لقاء خاص مع الدكتور محمد أكرم العدلوني الأمين العام لمؤسسة القدس الدولية

تزداد المخاطر المحيطة بالقدس الأسيرة يوماً بعد يوم، ومعها تزداد قلوب الجماهير العربية والإسلامية تعطّشاً لمن يوضّح لها الصورة، ويبيّن لها الملتبس، ويكشف المستور..
إسهاماً من “المركز الفلسطيني للإعلام” في فضح جرائم الاحتلال في القدس الشريف، وتسليط الضوء على ما تتعرّض له المدينة المقدّسة من تهديدات صهيونية تستهدف وجودها وهويتها الحضارية العربية الإسلامية، كانت هذه المقابلة مع الدكتور محمد أكرم العدلوني الأمين العام لمؤسسة القدس الدولية، التي تتخّذ من بيروت مقرّاً مؤقتاً لها.
نبدأ بـ”مؤسسة القدس الدولية”، الرسالة والأهداف؟
1. مواجهة المخططات الصهيونية لتهويد القدس ومنع طمس معالمها الحضارية.
2. تثبيت وجود الشعب الفلسطيني في القدس وتوفير جميع مقومات صموده.
3. نشر الوعي والفهم الدقيق لطبيعة الصراع مع الصهيونية وخطره على القدس.
4. تعزيز التفاهم الإسلامي-المسيحي حول القدس فلسطينيًّا وعربيًّا ودوليًّا.
5. توحيد الموقف الفلسطيني والعربي والإسلامي وجمعه حول مشروع إنقاذ القدس.
6. كشف الممارسات اللاإنسانية ضد الشعب والأرض والمقدسات والمؤسسات.
ما الذي تقدّمونه على الصعيد العملي الذي يلامس الحياة اليومية للمواطن المقدسي؟
تتبنى مؤسسة القدس الدولية تنفيذ مجموعة من المشاريع بشكل مدروس ومتكامل، بالتنسيق مع العديد من الهيئات والمؤسسات العاملة في القدس.
وتحاول المؤسسة أن تغطي في مشاريعها القطاعات كافة التي تحتاج إليها القدس وسكانها، وبالتالي فالمشاريع تشمل الحفاظ على المقدسات، وتوفير ودعم البنى التحتية، ودعم التنمية البشرية والاجتماعية، والاعتناء بالبيئة والممتلكات والموارد الزراعية، وتغطية شؤون وشجون القدس إعلاميّاً وتعبئة الجماهير لنصرتها.
كما تعمل المؤسسة على تنظيم الحملات الدولية من أجل القدس، وإنشاء الروابط الأهلية والمهنية العاملة للقدس، إضافة إلى إنشاء الصناديق الخيرية والأوقاف الإسلامية حفاظاً على القدس وهويتها.
هلاّ وضعتنا في صورة المخاطر التي تتهدّد المدينة المقدّسة؟
تعيش مدينة القدس اليوم في مرحلةٍ حاسمةٍ من تاريخها، فبعد 40 عاماً من سيطرته عليها لا زال المحتلّ يشعر بالعجز أمامها، فعلى الرّغم من أنّه يُسيطر على كلّ مفاصلها ومقدّراتها بما في ذلك سكّانها الفلسطينيّين ومسجدها الأقصى، إلاّ أنّه لم يتمكّن حتّى اليوم من تحويلها إلى “عاصمة للشعب اليهوديّ” التي كان المشروع الصهيونيّ يَعِد اليهودَ بها.
ونتيجةً لهذا الشعور بالعجز، مضافاً له فشل الاحتلال في غزّة ولبنان، والمأزق السياسيّ الداخليّ الذي تعيشه الأحزاب السياسيّة في دولة الاحتلال، فقد أصبح تهويد القدس يحتلّ رأس قائمة الأولويّات لدى القائمين على المشروع الصهيونيّ، فهم من ناحية يريدون أن يُثبتوا لأنفسهم ولجمهورهم أنّ المشروع الصهيونيّ لم يفشل في هذه المدينة، ومن ناحية أخرى فإنّ القدس تمثّل حبل نجاةٍ لهم للخروج من مستنقع إخفاقهم في لبنان وغزّة، وتُمثّل مادّة مزاودةٍ انتخابيّةٍ غنيّةٍ، يُمكن أن تستقطب أصوات النّاخبين من مختلف الانتماءات، خصوصاً المتديّنين ذوي النفوذ الواسع في مدينة القدس، والأحزاب الدينيّة التي غالباً ما تلعب دور “بيضة القبّان” في ترجيح الكفّة لصالح أحد الأحزاب الكبرى.
وضع القدس هذا، أدّى إلى تكثيف الاحتلال لنشاطاته الرامية لتهويد المدينة على مختلف الصعد؛ فعلى صعيد الاستيطان أعلن الاحتلال منذ مؤتمر أنابوليس وحتّى اليوم عن عطاءات لبناء أكثر من 17000 وحدة سكنيّة شرقيّ المدينة، أيّ أنّ النشاط الاستيطانيّ شرقيّ المدينة تضاعف أكثر من عشرة أضعاف خلال 9 أشهر فقط، ويرمي الاحتلال من خلال ذلك إلى تثبيت الأغلبيّة السكانيّة اليهوديّة في مدينة القدس والتي تناقصت من 74% عام 1967 إلى 66% عام 2005، هذا الهاجس الديمغرافيّ كان أيضاً أحد الأسباب الرئيسة في إقامة الجدار العازل حول مدينة القدس وتحديد مساره، فـ”غلاف القدس” الذي أنهى الاحتلال بناء أكثر من 75% منه، سيُخرج عند انتهائه أكثر من 155 ألف مقدسيّ من المدينة وسيحتجز أكثر من 250 ألف مقدسيّ داخله قاطعاً اتّصالهم بمحيطهم الفلسطينيّ.
أمّا على صعيد مشروع الاستيلاء على المسجد الأقصى، فقد شهدت دولة الاحتلال خلال الأعوام الأخيرة تحوّلاتٍ مهمّة على المستوى السياسيّ والدينيّ والقانونيّ تصبّ باتّجاه تسريع هذا المشروع، الذي تُعدّ شبكة الحفريات والأنفاق في المسجد الأقصى ومحيطه التطبيق العملي الأوّل والأهمّ له، وقد شهدت هذه الشبكة خلال العامين الماضيين نشاطاً منقطع النظير لناحية توسيعها وتجهيزها وربط أجزائها التي تطال كلّ جهات المسجد الأقصى ببعضها، وذلك بهدف تأسيس مدينةٍ مقدّسةٍ يهوديّةٍ بموازاة البلدة القديمة التي تحوي المقدسات الإسلامية والمسيحيّة، وتحتوي هذه المدينة على 18 موقعاً للحفريّات بينها 7 مواقع ما زالت الحفريّات فيها نشطة بينما افتتحت الـ11 الباقية للزوّار، وتتوزّع هذه المواقع على جهات المسجد الأقصى، فـ7 منها تقع في الجنوب وتحديداً في ضاحية سلوان، بينما تقع 10 منها غرب المسجد الأقصى، ويقع الموقع الأخير شمال المسجد تحت المدرسة العمريّة المطلّة على درب الآلام.
ماذا عن الحفريات؟
إضافةً إلى الحفريّات فإنّ الاحتلال يسعى إلى تثبيت الوجود اليهوديّ فوق الأرض في ساحات المسجد ومحيطه، لتحقيق اقتسامٍ للمسجد بين اليهود والمسلمين، وهو المشروع الأخطر بين المشاريع التي أطلقها الاحتلال خلال الأعوام السابقة بدءاً من عام 2005، وهو ما يطمح إلى قطف ثماره خلال الأعوام القليلة القادمة، ومن الإجراءات التي اتّخذها الاحتلال في هذا الإطار، تركيب مجال إلكترونيّ حول المسجد خلال عام 2005، وإنشاء وحدة مختصّة من مختلف الأجهزة الأمنيّة للتدخّل في المسجد الأقصى، وقد نفّذت هذه الوحدة العديد من المناورات منذ تأسيسها وكانت هذه المناورات تشمل ساحات المسجد الأقصى وأجزاءه المسقوفة، إضافةً لذلك فقد سمحت المحكمة العليا للاحتلال في شهر تشرين أوّل/أكتوبر 2005 لليهود بالصلاة في المسجد الأقصى وليس فقط بالدخول إليه كما كان الحال منذ 2003، وهي تنظر اليوم في دعاوى متتالية يُقدّمها المتطرّفون اليهود للسماح لهم بتقديم القرابين في “جبل الهيكل”، وليس هناك ما يمنع المحكمة من الموافقة على ذلك في المستقبل القريب، على أنّ التطورّ الأبرز في هذا المجال كان بدء الاحتلال في 6/2/2007 بهدم طريق باب المغاربة لتوسيع مكان صلاة النساء اليهوديات أمام حائط البراق ليصل إلى أقصى الطرف الجنوبيّ للمسجد الأقصى، وإقراره خطّة لبناء جسرٍ حديديّ مكانه بمسارٍ يصل مدخل ساحة البراق بباب المغاربة، وفي غالب الظنّ فإنّ الاحتلال يهدف من بناء هذا الجسر إلى تثبيت واقع دخول اليهود إلى المسجد الأقصى، تمهيداً لمحاولة اقتسام الجزء الجنوبيّ الغربيّ من ساحات الأقصى وتخصيصه لصلاة اليهود.
ولا بدّ أن نشير هنا إلى أنّ حفريّات الاحتلال في باب المغاربة مثّلت علامةً فارقة في تاريخ استهداف الاحتلال للمسجد الأقصى، فباب المغاربة هو أقرب نقطةٍ فوق الأرض إلى المسجد الأقصى يستهدفها الاحتلال في تاريخه، ورغم ذلك فقد اتّسمت ردود الفعل الشعبيّة والرسميّة على ذلك بضعفٍ وتشتّتٍ بالغين، الأمر الذي شكّل مؤشّراً إيجابيّاً للاحتلال، شجّعه على تسريع وتيرة مشروع المدينة المقدسة اليهودية بما فيه اقتسام المسجد، وإن لم يُتدارك هذا الأمر بالسرعة اللازمة، فإنّ ميزان الربح والخسارة لدى الاحتلال سيختلّ، وستصبح منافع الاعتداء على المسجد الأقصى أكبر من مضارّه بالنسبة إليه، ما سيدفعه إلى تغيير الأسلوب البطيء الحذر الذي كان يتبناه حتى عهدٍ قريب، والذي كان السبب الرئيس وراء الفشل في تحقيق أحلام التهويد والسيطرة وتحقيق القدسية اليهودية في المدينة على مدار الأعوام الأربعين الماضية، إلى أسلوبٍ سريعٍ مباشرٍ يرسم الشكل النهائي لـ”أورشليم المقدسة” كما يتبنّاها في أسرع وقتٍ ممكن.
في تقريركم الأخير “عينٌ على الأقصى” رصدٌ موثّقٌ للاعتداءات الصهيونيّة على المسجد الأقصى، فهل ترون من خلال المعطيات التي وردت في التقرير أنّ وتيرة الاعتداءات على المسجد ترسم خطّاً بيانيّاً متصاعداً؟
بالتأكيد، فكما أسلفت سابقاً، شهدت دولة الاحتلال خلال الأعوام القليلة الماضية تحوّلات كبيرة تصبّ في اتّجاه تسريع مشروع الاستيلاء على المسجد الأقصى، وقد تُرجم هذا التحوّل على الأرض بتسارع وتيرة الاعتداءات على المسجد، فخلال الأربعين عاماً السابقة افتتح الاحتلال 11 موقعاً للحفريّات أمام الزوّار، ومن المتوقع أن يفتتح خلال الأعوام القليلة القادمة 7 مواقع، أي أنّه خلال الفترة الممتدّة بين 2006-2010 فقط سيكون قد أنهى الحفريّات في 7 مواقع جديدة، كذلك الأمر بالنسبة للوجود اليهوديّ في المسجد الأقصى ومحيطه، فلم يتجرّأ الاحتلال في تاريخة على الاعتداء على نقطةٍ قريبةٍ من المسجد الأقصى بالشكل الحاصل الآن في باب المغاربة، كما لم يبن من قبل كنيساً ظاهراً فوق الأرض وقريباً من المسجد الأقصى كما هو كنيس “حمّام العين” اليوم، هذا التسارع ينسحب أيضاً على دخول اليهود إلى المسجد الأقصى، فعلى سبيل المثال استغرق حصول اليهود المتطرّفين على إذن لدخول المسجد الأقصى 36 عاماً -منذ عام 1967 وحتى 2003- بينما لم يستغرق حصولهم على الإذن بالصلاة
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

مسؤولون بالبرلمان الأوروبي يطالبون إسرائيل بإنهاء حصار غزة فورا
المركز الفلسطيني للإعلام طالب قادة العديد من الجماعات السياسية في البرلمان الأوروبي اليوم السبت، إسرائيل بالاستئناف الفوري لإدخال المساعدات...

جراء التجويع والحصار .. موت صامت يأكل كبار السن في غزة
المركز الفلسطيني للإعلام قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إنّه إلى جانب أعداد الشهداء التي لا تتوقف جرّاء القصف الإسرائيلي المتواصل، فإنّ موتًا...

إصابات واعتقالات بمواجهات مع الاحتلال في رام الله
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام أُصيب عدد من الشبان واعتُقل آخرون خلال مواجهات اندلعت مع قوات الاحتلال الإسرائيلي في عدة بلدات بمحافظة رام الله...

القسام ينشر مقطع فيديو لأسيرين إسرائيليين أحدهما حاول الانتحار
المركز الفلسطيني للإعلام نشرت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، السبت، مقطع فيديو لأسيرين إسرائيليين ظهر أحدهما بحالة صعبة وممددا على الفراش....

جرائم الإبادة تلاحق السياح الإسرائيليين في اليابان
المركز الفلسطيني للإعلام في خطوة احتجاجية غير مسبوقة، فرضت شركة تشغيل فنادق في مدينة كيوتو اليابانية على الزبائن الإسرائيليين توقيع تعهد بعدم التورط...

سلطة المياه: 85 % من منشآت المياه والصرف الصحي بغزة تعرضت لأضرار جسيمة
المركز الفلسطيني للإعلام حذرت سلطة المياه الفلسطينية من كارثة إنسانية وشيكة تهدد أكثر من 2.3 مليون مواطن في قطاع غزة، نتيجة انهيار شبه الكامل في...

تقرير: إسرائيل تقتل مرضى السرطان انتظارًا وتضعهم في أتون جريمة الإبادة الجماعية
المركز الفلسطيني للإعلام حذر المركز الفلسطيني لحقوق الانسان، من إصرار دولة الاحتلال الاسرائيلي على الاستمرار في حرمان مرضى الأورام السرطانية من...