الخميس 08/مايو/2025

اغتيال الرنتيسي.. أشعل الانتماء في النفوس وأثبت حقيقة الحقد الصهيوني

اغتيال الرنتيسي.. أشعل الانتماء في النفوس وأثبت حقيقة الحقد الصهيوني
حين تم إخراجه من السيارة كان لا يزال فيه بقية من الروح وكان لسانه يردد عبارة التوحيد (لا إله إلا الله، محمد رسول الله) فيما كان يومئ برأسه إلى أحد جيوبه ما أثار الدهشة والاستغراب في وقت كان المحيطون به مشغولين بإخراجه من السيارة المشتعلة.
 
هذا هو حال الشهيد الدكتور عبد العزيز الرنتيسي عندما كان يأخذ أنفاسه الأخيرة من هواء غزة الصامدة، قبيل استشهاده بقليل، حيث تسابق الناس لإنقاذ الدكتور الرنتيسي “أسد فلسطين” بعد أن قصفت طائرات الاحتلال الصهيوني سيارته التي كان يستقلها مع أحد مرافقيه وهو الشهيد المجاهد أكرم نصار، وقد تحولت السيارة التي من نوع سوبارو بيضاء اللون إلى كومة من الحديد، بعد أن استهدفتها طائرات الحقد الصهيوني بصاروخين من طائرات الأباتشي أمريكية الصنع على بعد أمتار من منزله في غزة.
 
ردد الشهادتين وأوصى بالأمانة

لقد فاضت روحه إلى بارئها بعدما اقترفت قوات الاحتلال الصهيوني جريمتها، حيث كان رحمه الله مضرجاً بدمائه، وكان الدم ينزف من جميع أنحاء جسده الطاهر، وقد كان رحمه الله يردد الشهادتين وقد سمعه الناس بوضوح ثم ما لبث أن أومأ برأسه إلى الجاكيت التي كان يرتديها بحركات أثارت دهشة الناس واستغرابهم، في وقت كان المحيطون به مشغولين بإخراجه من السيارة المشتعلة، ثم فهم المتواجدون أن إيمائه كان مقصده منه أنه شيء ما في ملابسه فنزعوا الجاكيت عن جسده، وإذ بهم يجدون مبلغا من المال وبعض المصاغ الذهبي، فتيقن الحاضرون أنها “أمانة لحركة “حماس” تبرع بها فاعل خير”.

شوارع فلسطين تعج بمسيرات عارمة

وعقب عملية الاغتيال الجبانة إياها فقد اشتعلت وتيرة الغضب في فلسطين قاطبة، خاصة في قطاع غزة، حيث خرج عشرات الآلاف من المواطنين والأهالي في مسيرات جماهيرية عارمة جابت أنحاء قطاع غزة تنديدا واستنكارا بهذه الجريمة التي نفذتها طائرات الحقد الصهيونية، فيما أغلقت المحال التجارية أبوابها فور سماع نبأ اغتيال الرنتيسي معلنة الإضراب العام، وتوافدت الجماهير الغاضبة إلى مستشفى الشفاء لوداع الشهيد القائد الذي كان يمثل “البعبع” لجيش الاحتلال الصهيوني.

 السجون تشتعل غضباً

ولم يكن المواطنون وحدهم من غضبوا على حادثة الاغتيال بل إن سجون الاحتلال اشتعلت في وجه المحتل عقب اغتيال الرنتيسي، ففي سجن النقب الصحراوي جنوب فلسطين المحتلة والذي يقبع فيه نحو 1800 أسير آنذاك أحرق الأسرى غرفتين تابعة لإدارة السجن بشكل كامل.

وقالت المصادر إن إدارة السجن عمدت على قطع المياه عن أقسام السجن، كما أطلق جنود الاحتلال القنابل الغازية والصوتية باتجاه الأسرى، فيما هتف الأسرى داخل جميع أقسام السجن ضد قوات الاحتلال الصهيوني وجريمته النكراء بحق الدكتور عبد العزيز الرنتيسي، وسط دعوات مطالبة بالانتقام والرد المزلزل على اغتيال زعيم حماس في قطاع غزة.

وفي سجن عوفر القريب من مدينة رام الله ، دمر الأسرى عددا من أبراج الحراسة في محيط السجن التي يتحصن بداخلها عدد من جنود الاحتلال، وقال شهود عيان إن قوات الاحتلال تطلق الأعيرة المطاطية والقنابل الصوتية والسامة باتجاه الأسرى، كما أضاءت بالقنابل المضيئة سماء المنطقة خشية نجاح بعض المعتقلين في الفرار من السجن.

وفي سجن مجدو أعلن عن حالة الاستنفار القصوى داخل السجن، كما دمر الأسرى هناك الأسلاك الشائكة التي تفصل بين أقسامه بشكل كامل، فيما استنفر بقية الأسرى في كافة السجون جرّاء العملية الجبانة وأحرق بعضهم الخيام وكل ما يقع تحت أيديهم احتجاجا على اغتيال الدكتور الرنتيسي.

 “حماس” تنعى القائد الرنتيسي

ونعت حركة المقاومة الإسلامية “حماس” القائد الشهيد الرنتيسي بعد 25 يوماً من جريمة اغتيال شيخ الشهداء الشيخ أحمد ياسين، فيما اتشحت غزة بالسواد ونعت مساجد قطاع غزة الشيخ وتعالت آيات القرآن والأناشيد الوطنية والإسلامية عبر مكبرات الصوت، وقد اعتبرت الحركة الرئيس الأمريكي جورج بوش شريكا في عملية اغتيال الدكتور الرنتيسي.

وقالت الحركة إن هذه الجريمة مهّد لها البيت الأبيض في لقاء بوش – شارون؛  حيث قدم الرئيس الأمريكي فيها وعد بلفور آخر لهذا الكيان الصهيوني بشطب حق العودة للملايين من أبناء الشعب الفلسطيني؛ وتشريع جدار الفصل العنصري الصهيوني، وكذلك تشريع بناء الكتل الاستيطانية في إسقاط واضح لكل القرارات الدولية التي كانوا يناورون بها طيلة عقود مضت.

وأكدت “حماس” أن هذه الجريمة البشعة التي ارتكبتها حكومة السفاح الإرهابي شارون لن تمر دون عقاب دون شك؛ وأن “حماس” لن تغير من نهجها أو تتخلى عن سياستها أو تنصرف عن تحقيق حلمها بتحرير كل الأرض الفلسطينية التي احتلها هذا العدو الصهيوني وطرد منها أهلها.

ردود فعل عربية وإسلامية

ولم تقتصر المسيرات والتنديدات على الأراضي الفلسطيني فحسب بل إن ذلك تجاوز الحدود حيث خرج الآلاف من أبناء الشعوب والعربية والإسلامية تنديدا بجريمة اغتيال الدكتور الرنتيسي، وقد عبر المشاركون في مسيرات التنديد عن سخطهم البالغ من جرائم الاحتلال الصهيوني المتواصلة في فلسطين والتي كان آخرها وقتذاك اغتيال الدكتور الرنتيسي، حيث قدمت الجماهير العربية والإسلامية التهاني والتبريكات لحركة “حماس” بمناسبة استشهاد الدكتور الرنتيسي.

وقد أكدت الجماهير آنذاك اغتيال قادة حركة حماس لن يضعف خيار الجهاد والمقاومة، منددين بالدعم الأمريكي للمجرم شارون، معتبرين أن الولايات المتحدة أكبر دولة إرهابية على وجه الأرض.

وهاجمت كثير من المسيرات الغاضبة الأنظمة العربية ووصفوها بالتخاذل والاستسلام والهوان، ودعوا إلى ضرورة أن ينشغل الجميع في الوطن العربي بقضايا الأمة الكبرى.

 الحقد الصهيوني الأسود

 عملية الاغتيال بحق الشهيد الدكتور عبد العزيز الرنتيسي وقعت بعد أن صعدت حكومة الإرهابي المجرم “شارون” آنذاك بدعم أمريكي من حربها ضد حركة “حماس”، حيث كانت قوات الاحتلال الغادرة قبل قرابة شهر واحد من اغتيال الدكتور الرنتيسي، قد اغتالت الشيخ القعيد أحمد ياسين أيضا بصواريخ طائرات الأباتشي الصهيونية.

ومن جانبه فقد أعرب رئيس الكيان الصهيوني آنذاك “موشيه قصاب” عن تأييده لما أقدمت عليه الحكومة الصهيونية باغتيال قائد حركة حماس الدكتور عبد العزيز الرنتيسي، وقد نقلت إذاعة العدو الصهيوني آنذاك عن قصاب قوله، في أول تعقيب رسمي له على جريمة الاغتيال “إن عبد العزيز الرنتيسي لم يكن على استعداد لقبول أي حل وسط مع دولة “إسرائيل”.
كما قال رئيس البرلمان الصهيوني رؤبين ريفلين وقتذاك إنه “ينبغي على كل دولة ديمقراطية أن تحارب من أجل المحافظة على وجودها، وعلى القيم الديمقراطية، التي تتمتع بها”، مشرعا لسلطات الاحتلال تنفيذ مجازر وحشية ضد شعب محتل، بحجة أنها دولة ديمقراطية، مضيفا: “إن “إسرائيل” تخوض حرباً لا هوادة فيها، وأن سياسة استهداف رؤساء التنظيمات الفلسطينية، تشكل جزء لا يتجزأ من هذه الحرب”. على حد قوله.

أما شاؤول موفاز وزير الحرب الصهيوني آنذاك فقد أكد أن الاغتيالات التي تنفذها قوات الاحتلال لقادة حركة حماس هي تعبير عن سياسة حكومة “إسرائيل” وروح الشعب اليهودي، حيث نقلت صحيفة يديعوت أحرونوت الصهيونية في موقعها على شبكة الانترنت عن موفاز قوله: إن “اغتيالاتنا لقادة حركة حماس، أحمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسي، هي تعبير عن سياسة حكومة “إسرائيل” وروح الشعب اليهودي”، موضحة أن تصريحات موفاز جاءت “في مراسم إحياء ذكرى ما يسمى “الكارثة والبطولة”.

 الحقوقيون أدانوا الجريمة واعتبروها جريمة حرب

 من جهتها أدانت المراكز الحقوقية في قطاع غزة عملية اغتيال الدكتور عبد العزيز الرنتيسي، واثنين من مرافقيه، مستنكرة في بيانات صدرت عنها “جريمة الاغتيال” والتي اعتبرت أنها “تأتي في سياق تصعيد “إسرائيل” المحموم لسياسة الاغتيال والتصفية الجسدية، التي تتبناها بشكل رسمي”، محذرة “من مغبة المضي قدماً في هذه السياسة الأمر الذي من شأنه أن يدفع بحالة حقوق الإنسان إلى مزيد من التدهور في الأراضي الفلسطينية المحتلة”.

وشددت المراكز الحقوقية في بياناتها على أن اغتيال الدكتور الرنتيسي يشكِّل “جريمة حرب جديدة، تضاف إلى سلسلة الجرائم التي تواصل قوات الاحتلال ارتكابها بحق السكان المدنيين وممتلكاتهم في الأراضي الفلسطينية المحتلة”، مطالبة المجتمع الدولي، بـ”التحرك العاجل والفاعل لوقف الجرائم الصهيونية، وتوفير الحماية الدولية للسكان المدنيين، في ظل استمرار وتصاعد جرائم الحرب المرتكبة بحقهم”.

ورأت المراكز الحقوقية في قطاع غزة أن “تحرك المجتمع الدولي يشكل واجباً قانونياً وأخلاقياً وضرورة ملحة في الوقت الراهن، حيث تتصاعد مؤشرات توسيع قوات الاحتلال لدائرة عدوانها، مستغلةً حالة الصمت الدولي القائمة تجاه الاستمرار في عدوانها”.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

إصابة 4 مستوطنين بعملية إطلاق نار قرب جنين

إصابة 4 مستوطنين بعملية إطلاق نار قرب جنين

جنين – المركز الفلسطيني للإعلام أصيب 4 مستوطنين عصر اليوم الأربعاء، في عملية إطلاق نار استهدفت سيارة قرب مدينة جنين، قبل أن ينسحب منفذ العملية من...