الأحد 11/مايو/2025

نحرس فلسطين

نحرس فلسطين

صحيفة الوطن العمانية

أعجبتني كلمة مارسيل خليفة التي شدد فيها على أننا “نحرس فلسطين بالموسيقى ” .. صحة القول هذا تأخذنا إلى إبداع على كافة المستويات لتحقيق هدف الحراسة. فلسطين تحتاج لكل أنواع الإبداع كي تصان، وقد تكرس لها حتى الآن شتى الأنواع الأدبية والفنية إضافة إلى الاحتضان السياسي المتعدد الأشكال.. من الجائز القول إننا فعلا نحرس فلسطين ولم ننس يوماً من الأيام الصعبة أو المريحة على قلتها أن الهم الفلسطيني مصان بدرجة عالية من الإيمان به، ومرسخ أيضاً أبعد من الوجدان المجرد.

لاشك أن مبدعاً مثل مارسيل خليفة وهو من كرس جل أعماله للقضية الفلسطينية ولقضية الإنسان العربي عموماً يستشعر الخطر إن هو ابتعد فنياً عن فلسطين وقضيتها العادلة. مثل هذا الابتعاد قد يتسبب بدخول القضية تحت مظلة النسيان أو تمادي الإعلام المضاد، أما الفنون والآداب الأخرى فكل منها له اتجاهاته وأفكاره التي تصب جميعها في منطق احتضان القضية التي يجب أن تبقى متوهجة على الدوام.

الخدمات الجليلة التي أداها خليفة تذكر دائماً بالفخار لأنها تنحو إلى تغليب الواقعية والالتزام، إذا شئنا إعادة القراءة لأعمال خليفة الفنية سنجدها دائمة الحضور الإذاعي والتلفزيوني وحافلة بالمعاني التي يتم اكتشافها كل مرة. ومع خليفة لا يمكن نسيان الشعر الذي يتجلى على يدي محمود درويش وخيري منصور وسميح القاسم وطائفة من الشعراء الآخرين، وعلى صعيد الرواية الياس خوري ورشاد أبو شاور وغيرهما، بل ثمة طرق مختلفة تؤدي كلها إلى إلهاب القضية الفلسطينية وإبقاء الضوء مسلطاً عليها.

إن الجزء الهام من بقاء ارتباط القضية بأذهان شعبها والأمة هو المنطق الإعلامي الحارس الفعلي لها.. فمن منظور الاحتضان الواسع لهذا الإعلام تظل القضية على وهجها وهي شامخة وفاعلة ومتيقظة، تحرسها أنامل المبدعين دون ادعاء وتقدم لها خيرة ما تفكر به وما تعتقده يصب في دفعها دون إبطاء. إن حيوية تجذر القضية الفلسطينية هو في أساسه لعبة الفنون والآداب والثقافة التي تلهب الشعوب كي يظل الأمل مطلاً حتى من سواد اللحظة والأيام.

ما فعله مارسيل خليفة في إبداعه الموسيقي أنه ترجم الصوت الداخلي للإنسان الفلسطيني والعربي إيقاعات نشعر بأنها مدروسة لكنها إفراز لمشاعر متراكمة من توارث القضية، تماماً مثلما هي لوحات إسماعيل شموط وزوجته حيث المعنى مكرس لونياً ومقرر بفكرة ثابتة تشعرنا بالانتماء إلى عالمها.

ستظل أعمال مارسيل خليفة وكل المبدعين من أجل فلسطين حراس حقيقيين كبار لفلسطين ولقضيتها.. المريح لنا أن ما قدم وما يقدم فنياً وثقافياً وأدبياً من أجل فلسطين يوثق لنا تاريخاً ممرحلاً من الأعمال المبدعة التي تجيب على أسئلة الماضي والحاضر من أجل مستقبل فلسطيني وعربي. فبالكلمة والموسيقى وباللون وبالحبر وبالصورة نحمي فلسطين كي نحمي قضايانا العربية بكل تشعباتها ومتاعبها.

فلسطين لحن وهل أجمل من نشيدها الذي يمجده الفن الراقي؟

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات