واشنطن تعتمد مؤسسة لتقديم مساعدات للفلسطينيين باستثناء مناوئي السلام

أبرمت الإدارة الأمريكية، بطريق وكالة تابعة لها، اتفاقاً هو الأول من نوعه مع منظمة حكومية تعمل بالولايات المتحدة، يقضي بتقديم “مساعدات إنمائية” لفلسطين، “شريطة عدم تحويل التبرعات الخيرية إلى مناوئي السلام”، على حد الاتفاق.

وذكر تقرير صادر عن وكالة “قدس برس” أن وزارة الخارجية الأمريكية أفصحت، في موقعها على الإنترنت، عن جانب من فحوى اتفاق تم إبرامه في الأول من آب (أغسطس) الجاري، بين هنرييتا فور، مديرة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، وزياد عسلي، مؤسس ورئيس مجلس منظمة “الجمعيات الخيرية الأمريكية من أجل فلسطين”، وهي مؤسسة مثيرة للجدل في الأوساط الفلسطينية لجهة علاقتها مع الإدارة الأمريكية.

وجاء أنّ “الشراكة” بين الجانبين تضمن “عدم تحويل التبرعات الخيرية إلى مناوئي السلام بين إسرائيل والفلسطينيين”، بحسب ما نشرته الخارجية الأمريكية.

وقال زياد عسلي إنّ “بإمكان الأمريكيين الكرماء التبرع، من خلال منظمة الجمعيات الخيرية الأمريكية من أجل فلسطين ونتيجة لمذكرة التفاهم هذه، لمشاريع التنمية الفلسطينية وهم على يقين بأنّ أموالهم تذهب إلى مشاريع تستحق التبرع لها وفقاً للقانون الأمريكي”، موضحاً أنّ هذه التبرعات ستستخدم في معظمها لتمويل مشاريع صحية وتعليمية.

وقال عسلي إنّ قطاعي التعليم والصحة “أساسيان لتشييد أسس دولة فلسطينية كجزء من تحقيق الرؤى الخاصة بإنهاء النزاع على أساس قيام دولتين، فلسطين وإسرائيل، تعيشان جنباً إلى جنب، بأمن وسلام”، وهو ما تنادي به إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش.

ويباشر عسلي اتصالات واسعة مع جناح السلطة الفلسطينية بالضفة الغربية، برئاسة محمود عباس، وكان له دور أساسي في إقامة مؤتمر للاستثمار في بيت لحم في أيار (مايو) الماضي، ويأتي اعتماد مؤسسته “شريكاً” تعزيزاً لتوجّه رسمي أمريكي في محاولة قطع الطريق على شبكة الخدمات الاجتماعية والإنسانية التي تقدمها مؤسسات وجمعيات عادة ما توصف بأنها مقرّبة من حركة “حماس”، وفق تقديرات مراقبين.

وقالت هنرييتا فور، مديرة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، إنّ “الترتيب (الاتفاق مع مؤسسة عسلي) هو أول آلية من نوعها، ونحن فخورون جداً بهذه الخطوة التاريخية. وسوف تقوم منظمة الجمعيات الخيرية الأمريكية من أجل فلسطين بجمع التبرعات الخيرية الأمريكية وستعمل مع الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية على تخصيص هذه التبرعات لدعم المشاريع الحالية في الميدان”، معتبرة أنّ “لدى الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية التزاماً قوياً بتحسين حياة الفلسطينيين”، وفق تعبيرها.

وكانت الإدارة الأمريكية قد شنّت حملة واسعة النطاق ضد جمعيات خيرية تعمل من أجل فلسطين حول العالم، ومنها جمعيات منتشرة في عدد من البلدان الأوروبية. وبلغت تلك الحملة ذروتها في خطاب ألقاه الرئيس الأمريكي جورج بوش في آب (أغسطس) 2003، أعلن فيه عن وضع عدد من الجمعيات الخيرية التي تقدم المساعدات للشعب الفلسطيني على “قوائم الإرهاب”، في خطوة رفضت معظم الدول الأوروبية التجاوب معها وأبقت على عمل تلك المؤسسات بدون حظر، أو تم رفع القيود عنها بعد مسارات من التحقيق والقضاء.

وسبق أن أعلنت السلطات الأمريكية، في أعقاب الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) 2001، عن حظر “مؤسسة الأرض المقدسة للإغاثة والتنمية”، المتخصصة في العمل الإنساني للشعب الفلسطيني، واتهمتها بـ”تمويل الإرهاب”، في قرار نقضه القضاء الأمريكي مؤخراً بعد قرابة سبع سنوات من حظر المؤسسة، واعتبره إجراء باطلاً ولا يستند إلى أسس قانونية أو براهين.

وعادة ما تثير سياسات المساعدة الأمريكية جدلاً في أوساط المجتمع المدني الفلسطيني، كان أبرزها قبل خمسة أعوام، عندما تحدثت مؤسسات غير حكومية تعمل بالضفة الغربية وقطاع غزة عن مساعدات “مشروطة” عرضت هيئة المعونة الأمريكية “يو إس إيد” تقديمها لها. ويدور الحديث عن تنصل تلك المؤسسات الأهلية من المقاومة الفلسطينية والالتزام بالسلام. أما قبيل الانتخابات التشريعية الأخيرة التي أجريت في فلسطين (2006)، فقد انتشرت اتهامات ضد مرشحين فلسطينيين، محسوبين على حركة “فتح”، بأنهم تلقوا أموالاً من جهات أمريكية لدعم حملاتهم الانتخابية.

يذكر أنّ سلطات الاحتلال الصهيوني تشنّ حملات واسعة النطاق منذ عدة أسابيع على الجمعيات الخيرية والاجتماعية والأهلية، ذات التوجّه الإسلامي، العاملة في الضفة الغربية المحتلة، وقد شهدت مدينة نابلس الواقعة شمالي الضفة أعنف تلك الحملات.