الثلاثاء 13/مايو/2025

لماذا يبدو أوباما أفضل للدولة العبرية؟

لماذا يبدو أوباما أفضل للدولة العبرية؟

صحيفة الدستور الأردنية

مثلما وقع لأسلافه الطامحين لمنصب الرئاسة الأمريكية، وقف باراك أوباما أمام اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة (منظمة الإيباك)، وذلك في اجتماع حضره 7000 يهودي من رجال الأعمال ومن أصحاب النفوذ المتعدد الأشكال، من بينهم بالطبع بضع مئات من الإسرائيليين، إضافة إلى 60 من أعضاء مجلس الشيوخ المئة، وما لا يقل عن 240 من بين 435 عضواً في مجلس النواب، ومعهم طائفة أخرى من السياسيين والدبلوماسيين على مختلف المستويات.

إنه استعراض القوة الذي يمنح اللوبي الصهيوني في أمريكا قوة الرعب الضرورية للسيطرة على السياسة والسياسيين، وهي القوة التي ما زالت تدفع الجميع إلى خطب وده، الأمر الذي لن يتم خارج سياق التأييد الأعمى للدولة العبرية.

ربما كان بوش استثناءً في السياق، فهو لم يدعم الدولة العبرية من منطلق الخوف من اللوبي المؤيد لها، وإنما دعمها على قاعدة التقرب من الرب الذي يوحي إليه بذلك، الأمر الذي نشأ عن حالة تديّن ذات صلة بالكنائس المعمدانية الجنوبية التي تؤمن بعودة كل اليهود إلى فلسطين كمقدمة لعودة المسيح المخلص.

هذا الحال لا ينطبق بالكامل على جون ماكين، لكن وجوده ضمن إطار الحزب الجمهوري الذي تهيمن عليه الكنائس إياها، إضافة إلى المحافظين الجدد سيجعله أقرب إلى سلفه بوش في السياسة، حتى لو لم يبلغ مستواه في الانقياد للرغبات الصهيونية في حال بدت مخالفة على نحو صارخ للمصالح الأمريكية، أو كانت من ذلك اللون الذي لم يجلب على أمريكا سوى الخراب.

ما يعنينا هنا نحن الذين نتمنى فوز ماكين على أمل أن يكرر جنون سلفه بوش، أو جزءاً منه في أقل تقدير (مواجهة زعيم أرعن خير من مواجهة زعيم عاقل)، ما يعنينا هو باراك أوباما الذي يبدو واضحاً أن الآباء المؤسسين في أمريكا ومعهم رموز المؤسسة العسكرية والأمنية قد مررواً ترشيحه على حساب هيلاري كلينتون تبعاً لما يمكن أن يقدمه من خدمة لصورة الولايات المتحدة السيئة في الخارج، في وقت لن يملك فيه من القوة والصلاحية ما يمكّنه من مخالفة المسار العام للدولة في حال فكّر بذلك. ويبقى أن فوزه بترشيح الحزب الديمقراطي لا يعني بالضرورة فوزه بالرئاسة رغم التأييد الواسع له بين الشباب، ربما بسبب رفض قطاع كبير من البيض الأنجلوساكسون (الواسب)، والبيض بشكل عام لرئيس أسود، وإن يكن بروتستانتي الديانة (كينيدي كان الرئيس الكاثوليكي الوحيد في تاريخ أمريكا).

في أي حال، فإن هناك الكثير من المؤشرات التي تدفعنا إلى الاعتقاد بأن أوباما سيكون جيداً لليهود، وليس كذلك بالنسبة للقضايا العربية، ليس فقط تبعاً للتصريحات التي أدلى بها أمام الإيباك، والتي يمكن القول إنها متوقعة تأتي بهدف تأمين دعم اليهود، وأقله تحييدهم، ولكن لأسباب أخرى لا تقل أهمية، لعل أولها أن الورطة الأمريكية في العراق لا يمكن أن تنتهي بالطريقة التي يتحدث عنها، أي سحب القوات الأمريكية خلال أقل من عامين، وبالطبع لأن المؤسسة العسكرية والأمنية لن تمرر بهذه البساطة قراراً يهدد نفوذ الولايات المتحدة ويضرب هيبتها الدولية، وقد أدرك أوباما نفسه ذلك، فكان أن تدارك تصريحاته السابقة معلناً أنه سيستمع لقيادة المؤسسة العسكرية. أما السبب الثاني فيتعلق بالدولة العبرية التي سيكون من الصعب عليه تجاهل مصالحها هي التي تحظى بتأييد غالبية الكونغرس بأعضائه الجمهوريين والديمقراطيين. ثم إن أوباما لن يتورط في سياسات يعلم تمام العلم ما ستجره عليه من مصائب لا قبل له بها، وما استعانته بعدد من رموز اليهود في حملته الانتخابية سوى تعبير عن إدراك هذا البعد.

خلاصة القول هي إن أوباما في حال فوزه سيكون جيداً لصورة الولايات المتحدة في العالم بعدما أصابها من عطب من جراء سياسات بوش الخرقاء، لكنه في الجوهر سيواصل نهج أسلافه فيما يتعلق بهذه المنطقة من العالم، وإن لم يكن بذات الروحية والحرفية، ما يعني أن ماكين سيكون أفضل بالنسبة إلينا، لأنه سيكمل مسيرة التراجع لبلاده، وفي ذلك خير لنا وللبشرية جمعاء.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات