الإثنين 12/مايو/2025

مدرسة أوسلو العباسية ونتائجها

مدرسة أوسلو العباسية ونتائجها

صحيفة الشرق القطرية

خمسة عشر عاماً خلت، منذ توقيع السيد محمود عباس ـ ورهطه ـ على اتفاقية أسلو المشؤومة عام 1993، فماذا كانت حصيلة ذلك الاتفاق الذي احتفل بتوقيعه في البيت الأبيض في واشنطن أمام عدسات التلفزة العالمية؟.

لقد كانت حصيلة ذلك التوقيع المشؤوم ـ إلى جانب أمور أخرى ـ إجراء تعديلات جوهرية على ميثاق العمل الوطني الفلسطيني لصالح “إسرائيل”، إلى حد الإلغاء، إلغاء دور منظمة التحرير الفلسطينية، واستبدلت بعبارة ” السلطة الفلسطينية ” انتشار الفساد والرذيلة السياسية في كل أرجاء فلسطين المحتلة بعد عام 1967، وذلك بعد دخول “زعران حي الفاكهاني، والحمامات” إلى فلسطين عبر قطاع غزة بموجب اتفاق أوسلو الملعون، وقد مارسوا وشرعوا لكل منكر سياسي واجتماعي.. تعاظمت المستوطنات الصهيونية في الضفة الغربية إلى الحد الذي يكاد المواطن المقهور ـ من العدو ومن سلطته الفلسطينية ـ لا يعرف أي الطرق يسلكها إلى ملكه..

أقام اليهود سور الفصل العنصري ليطوق ويصادر الأرض والقرى، والسلطة منشغلة بتقسيم الغنائم بين قططها السمان، ولم نسمعها يوماً تحتج على تمدد ذلك السور العنصري، وفي ظل السلطة الميمونة ارتفع عدد المعتقلين الفلسطينيين إلى أحد عشر ألفا لدى “إسرائيل”، وزد عليهم نصفهم أو أكثر محتجزاً أو مطارداً من قبل السلطة العباسية، والحواجز الإسرائيلية تنتشر في كل مدن وطرقات وقرى الضفة الغربية، وجنود ومخابرات السلطة يتفرجون، بل في بعض الحالات يفسحون لهم الطريق، لاعتقال مواطن أو تدمير منزله، أو غير ذلك، التعليم والصحة والتموين كانت مكلفة بها سلطة الاحتلال الإسرائيلي، ولا تنقطع الدراسة ولا يمتنع الأطباء والمعلمون الفلسطينيون إلا احتجاجاً على ممارسة سلطة الاحتلال، لما يخالف القيم الوطنية، أما اليوم فحدث ولا حرج، إذ إن رهط السلطة قهروا الوطن والمواطن.

في ظل السلطة الأوسلوية تعمق الخلاف بين مكونات المجتمع الفلسطيني في الداخل والخارج، واعتقل شيخ السلطة ياسر عرفات وقتل مسموماً، وبدلاً من استقلال القرار الفلسطيني كما كان ينادى به قبل عام 1990، أصبح القرار الفلسطيني مشاعاً تتقاذفه الأهواء والمطامع الشخصية في الداخل، ويتسابق الآخرون من الخارج، السيدة كوندي تقرر، وكل أركان الكيان الإسرائيلي الذي لم يكتمل تكوينه يقرر، وخافير سولانا يقرر، وحسني باشا يشاور عقله: يقرر أو لا يقرر، توني بلير يقرر، وكل اللصوص ومصاصي الدماء الفلسطينية يقررون، وسليمان يقرر، وأبو الغيط يقرر، أقول: وحتى جرذان بيوت “السلطة العباسية” تقرر. لا بد من معرفة كنه اتفاق أسلو الملعون والمغضوب عليه فلسطينياً ومن العرب الشرفاء، كانت خطتا شارون (الليكود )، وبيريز (حزب العمل) لمشروع أوسلو مبنية على “أن تشرف “إسرائيل” وتهيمن على أكبر قدر من الأراضي تراه مفيداً لها، بما فيها الأراضي والموارد النافعة للزراعة ـ المياه ـ. ويكون تقسيم العمل بين السلطة الفلسطينية التي تتشكل، والسلطة الإسرائيلية يقوم على أساس تقسيم وظيفي، ويعني ذلك التقسيم أن “إسرائيل” من حقها السيطرة على الأراضي كاملة، أما السلطة العباسية فستكون مسؤولة عن الفلسطينيين المقيمين فيها، بمعنى أن تكون القوة الفلسطينية للمحافظة على أمن الإسرائيليين.

يقول الصحفي الإسرائيلي داني روبنشتاين عندما أعلنت مبادئ اتفاق أوسلو، اقتنعنا: “بأنه لم يقدم ولو تلميحاً عن حل للمشاكل الأساسية القائمة بين “إسرائيل” والفلسطينيين سواء على المدى القصير أم في المستقبل”، وأكد هذا القول اتفاق القاهرة عام 1994 الذي ضمن دون شك “بقاء المناطق التي يديرها رهط أوسلو ضمن المجال الاقتصادي الإسرائيلي، كما أن اتفاق القاهرة المشار إليه أعلاه يخول القضاء الإسرائيلي سلطة النقض “فيتو” ضد أي تشريع فلسطيني قد يعرض للخطر المصالح الإسرائيلية، كما أن السلطة الفلسطينية بمجملها خاضعة للقرارات الإسرائيلية في كل الشؤون المهمة.

بكل تأكيد نستطيع القول: إن اتفاقية أسلو وما تلاها من القاهرة عام 1994، مروراً بكل المؤتمرات، وفي كل العواصم، واللقاءات الثنائية والمتعددة من مدريد عام 1992 إلى واشنطن، وراي ريفر، كامب ديفد الأولى والثانية، وآخرها الحشد وتداحش العرب في مؤتمر أنابوليس الذي أمرت أمريكا جميع أطراف المستضعفين في العالم الذهاب إلى تلك المدينة الظالم أهلها، “أنابوليس” لم تجدِ نفعاً، ولم تقدم للشعب الفلسطيني سوى العار والدمار والخذلان، ولكن عصابة العشرة في السلطة حققت أهدافها المالية والوجاهة الناقصة.

آخر القول: استحوا من أنفسكم يا أصحاب السلطة والسلطان، وفِرُّوا إلى خارج الحدود، قبل أن يمزق الشعب أجسادكم.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات