الإثنين 12/مايو/2025

تحليل صهيوني حول آخر تطورات الفساد في الكيان

تحليل صهيوني حول آخر تطورات الفساد في الكيان

شهدت الساحة الداخلية الإسرائيلية تطورات جديدة فيما يتعلق بقضية التحقيق مع رئيس الوزراء الحالي أيهود أولمرت، حيث بات أمر تقديم لائحة اتهام ضده مسألة وقت وبالتالي فان احتمالية استقالته باتت مرجحة حتى قبل موعد إجراء الانتخابات الداخلية في حزب كاديما المقررة الأسبوع المقبل.

وفي المقابل بدأ المرشحون الأربعة لرئاسة كاديما يبلورون مواقفهم أكثر تمهيدا لاستلام منصب رئيس كاديما ،وتركت توصية الشرطة الإسرائيلية التي قدمت للنيابة العامة بتقديم لائحة اتهام ضد أولمرت أصداء وردود فعل على المستوى السياسي والإعلامي.

فقد أعلنت قيادة شعبة التحقيقات والمباحث في الشرطة الإسرائيلية أنها قررت في ختام مداولات مطولة لتقويم ملفات التحقيق ضد أولمرت، التوصية أمام النيابة العامة بتقديم لائحة اتهام ضد رئيس حكومة إسرائيل بتهم خطيرة للغاية، في قضيتي “المغلفات المالية” و”الفواتير المزدوجة”، والمعروفة أيضا بقضية “ريشون تورز”.

فيما أرجأت القرار بالتوصية بخصوص القضية الثالثة، وهي “مركز الاستثمارات” التابع لوزارة الصناعة والتجارة والتشغيل ومتابعة التحقيق فيها وربما إجراء استجواب آخر مع أولمرت حولها.

وأوصت الشرطة في قضية “المغلفات المالية” بتوجيه تهم لأولمرت تتعلق بحصوله على رشاوى مالية من المليونير الأميركي اليهودي، موريس تالانسكي، والخداع وخيانة الأمانة وتبييض أموال.

وأوضحت الشرطة في بيان أن تالانسكي حوّل لأولمرت أموالا كثيرة بصورة تتنافى مع القانون، على الأقل منذ العام 1997، وفي المقابل عمل أولمرت، في إطار مناصب عامة تولاها، على دفع مصالح تالانسكي التجارية. وأوصت في قضية “الفواتير المزدوجة” (أو “ريشون تورز”)، باتهامه بالحصول على امتيازات بالغش والخداع وخيانة الأمانة.

وقالت الشرطة في توصيتها إنه بين السنوات 2002 وحتى 2006، أي حتى بعد توليه منصب رئاسة الحكومة، جبى أولمرت تمويلا فائضا وأحيانا مضاعفا من جهات ومؤسسات عامة لتمويل سفراته إلى خارج البلاد، واستخدام هذا التمويل لتمويل سفرات للخارج له ولأفراد عائلته .

وأوصت الشرطة أيضا بتوجيه لائحة اتهام لمديرة مكتب أولمرت، شولا زاكين، تشمل تهما تتعلق بالمساعدة في ارتكاب مخالفات تلقي الرشوة والغش. وأعلنت الشرطة أنها توصي أيضا بتوجيه لائحة اتهام ضد صديق أولمرت وشريكه السابق في مكتب محاماة، أوري ميسر، وهو أحد الشهود في قضية “المغلفات المالية” وله علاقة في قضية “مركز الاستثمارات “.

وهاجم محامو أولمرت قرار الشرطة وقالوا إن “توصيات الشرطة ليس لها أي معنى. كان يستحسن أن تمتنع الشرطة عن التعبير عن رأيها في أمور لا تقع ضمن صلاحياتها وليست في مجال خبرتها”. وأضافوا أن “المستشار القضائي للحكومة هو الوحيد المخول وهم من يتحمل المسؤولية في هذه الحالة.

سننتظر قرار المستشار القضائي، والذي نعتقد أنه بخلاف الشرطة، أنه مدرك جيدا لثقل المسؤولية الملقاة على عاتقه”. وأشار المحامون إلى أن “الشرطة أوصت ثلاث مرات في السابق بتقديم لائحة اتهام ضد رئيس حكومي أثناء ولايته ولم يأخذ المستشار القضائي بتوصياتها في أي من الحالات الثلاث”.

وأوضحت مصادر في الشرطة أن المستشار القضائي للحكومة ميني مزوز، والنيابة العامة، سيبلورون قرارهم النهائي حول لائحة الاتهام في غضون أسبوعين من تسلم ملفات التحقيق .

من جانبهم، استرسل كبار المحللين السياسيين من خلال مقالاتهم في مهاجمة أولمرت وتحليل أهمية توصية الشرطة، غير أنهم ابتعدوا كليا، تقريبا، عن تحليل أبعاد وتأثير هذه القضية وفي أعقابها غياب أولمرت عن الساحة السياسية، بعد شهور قليلة، على العملية السياسية، مع الفلسطينيين وسورية، وعلى التهدئة في قطاع غزة، وحتى على التعامل مع البرنامج النووي الإيراني.

واكتفى محلل الشؤون الحزبية في صحيفة هآرتس، يوسي فيرطر، بإعطاء ملاحظة مفادها أنه في ظل الوضع الناشئ في إسرائيل “ينبغي علينا أن نصلي ألا تقف إسرائيل أمام امتحان أمني، ما دام أيهود أولمرت وايهود باراك يديران معا شؤون الدولة”.

ووصف فيرطر أولمرت بأنه أصبح “حصانا ميتا” من الناحية السياسية، “وهو يركل هنا وهناك، ركلة خفيفة، لكن بات واضحا أن الصراع على تطهير اسمه سيجريه كمواطن”، أي بعد استقالته .

كذلك أشار المحلل السياسي في صحيفة معاريف، بن كسبيت، إلى أن “طريقة الحكم المتبعة هنا (في إسرائيل) هي هدامة ومستحيلة ولا تسمح بإدارة السلطة واتخاذ قرارات وإعداد مخططات لأمد طويل. إن طريقة الحكم تُحول كل شيء إلى شخصي. كل شيء مشروط. عليك أن تَعدّ يديك من جديد كل صباح وإفساد طريقك حتى نهاية اليوم. لا أحد مستعد لأن يقبل بأن ينجح الآخر بشيء ما.

باراك لن يسمح لأولمرت بصنع سلام مع السوريين، لأنه يريد أن يصنع ذلك بنفسه. الجميع يجرون حساباتهم الشخصية. توجد دولة هنا، لكن وفقا لطريقة الحكم الموجودة فإن الدولة في المكان الأخير. وليحيا البرايمريز” أي الانتخابات الداخلية في الأحزاب .

·         حالات الارتشاء

من جهة أخرى اعتبر كبير المحللين السياسيين في صحيفة يديعوت أحرونوت، ناحوم برنياع، أن ثمة إشكالية في العملية المسماة “توصية الشرطة”. ورأى أنها تأتي فقط لتغطية ظهر الشرطة عموما والمحققين خصوصا. وكتب أنه “فيها الكثير من العلاقات العامة وصفر من المسؤولية”.

ومضى برنياع، الذي اعترف في مقابلة أجرتها معه هآرتس قبل أسابيع قليلة بأنه “تورط بمحبته لأولمرت”، في التقليل من أهمية توصية الشرطة. وكتب أنه “عندما يبحث المدعي العام، المستشار القانون للحكومة ومساعديهما في تقديم لائحة اتهام، فإنهم سيدققون في كل مواد التحقيق. والورقة الوحيدة التي بإمكانهم السماح لأنفسهم بالتغاضي عنها هي الورقة المسماة “توصية الشرطة”.

وخفف برنياع أيضا من أهمية بند “الارتشاء” المنسوب لأولمرت في توصية الشرطة. وكتب أنه “من الناحية الفعلية فإن الحديث يدور عن ثلاث رسائل توصية مؤدبة كتبها أولمرت، ثلاث من بين مئات أو آلاف التي كتبها في حياته. وإذا كان هذا هو المقابل الذي منحه أولمرت مقابل مئات آلاف الدولارات التي تم الادعاء بأن تالانسكي دفعها له، فإنه بالإمكان اتهام أولمرت بالبخل وإنكار الجميل، لكن الارتشاء؟ فكل من كتب رسالة توصية في حياته يعرف مدى المبالغة الكامنة في هذا الاتهام”.

واستطرد برنياع أن “محققي الشرطة يتسلقون إلى الأعالي ليس لأن لديهم مؤامرة ضد أحد. فهم مثل كثيرين غيرهم، جوعى للعناوين (في الإعلام). وقد أشبعوا جوعهم هذا، وحتى أنه ما زال بحوزتهم طعام للأيام المقبلة “. 

لكن محللة الشؤون الحزبية في يديعوت أحرونوت، سيما كدمون، رأت الأمور خلافا لزميلها برنياع. وكتبت أنه “يبدو أنه لم يسبق أبدا أن كانت الشرطة والنيابة العامة منسقتان خطواتهما ومتركزتان على الهدف مثل هذه المرة.

وبكلمات أخرى، فإن احتمال أن يخرج أولمرت من هذه التوصية مع تقرير عام فحسب هو احتمال ضئيل. فهذا لن يحدث فيما المستشار القانوني للحكومة والمدعي العام وضعا في هذا الملف كل هيبتهم المهنية… ويجب أن يحدث المستحيل لكي تعلن النيابة عن أنها ترفض التوصية، وذلك على الأقل لسبب بسيط وهو أن إعلانا كهذا معناه أن كل ما فعلوه كان خاطئا وأنهم تسببوا بخطئهم بالإطاحة برئيس حكومة”.

وقالت كدمون إن “أولمرت لن يسامح باراك أبدا” لأن الأخير وضع إنذارا أمام حزب كديما بانتخاب رئيس جديد للحزب بدلا من أولمرت أو الذهاب إلى انتخابات مبكرة. وخلصت الكاتبة إلى أن “عزاء أولمرت هو أنه ليس الوحيد النادم اليوم. فهناك شخص آخر ينبغي عليه أن يندم، وهو أيهود باراك، الذي أنقذ إنذاره كديما ودمّر حزبه “.

ورأى المحلل في هآرتس، أمير أورن، إنه “من الناحية القانونية لم يتغير وضع أولمرت سوى قليلا. فقد تحول من مشتبه به في التحقيق إلى مشتبه به مع توصية شرطة بانتهاء التحقيق، وهو ما زال ليس متهما.

لكن من الناحية العامة، فإنه يحظر على أولمرت البقاء في منصبه ولو دقيقة واحدة أخرى. فرئيس حكومة، أقر بيان رسمي للشرطة أنه خدع مؤسسات مثل يد فشم (أي متحف المحرقة) وأكيم (أي المؤسسة التي تعنى بشؤون المعاقين) واللجنة من أجل الجندي عليه أن يتنحى مَخزيا والتقوقع في ركنه “.

وعلى خلفية احتمال استقالة أولمرت على أثر تقديم لائحة اتهام ضده دعا وزير الداخلية، مائير شيطريت، والمرشح لرئاسة حزب كديما، إلى وجوب تعيين الرئيس الجديد للحزب، الذي سينتخب في انتخابات داخلية تجري في 17 أيلول الحالي، قائما بأعمال رئيس الحكومة، ايهود أولمرت.

الصحافة الصهيونية 2/10/2008

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات