حوار للحوار.. وخارطة لحرب أهلية.. مقاومة قريع.. ووعد بوش الوحيد

صحيفة الوطن العمانية
مصادر المستوجبين، وكذا توقعات المحللين، تكاد تجمع على أن حوار الاستجواب الدائر يهدف إلى بلورة وإعداد وصفة مصرية، أو خارطة طريق، لحل إشكالية ما يعرف بالانقسام الفلسطيني الراهن، تقدم بعد إنجازها لجامعة الدول العربية لفرضها على المنقسمين، وبالتالي معاقبة من يرفضها، الأمر الذي يعيدنا إلى غضبة الأمين العام المعروفة ووعيد رئيس دورة مجلسها في اجتماعه الأخير الذي ناقش شؤون وشجون هذا الانقسام المزمن.
ما هي الخطوط أو كن التضاريس المرادة التي تقوم عليها هذه الخارطة، أو ما هي بنود هذه الوصفة المراد فرضها ومعاقبة من يرفضها؟
البند الأول، وكان قد كثر الحديث عنه وتم تداوله في الأيام الماضية، وهو تشكيل حكومة تكنوقراط غير فصائلية، تأخذ على عاتقها ترتيب الوضع الأمني، وإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية متلازمة، وفق رؤية رام الله للأمر وتفسيراتها للنظام الأساسي، أو قانون إنشاء سلطة الحكم الذاتي الإداري المحدود، بمعنى التمديد لأبي مازن حتى إجراء هذه الانتخابات.
الثاني: صياغة “ميثاق قومي” جديد، تسووي، يلحظ ما يلي:
إنهاء الاحتلال للمحتل بعد عام 1967، وحل قضية اللاجئين، وليس عودتهم، وإنهاء الانقسام، بمعنى إجماع المتحاورين أو إجبارهم على ما تقدم، وتفويض أبو مازن، والمنظمة، التي يحل الميثاق الجديد محل كلٍ من ميثاقها الأصيل والمعدّل، أو ميثاق ما بعد العبث به بحضور كلينتون، وكل ما توافقت عليه الأطراف في حواراتها السابقة برعايات عربية ومن دونها.. تفويضه على ماذا؟
مواصلة التفاوض على أساس هذا الميثاق المستجد.. وهناك أمر آخر.. إنه الشروع في بناء الأجهزة الأمنية، وتوفير قدرات عربية مساندة لها، على شكل قوات تدخل عربية، وخبرات وأموال.. وما يعيدنا إلى حكاية التقاسم الوظيفي في الضفة (مع الأردن)، والمطالبة الإسرائيلية بعودة الولاية المصرية إلى قطاع غزة.. لغضبة الأمين العام، وتهديدات جامعة الدول العربية!
كانت الساحة الفلسطينية، أو على الأقل فصائلها، مشغولة بما تقدم، بيد أن انشغالها ربما أصبح فيما بعد أكثر، بل وأصبح حرياً بأن يتعداها إلى عموم الشعب الفلسطيني وطناً وشتاتاً ومعه الأمة العربية بأسرها، وذلك على ضوء وقائع رحلة أبو مازن الأخيرة إلى الولايات المتحدة، أو إلى واشنطن بعد نيويورك، بعيد انتهاء احتفالية الجمعية العامة للأمم المتحدة.. يضاف لهذا بعض السجال الذي دار وانتهى هاتفياً بسرعة البرق بين قطبي المفاوضات المكتومة الغامضة تسيبي ليفني وأحمد قريع..
أبو مازن، ذهب إلى هناك، وفي جعبته غضبة الأمين العام ووعيد جامعة الدول العربية، وزوادة الوصفة المصرية المنتظرة وهدي خارطة طريقها الملزمة، وزاد فقدم بعضاً مما لديه، بل ربما كله، لواشنطن سلفاً:
قال في مقابلة صحفية، “هناك موقف عربي تم الاتفاق عليه في جامعة الدول العربية، وهو إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية في وقت واحد، وعندما اُنتخب كرئيس أمارس حقي الرئاسي، وأنا حالياً رئيس لبلد محتل، ولا أستطيع الخروج إلا بإذن من “إسرائيل””.
هل هذا يعني أنه بعد انتخابه، ومن كلامه يبدوا أنه متأكد من ذلك، سوف يمارس حقه الرئاسي، الذي لا يستطيعه الآن تحت الاحتلال؟!
لنترك هذا، الذي سوف يجرنا إلى محاولة استبطان ما قد يدبّر في مقبل الأيام، ولننتقل إلى غيره.. يضيف أبو مازن، في معرض حديثه عن هذه الانتخابات المتفق عليها في الجامعة العربية، فيقول:
أنا “شخصياً لا أريد حماس لأنها انعزالية، وفي حال فوزها فإن “إسرائيل” لن تتعامل معها”.
قد يقول قائل، إن هذا الكلام هو بعض “عدة شغل” مقدم سلفاً للوسيط غير النزيه والراعي الذي سيغادر البيت الأبيض في غضون أربعة أشهر، آخذاً في عين الاعتبار أن من يقدم له هو من يضع فيتو على حماس جملةً وتفصيلاً.. نعم لعل هذا وجه من وجوه تنجلي تباعاً عندما نتابع في وقائع رحلة أبو مازن، بعض ما قاله أيضاً، أو ما قدمه سلفاً قبل وصوله إلى واشنطن.. مثلاً، في حفل إفطار أقامته الجالية الفلسطينية في الولايات المتحدة، قالها، أو كررها للقاصي والداني، وبما يزيل حرج قاطن البيت الأبيض الراحل قبل أن يحقق رؤيته السلامية الشهيرة:
“إذا لم نتوصل إلى حل هذا العام، فلن نيأس ولن نتردد، ولن نتراجع، وسنستمر حتى نحقّق السلام”!
إذن، الرجل باق على العهد.. وأكثر، قال، وبالقلم العريض، أو بالأحرى، أعاد قولاً لم يكتمه يوماً، وهو أن انتفاضة الأقصى “دمّرت كل شيء لدينا”، وكرر: نحن “لا نريد أن نعود إلى الانتفاضة المسلحة، ونريد أن يكون طريقنا المفاوضات، والوصول إلى السلام من خلالها” فحسب!!!
.. وهنا، قد يقول قائل آخر، إن هذا يعني أن الرجل قد وصل إلى البيت الأبيض رافعاً يديه سلفاً!
فنقول له وما الغرابة، وإن كان هذا منه فما الجديد، وعلى ضوء فهمه التاريخي المعروف للصراع، فمن قال إنه يرى في ذلك بأساً؟!
لكن المهم ما الذي كان من أمر الرئيس جورج بوش الابن الذي استقبله في لقاء لعله وداعي قبل رحيله عن البيت الأبيض، الذي تأزف ساعته؟
لقد حظي أبو مازن بالترحيب وشُنّفت مسامعه بالتالي:
“أقدر تصميمك ورغبتك بإقامة دولة فلسطينية.. أشاركك هذه الرغبة”.. لكن “الأمر ليس سهلاً”!!!
.. و”كما تعرف بقي لي أربعة أشهر في منصبي، وأنا متفائل بأن الرؤية التي عملنا عليها أنت وأنا ستتحقق، ووعدي الوحيد لك هو إنني سأواصل العمل بقوة”!!!
هذا الكلام في غنى عن التعليق.. لم يحصل أبو مازن في رحلته ذات الزوّادة العربية إلا على ما لم يحصل عليه سابقاً في زياراته المتكررة للراحل الذي أزف رحيله.. فما الذي سوف يقدمه بعد العودة منها؟!
لقد كان بعض ما قاله في معرض رده على تقدير بوش لتصميمه ورغبته، وعلى وعده الوحيد، هو: إن “جهودكم ورؤيتكم هي التي ساعدتنا في المنطقة”.. ساعدت على ماذا؟
للإجابة على هذين السؤالين نأتي إلى سجال ليفني قريع الذي لم يطل.. كعادته، حاول متعهد التفاوض الدائم، وعلى الطريقة الأوسلوية، أن يوهم بالمختلف عن ما أعاده وكرره أبو مازن في الولايات المتحدة.. حاول التذاكي مع المرأة التي تريد أن تخلف جولدا مائير.. صرح بأن فشل المفاوضات سيدفع الفلسطينيين إلى المقاومة!
تقول “هآرتس” الإسرائيلية، التي كشفت عن الرد الإسرائيلي الفوري على هذا التذاكي التفاوضي، أن ليفني عاجلت قريع باتصال هاتفي، عنفته فيه، وأوضحت:
“إن إسرائيل تجري مفاوضات، وسترد بالقوة على العنف والإرهاب”.. قريع لم يقل لها، مثلاً، أن المقاومة حق مشروع في مواجهة الاحتلال، وإنما قال لها بأن تصريحاته التي جلبت غضبها أخرجت من سياقها، وموضحاً لها، بأنه “قصد فقط المقاومة السياسية وليس تلك التي تتوسل العنف”!
هذا الكلام يذكرنا بكلامه عن حل الدولة الواحدة، إذا لم يوافق الإسرائيليون على حل الدولتين.. وكلام مثيل عودنا أنه سرعان ما يسحبه من التداول!!!
إذن، وعودة للحوار حول الحوار ومن أجله، أو تلمّس آلياته، أو استجواباته الباحثة عن وصفة لحل ينهي حالة الانقسام المزمنة، أو خارطة طريق لوصل ذات البين، المطلوب فرضها عربياً، ومعاقبة من لا ينصاع، وربط ذلك بما لا تنفك عنه مما كان من وقائع رحلة أبو مازن الوداعية إلى سيد البيت الأبيض الراحل، ووعد الأخير “الوحيد” معطوفاً على وعيد جامعة الدول العربية، التي ربما قررت أن تعلن انحيازها علناً هذه المرة، وصولاً إلى ما كان من أمر قريع وليفني، والأخذ في الاعتبار مزمن الانقسام الموضوعي بين برنامجين ورؤيتين ومنهجين فلسطينيين لا جامع بينهما، وأحدهما مقاوم والآخر مساوم، ترى ما الذي ينتظر الساحة الفلسطينية… ما الذي يدبّر لها؟
هل هي خارطة طريق لحرب أهلية، تكون وقوداً لإنضاج تصفية نهائية متوافق عليها للقضية؟
هل من لا يرى مثل هذا؟ على أية حال، لا نملك إلا أن نقول: إن الآتي أعظم!
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

حماس تعلن نيتها إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي مزدوج الجنسية الأميركية عيدان ألكسندر
الدوحة – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس حركة "حماس" في غزة، رئيس الوفد المفاوض، خليل الحية، الأحد، إنه "في إطار الجهود التي يبذلها الإخوة الوسطاء...

البرلمان العربي يدعو لتأمين ممرات إنسانية عاجلة إلى غزة
القاهرة – المركز الفلسطيني للإعلام وجه البرلمان العربي رسائل عاجلة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، والمفوض السامي لحقوق الإنسان، والمديرة...

نتنياهو: سنضم 30% من الضفة الغربية
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إن تل أبيب "ستكون قادرة على ضمّ 30%" من الضفة الغربية....

الجهاد: لن نطلق سراح أسرى الاحتلال ما لم تتوقف الحرب
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام قال نائب الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي محمد الهندي، إن المقاومة الفلسطينية لن تطلق سراح الأسرى الإسرائيليين ما...

قيادي في حماس: مفاوضات متقدمة مباشرة بين الحركة والإدارة الأميركية
غزة- المركز الفلسطيني للإعلام كشف قيادي في حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، إن مفاوضات متقدمة مباشرة تجري بين الحركة والإدارة الأميركية حول وقف إطلاق...

مركز حقوقي: فظائع سديه تيمان تستوجب محاكمة قادة الاحتلال كمجرمي حرب
بيروت- المركز الفلسطيني للإعلام أكد مركز فلسطين لدراسات الأسرى (مستقل) أن "ما كشفته صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية عن الانتهاكات الصادمة التي تُرتكب في...

الصحة بغزة: 19 شهيدا و 81 إصابة وصلوا المستشفيات خلال 24 ساعة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة وصول مستشفيات قطاع غزة 19 شهيدا، و 81 إصابة خلال 24 ساعة الماضية....