الإثنين 12/مايو/2025

صفقة شاليط على صفيح إسرائيل الساخن

صفقة شاليط على صفيح إسرائيل الساخن

صحيفة الشرق القطرية

أثبتت صفقة حزب الله التي تضمنت إطلاق عميد الأسرى اللبنانيين سمير قنطار، الأسبوع الماضي، أن هناك تحطماً للمعايير الصهيونية التي كان يتعنت فيها الاحتلال، كما تثبت بأنه يمكن أن تحقق المقاومة الفلسطينية انتصارات جديدة، في هذا الجانب، رغم أنها تحت السيطرة المباشرة للاحتلال (غزة).

ومعلوم أن “إسرائيل” كانت تصنف سمير قنطار على أنه شخص خطير جداً، وكانت تعارض إطلاق سراحه في العديد من الصفقات التي تمت بين حزب الله والكيان الصهيوني في السابق.

وبات واضحاً أن حكومة الاحتلال تعرضت خلال الأيام الماضية لانتقادات شديدة من جانب الأحزاب والشخصيات والصحافة العبرية لأنها قايضت شخصية بوزن قنطار المحكوم بالمؤبدات، والملطخة يديه بالدماء ـ على حد تعبير الوسط الصهيوني ـ بجثتي جنديين ميتين، وليسا من الأحياء، من جهة، ومن جهة أخرى فإن وطأة الضغوط تزايدت عليها للمضي قدماً والإسراع في الإفراج عن الجندي الأسير جلعاد شاليط، وعقد صفقة مماثلة مع حركة حماس لإطلاق سراحه، والقبول بقائمة الحركة التي تضمنت أسماء مئات السجناء الفلسطينيين من أصحاب المحكوميات العالية والمؤبدة، قبل أن يصير في عداد الموتى والمفقودين، بعد أن يتطاول أمد بقائه في الأسر، كما أظهرت نتائج المفاوضات مع حزب الله بشأن الطيار رون آراد، الذي سقطت طائرته جنوبي لبنان عام 1986، وأسر حياً على يد حركة أمل، ويعتبر مصيره غير معروف بدقة حتى الآن، رغم التوقعات بأنه صار في عداد الموتى.

الوزير عامي أيالون، يرى أن مناقشة موضوع “رون آراد”ـ الذي لا تعرف السلطات الصهيونية مصيره منذ اختفائه في لبنان في ثمانينيات القرن الماضي ـ تخلق “خيالاً مذهلاً” لحالة شاليط، مشدداً بقوله: “تعلمنا أن الوقت لا يلعب لصالحنا والأثمان ترتفع والمخاطر تتعاظم”.

في نفس الاتجاه؛ طالبت صحيفة “هاآرتس” العبرية ببدء العمل فوراً على إطلاق سراح الجندي شاليط، مهما كان الثمن، وذلك حتى لا يلقى المصير الذي لقيه “رون آراد”.

وأشارت الصحيفة إلى أن الجمهور يعرف الثمن الذي يجب دفعه مقابل الجنديين الصهيونيين، كما أنه ليس بحاجة لتقرير ليعرف ما مر على رون آراد، وفي كلتا الحالتين فإن النتيجة واحدة، وهي أن الزمن يلعب دوراً مصيرياً، ولذلك فإن إجراء مفاوضات سريعة وموضوعية، حتى لو كان الثمن عالياً، من الممكن أن يضمن بقاء الجنود، أو بعضهم على قيد الحياة، وبالنتيجة إطلاق سراحهم.

وبحسب الصحيفة، فإن الحكومة الصهيونية تجري المفاوضات مع حماس وكأن لديها المتسع من الوقت، وبينما تطلق سراح “أحد القتلة” وتمنح حزب الله انجازاً عظيماً آخر بنظر الرأي العام اللبناني، فإنها تدقق، “كمدير حسابات، في قائمة الأسرى الفلسطينيين الذين سيتم إطلاق سراحهم مقابل شاليط”، كما قالت.

وخلافاً لما صرح به وزير الحرب الصهيوني إيهود باراك بأن إطلاق سراح شاليط هو تحد، ومن الضروري استغلال فرصة التهدئة مع قطاع غزة للعمل على إطلاق سراحه، فإن الصحيفة تعتبر أن إطلاق سراحه ليس تحدياً، وأن الثمن معروف.

وعلى النقيض مما صرح به باراك أيضاً، بأنه يجب على الطرفين (الفلسطيني والصهيوني) اتخاذ قرارات مؤلمة، فإن الصحيفة تشير إلى أن ذلك “يجعل إطلاق سراح شاليط كأنما الحديث عن عملية سلام، وليس عن صفقة تبادل شروطها معروفة، وتتطلب في نهاية الأمر أن تحسم “إسرائيل” في الموضوع”.

وحتى الكتّاب الذين انتقدوا حكومتهم على الصفقة التي أبرمت مع حزب الله، فإنهم يميلون إلى أن حكومتهم في موقف ضعيف جداً، بحيث لم تستطع الرد على ما وصفوه بالتصريحات الابتزازية لقادة حماس، مثل تصريح إسماعيل هنية رئيس الحكومة الفلسطينية بغزة الذي قال يوم إتمام صفقة حزب الله مع الكيان الصهيوني بأن “شاليط لن يعود إلا بعد دفع الثمن كاملاً”.

وقد ذكر “يسرائيل هارئيل” الكاتب في صحيفة “هاآرتس” العبرية يوم 17/7) ) بأن “رئيس الحكومة (إيهود أولمرت) في ظل كل ما فعلوه لنا، لم يصرح – لا رداً على تصريح إسماعيل هنية الابتزازي بأن شاليط لن يعود إلا بعد دفع الثمن كاملاً، بأن “إسرائيل” لن تسمح بابتزاز آخر، وستغير الاتجاه في حالة شاليط، وأيضاً لم يرفق أقواله بالتحذير من أن قطاع غزة الذي يسيطر عليه تنظيم هنية، سيكون رهينة لسلامة شاليط إلى أن يعود إلى بيته”.

ويصل هارئيل في نهاية المطاف إلى الوضع الذي آلت إليه حكومته (حكومة ضعيفة ومنقوصة السيادة) مشيراً أنه “هكذا يتحدث قادة حكومات الدول السيادية التي تتحمل المسؤولية عن سلامة مواطنيها وتتصرف وفقاً لذلك، وبهذه الطريقة فقط يمكن لهذه الدول قطع دابر عمليات الاختطاف”، لا كما هو حالها الآن.

ورغم أن صفقة قطاع غزة هي أكثر تعقيداً من صفقة جنوب لبنان التي نفذها حزب الله مع الكيان الصهيوني بوساطة ألمانية، فإن التوقعات أن تعكس نتائج الأخيرة نفسها على الأولى إيجاباً على مستوى الفعل المقاوم، الأمر الذي يتوقع بناء عليه أن يقبل الاحتلال بشروط حماس التي تصر عليها للإفراج عن شاليط، مما قد يتيح المجال لإتمام الصفقة في وقت غير بعيد.

وترتبط تعقيدات الصفقة المتوقعة مع غزة بأمور متعددة أهمها: عدد الأسرى الفلسطينيين الكبير داخل سجون الاحتلال، وعدد الأسرى الكبير الذي تتم المطالبة به كذلك مقابل الجندي الإسرائيلي، وخاصة المئات من أصحاب المحكوميات العالية والمؤبدات وقادة الفصائل، والمرضى والنساء والأطفال، وموقف مصر في الضغط على الاحتلال والذي لا زال حتى هذه اللحظة موقفاً ضعيفاً، ويتضح أن مصر في ظل الوضع العربي والإسلامي السيء تقف وحدها، ولا تستطيع الضغط على الاحتلال في موضوع فتح معبر أو إغلاقه، فكيف بقضية تتعلق بآلاف الأسرى، ويضاف إلى ذلك ظروف الحصار الظالم والاعتداءات الصهيونية المتكررة على قطاع غزة، والانقسام الفلسطيني، وما يقال عن عدم رغبة أطراف في السلطة الفلسطينية وحركة فتح في تحقيق حماس لأي إنجاز مهم حتى لا يحسب لها كنجاح على المستوى الشعبي، مثل فتح معبر رفح والإفراج عن الأسرى الفلسطينيين من الفصائل الفلسطينية بمن فيهم قيادات الفصائل الفلسطينية، وفي مقدمتهم مروان البرغوثي (الشخصية الأبرز في فتح)، وأحمد سعادات (الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين).

لكن بالمقابل فإن لدى حماس عدداً من نقاط القوة أبرزها: أن شاليط مازال على قيد الحياة وثمن الإفراج عنه حتماً سيكون أكبر، وإصرار الحركة على موقفها وعدم التنازل عن شروطها خصوصاً بعد نجاح صفقة حزب الله، الضغوط الصهيونية المتزايدة على حكومة الاحتلال حتى لا يكون مصير “شاليط” مصير “آراد”، وضعف القوة الردعية للجيش الصهيوني، وتلويح حماس مؤخراً بإبقاء خيار أسر مزيد من الجنود مطروحاً لدى “القسام” في حال تعنت الصهاينة في تنفيذ صفقة شاليط.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

نتنياهو: سنضم 30% من الضفة الغربية

نتنياهو: سنضم 30% من الضفة الغربية

رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إن تل أبيب "ستكون قادرة على ضمّ 30%" من الضفة الغربية....