مدارس الجمعيات الخيرية .. صروح علمية في دائرة الاستهداف

بعد أن أنجز الاحتلال مسلسله التدريجي بإغلاق ومصادرة مستودعات الجمعية الخيرية الإسلامية في الخليل، ثم مصادرة وإغلاق مخبزي الرحمة ومشغل الخياطة وسوق الهدى؛ تنتظر مدارس الأيتام والطلبة المحتاجين دورها في تنفيذ القرار الصهيوني القاضي بإغلاقها وتملك محتوياتها.

وتزداد معاناة آلاف الطلبة والأيتام الذين يدرسون في مدارس تتبع للجمعية الخيرية الإسلامية وجمعية الشبان المسلمين في مدينة خليل الرحمن المحتلة يوماً بعد يوم، خاصة مع قرب حلول الإجازة الصيفية حيث يتوقع مسؤولون في الجمعية أن ينقض الاحتلال على المدارس ويغلقها ويستوي على محتوياتها.

وفي حال أقدم الاحتلال على تنفيذ قراره بمصادرة وإغلاق المدارس؛ فإنه يحكم بتشريد ما لا يقل عن سبعة آلاف طالب وطالبة، والقضاء على حياتهم الدراسية والأكاديمية وحرمانهم من مواصلة تعليمهم.

وتضم الجمعيتين المهددتين بالمصادرة، وهما الجمعية الخيرية الإسلامية وجمعية الشبان المسلمين، في مدارسها قرابة 7000 طالب وطالبة في كافة المراحل الابتدائية والثانوية ورياض الأطفال، موزعين على 10 مدارس في مدينة الخليل، تشرف الجمعيات مباشرة عليها.

مدارس رائدة

المدرسة الشرعية للبنين مدرسة ثانوية تأسست عام 1968 وتعتبر إحدى المدارس التي تتبع للجمعية الخيرية الإسلامية، ومهددة بالإغلاق الأمر الذي قد يؤدي إلى حرمان (520) طالباً من التعليم، وفقدان (27) موظفاً لوظائفهم وإغلاق مصادر العيش لعائلاتهم، وكذلك الحال لبقية المدارس التي تتبع الجمعيتين.

وتضم الجمعية الخيرية الإسلامية أيضاً مدرسة شرعية للطالبات ويدرس بها نحو 750 طالبة، منهن العشرات يبتن في القسم الداخلي ويتلقين الرعاية على مدار الساعة إضافة إلى مدرسة الرحمة الأساسية للذكور التي تضم مئات الطلبة في المرحلة الأساسية، ومدرسة الهدى للطالبات وهي قيد الإنشاء في منطقة الحاووز في الخليل.

أما جمعية الشبان المسلمين فيتبعها مدرستين للذكور والإناث بالإضافة إلى أربعة مدراس لرياض الأطفال تحوي بين جنباتها حوالي 3000 طالب وطالبة في مختلف الأعمار والمراحل، وغالبيتهم من المتفوقين والمتميزين.

وتحتوي المدارس على أقسام متنوعة للطلبة ومساقاتهم الدراسية بما فيها من مختبرات للعلوم والحاسوب ومكتبات تحوي آلاف الكتب، بالإضافة إلى الأنشطة الرياضية المختلفة.

منهاج واحد

أما المنهاج الذي يدرس في مدارس الجمعيتين فهو مقر من وزارة التربية والتعليم وهو نفسه الذي يدرس في المدارس التابعة للحكومة إضافة إلى المنهاج الشرعي المقرر من قبل وزارة الأوقاف الفلسطينية.

ويقول عبد الكريم فراح المستشار القانوني للجمعية إن منهاج المدرسة الشرعية التابعة للجمعية ليس حجة للإغلاق لأنه مقر ويدرس في جميع المدارس. وتساءل: “لماذا لا يتم إغلاق المدارس التابعة للحكومة؟”.

واعتبر حجج الاحتلال لإغلاق الجمعيات والمدارس التي تبعها بأنها واهية ولا أساس لصحتها، مضيفاً بأن الاحتلال لا يحتاج إلى حجة أو مبرر للاعتداء على المدارس الفلسطينية وحرمان الطلبة من حقهم في التعليم.

أما محمد النتشة من جمعية الشبان المسلمين؛ فأكد أن المناهج التي تدرس في مدارس الجمعية ورياض الأطفال لا تختلف بشيء عن تلك التي تدرس في المدارس الحكومية، مضيفا أن مدارسها تستقبل مشرفي وزارة التربية دون أية مشاكل ويشرفون عليها كما يرشفون على أية مدرسة أخرى.

أيتام يتحدثون

بدوره؛ يشتكي العديد من الطلبة الأيتام من المصير لمجهول الذي ينتظرهم في حال تنفيذ القرار الإسرائيلي، ويقول الطالب اليتيم أيمن أن المدرسة الشرعية ترعاهم وتشرف على تعليمهم ورعايتهم، ويعبر عن تخوفه من مستقبله ومستقبل زملائه في حال إغلاق مدرستهم، مضيفاً “إننا سوف نلقى إلى الشارع، وسيتم حرماننا من حقنا في التعليم وبناء المستقبل”.

فيما ناشدت الطالبة اليتيمة نبال شريتح التي تدرس في مدرسة الطالبات التابعة للجمعية الخيرية الإسلامية العالم والمؤسسات الإنسانية بالتدخل العاجل لإنقاذهم من الضياع بسبب القرار الصهيوني.

وتوضح الطالبة اليتيمة آمنة أن لديها صديقات يدرسن في المدرسة الشرعية للطالبات، وهن ذكيات ولديهن القدرة على التعلم وتقدم لفائدة للمجتمع، لكن قرار الاحتلال يحرمهن من مواصلة تعليمهن ويغلق الطريق أمام مستقبلهن وخدمته للمجتمع.

جهود شعبية

ويشارك عشرات الشخصيات الإسلامية والوطنية والمؤسساتية في محافظة الخليل في جهود متواصلة من أجل وقف قرار الاحتلال من خلال حملات شعبية وجماهيرية واسعة، من أجل إيصال حجم الأزمة إلى اكبر قدر من الناس ومؤسسات خصوصا الدولية منها والعالمية من أجل إجبار الاحتلال على إلغاء قراره الذي يصادر حقوق الأيتام والأطفال الذين ينتظرون بفارغ القلق تنفيذ قرار الاحتلال بمصادرة وإغلاق مدارسهم وإلقائهم إلى المجهول دون رأفة أو رحمة.

ونظمت في الآونة الأخيرة عدة فعاليات جماهيرية وشعبية في مدينة الخليل إضافة إلى انطلاق الحملة الشعبية لمساندة الأيتام، وزارت العديد من الوفود الأجنبية ومؤسسات حقوق الإنسان العالمية مقرات الجمعيات والمدارس المهددة بالإغلاق واطلعوا على حجم المأساة التي يعيشها الطلبة الأيتام في المدارس المهددة بالإغلاق، وتلقت الجمعيات وعودا من الوفود الزائرة بالعمل على التدخل لمواجهة قرار الاحتلال.

تضامن دولي

منذ صدور القرار الصهيوني بتملك الجمعيات الخيرية واصلت وفود التضامن التدفق على الجمعية للتعرف عليها والتضامن مع الطلبة والأيتام وكان من آخر هذه الوفود هتس تينسين نائب رئيس بعثة ممثلية مملكة هولندا بالأراضي الفلسطينية وكاترين فوكسي منسقة الشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة وزياد شريطة منسق البرامج التنموية في الممثلة الهولندية.

وقال نائب رئيس بعثة ممثلية مملكة هولندا إنه سيقوم بنقل حقيقة ما شاهده لوزير خارجية بلاده، ليقوم بدوره بالضغط على سلطات الاحتلال للتراجع عن قرارها الجائر بحق الأيتام وممتلكاتهم.

وثمنت الحملة الشعبية بدورها زيارة الشخصيات الرسمية ولبلادها التي تعم حقوق الأيتام والمستضعفين، وأعربت عن تقديرها للجهود المبذولة لوقف قرار الاحتلال الذي مازال ساريا ويهدد آلاف الأيتام والطلبة والأسر الفقيرة.

إلى ذلك أكدت عضو المجلس التشريعي عن حركة “حماس” سميرة الحلايقة أن المضي قدماً في قرار الإغلاق يعني الإلقاء بآلاف الطلبة إلى الشوارع، مؤكدة أن الأرصفة ستكون الصف البديل بسبب تعنت قوات الاحتلال واستمرارها في تنفيذ القرار.