الإثنين 30/سبتمبر/2024

صناعات القسام العسكرية أثبتت جدارتها في الميدان وأصبحت نماذج نوعية

صناعات القسام العسكرية أثبتت جدارتها في الميدان وأصبحت نماذج نوعية

“نحن في صراع مع عدو متفوّق علينا، بما يمتلك من الأسلحة المتطورة، وبالتالي نحن نسعى إلى تطوير أسلحتنا لمواجهته”؛ كانت هذه كلمات القائد الدكتور عبد العزيز الرنتيسي التي رددها قبل استشهاده، واستلهم صداها المجاهدون في “كتائب الشهيد عز الدين القسام”، الجناح العسكري لحركة حماس؛ فعكفت العقول القسامية تواصل الليل بالنهار، ودأبت الأيدي المتوضئة بما فتح الله عليها من إبداعات إلى تطوير للسلاح والعتاد الحربي من خلال إمكانيات متواضعة تستحق أن تسجل في سفر التاريخ الحربي.

وتنوعت الصناعات العسكرية القسامية من المسدس إلى السلاح الرشاش إلى القنابل فالصواريخ والعبوات بأنواعها المختلفة حتى باتت هذه الصناعات أشبه بعلامات مسجلة باسم “القسام” يشهد العدو قبل الصديق بفعاليتها وقوتها في الميدان.

من الحجر إلى الرصاصة التحولات الكبرى
 ومنذ بدء الانتفاضة الأولى عام 1987م واشتراك أبناء الحركة الإسلامية في قيادة وفعاليات هذه الانتفاضة التي بدأت بالحجارة والزجاجات الفارغة والمولوتوف حتى أخذت العقول تفكر لكي تبتكر وتخترع وتصنع وتبدع وتنتج حيث قامت الأيدي بابتكار عمليات الطعن بالسكاكين والتي كان أشهرها عملية عمار سرور في القدس إلى أن تطورت إلى عمليات إطلاق نار باستخدام أسلحة وذخيرة قديمة وذلك في التسعينيات إلى أن أصبحت الحاجة ملحة للحصول على سلاح لتسليح المجاهدين الذين بدأ عددهم يزداد يوماً بعد يوم والذين كانوا لا يجدون شيئاً يتسلحون به إلاّ السلاح الأبيض وقليل من السلاح القديم والذي كان من أشهره الرشاش “الكارلوستاف” فمن هنا كانت البداية حيث قامت العقول القسامية بالتفكير بتصنيع السلاح.

تصنيع المسدسات .. بداية متواضعة

وانطلق عمل التصنيع بقيادة المجاهد القسامي المرحوم محسن عبد الله شحادة – من مخيم الشاطئ حيث أنشأ أول وحدة تصنيع تختص بتصنيع المسدسات وكان هذا في عام 1992م وكان المشرف العام على هذا العمل النوعي آنذاك القائد العام لكتائب القسام محمد الضيف “أبو خالد”.

وقامت هذه الوحدة والتي كانت تضم قرابة ثمانية أفراد بتصنيع مسدسات “9mm” من نوع “جولدستار” وتم تصنيع قرابة ثلاثين مسدساً وكانت نسبة النجاح تقريباً 50 في المائة وكان هذا يعود إلى قلة الخبرة وقلة الإمكانيات وهي بداية التجربة ومن ثم بعدها تم إيقاف المشروع.

سلاح “العوزي” .. بدايات مشجعة

ومع إيقاف خط إنتاج المسدسات تم التوجه لإنشاء مشروع لتصنيع سلاح العوزي وذلك في عام 1993م وقد تم تصنيع قرابة 350 قطعة وكانت نسبة النجاح من 60 إلى 70 في المائة، واستمر العمل في المشروع حتى عام 1996م وقبل تجهيز قطع السلاح بشكل جيد قام جهاز المخابرات بقيادة موسى عرفات “القدوة” والتابع لسلطة أوسلو بملاحقة واعتقال الأفراد الذين يعملون في التصنيع وكان على رأسهم الأخ المجاهد الشهيد “محسن شحادة” –رحمه الله- وتم التحقيق معهم بكل قسوة ووحشية إلى أن تم كشف أماكن التصنيع ومصادرة كل ما تحتويه من معدات وقطع سلاح ومنها ما هو جاهز وغير جاهز، وقد توقف العمل في هذا المشروع بشكل كامل إثر ذلك.

