الإثنين 12/مايو/2025

الدكتور يونس الأسطل يتحدث عن وسطية الحركة الإسلامية مقابل الغلو والتفريط

الدكتور يونس الأسطل يتحدث عن وسطية الحركة الإسلامية مقابل الغلو والتفريط

بين منهج الغلو والتطرف، لحد التكفير، وبين منهج التفريط والتبسيط الذي يصل لحد اعتبارها من الخوارج لخروجها على ولي الأمر؛ وجدت حركة المقاومة الإسلامية “حماس” نفسها، عرضة لموجة من التشكيك والشبهات التي بدأت تثيرها بعض الأصوات التي تنسب نفسها لمنهج الإسلام.

كل ذلك بالتزامن مع اشتداد الحصار الصهيوني على قطاع غزة، وتكالب الاحتلال الصهيوني ومن ورائه الإدارة الأمريكية وبالتعاون مع وكلائهما من بعض المحسوبين على الفلسطينيين والعرب على حركة “حماس”، والحكومة الفلسطينية الشرعية في غزة، في محاولها لإخضاعها ودفعها للتنازل والاعتراف بشرعية الاحتلال.

حول هذين المنهجين وموقف “حماس” من بعض دعاويهما؛ كان هذا الحوار الذي أجراها مراسل “المركز الفلسطيني للإعلام” مع الدكتور يونس الأسطل، الحاصل على الماجستير في الفقه والتشريع من كلية الشريعة بالجامعة الأردنية عام 1986م والدكتوراه في الفقه وأصوله من كلية الشريعة بالجامعة الأردنية عام 1996م، ورئيس لجنة الإفتاء وعميد كلية الشريعة الإسلامية في الجامعة الإسلامية بغزة، سابقاً، والقيادي البارز في حركة حماس وعضو المجلس التشريعي الفلسطيني حالياً، والذي ينظر له كأحد أبرز الدعاة والمفسرين للقرآن الكريم وربطه بالواقع.

ويؤكد الأسطل أن “من يكفرون الناس لأبسط الأسباب ليس لديهم دراية كافية بالإسلام”، وفند فكرة ولي الأمر، موضحاً شروطها والأساس منها تنفيذ تحقيق الحكم بما أنزل الله.

ورأى أن أحد أسباب الهجمة على حركة “حماس” هو الحسد مما استطاعت تحقيقه، دون أن يستبعد وجود اختراقات لبعض الجماعات وأفكار بعض هذه الأسماء من مجموعات وجمعيات باتت متخصصة في مهاجمة “حماس”. وفيما يلي نص الحوار:

 
بين الغلو والتفريط

– بين منهج الغلو والتطرف، لحد التكفير حتى لأبناء الحركات الإسلامية، وعوام الناس، وبين منهج التفريط والتبسيط الذي يصل لحد اعتبار حركة “حماس” من الخوارج لخروجها على ولي الأمر، أين تجد نفسها؟ وكيف تقدم الرؤية الإسلامية الوسطية؟
الدكتور الأسطل: إن الذين يكفرون الناس بأدنى الأسباب ليس عندهم دراية كافية بالإسلام، إنما يعتمدون على ظواهر بعض النصوص، أو يغالون في تأويلها، دون منهج أصولي واضح في تفسير النصوص، واستنباط دلالات.

أما الذين يلحقون الحركة بالخوارج؛ بدعوى أو وليّ الأمر هو محمود عباس الشهير بأبي مازن فظني أنهم في ضلالهم القديم، وأي ولاية للمذكور وهو الذي يتعاون أمنياً (عبر أجهزته الأمنية وتنسيقها الأمني) مع الاحتلال، ومع المندوب السامي الأمريكي دايتون؛ لقتل المجاهدين واعتقالهم بأكبر مما كان الصهاينة أنفسهم يتصورون؟!

ثم إن حركة حماس قد أخذت الشرعية بعدة بنسبةٍ كاسحةٍ من عموم الشعب الفلسطيني، فهي جزء من الشرعية، وليست خارجة عنها.

إن الحركة تنظر إلى الشعب الفلسطيني على أنه شعب مسلم عظيم، قد صنع المعجزات من خلال المقاومة، فهو جدير بكل احترام وإكرام، إلا من حفنة علمانية يسارية حاقدة ومنتفعة من المتاجرة بالقضية في المزاد الصهيوني الأمريكي، فأولئك قد انسلخوا من ولائهم لله ورسوله والمؤمنين، ونحن نسأل الله لهم الهداية والأوبة.

