الثلاثاء 13/مايو/2025

اللاجئون الفلسطينيون وحقهم الطبيعي المشروع في العودة

اللاجئون الفلسطينيون وحقهم الطبيعي المشروع في العودة

صحيفة الدستور الأردنية

صدرت قبل أيام تصريحات غريبة ومرفوضة عن مسؤولين في السلطة الفلسطينية حول قضية اللاجئين الفلسطينيين وحقهم في العودة إلى وطنهم وأرضهم ومدنهم وقراهم، تضمنت هذه التصريحات القول بأن السلطة لا تستطيع المطالبة بعودة ملايين اللاجئين الفلسطينيين من قادة الكيان الصهيوني، مثلما جاء في وثيقة نشرتها الصحف وصفتها بأنها مقترحات قدمتها وزيرة الخارجية الأمريكية خلال زيارتها الأخيرة إلى حكومة أولمرت، والسلطة الفلسطينية جاء فيها حول قضية اللاجئين الفلسطينيين بأن يتم البحث عن حل خلاق لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين خلال ثمانية عشر شهراً على أن لا يتضمن عودتهم باستثناء خمسين عائلة على مدار ثلاث سنوات، وطلبت رايس في وثيقتها من حكومة أولمرت الموافقة على عودة اللاجئين الفلسطينيين في العراق ولبنان إلى أراضي الدولة الفلسطينية المقترح إقامتها فوق أراض في الضفة الغربية.

هذه التصريحات الفلسطينية تمثل طبعاً تنازلاً عن حقوق شعبنا العربي الفلسطيني بعامة واللاجئين الفلسطينيين بخاصة وتعتبر خروجاً على الإجماع الوطني الفلسطيني وانتهاكاً للثوابت الوطنية الفلسطينية التي أكد عليها ميثاق منظمة التحرير الفلسطينية. مثلما تمثل مواقف رايس، وكالعادة، انحيازاً سافراً للصهاينة الذين يرفضون مجرد البحث في قضية عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم، كما تمثل استهتاراً بالدولة الفلسطينية الموعودة عندما تطلب الموافقة على عودة اللاجئين في العراق ولبنان من الصهاينة وليس من قادة الدولة الفلسطينية المنتظرة.

ومن المعلوم للجميع أن الحركة الصهيونية قد أقدمت على استخدام القوة لإجبار أكثر من 940 ألف فلسطيني على الخروج من أراضيهم وديارهم ومدنهم وقراهم عام 1948م وذلك وفقاً لما ذكره تقرير الأمين العام للأمم المتحدة في ذلك الحين للجمعية العامة في شهر حزيران من عام 1949م وقد تزايد هذا العدد عبر السنين ليصل إلى ما يقارب السبعة ملايين لاجئ فلسطيني أي ما يعادل 70% من مجموع عدد الفلسطينيين، وتعتبر قضية اللاجئين الفلسطينيين مكوناً أساسياً من مكونات الصراع العربي الصهيوني ومظهراً وسبباً في استمرار هذا الصراع كما تشكل أيضاً إحدى النقاط الجوهرية الرئيسية في مفاوضات ما يسمى بالوضع النهائي إلى جانب المستعمرات الاستيطانية والقدس والمياه والحدود الأمر الذي يؤكد على مركزية هذه القضية ومدى أهميتها وعليه فإن الأمن والاستقرار في المنطقة لا يمكن أن يسود ما لم تحل هذه القضية حلاً عادلاً ومنصفاً لأصحابها ويتمثل هذا الحل في عودة اللاجئين إلى ديارهم التي تم تشريدها قسراً منها، كون هذه العودة حقاً تاريخياً وقانونياً وإنسانياً أكدت عليه وكفلته الاتفاقيات والقرارات الدولية، حيث نص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عام 1948م في المادة 13 على حق كل إنسان في العودة إلى بلاده، مثلما أكدت على هذا الحق اتفاقية جنيف لعام 1949م. كما أكد قرار هيئة الأمم المتحدة رقم 194 الصادر في الحادي عشر من شهر كانون الأول لعام 1948م على حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم والتعويض عليهم عن المعاناة والخسائر التي لحقت بهم إضافة إلى قرارات أخرى أكدت على هذا الحق ولا يمكن النظر إلى هذه المواثيق والقرارات بمعزل عن الظروف التاريخية والسياسية والقانونية المحيطة بها، كما لا يمكن فصلها بأي شكل من الأشكال عن القضية الأساس والتي كانت قضية اللاجئين الفلسطينيين إحدى نتائجها، وهي القضية الفلسطينية كما لا يمكن عزلها عن الكيفية التي تم من خلالها إنشاء الكيان الصهيوني الغاصب فوق أرض فلسطين العربية حيث البطش والإرهاب والقتل والتشريد.

ونؤكد على حق العودة للاجئين الفلسطينيين كحق طبيعي وشرعي يتمسك به ملايين اللاجئين أصحاب هذا الحق، مثلما يتمسك به شعبنا الفلسطيني رغم خروج فئة منه على هذا الحق سواء في جنيف أم الموافقة على المبادرة العربية التي تعاملت مع هذه القضية بشكل ملتبس بمعنى أنها لم تنص صراحة على حق العودة واكتفت بالإشارة إلى حل قضية اللاجئين حلاً عادلاً يتم التفاوض حوله مع الصهاينة الذين يرفضون الاعتراف بهذا الحق وعملوا وبدعم من الشركاء في الإدارات الأمريكية على طي ملف اللاجئين الفلسطينيين وتنكروا لقرارات الشرعية الدولية التي أكدت على هذا الحق عبر رفضهم القبول بهذه القرارات وبأية مسؤولية إزاء القضية برمتها.

وما دمنا بصدد إجهاز الصهاينة على بند هام من بنود ما يسمى بالحل النهائي فإننا نرى من واجبنا أن نذكر دائماً بمواقفهم من القضايا الأخرى وخاصة قضية القدس العربية حيث يعتبر اليهود والصهاينة أن القدس بحدودها القائمة حالياً، التي تضم المستعمرات الاستيطانية حولها، عاصمة موحدة لكيانهم وأن على الفلسطينيين الاعتراف بهذا الأمر مقابل اعتراف الصهاينة بمركز فلسطيني خارج حدود المدينة وفتح الطريق إلى المقدسات الإسلامية والمسيحية وكذلك مواقفهم من المستعمرات الاستيطانية فهم يصرون على رفض أي اتفاق يتضمن بنداً ينص على إزالة هذه المستعمرات من أرض “إسرائيل” الغربية على حد زعمهم بأن أرض فلسطين كاملة هي “أرض الميعاد” كما يرفضون الانسحاب الكامل من الأرض المحتلة عام 1967م حتى خطوط الرابع من حزيران عام 1967م بل يقبلون بالانسحاب من أجزاء من هذه الأرض مع تمسكهم بوضع قوات عسكرية مسلحة على طول نهر الأردن.

أمام هذه المواثيق والشروط يمكن أن يقبلوا بقيام كيان فلسطيني منزوع السلاح إلا من سلاح قوة من الشرطة، وليس لهذا الكيان أن يوقع أي اتفاق عسكري أو أي اتفاق آخر يهدد سلامة كيانهم وأمنه وفق مفهومهم الخاص لأمن هذا الكيان الغاصب.

إن هذه المواقف والاشتراطات الصهيونية وخاصة تلك المتعلقة باللاجئين والقدس متفق عليها وموضع إجماع من جميع الأحزاب والفئات الصهيونية واليهودية في الكيان الصهيوني وبالتالي فإن أي مراهنة على التوصل لحل للصراع العربي – الصهيوني يعيد للفلسطينيين والعرب حقوقهم المشروعة مراهنة خاسرة ذلك لأن الصهاينة يتمسكون بمواقفهم وبناء كيانهم “كدولة يهودية” تسعى لتحقيق المشروع الصهيوني الاستعماري الاستيطاني التوسعي الاحلالي من جهة ولأن شعبنا العربي الفلسطيني ومعه أبناء الأمة العربية يتمسكون بحقوقهم المشروعة وخاصة حق اللاجئين بالعودة إلى ديارهم ومدنهم وقراهم وهم يعتبرون أية اتفاقيات أو تصريحات أو مواقف لبعض الفلسطينيين أو العرب حول التنازل عن هذا الحق أمراً مرفوضاً بالمطلق وسوف يعملون على مقاومته وإسقاطه لأن شعبنا الفلسطيني لا يمكن أن يقبل مصيراً مماثلاً لمصير الهنود الحمر وسوف تبقى قضية اللاجئين الفلسطينيين قنبلة موقوتة تنفجر في وجه كل من يتآمر على هذه القضية.

ولنا أن نؤكد على أن مقاومة التنازلات والاحتلال الصهيوني سوف تستمر حتى استعادة الأرض والحقوق المسلوبة مهما غلت التضحيات.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات