الإثنين 12/مايو/2025

إنقاذ الفلسطينيين

إنقاذ الفلسطينيين

صحيفة الخليج الإماراتية

لن ينقذ الفلسطينيون من أنفسهم إلا أنفسهم بحسن تصرفهم وتعقلهم وإعادة بناء نظامهم السياسي والثقافي على أساس من الديمقراطية والمصلحة الوطنية الواحدة والتعددية السياسية في إطار من الشرعية الواحدة بعيداً عن سياسة النفي والإلغاء، ولعل المعضلة السياسية التي تواجه الفلسطينيين عدم قدرتهم على بناء نظام سياسي قادر على توفير إطار سياسي ملزم لجميع القوى والتنظيمات يمارس فيه كل تنظيم برنامجه السياسي بما لا يتعارض مع هذه الشرعية السياسية.

نحن هنا في فلسطين أمام ظاهرة غير مسبوقة في تاريخ حركات التحرر الوطني: انقسام وصراع واقتتال داخلي وصراع حول سلطة وحكم ونفوذ في ظل استمرار الاحتلال، أي أنه وهنا تكمن الخطورة صراع بين قوى تحرر قبل أن تكمل وظيفتها الأساسية في إنهاء الاحتلال وهذا من شأنه أن يعمق الاحتلال ويديمه، وإذا ما استمر قد يصل إلى حد تذويب حالة المقاومة وانصهارها في سياقات سياسية غير مواتية لها.

يفترض، في حالة الاحتلال أن تأخذ الاختلافات والصراعات جانباً، وتبقى ثقافة المقاومة والتحرر هي السائدة، أما أن يختلف الفلسطينيون حول مسائل سياسية سابقة على قيام الدولة فهنا تكمن المشكلة الرئيسة التي تواجه العمل الوطني الفلسطيني: عدم القدرة على المزاوجة بين المقاومة والسياسة. ولذا فإن السؤال الملح هو لماذا فشل الفلسطينيون وذهبوا إلى هذا الحد من الخلاف والقتال والصراع؟ والتساؤل أيضاً: ما طبيعة وخصائص النموذج السياسي الفلسطيني؟

وقع الفلسطينيون في ازدواجية مركبة ومعقدة، في علاقة البناء السياسي وفي علاقة مؤسسات السلطة بمؤسسات المجتمع. لقد فشلوا في الاستفادة من فرصتين تاريخيتين في عملية بناء المؤسسات السياسية، الأولى وترتبط ببناء مؤسسات المجتمع قبل الدولة، وذلك من خلال بناء وتأسيس مؤسسات المجتمع المدني والتي من أهم أهدافها بناء ثقافة مدنية تشاركية مواطنية، للحيلولة دون قيام سلطة قمعية أو سلطة دولة تسلطية سلطوية استبدادية وغلبة للمؤسسة الأمنية، على الرغم من تعدد مؤسسات المجتمع المدني وتعدد أهدافها. والنموذج الثاني الذي لم ينجح فيه الفلسطينيون أيضاً هو بناء نظام سياسي ديمقراطي قادر أن يوفر إطاراً مؤسساتياً قوياً وقابلاً للبقاء، ويوفر شرعية سياسية واحدة لا يمكن لأي تنظيم سياسي أن يجرؤ على تجاوزها أو محاولة إلغائها.

الأخطر في التداعيات السياسية والاجتماعية التي ترتبت على ذلك انتشار ظاهرة الفلتان الأمني وتراجع هيبة السلطة ودور القضاء وسيادة القانون، وتنامي ظاهرة السلاح الفردي والعائلي والتنظيمي واختلاط دوره بدور السلاح الشرعي، وكل هذا انعكس في عدم بناء نظام سياسي قوي وفاعل، وهذا ما يفسر لنا انهياره أمام أول محاولة قامت بها حركة حماس بسيطرتها الكاملة على قطاع غزة وما ترتب على ذلك من تداعيات ما زلنا نعاني منها حتى الآن كاتساع حالة التنازع والتصادم بين القوتين الرئيستين “فتح” و”حماس”، وهو ما سيجعل النظام السياسي يدور في حلقة مفرغة من العنف والعنف المتبادل. وعليه فإن الخطوة الأولى للإصلاح هي في إعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني من جديد على أسس من الديمقراطية والثقافة المدنية.

* أستاذ العلوم السياسية – غزة

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

نتنياهو: سنضم 30% من الضفة الغربية

نتنياهو: سنضم 30% من الضفة الغربية

رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إن تل أبيب "ستكون قادرة على ضمّ 30%" من الضفة الغربية....