الهجمة على حماس

– لوحظ في الآونة الأخيرة، أن الحملة قولاً وفعلاً، على حركة حماس ومجاهديها، والحكومة في غزة، لم تعد تقتصر على الصهاينة والأمريكان ومن والاهم من السلطة والعرب، بل امتدت لتشمل تيارين يستلهمان فكرهما من النهج الإسلامي “المقصود، السلفية بشقيها: جماعة السلفية بمفهومها الدارج، وجماعة السلفية الجهادية، كيف تقرأ هذه الحملة؟
الدكتور الأسطل: إن هجوم المنتسبين إلى السلفية بشقيها على حركة حماس يندرج في إطار الحسد المذموم؛ ذلك أن الحركة قد حققت نجاحات معجزة، واستحوذت بذلك على ولاء الشعب الفلسطيني والعربي والإسلامي إلى حد كبير، فظهر صعوبة المزاحمة في ساحة تكتسحها حماس، لذلك فمن الصعب إقناع العناصر الجديدة بالانضواء تحت الرايات الأخرى، خاصة (من يطلقون على أنفسهم) السلفية، إلا بالتزهيد في الحركة، وإلصاق بعض النقائص بها.

وأخشى أن يكون الاختراق الأمني وراء ذلك الاختلاق الذي يفتقد أدب الأخوة الإسلامية، فقد بدت البغضاء من أفواههم في النقاش الحاد، فما بالكم بما تخفي صدورهم، ويظهر في التعبئة الداخلية لأفراد حدثاء الأسنان، لا يكاد الواحد منهم يحفظ اليسير من النصوص، ولكنه يملك الجرأة في تحقير كبار علماء الأمة.

من هو ولي الأمر؟

– فكرة الخروج على ولي الأمر .. تثيرها سلفية السلطان إن صح التعبير .. إلى أي حد هي منطقية؟ وما هي شروط ولي الأمر؟ وإلى أي درجة تنطبق هذه الشروط على محمود عباس؟
الدكتور الأسطل: لقد أمر الله عز وجل بطاعته وطاعة رسوله، ثم أولي الأمر منكم، حيث لم يكرر الأمر بالطاعة مع أولي الأمر كما كررها مع الرسول صلى الله عليه وسلم، فأفهم أن طاعة الرعاة مشروطة أن يأمروا بما فيه طاعة لله والرسول، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، كما أن آية النساء اشترطت أن يكون منكم، أي مسلماً موحداً، لا يسارياً ولا علمانياً بمعنى أن يكون مقراً بوحدانية الله في الحاكمية.

ومعروف أن رئيس السلطة محمود عباس؛ لا يرفض الحكم الإسلامي فقط، بل يحاربه بأجهزته الأمنية المرتبطة تماماً بالاحتلال.

ثم من الذي خرج على من؟ أليس عباس هو الذي اختار دحلان مسؤولاً للأمن القومي، وراح يبارك تدريب آلاف الشباب في الداخل والخارج، كما استقدم الأسلحة، وتلقى الأموال تحت عين الاحتلال؛ لإحداث الانقلاب على نتائج الانتخاب للبرلمان الفلسطيني؟! وإلا فلماذا رفضوا بشدة لجنة تقصي الحقائق التي اقترحتها جامعة الدول العربية، في حين رحبت حركة حماس بمجيئها بعد الحسم الذي جرى في قطاع غزة، وأن تبدأ تلك اللجنة بأكذوبة الأنفاق المفخخة في طريق الرئيس؟!.

انحرافات

– وكيف ترى انفتاح هذا التيار على العلمانيين والليبراليين والتودد إليهم، في الوقت ذاته الذي يتعرضون فيه باستمرار لحماس والحكومة، بالغمز واللمز والشتم، وإثارة الشبهات عبر المقالات والمنابر؟
الدكتور الأسطل: وصف ربنا تبارك وتعالى عباده المؤمنين بأنهم أشداء على الكفار رحماء بينهم، وأنهم أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين، فإذا أُفِكَتْ هذه الصفات، فصاروا يوادون من حادَّ الله ورسوله، فكيف إذا سلوقكم بألسنة حداد، وإن تصبكم حسنة تسؤهم، وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها؟!.

– وما هي أبرز الانحرافات إن صح التعبير التي يقع فيها هؤلاء، في ظل دعواهم بالعمل من أجل الإسلام؟ 
الدكتور الأسطل: إن أهم المخالفات التي يقعون فيها ما يلي:
– الولاء لمن حادَّ الله ورسوله، وهذا أمر خطير على التوحيد والإيمان.

– بُغضُ بعض المؤمنين لمجرد المخالفة في منهج فهم الإسلام.

– التجرؤ على مفسدات الإخوة من السخرية واللمز وسوء الظن والغيبة وغيرها.

–   إن تحقير منهج حماس في الدعوة يعني ازدراء مقاومة الاحتلال، والإصرار على الثوابت الفلسطينية، وتقزيم الإنجازات التي منّ الله جل جلاله بها علينا، كطرد الاحتلال من غزة، وتعجيزه عن الرجوع للسيطرة عليه ثانية.
 

–  بعض المنتسبين للعلم كمشايخ ويجأرون بهذا الكلام، ألا تجالسوهم لتناصحوهم؟ وتوضحوا لهم الأمور؟
الدكتور الأسطل: إن أصحاب تلك الأفكار يعتقدون أنهم على الصواب المطلق، وأن منهجهم هو الحق، لذلك فإما أن نوافقهم في كل ما يدينون به، أو يتهمونا بالابتداع، أو الفسوق والعصيان، ولا يمكن لمن هذا حالهم أن تصل معهم في الحوار إلى نتيجة غالباً ومع ذلك فإننا لا نقطع شعرة معاوية، وإن كنا لا نستسيغ الجدل العقيم.
 

اختراق الجماعات

– على صعيد الشق الآخر من المعادلة، أثارت المواجهة في مربع دغمش، ردود فعل واسعة في منتديات السلفية الجهادية المتعاطفة مع “القاعدة” وصدرت العديد من البيانات سواء من جيش الإسلام أو غيره، التي تتبنى القتلى وتقدم كأبطال مجاهدين وتقدم حماس كمشروع صحوات فلسطين مهمتها محاربة الإسلام السوي. كيف تقرؤون ذلك؟
الدكتور الأسطل: إن ما صدر مؤخراً من بيانات بعد تجفيف مستنقعات الفلتان شرق الشجاعية، أو في محيط الصبرة، ليس مستغرباً ممن يعتقدون بردة حماس؛ بدعوى اقتحامها قبة التشريعي عبر الديمقراطية التي هي كفر كلها في نظرهم، وهم بهذا لا يفرقون بين الديمقراطية كعقيدة، وبين آلياتها في صناديق الاقتراع، والآلية لا تخرج عن جوهر الشورى ومعرفة آراء الناس فيمن يكون وكيلاً عنهم في تبني قضاياهم والدفاع عنها.

غير أني أعتقد أنها ظاهرة اختراق أكثر منها قناعة فكرية، وإلا فمن المستفيد من تجديد الفلتان، وإفشال التجربة الإسلامية من غير الاحتلال وزبائن السلطة؟!.
 
 
دعاوى تكفير

 
–  كيف ترون من يصل به غلوه إلى حد تكفير حماس كونها دخلت الانتخابات البرلمانية أو حررت الصحفي البريطاني جونستون، ونحن هنا نتحدث عن جيش الإسلام ومنتسبين للسلفية الجهادية؟
الدكتور الأسطل: إن الذين يحكمون على حركة “حماس” بالردة بدعوى المزاحمة في البرلمان لا يؤمنون بضرورة الزحف سلمياً على مواقع المفسدين، وهذا يعني أن يبقى المفسدون في مقاعدهم آمنين، أو أن نبتدئ معهم صراعاً دموياً يستنزف ما لدينا من قوة أعددناها للاحتلال.

ولعل نكتة التكفير بتحرير الصحفي البريطاني جونستون دليل على مستوى التفكير عند القوم، إذ أننا محاصرون، ونحاول أن نفك الحصار والأغلال من أعناقنا ومعاصمنا، ولن يساهم اختطافه إلا في تأكيد تهمة الإرهاب التي تعطي الذريعة لمزيد من الحصار، ثم إن الصحفيين لا يدخلون ديارنا تسللاً؛ بل من البوابة الرئيسية، وهذا يوجب إجارته إلى انتهاء مهمته، ثم أبلغه مأمنه، وإما تخافن من أحد خيانة أو تجسساً أو فساداً فانبذ إليهم عهدهم، وانبذهم خارج الحدود تسترح من شرهم، أما الاختطاف فمرفوض؛ لعدم جوازه ابتداءً، ولمخاطره الكبيرة علينا آخراً.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات