مسؤول لجنة إغاثة فلسطينيي العراق يتحدث عن رحلة الشتات الجديدة ومعاناة اللاجئين

بدأت مأساة اللاجئين الفلسطينيين في العراق، مع بداية المأساة التي أصابت فلسطين بكلّ ما فيها عام 1948، لم يستقبل العراق أعداداً كبيرةًَ من الفلسطينيين الذي أخرجوا من ديارهم، فقد واصل عددهم عند احتلال بغداد إلى 35 ألف شخص فقط.
تعرّضوا بعد ذلك إلى حملة ممنهجة لم تقف عند الذبح والمطاردة والاعتقال، بل تعدّت ذلك لتصل إلى التشريد إلى “مخيمات الشتات” الجديد، الذي أضاف فصلاً آخر لكتاب المعاناة الفلسطينية.
بذور الأزمة
– هل كانت بوادر أزمة فلسطينيي العراق موجودة قبل الاحتلال الأمريكي؟
الأستاذ مشينش: ونحن نستعرض موضوع اللاجئين الفلسطينيين في العراق لا بد أن نعود قليلاً إلى الخلف لنضع أيدينا على السبب الرئيسي لمعاناة الفلسطينيين عموماً ومعاناة فلسطينيّ العراق بشكل خاص وهو الاحتلال الصهيوني، الذي احتلّ أرضنا الحبيبة فلسطين، وأبعد الفلسطينيين إلى مخيمات اللجوء دول الشتات ومنها العراق.
عاش الفلسطينيون في العراق مثلهم كمثل بقية اللاجئين في مناطق اللجوء، وكان هناك الكثير من المعاناة منها عدم إيجاد الصفة القانونية الواضحة للفلسطيني في العراق هل هو لاجئ أم هو ضيف أم هو أجنبي أم هو مواطن، لم تكن الصورة واضحة؛ وبالتالي كانت القوانين تبرز بشكل متناقض بحسب الحالة المزاجية للنظام في وقته.
بشكل عام كان هناك أزمة في السكن، كان هناك صعوبة في المعيشة وفي العمل، غير أنّ الوضع الصحي والتعليمي المتميز في العراق آنذاك أتاح أن ينال الفلسطيني في ذلك الوقت قسطاً من هذه المنفعة في مجالي الصحة والتعليم.
وهنا يجدر التأكيد على أنّ الفلسطيني في العراق لم يكن محسوباً على أي نظام أو على أي تيار أو فئة في داخل العراق الفلسطيني في العراق، لم يكن محسوباً في يوم من الأيام على أية طائفة أو أية فئة، ولكنه كان ضيفاً على كل العراقيين ويحب العراق كلّه من شماله إلى جنوبه وبكل طوائفه.
أول مخيم جديد
– ماذا عن مرحلة ما بعد احتلال العراق؟
الأستاذ مشينش: الآن بعد ما قدم الاحتلال الأمريكي إلى العراق برزت مشاكل كثيرة على جميع النواحي حتى بالنسبة للعراقيين أنفسهم، أصبح هناك حالة من الفوضى وانعدام الأمن وغير ذلك، وجرى على الفلسطينيين ما جرى على غيرهم من الناس الموجودين في العراق كعراقيين، ولكن مع مرور الوقت البسيط بداية الاحتلال الأمريكي تم استهداف الفلسطينيين وطردهم من البيوت التي كانت مستأجرة لهم لصالح دائرة الشؤون والرعاية الاجتماعية الخاصة بالفلسطينيين بالعراق، مما شكّل أول مخيم من مخيمات الشتات الجديدة للفلسطينيين في العراق الذي هو مخيم “العودة” الذي أقيم في ساحة نادي حيفا في حيّ البلديّات.
هذه الحالة أدت إلى عدم الاستقرار للفلسطينيين بالإضافة إلى أنهم معرضون في أي وقت لأن يطردوا من بيوتهم وبالتالي أصبح هناك ضغط نفسي على الفلسطيني في العراق، مما تسبب في أن البعض من الفلسطينيين لجأ إلى خارج العراق على الحدود الأردنية في مخيم “الرويشد” داخل الحدود الأردنية، والذي يبعد حوالي (35) كيلو متراً عن العاصمة عمّان.
استمر هذا المخيم لغاية عام 2007م، وكل اللاجئين في مخيم الرويشد تمّ التصرف معهم إما بترحيلهم إلى كندا أو إلى البرازيل والقليل منهم تم إدخالهم إلى العاصمة الأردنية عمّان لأن زوجاتهم أردنيات، ومع ذلك آثر الكثير من هؤلاء العودة إلى العراق أو إلى دول أخرى نتيجة عدم السماح له بالعمل أو وجود أي فرصة تسمح له بالعيش الكريم في الأردن.
تحريض هدد وجودهم
– ما هي أبرز ملامح التحريض الذي تعرّض أبناء العشب الفلسطيني الذين كانوا يقيمون في العراق؟
الأستاذ مشينش: خلال الفترة نفسها، وفي العام 2005م، بدأ بروز تيار طائفي شعوبي يستهدف كل ما هو عربي في العراق، وكل من هو فلسطيني بشكل خاص، وبدأ يعمل بشكل مخطّط ومبرمج ومدروس، فتمّ استهداف الفلسطينيين بشكل إعلامي من خلال اعتقال أربعة من الفلسطينيين واتهامهم زوراً بأنهم السبب في تفجيرات بغداد الجديدة في 12/5/2005 وتم عرضهم ثاني يوم مباشرةً على شاشة تلفزيون “العراقية”، طبعاً هذا الاعتقال كان بناءً على وشاية من شاب عراقي مختل عقلياً والأربعة الذين اعتقلوا يعرف عنهم البساطة حتى أن أحدهم يصل إلى حد السذاجة، وعرضهم على شاشة التلفزيون الرسمي وبهذه الطريقة كان تحريضاً واضحاً للعراقيين ضد الفلسطينيين، ووصل الأمر في بعض الحملات الإعلامية ضد الفلسطينيين إلى القول بأن هؤلاء الفلسطينيون ناكرون للجميل، نحن استضفناهم لم يحفظوا الجميل بل بالعكس قتلوا العراقيين و سفكوا دمائهم …إلخ.
بعد ذلك بدأت تتوافد مجموعة من العراقيين وترجم مجمع البلديات بالحجارة أو بوابل من الرصاص، يعلّقون لوحات من القماش (يافطات) على الشوارع مكتوب عليها “اخرجوا أيها الفلسطينيون الصداميون.. أيها الناكرون للجميل”.
نتيجة هذا الإعلام والتحريض المتواصل سواءً في التلفزيون أو في الصحف؛ أصبح هناك استهداف “مبرر” لأن الفلسطينيين صاروا بفعل هذه الحملات الكاذبة ناكرين للجميل وصدّاميين وتكفيريين وغير ذلك من المبررات التي استغلت لاستهداف الفلسطينيين، وأدّت زيادة شدّة الهجمات على الفلسطينيين إلى جعل مجموعات كبيرة تخرج إلى الحدود وكانت أول مجموعة خرجت، أرادت أن تلتحق بمخيم الرويشد لكن السلطات الأردنية أو قوات حدود المعبر منعته من ذلك وأجبرتهم على الرجوع إلى داخل الأراضي العراقية، فأقاموا مخيم داخل الحدود العراقية أسموه مخيم “الطريبيل” استمر فترة تقريباً ثلاثة شهور تقريباً.
مخيّمات الشتات الجديد
– حبّذا لو تكرمتم بتقديم نبذة عن هذا المخيم؟
الأستاذ مشينش: بخصوص هذا المخيم قامت لجنة إغاثة فلسطينيي العرق بالتواصل مع الأخوة في حركة “حماس”، ومع الإخوة في الحكومة السورية، وتواصل السيّد “خالد مشعل” رئيس المكتب السياسي لحماس مع الحكومة السورية، وكذلك الدكتور محمود الزهار وزير الخارجية الفلسطيني الأسبق، فتمت استضافتهم، ودخلوا إلى الأراضي السورية في يوم 9/5/2006، أول مجموعة كان عددهم في الطريبيل (181) شخصاً، أُلحق بهم أشخاص كانوا موجودين على الحدود آنذاك فأصبح مجموعهم (282) شخصاً، دخلوا مخيم الحسكة في ذلك اليوم، وكان قد سبقهم بسنة وستة أشهر مجموعة مكونة من ثمانية عشر شخصاً، فأصبح المجموع (300) أقاموا في مخيم في مدينة الحسكة السورية، المخيم يبعد (700) كيلو متراً عم العاصمة دمشق، ويبعد حوالي خمسين كيلو متر عن مدينة الحسكة، وجدير بالذكر أيضاً أن سكان المخيم يعيشون داخل سور كبير.
سكنوا الخيام أول ما قدموا إلى مخيم الهول؛ حيث كانت توزع عليهم الخيام والمساعدات الغذائية من قبل مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، ولكن هذه المساعدات لم تكن كافية، وكانت لجنة إغاثة فلسطينيي العراق في تواصل دائم وإمداد متواصل للاجئين بالدعم المادي والمعنوي والإغاثي، وكان مما أسعد اللاجئين الزيارة التي قام بها آنذاك وزير اللاجئين الدكتور عاطف عدوان يوم 25/5/2006، كان وزير اللاجئين قدم من فلسطين لزيارة اللاجئين وقام برفع معنوياتهم وتوزيع مبالغ نقدية أدخلت السرور والفرح على قلوبهم آنذاك، كانوا يأملوا بأن تتحسن أوضاعهم ويسمح لهم بالدخول بشكل رسمي في داخل الأراضي السورية لكن لحدّ الآن وضعهم القانوني لا يسمح لهم، فبطاقة المخيم تسمح لهم بزيارة دمشق في حال العلاج أو للظروف الخاصة.
– ومخيم “التنف”؟
الأستاذ مشينش: مخيم “التنف” هو المخيم الذي جاء مباشرة بعد مخيم الهول، يقع بين الحدود العراقية والحدود السورية، هذا المخيم بدأ من (40) شخصاً، ثمّ (60)، ثمّ (120) إلى أن وصل عدده اليوم إلى (970) شخصاً تقريباً.
هذا المخيم مرّت به الكثير من الحوادث، وضعه صعب جداً، لأنه أهله لا زالوا يعيشون في خيم، ورحل من هذا المخيم حوالي (116) فرداً إلى “تشيلي”، وزعوا إلى ثلاث مناطق في تشيلي وهناك (155) فرداً ينتظرون الذهاب إلى السويد خلال الأيام القليلة القادمة بعد أن تم تجهيز جوازات سفر لهم، وهناك أيضاً عائلة تنتظر السفر إلى سويسرا لأنّ ربّ الأسرة مريض ويحتاج إلى علاج وينتظروا الذهاب إلى سويسرا وعدد أفراها أحد عشر فرداً.
المخيم كله بحالة صعبة، الجميع يراقب وينتظر ويأمل بأن يحلّ عليهم الفرج قريباً، من القريب أولاً ثم من البعيد إذا لم يستطع القريب أن يمدّ يد العون لهم.
– هل هناك مخيّمات أخرى للاجئين الفلسطينيين من العراق؟
الأستاذ مشينش: نعم، على بعد كيلو مترات قليلة لكن داخل الحدود العراقية، يوجد مخيّم “الوليد”، وهذا المخيم من أكبر المخيمات الموجودة في الوقت الحالي ويضم حوالي (1887) شخصاً، سفّرت منه بعض الأسر بشكل فردي ومتقطع بحالة تجذب الانتباه، فقد غادرت أسرتان إلى السويد، وأربع أسر للدنمارك والنرويج، وخمس أسر لهولندا، ثمان أسر تضمّ أرامل وأطفال غادروا إلى أيسلندا، وبعض الأسر الآن تنتظر دورها، البعض إلى أمريكا وبعضها إلى أستراليا.
فالفلسطيني في العراق مستهدف في عدة مناحٍ، أما في داخل العراق فالاستهداف بالتهديد والقتل والتعذيب والترويع والتهجير، وإذا حالفه
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

تحذير أمني من تكرار جيش الاحتلال الاتصال بأهالي غزة وجمع معلومات عنهم
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام حذرت منصة أمن المقاومة (الحارس)، الأحد، من تكرار جيش الاحتلال أسلوبا خداعيا عبر الاتصال على المواطنين من أرقام تُظهر...

الزغاري: نرفض المساس بحقوق أسرانا وعائلاتهم
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس جمعية "نادي الأسير الفلسطيني" الحقوقية، عبد الله الزغاري، إنّ صون كرامة أسرانا وحقوق عائلاتهم يشكّل...

الأورومتوسطي: حديث نتنياهو عن مواصلة هدم بيوت غزة نسخة معاصرة للتطهير العرقي
جنيف – المركز الفلسطيني للإعلام قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، إن حديث رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، عن أن "إسرائيل ستواصل تدمير بيوت...

حماس تعلن نيتها إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي مزدوج الجنسية الأميركية عيدان ألكسندر
الدوحة – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس حركة "حماس" في غزة، رئيس الوفد المفاوض، خليل الحية، الأحد، إنه "في إطار الجهود التي يبذلها الإخوة الوسطاء...

البرلمان العربي يدعو لتأمين ممرات إنسانية عاجلة إلى غزة
القاهرة – المركز الفلسطيني للإعلام وجه البرلمان العربي رسائل عاجلة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، والمفوض السامي لحقوق الإنسان، والمديرة...

نتنياهو: سنضم 30% من الضفة الغربية
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إن تل أبيب "ستكون قادرة على ضمّ 30%" من الضفة الغربية....

الجهاد: لن نطلق سراح أسرى الاحتلال ما لم تتوقف الحرب
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام قال نائب الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي محمد الهندي، إن المقاومة الفلسطينية لن تطلق سراح الأسرى الإسرائيليين ما...