالية كما تم حصول اعتداءات على عائلات عربية عديدة حيث صرخوا مستنجدين أن يُستغاثوا من قبل ملبي هذه النداءات التي صُرخت في صدى عكا”.
وذكر أن هناك محاولة اقتحام متكررة للأحياء العربية من قِبل أكثر من 4 آلاف متطرفا يهودياً”.
وتركزت الاعتداءات في الحي الشرقي من المدينة والذي يعرف عربيا بحي المنشية، والذي تستوطنه غالبيه يهودية، باستثناء عدد قليل من العائلات العربية، قبل أن تمتد لمناطق أخرى.
وأكدت الحركة الإسلامية في بيان لها أن هذه الاعتداءات لن تفت في عزيمة العرب ولن تدفعهم للرحيل.
تصريحات عنصرية
وتعالت في موجة اعتداءات المتطرفين تحت سمع وبصر، وبمشاركة الشرطة الصهيونية، التصريحات العنصرية التي حاولت قلب الحقائق والتحريض على العرب.
فممن جانبه اعتبر المتطرف أفيغدور ليبرمان رئيس حزب “يسرائيل بيتينو” اليميني، موجة العنصرية والاعتداءات على عرب عكا “ملاحقة ضد اليهود” وقال إن “ملاحقة اليهود في عكا تعني بداية انتفاضة في قبل الدولة”. واعتبر أن “المشكلة أن هؤلاء الذين لم ينجحوا في مواجهة أحداث أكتوبر عام 2000 يغمضون أعينهم الآن ويخبئون رؤوسهم في الرمل، ولا يدركون أن مشكلة عرب إسرائيل تأتي قبل مشكلة الفلسطينيين”، على حد تعبيره.
أما عضو الكنيست من “المفدال – الاتحاد القومي”، أرييه إلداد فاعتبر بأنه يتعين على اليهود «حمل السلاح إذا لم تعالج الشرطة الأحداث في عكا”.
استحضار التاريخ
ويستحضر المتابعون لأحداث عكا تاريخ المدينة التي شهدت كل الغزاة الذين غزوا فلسطين، وقاومتهم على مدى العصور منذ الفراعنة ففي 24/9/1918 احتلها الإنجليز بعد انتصارهم في الحرب العالمية الأولى، وقد شاركت عكا في كل الانتفاضات والمظاهرات والمؤتمرات والثورات الفلسطينية ضد الإنجليز واليهود منذ عشرينات هذا القرن.
وتقع المدينة على ساحل البحر المتوسط غربي منطقة الجليل، وهي من أقدم مدن فلسطين التاريخية، وتقع المدينة على بعد 173 كيلومترا تقريباً شمالي غربي القدس.
وخضعت المدينة للاحتلال الصهيوني بتاريخ 18/5/1948م بعد قتال دامٍ دار في كل شارع وبيت ضد المنظمات الصهيونية المسلحة التي تملك أحدث آلات الحرب من المصفحات والمدافع والزوارق الحربية. وأدى ذلك إلى تشريد بعض أهالي عكا.
وتبلغ مساحة مدينة عكا (1538) دونماً. من أبرز أبنائها المرحوم أحمد الشقيري مؤسس وأول رئيس لمنظمة التحرير الفلسطينية عام 1964م، والشهيد غسان كنفاني أحد أبرز فرسان السيف والقلم الذي إغتالته أيدي الإرهاب الصهيوني في بيروت بتاريخ 8/7/1972م.
ولا ينسى التاريخ تحطم أحلام نابليون في الاستيلاء على الشرق تحت أسوار عكا الحصينة.
وتعد مدينة عكا مركز القضاء الذي يحمل اسمها والذي يقع إلى الشمال الغربي من فلسطين ويحده من الشمال الحدود اللبنانية، ومن الشرق قضاء صفد وطبريا، ومن الغرب البحر المتوسط ومن الجنوب قضاء الناصرة.
ويضم القضاء بالإضافة إلى مدينة عكا التي تقع على الطرف الشمالي من خليج عكا حوالي 52 قرية و8 عشائر بدوية.
حركات اغتصابية
وتنشط في عكا منذ سنوات حركات صهيونية يمينية اغتصابية تحرض ضد العرب، وبدأت الحركات الاستيطانية تتغلغل في مدينة عكا وترفع شعار إخلاء عكا من العرب، وهؤلاء شحنوا الأجواء في عكا بعد أن بات عرب عكا يواجهون خطرا محدقا يستهدف وجودهم وهويتهم، على خلفية سياسة إقصاء وتضييق من قبل السلطة.
التهويد يحاصر عكا
ويؤكد الباحث الفلسطيني إياد البرغوثي في دراسة له بعنون “التهويد يحاصر عكا” أن المؤسسات الصهيونية تسعى إلى تهويد المكان والثقافة والتاريخ في عكا من خلال مخططات إسكان ومشاريع تطوير على حساب الوجود العربي في المدينة وعلى حساب سكانها الأصليين.
ويتميز سيناريو التهويد في المدن التاريخية والقديمة بديناميكية مختلفة عن التهويد في أماكن أخرى في الجليل والنقب، والصراع فيها أكثر تعقيداً وذو بعد تاريخي واقتصادي بالغ الأهمية.
وتقوم سياسة التهويد على “تضييق الخناق على السكان العرب وحرمانهم من الخدمات وتهميشهم وتجاهل الإجرام فيها لدفعهم لترك الأحياء القديمة طوعاً، إضافة لذلك تعمد قوات الاحتلال إلى نزع الهوية العربية الفلسطينية عن المدينة وتزييف تاريخها وطمسه والهدم المنهجي للعمارة الفلسطينية وعبرنة أسماء الشوارع”.
كما تعمل على امتلاك البيوت والعقارات من خلال المؤسسات والشركات الحكومية، ضمن سنّ قوانين على مقاس المخططات تصعّب التوريث وتسهّل السيطرة على الأوقاف الإسلامية خصوصًا و”تأجيرها”، وتيسير شراء الأملاك من قبل مؤسسات ورؤوس أموال صهيونية عالمية أو محلية.
وجود عربي متميز
ويؤكد البرغوثي أن الوجود العربي في مدينة عكا، يتميز عن باقي المدن الفلسطينية التاريخية في الداخل، بكونه لا يزال يسكن كلّ بيوت البلدة القديمة والمتكاملة بمعالمها الأثرية والدينية والتراثية المحافظ عليها بشدّة، ولا تشاركها بهذا التميّز سوى مدينة الناصرة.
وأشار إلى أن هذا الوقع لا يريح الاحتلال والحركة الصهيونية العالمية، والأسباب لذلك كثيرة، وتسعى في السنوات الأخيرة إلى تحديث مخطط التهويد وتوسيعه وتصعيد خطواته بكلّ الآليات الممكنة.
وأكد البرغوثي أن بقاء العرب في عكا وتشبّثهم فيها حتى الآن إنجازاً وطنياً وتاريخياً كما هو فشل جزئي للمخططات القديمة والجديدة بإخلائهم منها وتحويلها إلى مدينة سياحية خالية من سكانها الأصليين، ما أنجز يمكن أن يستمر وينهض كما أن ما فشل في السابق يمكنه أن ينجح اليوم وغداً.
صمت عباس وتحذيرات حماس والجهاد
وفيما تعالى صوت حركة “حماس” والحكومة الفلسطينية في غزة وحركة الجهاد الإسلامي ضد هذه الاعتداءات مطالبين بتدخل عاجل لحماية الفلسطينيين ووقف الإجراءات الصهيونية العنصرية، التزمت سلطة عباس الصمت إزاء هذه الاعتداءات؛ فقد عبرت الحكومة الفلسطينية برئاسة إسماعيل هنية عن إدانتها واستنكارها للاعتداءات الصهيونية على الفلسطينيين في مدينة عكا (فلسطين 48) “والتي تؤكد على العنصرية الصهيونية وسيطرة الفكر المتطرف في الكيان الغاصب”. واعتبر طاهر النونو المتحدث باسم الحكومة في تصريح له: “(الاعتداءات) تكريس لسياسة الترانسفير التي قامت بها العصابات الصهيونية في العام 1948 وما بعدها في طرد المواطنين العرب من بيوتهم ومدنهم وقراهم”.
من جانبها أكدت حركة “حماس” تضامنها ووقوفها إلى جانب الأهل في الأراضي المحتلة، وحذر فوزي برهوم المتحدث باسم الحركة في تصريح له اليوم السبت من وجود “مخطط صهيوني خطير يهدف إلى تهجير أهلنا من بيوتهم وأرضهم وطردهم منها بالقوة تمهيداً لقيام دولتهم اليهودية العنصرية المتطرفة على أنقاض شعبنا الفلسطيني وحقوقه وثوابته”.
بدورها؛ دعت حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين إلى “هبة جماهيرية لمساندة فلسطيني عكا والفلسطينيين داخل الأراضي المحتلة منذ عام 1948 الذين يتعرضون لعنصرية وهمجية الاحتلال وقطعان المستوطنين”.
وبرأيي المراقبين؛ فإن هذا الصمت من سلطة عباس لم يكن مستغرباً في ضوء حقيقة أن ما يجري من اعتداءات هو من ثمار مؤتمر أنابوليس الذي حاول تشريع أن فلسطين المحتلة هي وطن قومي لليهود.
وتبقى أحداث عكا وتاريخها في مواجهة الغزاة حاضراً بقوة هذه الأيام ليبقى التساؤل هل تتطور هذه الأحداث وتعيد عكا مجدها في وجه الغزاة!
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