القنابل .. ستة أجيال
 وشكلت الحاجة إلى القنابل دافعاً لتطوير وإنتاج هذه القنابل حيث تمكن مهندسو القسام من تصنيع قنابل يدوية من أنواع خاصة، من البلاستيك والحديد، وتتميز بكون شدة انفجارها أقوى من قنابل “الملز” و”أف 1″، بينما جرى تطوير قاذف لهذه القنابل، مستوحى من قاذف القنابل المسيلة للدموع، بما يجعل مدى القنبلة المقذوفة تصل إلى 150 متراً على الأقل، وتحمل هذه القنبلة رقماً تسلسلياً كالتي تصنع في المصانع العالمية، وهي تفوق في قوتها القنابل اليدوية العادية باعتراف العدو نفسه، وقد استخدمت في عمليات “كتائب القسام”.

وقد مر تصنيع القنبلة اليدوية بعدة مراحل وهي على النحو التالي:

المرحلة الأولى: تصنيع الصاعق وهو جزء أساسي لتصنيع القنبلة اليدوية وقد قام الشهيد يحيى عياش والشهيد عدنان الغول والقائد محمد الضيف بتصنيع الصاعق حيث استغرق ذلك مدة ثلاثة شهور حتى تم تصنيع صاعق مناسب وكان هذا في أواخر سنة 1994 تقريباً.

المرحلة الثانية: تصنيع القنبلة من علبة “البويا” مع شظايا وصاعق وفتيل عادي يشعل من الخارج عن طريق الكبريت أو لهب خارجي وقد تم إنجاز هذا النموذج في شهر نيسان (ابريل) سنة 1995.

المرحلة الثالثة: تصنيع قنبلة جدارها من الخارج مبزر “مقسم إلى مكعبات بارزة” تتكون من الألومنيوم والرصاص وهذا في أواخر عام 1995 .

المرحلة الرابعة: القنبلة البلاستيكية وقد أشرف على هذه العميلة الشهيد عدنان الغول والقائد محمد الضيف وهذا في عام 1996م، ويشار في هذا السياق إلى أن المصنع الذي كان ينتج هذه القنابل تم ضبطه من قبل جهاز مخابرات سلطة أوسلو وقد تم اعتقال كل من المجاهدَين “عدنان الغول” والشهيد “سعد العرابيد” وعدد من معاونيهم، وقد تم مصادرة ما لديهم من معدات وقنابل جاهزة وغير جاهزة وعدد من قذائف الإنيرجي والتي كان يتم تصنيعها آن ذك هي والقنابل في منزل الشهيد “عدنان الغول” في منطقة المغراقة والذي تم تدميره بعدها في بداية انتفاضة الأقصى.

المرحلة الخامسة: القنبلة الملساء قام بالإشراف عليها زاهر نصار وياسين نصار ومحمد السنوار وهذه القنابل تم استخدامها في عملية الاستشهادي محمد فرحات وكان ذلك في بداية عام 2000.

المرحلة السادسة: القنبلة الحديثة وقد أشرف عليها محمد الضيف و (م) وهـذه القنبلـة تشبه القنبلـة الأمريكية وعليها ختم القسام وقد بدأ العمل في هذه المرحلة في أواخر العام 2000م عندما بدأت شرارة انتفاضة الأقصى وخرج المجاهدون من سجون السلطة وبدأ الجميع ينطلق من جديد لكي يبدع ويتألق في ميدان الجهاد للتصدي لشرذمة الصهاينة وأذنابهم من أجهزة سلطة أوسلو.

وبدأت العودة من جديد للتفكير في صناعة وتطوير القنابل اليدوية لكي تصبح بديلاً عن الحجارة في أيدي مجاهدي وأبطال الشعب الفلسطيني حيث أنه وفي هذه المرة خرج مجاهدون جدد أصحاب همم عالية لكي يبدؤوا المشوار من جديد، حيث أنهم قاموا بتطوير القنابل اليدوية لتصبح أكثر تقنية في شكلها الأملس وقد تم استخدام عدد من هذه القنابل في عملية الاستشهادي “محمد فرحات” وهذا كان في بداية عام 2000م، واستمر العمل في هذا النظام حتى عام 2002م حيث انضمت إلى هذه العقول عقول قسامية جديدة لكي تطور العمل ليصبح أكثر تقنية وفاعلية فتم التطوير إلى أن تم تصنيع القنبلة الحديثة والتي حملت ختم عام 2002م واسم حماس والقسام وقد أشرف على التطوير والتصنيع القائد “محمد الضيف –أبو خالد-” والمجاهد “م”، وكانت هذه القنبلة تشبه القنبلة الأمريكية واستمر العمل في هذا النظام حتى يومنا هذا وأصبحت تحمل التاريخ الهجري بدلاً من الميلادي وهي الآن متوفرة في أيدي جميع المجاهدين.

صاروخ “القسام”

وبدأ التحول في صناعات “القسام” عندما بدأت تنتج صواريخ القسام التي سرعان ما باتت ماركة مسجلة باسم القسام حتى بعدما أنتجت بعض فصائل المقاومة صواريخ شبيهة، وقد أثبتت هذه الصواريخ كفاءتها وجرى تطوير أجيال منها تصل لعمق 20 كيلو متر وبات الصهاينة يفكرون فيما بعد عسقلان.

وأعلنت “كتائب القسام” في منتصف العام الأول من انتفاضة الأقصى عن نجاح مهندسيها في تصنيع صواريخ أطلقت عليها اسم “القسام” تيمناً بالشهيد الشيخ عز الدين القسام قائد ثورة عام 1936 ضد الاحتلال الإنجليزي وعصابات الصهاينة.

وبدت صواريخ القسام التي ظهرت في شريط فيديو وزعته حركة “حماس” على وسائل الإعلام تطوراً طبيعياً لقذائف الهاون التي نجحت قوى المقاومة الفلسطينية في إدخالها إلى قطاع غزة بداية الانتفاضة ونشطت في إطلاقها على المستوطنات داخل القطاع.

أول صاروخ

وبحسب بيانات لـ “كتائب القسام”؛ فإن أول صاروخ أنتجه مهندسو القسام بلغ طوله 70 سم، وقطره حوالي 8 سنتيمترات، ويتراوح مداه بين 2و3 كيلومتر، ويحمل في مقدمته رأساً متفجراً يحوي حوالي 600 جراماً من مادة الـ (TNT) شديدة الانفجار، ويتم إطلاق الصاروخ بواسطة قاذف، إلا أنه كان منذ بدء تصنيعه يفتقد الدقة التصويب نحو الأهداف.

نجاح التجربة الأولى لإطلاق صاروخ «القسام 1» دفعت مهندسي كتائب القسام للاستمرار في تطوير الصواريخ والتخلص من العيوب التي ظهرت في صاروخ “القسام 1″، فلم يمضِ وقت طويل حتى أعلنت كتائب القسام عن تطوير الصواريخ وإنتاج طراز جديد منها هو “القسام 2″، بعد تعديلات جذرية أجرتها كان أهمها مداه الذي يمكنه من الوصول لمناطق سكنية داخل التجمعات الصهيونية.

ويبلغ طول صاروخ “القسام 2” 180 سنتيمتراً، وزاد مداه ليبلغ ما بين 9-12 كيلومتراً، وازدادت حمولة رأسه من المتفجرات لتصل لأكثر من 5 إلى 6 كيلوجرامات من مادة TNTشديدة الانفجار، فيما بلغ قطره حوالي 12 سنتيمتراً.

وكما في صاروخ “القسام 1” فإن “القسام 2” لم يطرأ عليه تعديل جذري في طريقة الإطلاق إلا ملاءمة القاذف ليكون مناسباً للحجم، وبالتالي لم يتم التحكم فيه عن بعد، وأظهر شريط فيديو عرضته كتائب القسام طريقة نصب وإطلاق هذه الصورايخ، حيث يتم إيقافه بشكل مائل على حامل ذي ثلاث أرجل، ويقوم عناصر القسام بوضع جهاز يشبه البوصلة على هيكله الخارجي ومن ثم تعديله بناءاً عليها.

أجيال من الصواريخ

صراع الأدمغة بين الاحتلال والمقاومة الفلسطينية لم يتوقف، وكلما حاولت قوات الاحتلال الصهيوني تشديد قبضتها، يعمل المجاهدون على البحث عن البديل دون كلل أو ملل من أجل إبقاء شعلة المقاومة مستمرة، ووسائلهم من أجل ذلك في تطور مستمر، والبحث عن الجديد مهمة لا تتوقف، وتجارب الواقع تثبت أن كل يوم يكون لدى المقاومين ما هو جديد.

حيث ظهرت صواريخ “قسام 1″، وصواريخ “قسام 2″، وصواريخ “قسام 3″، وتعتبر صناعة الصواريخ بالأخص التي يطلق عليها اسم قسام 1 و2 من أكثر الصناعات العسكرية المحلية التي أقلقت الكيان الصهيوني، خاصة وأنها تصل إلى داخل مدنها، وقادرة على اختراق العمق الأمني الصهيوني بعيداً

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

الحصاد المرّ لحرب الإبادة على قطاع غزة

الحصاد المرّ لحرب الإبادة على قطاع غزة

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام أصدر المكتب الإعلامي الحكومي، مساء اليوم الاثنين، تحديثًا لبيانات حرب الإبادة الجماعية التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي...