إنقاذ الفلسطينيين

صحيفة الخليج الإماراتية
لن ينقذ الفلسطينيون من أنفسهم إلا أنفسهم بحسن تصرفهم وتعقلهم وإعادة بناء نظامهم السياسي والثقافي على أساس من الديمقراطية والمصلحة الوطنية الواحدة والتعددية السياسية في إطار من الشرعية الواحدة بعيداً عن سياسة النفي والإلغاء، ولعل المعضلة السياسية التي تواجه الفلسطينيين عدم قدرتهم على بناء نظام سياسي قادر على توفير إطار سياسي ملزم لجميع القوى والتنظيمات يمارس فيه كل تنظيم برنامجه السياسي بما لا يتعارض مع هذه الشرعية السياسية.
نحن هنا في فلسطين أمام ظاهرة غير مسبوقة في تاريخ حركات التحرر الوطني: انقسام وصراع واقتتال داخلي وصراع حول سلطة وحكم ونفوذ في ظل استمرار الاحتلال، أي أنه وهنا تكمن الخطورة صراع بين قوى تحرر قبل أن تكمل وظيفتها الأساسية في إنهاء الاحتلال وهذا من شأنه أن يعمق الاحتلال ويديمه، وإذا ما استمر قد يصل إلى حد تذويب حالة المقاومة وانصهارها في سياقات سياسية غير مواتية لها.
يفترض، في حالة الاحتلال أن تأخذ الاختلافات والصراعات جانباً، وتبقى ثقافة المقاومة والتحرر هي السائدة، أما أن يختلف الفلسطينيون حول مسائل سياسية سابقة على قيام الدولة فهنا تكمن المشكلة الرئيسة التي تواجه العمل الوطني الفلسطيني: عدم القدرة على المزاوجة بين المقاومة والسياسة. ولذا فإن السؤال الملح هو لماذا فشل الفلسطينيون وذهبوا إلى هذا الحد من الخلاف والقتال والصراع؟ والتساؤل أيضاً: ما طبيعة وخصائص النموذج السياسي الفلسطيني؟
وقع الفلسطينيون في ازدواجية مركبة ومعقدة، في علاقة البناء السياسي وفي علاقة مؤسسات السلطة بمؤسسات المجتمع. لقد فشلوا في الاستفادة من فرصتين تاريخيتين في عملية بناء المؤسسات السياسية، الأولى وترتبط ببناء مؤسسات المجتمع قبل الدولة، وذلك من خلال بناء وتأسيس مؤسسات المجتمع المدني والتي من أهم أهدافها بناء ثقافة مدنية تشاركية مواطنية، للحيلولة دون قيام سلطة قمعية أو سلطة دولة تسلطية سلطوية استبدادية وغلبة للمؤسسة الأمنية، على الرغم من تعدد مؤسسات المجتمع المدني وتعدد أهدافها. والنموذج الثاني الذي لم ينجح فيه الفلسطينيون أيضاً هو بناء نظام سياسي ديمقراطي قادر أن يوفر إطاراً مؤسساتياً قوياً وقابلاً للبقاء، ويوفر شرعية سياسية واحدة لا يمكن لأي تنظيم سياسي أن يجرؤ على تجاوزها أو محاولة إلغائها.
الأخطر في التداعيات السياسية والاجتماعية التي ترتبت على ذلك انتشار ظاهرة الفلتان الأمني وتراجع هيبة السلطة ودور القضاء وسيادة القانون، وتنامي ظاهرة السلاح الفردي والعائلي والتنظيمي واختلاط دوره بدور السلاح الشرعي، وكل هذا انعكس في عدم بناء نظام سياسي قوي وفاعل، وهذا ما يفسر لنا انهياره أمام أول محاولة قامت بها حركة حماس بسيطرتها الكاملة على قطاع غزة وما ترتب على ذلك من تداعيات ما زلنا نعاني منها حتى الآن كاتساع حالة التنازع والتصادم بين القوتين الرئيستين “فتح” و”حماس”، وهو ما سيجعل النظام السياسي يدور في حلقة مفرغة من العنف والعنف المتبادل. وعليه فإن الخطوة الأولى للإصلاح هي في إعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني من جديد على أسس من الديمقراطية والثقافة المدنية.
* أستاذ العلوم السياسية – غزة
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

15 شهيدا بينهم أطفال بمجزرة إسرائيلية في مدرسة تؤوي نازحين في جباليا
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام ارتكبت قوات الاحتلال الإسرائيلي، مجزرة فجر اليوم الاثنين، بعدما استهدفت مدرسة تؤوي نازحين في جباليا البلد شمال غزة،...

تحذير أمني من تكرار جيش الاحتلال الاتصال بأهالي غزة وجمع معلومات عنهم
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام حذرت منصة أمن المقاومة (الحارس)، الأحد، من تكرار جيش الاحتلال أسلوبا خداعيا عبر الاتصال على المواطنين من أرقام تُظهر...

الزغاري: نرفض المساس بحقوق أسرانا وعائلاتهم
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس جمعية "نادي الأسير الفلسطيني" الحقوقية، عبد الله الزغاري، إنّ صون كرامة أسرانا وحقوق عائلاتهم يشكّل...

الأورومتوسطي: حديث نتنياهو عن مواصلة هدم بيوت غزة نسخة معاصرة للتطهير العرقي
جنيف – المركز الفلسطيني للإعلام قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، إن حديث رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، عن أن "إسرائيل ستواصل تدمير بيوت...

حماس تعلن نيتها إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي مزدوج الجنسية الأميركية عيدان ألكسندر
الدوحة – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس حركة "حماس" في غزة، رئيس الوفد المفاوض، خليل الحية، الأحد، إنه "في إطار الجهود التي يبذلها الإخوة الوسطاء...

البرلمان العربي يدعو لتأمين ممرات إنسانية عاجلة إلى غزة
القاهرة – المركز الفلسطيني للإعلام وجه البرلمان العربي رسائل عاجلة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، والمفوض السامي لحقوق الإنسان، والمديرة...

نتنياهو: سنضم 30% من الضفة الغربية
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إن تل أبيب "ستكون قادرة على ضمّ 30%" من الضفة الغربية....