24 شهيدًا وعشرات الجرحى والمفقودين بقصف محيط المستشفى الأوروبي بخانيونس
غزة- المركز الفلسطيني للإعلام اسشتهد 24 فلسطينياً وأصيب عدد كبير بجراح مختلفة فيما فُقد عدد من المواطنين تحت الركام، إثر استهداف إسرائيلي بأحزمة...

المبادر المتخابر في قبضة أمن المقاومة والحارس تكشف تفاصيل
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام كشفت مصادر أمنية اعترافات عميل تخابر مع الاحتلال الإسرائيلي تحت غطاء "مبادر مجتمعي"، لجمع معلومات حول المقاومة...

حماس: قرار الاحتلال بشأن أراضي الضفة خطوة خطيرة ضمن مشروع التهجير
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام اعتبرت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، إنّ قرار الاحتلال الإسرائيلي إعادة تفعيل ما يُسمّى “عملية تسجيل ملكية الأراضي...

علماء فلسطين: محاولة ذبح قربان في الأقصى انتهاك خطير لقدسية المسجد
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام اعتبرت "هيئة علماء فلسطين"، محاولة مستوطنين إسرائيليين، أمس الاثنين، "ذبح قربان" في المسجد الأقصى بمدينة القدس...

حماس: إعدام السلطة لمسن فلسطيني انحدار خطير وتماه مع الاحتلال
جنين – المركز الفلسطيني للإعلام أدانت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، الجريمة التي ارتكبتها أجهزة أمن السلطة في مدينة جنين، والتي أسفرت عن استشهاد...

تعزيزًا للاستيطان.. قانون إسرائيلي يتيح شراء أراضٍ بالضفة
القدس المحتلة - المركز الفلسطيني للإعلام تناقش سلطات الاحتلال الإسرائيلي في "الكنيست"، اليوم الثلاثاء، مشروع قانون يهدف إلى السماح للمستوطنين بشراء...

أطباء بلا حدود: إسرائيل تحول غزة مقبرة للفلسطينيين ومن يحاول مساعدتهم
المركز الفلسطيني للإعلام حذّرت منظمة أطباء بلا حدود من تحوّل قطاع غزة إلى مقبرة جماعية للفلسطينيين ولمن يحاول تقديم المساعدة لهم. وقالت المنظمة في...