انتخابات «كاديما» والصراع الداخلي في إسرائيل

صحيفة البيان الإماراتية
تكاد الأخلاق أن تختفي في التحضيرات الجارية للمعركة الانتخابية داخل حزب كاديما للفوز بموقع رئيس الحزب بين المتنافسين الاثنين الأكثر حظوة، وهما وزيرة الخارجية الحالية تسيبي ليفني، ووزير الحرب السابق الجنرال شاؤول موفاز، وعلى ضوء إمكانية انسحاب للمرشحين الآخرين المحتمل للوزيرين آفي ديختر ومئير شطريت من السباق قبل الجولة الأولى.
ففي بداية إعلامية صاخبة بين ليفني وموفاز على صفحات الصحف العبرية الصهيونية فإن الأجواء تتحدث عن نفسها في معركة تنافسية بين الاثنين يتوقع لها أن تكون أكثر فأكثر قذارة، وينتظر لها خلال الأيام القادمة أن تصل إلى المواجهات التلفزيونية، بعد أن امتلأت الملصقات والأجواء داخل حزب كديما في الصراع بينهما في مناخات أعادت التذكير بما جرى في آخر انتخابات تمت داخل حزبي الليكود والعمل.
فيما تحاول تسيبي ليفني في الوقت نفسه تهيئة نفسها والاستعداد لمعركة رئاسة الوزراء بعد فوزها برئاسة كاديما، متوجهة نحو جمهور الليكود وحزب العمل على حد سواء من الذين سيتمكنون من التصويت لها ولحزب كاديما حال كانت تسيبي ليفني على رأس كاديما وليس الجنرال موفاز، انطلاقاً من أفكارها السياسية ذات السمة البراغماتية، خصوصاً وأن الفوارق داخل الخريطة الحزبية الإسرائيلية بين اليسار واليمين قد تلاشت عملياً منذ زمن.
حيث كل من يصل إلى القيادة الأولى يقود نفس المفاوضات مع الطرف الفلسطيني وحتى السوري وبنفس الروحية مع نفس النتائج والمشاريع التي يصبو إليها.
وتعتقد المصادر المتابعة للوضع الداخلي الإسرائيلي بأن عملية الاصطفافات والانتخابات داخل الحزب الواحد كالانتخابات الرئاسية المتوقعة لرئاسة كاديما في النصف الثاني من الشهر الجاري، وحتى انتخابات الكنيست، باتت تتأثر إلى حد بعيد بالعوامل والسمات الشخصية، حيث تبدو هنا تسيبي ليفني كونها امرأة تتعاطى السياسة بحرفية ومهنية ودبلوماسية صورة معاكسة للجنرالات الثرثارين من أصحاب الوعود الهائلة والإخفاقات الكثيرة.
وكلما اقترب موعد الانتخابات التمهيدية لحزب كاديما، رفع المتنافسان الرئيسيان مستوى المنافسة بينهما، فالجنرال شاؤول موفاز يركز على «انعدام التجربة» لدى تسيبي لفني كزعيمة ممكنة، وصفاً إياها بأنها ذات «شخصية ضعيفة وغير متمرسة، مع ماض من قرارات غير ناجحة».، كما يسلط نقدها عليها باعتبارها لا تستطيع إدارة دولة وحدها، كما يعمل على إثارة المخاوف خشية من طموحها بتحويل حزب كاديما «لحركة يسارية ذات قيم اقتصادية واجتماعية وثقافية حمائمية».
أما ليفني فتواصل تشكيكها باستقامة الجنرال شاؤول موفاز القادم أصلاً لحزب كاديما من حزب الليكود، ومشيرة إلى انتهازيته الذي بعد يوم واحد من إعلانه «الليكود هو بيتي والبيت لا يترك» ـ ترك وانضم إلى حزب كديما. وفضلاً عن ذلك فإن تسبي ليفني وبعضاً من معارفه يقللون من قدراته الثقافية والعلمية، ويقولون عنه النكتة الدارجة في أنه عندما «وزع الله الحكمة لم يكن هو واحداً في الطابور أصلاً».
وعلى هذا الأساس فقد وصلت ليفني في مسار معركتها التنافسية مع موفاز إلى التشكيك بوضعه الصحي أيضاً، حيث تدرك ليفني أن من الأهمية بخبر أن يعرف الناخب مسبقاً إن كان مرشحه يعاني من خلل صحي من شأنه أن يمس بأدائه، وذلك قبل أن تتحدث عن نواياه وخططه السياسية في برنامجه لرئاسة الحزب وكمرشح لرئاسة الحكومة.
ففي نتائج استطلاع أجرته صحيفة «معاريف» أجري في أوساط عينة عشوائية بلغت (400) منتسب من أعضاء حزب كاديما قفزت حظوظ تسيبي لفني لأول مرة بسهولة وبعيداً عن خطأ العينة العشوائية الاستطلاعية، عن حاجز الأربعين في المائة اللازمة للفوز في الجولة الأولى، حيث قال (9. 48%) من المستطلعين إنهم سيصوتون لها.
وقال (9. 27%) إنهم سيصوتون للجنرال شاؤول موفاز. وبتعبير آخر، حسب الاستطلاع لن تكون هناك جولة ثانية حيث ستفوز حينها تسيبي ليفني في انتخابات كاديما الداخلية في السابع عشر من أيلول/سبتمبر الجاري. وقد لوحظ اتساع نطاق التأييد الداخلي في حزب كاديما لوزيرة الخارجية تسيبي ليفني لتتسع الفجوة بينها وبين موفاز، فالمزيد من الأعضاء (47%) يرون في لفني المرشحة المناسبة والملائمة أكثر من غيرها لرئاسة الوزراء، مقابل موفاز الذي حصل على (8. 27%).
كما تشير نتائج الاستطلاع عبر العينة ذاتها بأن شعور الارتياح لدى أعضاء كديما يصب بالقرب من آرائها بواقع (6. 42 في المائة) أكثر من آراء موفاز الذي حصل على نسبة (1. 28 في المائة)، وبالتالي فان هناك أغلبية تعتقد أنها ستنتصر في هذه الانتخابات (3. 49%)، وموفاز (7. 31 في المائة).
ويعتقد آخرون من المحللين والمتبعين للشأن الإسرائيلي الصهيوني الداخلي بضرورة عدم الركون لنتائج استطلاعات الرأي التي يمكن أن تتقلب من حين لآخر تبعاً لظروف ومعطيات قد تستجد على أرض الواقع، وقد تقود لتحولات دراماتيكية قبيل الانتخابات، خصوصاً.
وأن الجنرال موفاز يتمتع بآلية أسرع وأفعل لتحريك الناخبين من أعضاء كاديما بحكم تجربته العسكرية وعلاقاته مع أعضاء كاديما من ذوي الأصول العسكرية وهم كتلة هامة ومؤثرة داخل كاديما يستطيع عبرها إملاء الباصات بالمصوتين وجلبهم إلى صناديق الاقتراع، خلافاً لتسيبي ليفني التي يسمى ناخبوها «ناخبون أحرار من الأفراد».
في الوقت ذاته، فإن نتائج استطلاعات الرأي الأخيرة داخل التجمع اليهودي على أرض فلسطين التاريخية تشير إلى تراجع بطيء لأسهم حزب كاديما في الشارع الإسرائيلي، مع تحول ملحوظ لصالح حزب الليكود بزعامة بنيامين نتانياهو. ومن المنطقي كما عودتنا الساحة الإسرائيلية أن لا تكون استطلاعات الرأي مصدراً للحكم النهائي أو شبه النهائي لنتائج الانتخابات القادمة للكنيست السابعة عشر.
ويمكن ترجيح وجهة النظر التي تقول بأن غياب شارون بحكم موته السريري وما تبعه من انتكاسات وقع بها خليفته إيهود أولمرت قد أضفى شيئاً من التراجع في حضور حزب كاديما وسط الجمهور اليهودي، فالحياة السياسية من دون أرييل شارون تصبح بالضرورة مختلفة كلياً داخل أوساط «اليمين ويمين الوسط» في “إسرائيل” بعد أن فقدت أحد أهم ديناصوراتها.
كاتب فلسطيني ـ دمشق
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

