الأحد 11/مايو/2025

تسيبي ليفني والخيارات الممكنة

تسيبي ليفني والخيارات الممكنة

صحيفة البيان الإماراتية

كما كان متوقعاً، فازت تسيبي ليفني بزعامة حزب كاديما، وكما لم يكن متوقعاً فازت بنسبة ضئيلة جداً على منافسها المباشر رجل المؤسسة العسكرية والأمن وأحد رموز الصقورية في الحزب شاؤول موفاز، بنسبة لم تتجاوز 431 صوتاً.

وما لم يكن متوقع أيضاً هو النسبة المنخفضة جداً للمشاركين في التصويت على اختيار وريث أولمرت في قيادة حزب كاديما بنسبة لم تتجاوز 53.7%، مما يدل على عدة أمور، منها حالة اللامبالاة في الحزب التي تعكس الضياع والارتباك وعدم وجود عصبية عقائدية أو سياسية، وغياب بنية تنظيمية قوية تدفع للمشاركة، وبالطبع غياب الانسداد القوي بمختلف أنواعه وتحديداً الكاريسماتيكي لأحد المرشحين الأربع.

وهذا يدل أيضاً على وضع الحزب الذي أنشأه شارون في أواخر نوفمبر 2005 يوم انسحب من الليكود مع أصدقائه ومؤيديه عندما عارضت أكثرية الليكود مشروع الانسحاب من غزة الذي قدمه شارون. 41 نائب فقط طلبوا من شيمون بيريز، رئيس الدولة، تسمية ليفني لتشكيل حكومة وأمامها 42 يوماً للقيام بذلك.

ومن المفارقة أن هذه المهلة تنتهي في 3 نوفمبر عشية الانتخابات الرئاسية الأميركية وبعدها كما هو مرجح في حال فشلها لن يطلب بيريز من شخصية أخرى محاولة تشكيل حكومة بل ستدخل “إسرائيل” في فترة الأشهر الثلاث لإجراء انتخابات عامة. يبرز أمام ليفني تحد مزدوج: تشكيل حكومة والحفاظ على الحزب الذي انسحب منه موفاز وقد يعود إلى حزبه الأصلي الليكود.

ومن غير المستبعد انسحاب آخرين من الحزب الذي وصفه بعض المراقبين بأنه تجمع الغاضبين من أحزابهم وأصحاب الخيبة السياسية والشخصية من تلك الأحزاب. يصف يوري أفنيري أحد مؤسسي حركة السلم في “إسرائيل” كاديما بأنه حزب دون أي قناعات عقائدية وأن قراراته تعكس عادة المزاج الشعبي.

حزب كاديما الذي يعتبر وسطي بالنسبة لثنائية الليكود والعمل. الثنائية التي حكمت السياسة الإسرائيلية منذ قيام الدولة العربية وحتى السبعينات معرض للتفكك التدريجي والاندثار أو التحول إلى حزب آخر من الأحزاب الصغيرة جداً التي تطبع المشهد الحزبي الإسرائيلي في ظل غياب أي بصيلة عقائدية وسياسية واضحة له.

ليفني كما يقول الصحافي أمير أورن تضع في طليعة اهتماماتها أو تحدياتها نزع الأولمرتية من الحزب أي ما ارتبط برئيس الوزراء السابق من صور سلبية حول استغلال النفوذ وسوء القيادة وفضائح ورشاوي متعددة بغية “إعادة تصويب مسار الحزب” كما تقول أوساطها لكن المشكلة أن ليفني ليست من قيادات الصف الأول، قيادات الوزن الثقيل في السياسات الإسرائيلية القادرة أن تشكل نقطة استقطاب تفرض الانضباط في الحزب وتحميه من التفكك.

أزمة كاديما تعكس أساساً أزمة النظام الحزبي الإسرائيلي التي من مظاهرها تعدد الأحزاب الصغيرة وحصول انقسامات ضمنها والتي من مظاهرها أيضاً أنه منذ عام 1992 لم يكمل مجلس نيابي “كنيست” منتخب مدته الطبيعية في السلطة مما يعكس حالة اللا استقرار في السياسة الإسرائيلية كما يعكس أيضاً ازدياد الفجوة كل يوم بين الرأي العام من جهة والنظام الحزبي الإسرائيلي من جهة أخرى.

رقصة الكراسي الموسيقية ولعبة تربيع الدوائر بدأت منذ لحظة التكليف. إيهود باراك زعيم حزب العمل يريد تلافي انتخابات عامة تطيح بحزبه وكان بإمكانه الانسحاب من الحكومة المستقيلة لو أراد لذلك الخيار أن يحصل. ولكن لا يريد من جهة أخرى “الشراكة الكاملة” التي تعرضها عليه ليفني ضمن شروطها لأن ذلك يعني عملياً تحقيق مكاسب لكاديما فيما يتحمل حزب العمل التداعيات السلبية لاستمرار حزب كاديما في السلطة.

باراك يريد حكومة ائتلاف أو وفاق وطني تضم بشكل خاص حزب الليكود حتى موعد الانتخابات النيابية القادمة عام 2010. فترة لا يتحمل أحد تداعياتها السلبية لاحقاً في صناديق الاقتراع طالما أن الجميع مشارك في تلك الحكومة مما يعطيه الوقت لتثبيت موقعه في قيادة الحزب ولوقف النزف الحاصل في حزب العمل.

تسيبي ليفني عرضت على زعيم الليكود الانضمام إلى حكومة ائتلاف وطني وكانت تعرف مسبقاً برفض الليكود هذا الخيار الذي يعني توفير ضمانة سياسية لسنتين أخرتين وشبكة أمان لحزب كاديما في السلطة وحرق أوراق الليكود فهو الأكثر حاجة إلى انتخابات عامة في أسرع وقت ممكن طالما أن كافة الاستطلاعات تدل على أنه سيكون الحزب الفائز في ظل ترسخ المناخ اليميني في “إسرائيل” وفشل حكومة أولمرت بكافة من شارك فيها في السياستين الخارجية والداخلية.

لكن يبقى هدف ليفني المفضل إذا كان خيار الائتلاف الوطني غير ممكن هو التوصل إلى تأليف حكومة تشارك فيها أحزاب صغيرة وتسمح لها بالحكم لفترة السنتين الباقيتين للكنيست الحالي حتى تستطيع تركيز صورتها كزعيمة حزب وقيادي صف أول وحتى تستطيع ترميم حزبها.

ويبدو أن هنالك سيناريوهات أربع ممكنة : أولها حكومة مثل التي سبقتها ولكن ذات طبيعة منقحة، حكومة تقوم على استمرار التحالف القائم مع تغيير في الحقائب الوزارية يبقى ذلك ممكناً رغم مطالبات حزب شاس الديني بزيادة المخصصات الاجتماعية التي تعني العائلات الكبيرة وعدم المس بمسألة القدس والموضوع الأخير غير مطروح حالياً وهو مؤجل وبالتالي تستطيع ليفني أن تقبل بهذا الشرط فيما تبقى الصعوبة تتعلق بالشرط الأول الذي يضع ضغوطاً كبيرة على الميزانية الإسرائيلية.

ثانياً سيناريو إعادة تركيب التحالف كأن يدخل حزب ميريتس اليساري بدل من شاس فيما تستند إلى أصوات الأحزاب العربية مع استمرار حزب المتقاعدين في الحكومة وحزب العمل بالطبع.

ثالثاً، حكومة إنقاذ وطني تضم الأحزاب الأساسية ورابعاً، الفشل في تشكيل حكومة لكاديما والذهاب إلى انتخابات مبكرة في مطلع العام المقبل.

السيناريو الأخير يبقى السيناريو المرجح باعتبار أن حزب العمل غير مستعد لتوفير شبكة الأمان والتهدئة السياسية التي يتضمنها كل من السيناريو الأول والثاني بشكل خاص لحزب كاديما ولزعيمته لإعادة تنشيط الحزب وتقويته.

مشكلة ليفني في مصداقيتها أيضاً أنها تريد أن تكون مثل باراك أوباما رمز التغيير والقطيعة ولكنها تبقى مثل جون ماكين في كونها تنتمي إلى حزب شاركت في حكومته التي كانت مسؤولة أمام الرأي العام عن فشل كبير متعدد الأوجه في السنتين الأخيرتين.

كاتب لبناني

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

نتنياهو: سنضم 30% من الضفة الغربية

نتنياهو: سنضم 30% من الضفة الغربية

رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إن تل أبيب "ستكون قادرة على ضمّ 30%" من الضفة الغربية....