من المجلس الوطني إلى مؤتمر فتح السادس

صحيفة الوطن القطرية
باتت الوقائع على الأرض تؤشر بوضوح إلى الصعوبات الكبيرة التي تعتري عقد دورة جديدة للمجلس الوطني الفلسطيني في ظل غياب التوافق الوطني الفلسطيني وسيطرة الانقسام على الساحة الفلسطينية. خصوصاً وأن اجتماعات اللجنة التحضيرية للمجلس الوطني التي عقدت مؤخراً في جلستين اثنتين، إحداهما في عمان والثانية في رام الله، والتي شارك بها مستقلون إضافة إلى ممثلي (فتح، الشعبية، مجموعة جبهة النضال التابعة لسمير غوشة، جناح جبهة التحرير الفلسطينية بقيادة واصل أبو يوسف، الجبهة العربية بقيادة جميل شحادة، جبهة التحرير العربية، حزب الشعب، حزب فدا)، لم تفلح في شق طريقها بالاتفاق على دعوة المجلس الوطني للاجتماع، بسبب من تحفظ الجبهة الشعبية، ومطالبة باقي القوى كجبهة التحرير العربية وجبهة التحرير الفلسطينية بالتريث.
ومع انسداد الطريق أمام إمكانية التئام أعمال المجلس الوطني، فإن جهوداً جديدة يتم بذلها من قبل مواقع السلطة الفلسطينية وحركة فتح لترتيب عقد اجتماع كامل للمجلس المركزي، وهو الهيئة الوسيطة بين اللجنة التنفيذية للمنظمة والمجلس الوطني (البرلمان)، وعندما يصعب تمرير استحقاقات جديدة تحت عباءة المجلس الوطني، فالمجلس المركزي كاللجنة التنفيذية للمنظمة يتم استحضاره وقت الطلب، وذلك لتحقيق جملة من الأغراض دفعة واحدة، منها إعطاء (كرت بلانش) وتفويض سياسي جديد لمواقع السلطة، واتخاذ قرار حل المجلس التشريعي المنتخب في دورته الثانية التي جرت في 25/1/2006 والدعوة لانتخابات تشريعية جديدة في الضفة الغربية والقدس والقطاع، وهي مسألة على غاية الخطورة باعتبارها خطوة تفجيرية جديدة في البيت الفلسطيني، تكرس /الانقسام /التام السياسي والجغرافي.
وبالطبع فإن الخطوة المشار إليها مقبولة جداً من الناحية الإسرائيلية بل وهي مطلب أميركي صرف، فضلاً عن إضافة (11 عضواً) جديداً من لون واحد بدلاً من المتوفين، وانتخاب نائب من الداخل لرئيس المجلس الوطني الفلسطيني (تنص اللائحة الداخلية للمجلس على أن يكون للرئيس نائبان، توفي أحدهما وهو الأب إبراهيم عياد في الداخل، وبقي واحد هو تيسير قبعة)، وأميناً للسر بدلاً عن محمد صبيح (عين أميناً عاماً مساعداً للأمين العام للجامعة للعربية في القاهرة)، كما في انتخاب أربعة أعضاء جدد في اللجنة التنفيذية يحلون بدل المتوفين الأربعة وهم المرحومون ياسر عرفات، ياسر عمرو، فيصل الحسيني، وأميل جرجوعي.
ومع هذا، مازالت دعوة المجلس المركزي للانعقاد، تصطدم بدورها بممانعة العديد من القوى والشخصيات المؤثرة بمن فيهم ذلك رئيس المجلس الوطني سليم الزعنون (أبو الأديب) الذي رفض دعوة انعقاد المجلس المركزي، ودافع فيهما عن عدم قانونية الدعوة، وخاض معركة كلامية قاسية في الاجتماع الأخير للجنة التنفيذية للمنظمة قبل أيام خلت في رام الله، حيث غادر الاجتماع غاضباً، ليلحق به الرئيس محمود عباس «القائد العام» لحركة «فتح» ويسترضيه ويعيده إلى الاجتماع، فكرس الزعنون نفسه بموقفه كحارس وكحام للنظام الأساسي لعمل المنظمة ومؤسساتها.
وكرئيس للمجلس الوطني (البرلمان) يدرك سليم الزعنون تماماً الهدف من دعوة المجلس المركزي للاجتماع، وما الذي يراد منه، حيث يرى في هذه الطلبات مخالفة صريحة للائحة الداخلية للمجلس الوطني، فضلاً عن محاذيرها السياسية، متمثلة في خشيته من أنه في حالة انتخاب نائب له من الداخل، وأمين للسر، وإضافة 11 عضواً جديداً من الداخل بدلاً عن المتوفين، وإضافة أربعة أعضاء إلى اللجنة التنفيذية أيضاً من الداخل، فإنه يصبح بالإمكان عقد المجلس المركزي في أي وقت في الداخل، بموافقته وبدونها، واتخاذ ما يشاءه تيار التسوية من قرارات وإجراءات تنظيمية وسياسية دون حسيب أو رقيب..!
من جانب آخر، مازالت الحراكات السياسية والتنظيمية، وعملية توالد الاصطفافات تحفر وقائعها داخل مواقع حركة فتح والسلطة الفلسطينية، وذلك بالتزامن مع المساعي التي تبذلها اللجنة التحضيرية للإعداد لأعمال المؤتمر العام السادس لحركة فتح، وهي مساع مازالت تسير على طريق غير سلس على الإطلاق، بل وعلى طريق صعب، جاءت وعورته نتاجاً للأحداث المتراكمة الداخلية في بنية حركة فتح منذ مؤتمرها العام الخامس الذي عقد قبل (19) عاماً في العاصمة التونسية، مضافاً إليها التحولات التي تتابعت فصولاً في الساحة الفلسطينية، مع دخول التسوية والمفاوضات السرية التي تلت أنابوليس بين تسيبي ليفني وأحمد قريع في أنفاق مجهولة في وقت ارتفعت فيه عطاءات التوسع التهويدي الاستعماري الاجلائي الصهيوني في منطقة القدس بشكل خاص.
فالتحولات إياها، لم تسعف حركة فتح في حث الخطى من أجل تجاوز الأوضاع السلبية التي تعيشها في حياتها التنظيمية الداخلية التي بدأت تغلي وترتفع في مختلف المفاصل التنظيمية لفتح في الداخل والخارج، وبعد تواتر المعلومات التي لم تتوقف في إشارات واضحة تدل على استمرار التباينات الداخلية في جانبها السياسي المتعلق بتقييم مرحلة ما قبل وما بعد أنابوليس، فضلاً عن المسائل الداخلية المتعلقة بالجسم الفتحاوي في ظل حالة الترهل المؤسساتي، وانفلاش الأوضاع وفق ما يعرف باسم “تعدد المرجعيات والمنابر” وسيطرة تيارات وأجنحة معينة على موقع القرار التنفيذي على الأرض، وتوالي عملية تهميش حضور وتأثير البنية القاعدية الفتحاوية في صياغة الموقف والقرار.
وما زاد من تعقد حالة الأوضاع الفتحاوية الداخلية الصعبة، توالد حالات من أشكال الاحتراب الداخلي غير المسؤول بين عدد من المفاصل القيادية التنظيمية والعسكرية والأمنية، وانقطاع اللجنة المركزية عن إتمام اجتماعات عملها النظامية بحضور النصاب الحقيقي، واقتصارها على الحضور فقط، وبغياب فاق في غالبية اجتماعاتها أكثر من الثلثين، فباتت اللجنة المركزية معطلة تماماً، وغائباً كبيراً عن تقرير مصير العمل والبرنامج الفتحاوي.
كما ولا يخفى على أحد حالة التنافر السلبية الحادة بين الرئيس محمود عباس والسيد فاروق القدومي الذي يعتبر نفسه بمثابة آخر المرجعيات التاريخية لحركة فتح.
وفي هذا السياق فهناك حالة من اللامبالاة من قبل بعض أعضاء اللجنة المركزية لحركة فتح، في تجاهلها مطالب الكوادر والوسطى والقاعدية للحركة التي تطالب بعقد المؤتمر العام، وانتخاب الهيئات القيادية المفصلية ورفدها بالدماء الشابة التي برزت في سياق الانتفاضتين.
وعليه وأمام استعصاءات عقد المؤتمر العام، وهي استعصاءات مازالت قائمة على الأرض بغض النظر عن المؤتمرات الفرعية التي عقدت في بعض مدن الضفة الغربية، فان البعض من قيادات الحركة وأعضاء اللجنة المركزية بدأ في الحديث عن حلول ترقيعية تقتضي بعقد كونفرنس بديلاً عن المؤتمر العام.
ويمكن القول إن الحل المتمثل في استبدال عقد المؤتمر العام الموسع لحركة فتح، الذي لم ينعقد منذ العام 1989، بعقد «كونفرنس» مصغر يشارك فيه ما بين 400 ـ 500 عضو، يبدو أمراً غير مقبول على الأرجح قبل غالبية أعضاء اللجنة التحضيرية التي تم تشكيلها منذ زمن طويل (قبل حوالي أربع سنوات) للإعداد لأعمال المؤتمر.
كما في رفض مبدأ تعيين ما بين 5 ـ 6 أعضاء جدد للجنة المركزية لحركة فتح، وانطلاقاً من المعطى الأخير والمتعلق برفض غالبية أعضاء اللجنة التحضيرية وعلى رأسهم محمد راتب غنيم (أبو ماهر) لمبدأ الاستعاضة عن المؤتمر العام بكونفرنس مصغر، فقد أقرت اللجنة التحضيرية للمؤتمر العام السادس لحركة «فتح» في اجتماعها الأخير في العاصمة الأردنية، حلاً وسطاً ترقيعياً مازال رجراجاً ولا يضمن إمكانية السير نحو التئام أعمال المؤتمر العام، ويتضمن شروط ومواصفات العضوية في المؤتمر على نحو يغلّب التعيين على الانتخاب، ويضمن تثبيت الأعضاء الحاليين في اللجنة المركزية والمجلس الثوري للحركة، وتمثيل العسكر بما لا يزيد على 51% من أعضاء المؤتمر، وذلك بعد أن كان الرئيس محمود عباس يصر على ألا يزيد تمثيلهم على 15% فقط، وعلى أن يتم ثبيت الرئيس عباس قائداً عاماً، واللواء نصر يوسف (مصطفى البشتاوي) نائباً له، وهو الموقع الذي سبق أن كان يشغله الشهيد خليل الوزير، ولم يخلفه فيه أحد منذ استشهاده في ابريل سنة 1986.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

أطباء بلا حدود: إسرائيل تحول غزة مقبرة للفلسطينيين ومن يحاول مساعدتهم
المركز الفلسطيني للإعلام حذّرت منظمة أطباء بلا حدود من تحوّل قطاع غزة إلى مقبرة جماعية للفلسطينيين ولمن يحاول تقديم المساعدة لهم. وقالت المنظمة في...

الثاني خلال ساعات .. أمن السلطة يقتل مسنًّا في جنين
جنين - المركز الفلسطيني للإعلامقتلت أجهزة أمن السلطة -اليوم الثلاثاء - مسنًّا، وأصابت آخرين بإطلاق نار مباشر في الحي الشرقي بمدينة جنين، بعد ساعات...

حماس تحذر من تداعيات سلوك أمن السلطة على النسيج المجتمع
رام الله - المركز الفلسطيني للإعلام حذرت حركة حماس من تداعيات سلوكيات أجهزة أمن السلطة وتأثيرها على النسيج الوطني والمجتمعي، حيث قتل شاب برصاص...

حماس: قرار برلمان بروكسل تمكين للعدالة الدولية
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أشادت حركة حماس بقرار برلمان بروكسل مطالب الحكومة الفيدرالية بتنفيذ مذكرات التوقيف الصادرة عن المحكمة الجنائية...

القسام يشتبك مع قوة صهيونية ويجهز على سائق آلية عسكرية شرقي غزة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، اليوم الثلاثاء، الاشتباك مع قوة هندسة صهيونية، والإجهاز على سائق آلية...

470 ألف فلسطيني بغزة قد يواجهون جوعاً كارثياً من المرحلة الخامسة حتى سبتمبر
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام رجح تقرير التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي إن يواجه 470 ألف شخص في قطاع غزة، جوعاً كارثياً (المرحلة الخامسة...

شهيد بقصف مسيّرة إسرائيليّة دراجة نارية في جنوب لبنان
بيروت - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد شخص، اليوم الثلاثاء، إثر قصف من مسيّرة إسرائيليّة على بلدة حولا جنوبيّ لبنان، في استمرار للخروقات...