عاجل

الإثنين 12/مايو/2025

الرفض العملي لطروحات مستشار ماكين

الرفض العملي لطروحات مستشار ماكين

صحيفة الدستور الأردنية

لم يضف روبرت كاغان، مستشار المرشح الجمهوري ماكين الكثير إلى المعطيات السياسية التي تحكم لعبة التسوية في المنطقة، حتى لو كان أكثر وقاحة من سواه في طرح البديل للعملية الجارية ممثلاً في دولة فلسطينية في الأردن. وإذا كان شارون (مصمم مشروع الحل الانتقالي بعيد المدى الذي حمل تالياً مسمّى الدولة المؤقتة) قد كفّ في سنواته الأخيرة عن ترديد طرح “الدولة الفلسطينية في الأردن”، ربما لأغراض المجاملة السياسية، فإن برنامجه المشار إليه كان يدفع اللعبة نحو ذات الهدف من دون إعلان.

نذكّر بهذا الكلام لأن ما قيل حول تصريحات كاغان يبدو كافياً لجهة التنديد، أما الأهم فيتعلق بالوسائل التي يمكن من خلالها مواجهة طرح من هذا النوع لا يأتي فقط في سياق مقترحات مراكز الأبحاث والمستشارين، بل يتحرك أيضاً بشكل واقعي على الأرض، والنتيجة أن على من يريد مواجهته بالفعل أن يبرهن على ذلك من خلال سلوك واقعي، لا مجرد كلام عابر.

سيقول البعض إن المشاريع الأمريكية والإسرائيلية شيء وتنفيذها على الأرض شيء آخر، وهذا ما نؤمن به في واقع الحال، ولكن على قاعدة المقاومة وليس الانتظار أو مجرد الاستجداء، فضلاً عن المزيد من وضع البيض في السلة الأمريكية، في وقت ثبت فيه أن الهيمنة الصهيونية على القرار السياسي الأمريكي قد تجاوزت كل الحدود، ولم يعد بالإمكان المراهنة، لا على أوباما ولا على ماكين ما دام كلاهما محكوماً لكونغرس متصهين حتى النخاع.

واللافت هو مجيء تصريحات كاغان في وقت تتردد في بعض الأوساط مخاوف من إمكانية أن يفرض مثل هذا الحل على الأردن في نهاية المطاف، الأمر الذي يجد صداه في سياسات ومناكفات عابرة لا تؤثر في المسار العملي للعبة.

ما ينبغي أن يقال هنا مرة تلو أخرى هو أن الشعب الفلسطيني بكل مكوناته في الداخل والشتات لن يرضى عن فلسطين بديلاً، ولا قيمة جوهرية هنا لسؤال ما إذا كان البعض سيعيش خارجها أم لا (مقتنعون بأن نسبة كبيرة ستعود بالفعل)، فالمسألة هنا في ظل الصحوة الإسلامية لم تعد مجرد بيت يعود إليه صاحبه، وإنما وطن مقدس لا يتطهر من رجس الغزاة، وهنا سر الروعة في خطاب حماس الذي جيّش لصالح هذه القضية مليار ونصف المليار من المسلمين يتعاملون معها وفق المنطق المذكور، من دون أن يفكر أحدهم بما إذا كان سيزورها مجرد زيارة أم لا، فضلاً عن أن يعيش فيها، في حين جعلها الخطاب الآخر مجرد قضية لفلسطينيي الداخل، أو ربما أضاف إليهم لاجئي لبنان بسبب الجدل حولهم هناك، وبالطبع في سياق من إعادتهم إلى أراضي الدولة الفلسطينية العتيدة وليس الأراضي المحتلة عام 48، على اعتبار أن من تبقى من اللاجئين مرتاحون في أماكن تواجدهم، بحسب الرئيس الفلسطيني،،

لنتحدث بمزيد من التفصيل ونتساءل، هل ثمة بعد واقع الجدار الذي يلتهم أكثر من نصف الضفة الغربية والكتل الاستيطانية التي تفتت الكيان الفلسطيني إلى كانتونات معزولة عن بعضها البعض، هل ثمة فرصة لدولة قابلة للحياة بالمعنى الحقيقي للكلمة، أم أن الفضاء الطبيعي لسكانها هو الأردن؟

أليس هذا هو المسار الذي تمضي فيه لعبة التفاوض، بصرف النظر عما إذا أعلن فرسانها قبول دولة مؤقتة، أم تعاملوا معها بمنطق خريطة الطريق التي نسمع قادة السلطة يؤكدون عليها كل يوم؟

إذا بقي الواقع القائم على حاله من دون مقاومة مسلحة تستعيد وهج الصراع، فإن المحطة التالية ستكون رهناً بالضغوط على الأردن، فيما نعلم أن هناك في الواقع الفلسطيني الرسمي من يمكن أن يقبل بمسارات من النوع الذي تحدث عنه كاغان.

خلاصة القول هي إن مواجهة مشروع الوطن البديل لن تكون بالمراهنة على مفاوضات (من دون مقاومة) يعلم الجميع أنها لن تمنح الفلسطينيين دولة حقيقية، وإنما بدعم مشروع الرفض والمقاومة حتى شطب الاحتلال وتفكيك المشروع الصهيوني.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات