«خارطة طريق مصرية» تنتظر الحوار الفلسطيني

صحيفة البيان الإماراتية
لا شك بأن الجهود المصرية، التي تسارعت خلال الأشهر الأخيرة بغرض ترتيب حوارات داخلية فلسطينية- فلسطينية. كانت جهوداً ملفتة للانتباه، حيث لمست الوفود الفلسطينية التي وصلت خلال الفترة القليلة الماضية إلى القاهرة جدية غير مسبوقة لدى المسؤولين المصريين إزاء توجههم لدفع وإنجاح عملية الحوار الفلسطيني- الفلسطيني من أجل إنهاء الانقسام.
فقد جاءت الجهود المصرية في اللقاءات التي تواترت خلال الشهر الماضي بين اللواء عمر سليمان رئيس المخابرات الحربية المصرية ووفود من الفصائل الفلسطينية التي زارت القاهرة تباعاً في سياق العمل لإيجاد مناخ فلسطيني داخلي يؤدي إلى تحقيق نجاح ملموس على صعيد الوضع الداخلي الفلسطيني، فمصر وما تشكله من عمق للداخل الفلسطيني خصوصاً قطاع غزة أصبحت تدرك الآن أكثر من أي وقت مضى أن الضرر الذي يلحقه الانقسام الداخلي الفلسطيني يتأتى عليها قبل غيرها. وبالتالي، فإن الحوارات الثنائية المصرية مع عموم القوى الفلسطينية طوال الشهرين الماضيين استهدفت البحث في إمكانية بناء برنامج سياسي مشترك بين جميع الفصائل بأمل أن يوفر ذلك أرضية لحوار جماعي شامل يمهد الطريق أمام العرب لاتخاذ قرارات على مستوى الجامعة العربية لدعم وحماية التوافق المنشود، وبناء عليه كان وزراء الخارجية العرب خلال اجتماعهم في القاهرة في الثامن من سبتمبر الماضي، قد ناقشوا بتركيز شديد الوضع الفلسطيني الذي كان على رأس جدول أعمالهم، دون أن يتخذوا قرارات حاسمة مقابل أن منحوا القاهرة فرصة لا تزيد على ستة أسابيع، حتى تقدم لهم، ورقة عمل واضحة ومحددة، تشكل أساساً لاتخاذ مواقف عربية حازمة تجاه مسألة الوضع الداخلي الفلسطيني.
وفي هذا السياق، فقد أكدت مصادر فلسطينية مسؤولة بأن القاهرة وضعت رؤية عامة لإنهاء الانقسام الفلسطيني عبر خطة «خريطة طريق جديدة» ترسم معالم حل الأزمة الداخلية وآليات تنفيذها، وذلك بعد التوافق عليها مع كل من حركتي حماس وفتح وباقي القوى خلال لقاءات منفصلة تعقد في القاهرة بعد عيد الفطر.
ووفقاً لمصدر فلسطيني مشارك، فإن الخطوات المصرية التي تمت إلى الآن، عملت على استكشاف القواسم المشتركة بين الفصائل الفلسطينية الأساسية ذات الدور والحضور، وهي القوى التي تمارس كل أشكال العمل الوطني في صفوف الانتفاضة، بما في ذلك العمل المقاوم عبر أجنحتها العسكرية الفدائية، واستناداً إلى ردود هذه الفصائل على الأسئلة والمقترحات المصرية في هذا الشأن، فان «خريطة الطريق المصرية» تهدف إلى تحقيق أربعة أهداف مهمة.
أولها تشكيل حكومة تكنوقراط انتقالية من خارج أطر الفصائل لتسيير الأعمال تكون قادرة على رفع الحصار أكثر من حكومة مؤلفة من ممثلين عن القوى والفصائل، ولديها مهمتان: التهيئة للانتخابات التشريعية والرئاسية المتوافق عليها من جهة، ومعالجة الملف الأمني من جهة ثانية.
والهدف الثاني هو الاتفاق على ميثاق قومي فلسطيني (جديد) يتضمن رؤية سياسية فلسطينية برنامجية تسير باتجاه إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي المحتلة العام 1967، وحل قضية اللاجئين، وإنهاء الانقسام والتشرذم الداخلي، وهي فكرة جديدة لم تُطرح سابقاً من حيث سعيها لوضع ميثاق جديد تشارك حركة حماس وبقية الفصائل في صوغه، والهدف الثالث في الرؤية المصرية يؤكد أن الرئيس محمود عباس ومنظمة التحرير الفلسطينية مفوضان إجراء المفاوضات التي يجب أن تستند إلى الميثاق القومي الذي يفترض التوافق عليه.
على رغم أنه ليس متوقعاً أو منتظراً أن تصل المفاوضات الجارية بين حكومة أولمرت وطاقم أحمد قريع إلى نتائج، لكن المصلحة الفلسطينية (من وجهة نظر مصر بالطبع) تتطلب عدم توقفها، بل العمل على توريثها للإدارة الأميركية المقبلة. والهدف الرابع يتمثل في السعي لبناء الأجهزة الأمنية الفلسطينية على أساس مهني.
وعليه فان الرؤية المصرية لرأب الصدع الداخلي الفلسطيني تأسست ملامحها على جملة من الاقتراحات، وهي اقتراحات تحتاج لنقاش كي تساعد على توليد التوافق الفلسطيني، وانطلاقاً من ذلك، جاءت ردود فعل القوى الفلسطينية المختلفة على (الورقة/الخطة) المصرية بالترحيب العام، بينما أضافت بعض القوى الأساسية إلى الخطو المصرية وثيقة الأسرى واتفاق مكة التوافقي والمبادرة اليمنية التي حظيت بمباركة من قمة دمشق العربية.
وركزت بعض القوى الفلسطينية على ضرورة مشاركة جميع الفصائل التي لم تدع للمشاركة في دورات الحوار السابقة، وهو ما دعت إليه حركة الجهاد الإسلامي التي رحبت بالدعوة المصرية وجهود مصر داعية أن يكون الحوار شاملاً يضم كافة الفصائل الفلسطينية، وأن ينصب على عنوانين أساسين : الوضع الداخلي وسبل الخروج من حالة الانقسام الراهن: وهذا يتطلب مناقشة قضايا الخلاف الرئيسة وهي: الحكومة، والأجهزة الأمنية، ومسألة المرجعية الوطنية للشعب الفلسطيني. خيارات الشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال الصهيوني، والاستحقاقات المترتبة على كافة الخيارات، وطبيعة العلاقة بين المقاومة والسلطة.
فيما ركز البعض الآخر من القوى الفلسطينية على ضرورة إشراك سوريا في الحوار إلى جانب مصر، وهو ما طالبت به الجبهة الشعبية، بصفة سوريا الرئيس الحالي للقمة العربية، كذلك عمرو موسى الأمين العام للجامعة العربية، وأن يتم التواصل مع الأطراف العربية المكونة للجنة العربية التي جرى الاتفاق عليها في قمة دمشق لضمان تكامل الجهد العربي الداعم للحوار الوطني الشامل، وتوفير المظلة السياسية الضرورية للاتفاقات والالتزام بتنفيذه.
كما رأت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أن تشمل قضايا الحوار المشروع الوطني الفلسطيني المتمثل بحق العودة وتقرير المصير وإقامة دولة فلسطين وعاصمتها القدس والخيارات والبدائل ووسائل الكفاح المطلوبة، والتحديات التي تواجهنا في العمل لتحقيقه. ووضع تصور لدور وعمل وتركيبة الأمن والأجهزة الأمنية، بحيث يتم الاتفاق على عقيدة الأجهزة الأمنية، مهنية الأجهزة الأمنية، خضوعها للقانون والقضاء.
وإنهاء الطابع الفئوي عنها إعادة تنظيم الأجهزة، النظام السياسي الفلسطيني، وتركيز بنائه على أسس ديمقراطية وفق قانون انتخابي يقوم على التمثيل النسبي الكامل في الوطن وحيث ما أمكن في الشتات، وضمان تمثيل كيانات الشعب الفلسطيني السياسية وتجمعاته في صنع القرار وفقاً لدور وحجم كل كيان من هذه الكيانات.
منظمة التحرير الفلسطينية، باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وكيانه السياسي في الوطن والشتات، وإعادة بناء مؤسساتها ديمقراطياً، وعلى أساس قانون انتخابي وفق التمثيل النسبي الكامل ومشاركته مكونات الشعب الفلسطيني السياسية والاجتماعية كافة في مؤسساتها.
كاتب فلسطيني/دمشق
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

تحذير أمني من تكرار جيش الاحتلال الاتصال بأهالي غزة وجمع معلومات عنهم
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام حذرت منصة أمن المقاومة (الحارس)، الأحد، من تكرار جيش الاحتلال أسلوبا خداعيا عبر الاتصال على المواطنين من أرقام تُظهر...

الزغاري: نرفض المساس بحقوق أسرانا وعائلاتهم
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس جمعية "نادي الأسير الفلسطيني" الحقوقية، عبد الله الزغاري، إنّ صون كرامة أسرانا وحقوق عائلاتهم يشكّل...

الأورومتوسطي: حديث نتنياهو عن مواصلة هدم بيوت غزة نسخة معاصرة للتطهير العرقي
جنيف – المركز الفلسطيني للإعلام قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، إن حديث رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، عن أن "إسرائيل ستواصل تدمير بيوت...

حماس تعلن نيتها إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي مزدوج الجنسية الأميركية عيدان ألكسندر
الدوحة – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس حركة "حماس" في غزة، رئيس الوفد المفاوض، خليل الحية، الأحد، إنه "في إطار الجهود التي يبذلها الإخوة الوسطاء...

البرلمان العربي يدعو لتأمين ممرات إنسانية عاجلة إلى غزة
القاهرة – المركز الفلسطيني للإعلام وجه البرلمان العربي رسائل عاجلة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، والمفوض السامي لحقوق الإنسان، والمديرة...

نتنياهو: سنضم 30% من الضفة الغربية
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إن تل أبيب "ستكون قادرة على ضمّ 30%" من الضفة الغربية....

الجهاد: لن نطلق سراح أسرى الاحتلال ما لم تتوقف الحرب
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام قال نائب الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي محمد الهندي، إن المقاومة الفلسطينية لن تطلق سراح الأسرى الإسرائيليين ما...