الإثنين 12/مايو/2025

قوات عربية إلى قطاع غزة!!

قوات عربية إلى قطاع غزة!!

صحيفة الدستور الأردنية

الآن، وبعد أن صرّح وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط بأن بلاده تدرس فكرة السماح بإرسال قوات عربية إلى قطاع غزة لمنع الاقتتال الفلسطيني وحماية الفلسطينيين من الهجمات الإسرائيلية، الآن يمكن القول إننا إزاء موقف يستحق الكثير من الاهتمام، لا سيما أن المتحدث ليس وزير خارجية موريتانيا أو جيبوتي، وإنما وزير خارجية الدولة العربية الأكبر، والتي تشكل المنفذ الوحيد لقطاع غزة على العالم الخارجي (إلى جانب دولة الاحتلال بالطبع)، والأهم أنه وزير خارجية الدولة التي لا تنقطع صلاتها مع الإسرائيليين، ولا يمكنه طرح مثل هذا الاقتراح لولا توفر ضوء أخضر من تل أبيب وواشنطن، هما اللتان يستمزج رأيهما فيما هو دون ذلك من القضايا.

وفيما يعلم الجميع أن تنفيذ اقتراح من هذا النوع لا بد له من موافقة حركة حماس (بعد موافقة الإسرائيليين بالطبع) التي ردت برفضه منذ كان مجرد تسريبات صحفية، الأمر الذي تكرر إثر تصريحات أبو الغيط، فإن احتمال أن يكون المقترح شكلاً من أشكال الضغط على الحركة يبدو وارداً بقوة، وبالطبع كي تبادر إلى تغيير منظومة مواقفها على الصعيد التكتيكي، وربما الإستراتيجي كذلك (من التهدئة إلى الحصار وشاليط، وحتى استعادة “الوحدة”، وبالطبع، تحت سقف برنامج السلطة التفاوضي (خريطة الطريق ومقتضياتها)، أو حتى وثيقة التفاهمات أو اتفاق الرف أو أي شيء مشابه).

يحدث ذلك، فيما اقتنع المصريون الذين دخلوا على خط حماس غزة بالطول والعرض، وبمختلف الوسائل المشروعة وغير المشروعة، وبالطبع خلال عامين من التعامل اليومي، ومراقبة ما يجري على الأرض في القطاع الذي يخترقونه على نحو لا يقل عن الإسرائيليين: مستغلين كونهم نافذته الوحيدة على الخارج: اقتنعوا (أعني المصريين) أن الهاجس الأساسي لحماس هو الحيلولة دون استعادة الوضع القديم الذي سيحوّلها بالضرورة إلى فصيل برسم المطاردة والاستئصال، ليس تسهيلاً لمرور برنامج سياسي فحسب، بل أخذ بالثأر كذلك، ما يدفعها إلى الاعتقاد (هكذا قد يفكر أصحاب الاقتراح)، بأن القوات العربية قد تحول دون شيء كهذا، ما يجعل المقترح قابلاً للنقاش من الأساس، فكيف حين يغدو مشروعاً تتبناه الجامعة العربية.

بعيداً عن لغة الاحتمالات هذه، فإن المؤكد أن المقترح الجديد، على ما يطرحه من احتمالات وأسئلة كثيرة، هو ورقة الساحر الجديدة للتخلص من تبعات الوضع “الشاذ” في القطاع، والآخذ في الترسخ بمرور الوقت، والذي يحول دون تمرير أي رؤية سياسية مهما كانت، لا سيما أن الوسائل الأخرى للتخلص منه تتراوح ما بين مستحيلة، وبين أخرى ذات تداعيات يصعب احتمالها.

أكثر من عام على الحصار لم تسقط حماس في القطاع، ولا ثارت الجماهير ضدها، فيما يعلم الجميع أن الإسرائيليين لم يعودوا في وارد خوض مغامرة عسكرية يدركون أنها ستكون باهظة الثمن: هم الذين يراقبون بعناية تسعفها تقارير كثيرة من هنا وهناك تنامي القوة العسكرية لحماس واستعداها لخوض معركة شرسة ضد الغزاة، أما تشديد الحصار وصولاً إلى تثوير الناس، فلن يتم ضد حماس وإنما ضد مصر، كما وقع من قبل بهدم معبر رفح، وذلك هو سر عملية التنفيس التي تجري بين حين وآخر، كما وقع خلال اليومين الأخيرين.

إن فكرة القوات العربية هي محاولة لتجاوز هذا المأزق المشترك للأطراف المعنية بالملف (تل أبيب، القاهرة، واشنطن، رام الله)، كما هي تعبير عن هبوط السقف العربي في التعاطي مع القضية الفلسطينية، والسبب هو أن غزة ما تزال تحت الاحتلال الذي سيتخلص من التبعات التي تفرضها عليه المواثيق الدولية، بينما سيكون بوسعه استهداف من شاء من دون رد من تلك القوات، والأسوأ أنه سيفتح الباب تالياً لتجربة مماثلة في الضفة الغربية تحت سقف الدولة المؤقتة منقوصة السيادة، وبالطبع في ظل غياب أي احتمال لتسوية تمنح الفلسطينيين دولة كاملة السيادة على سائر الأراضي المحتلة عام 67.

خلاصة القول هي أننا إزاء وضع عربي متراجع لا ينتج غير المقترحات البائسة، مع أن الأوضاع الدولية المستجدة ينبغي أن تمنحه الكثير من التماسك في مواجهة الضغوط الأمريكية الصهيونية.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

نتنياهو: سنضم 30% من الضفة الغربية

نتنياهو: سنضم 30% من الضفة الغربية

رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إن تل أبيب "ستكون قادرة على ضمّ 30%" من الضفة الغربية....