مسؤولون بالبرلمان الأوروبي يطالبون إسرائيل بإنهاء حصار غزة فورا
المركز الفلسطيني للإعلام طالب قادة العديد من الجماعات السياسية في البرلمان الأوروبي اليوم السبت، إسرائيل بالاستئناف الفوري لإدخال المساعدات...

جراء التجويع والحصار .. موت صامت يأكل كبار السن في غزة
المركز الفلسطيني للإعلام قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إنّه إلى جانب أعداد الشهداء التي لا تتوقف جرّاء القصف الإسرائيلي المتواصل، فإنّ موتًا...

إصابات واعتقالات بمواجهات مع الاحتلال في رام الله
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام أُصيب عدد من الشبان واعتُقل آخرون خلال مواجهات اندلعت مع قوات الاحتلال الإسرائيلي في عدة بلدات بمحافظة رام الله...

القسام ينشر مقطع فيديو لأسيرين إسرائيليين أحدهما حاول الانتحار
المركز الفلسطيني للإعلام نشرت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، السبت، مقطع فيديو لأسيرين إسرائيليين ظهر أحدهما بحالة صعبة وممددا على الفراش....

جرائم الإبادة تلاحق السياح الإسرائيليين في اليابان
المركز الفلسطيني للإعلام في خطوة احتجاجية غير مسبوقة، فرضت شركة تشغيل فنادق في مدينة كيوتو اليابانية على الزبائن الإسرائيليين توقيع تعهد بعدم التورط...

سلطة المياه: 85 % من منشآت المياه والصرف الصحي بغزة تعرضت لأضرار جسيمة
المركز الفلسطيني للإعلام حذرت سلطة المياه الفلسطينية من كارثة إنسانية وشيكة تهدد أكثر من 2.3 مليون مواطن في قطاع غزة، نتيجة انهيار شبه الكامل في...

تقرير: إسرائيل تقتل مرضى السرطان انتظارًا وتضعهم في أتون جريمة الإبادة الجماعية
المركز الفلسطيني للإعلام حذر المركز الفلسطيني لحقوق الانسان، من إصرار دولة الاحتلال الاسرائيلي على الاستمرار في حرمان مرضى الأورام السرطانية من...