الأحد 11/مايو/2025

القيادي الأسير عبد الخالق النتشة في حوار من سجن هداريم

القيادي الأسير عبد الخالق النتشة في حوار من سجن هداريم

الحوار مع القيادي الأسير وراء قضبان سجون الاحتلال له وقعه الخاص، والكلمات التي تتداعى خلاله تضع نقاطاً على الحروف حيناً وتحرِّك مخزون الضمائر حيناً آخر. القيادي الفلسطيني بحركة “حماس” عبد الخالق النتشة، لديه ما يقول فوق هذا كله، فكان هذا الحوار معه في سجن “هداريم”، وفي ما يلي نصّه: 

ـ حدثنا عن الأوضاع الحالية لكم في السجن، من حيث الوضع الطبي والغذائي والإجراءات الأمنية؟

عبد الخالق النتشة: أولاً نبرق بتحياتنا لشعبنا وأهلنا، ونبرق بتعازينا لأهالي الشهداء الذين يسقطون كل يوم، ونسأل الله أن يفرج الكرب عن شعبنا.

أما بالنسبة لوضع السجن فيُقسّم إلى أقسام:

الوضع الداخلي: بفضل الله تعالى، العلاقة بين جميع الفصائل والمتواجدة هنا في “هداريم” ممتازة، والعلاقات أخوية ومبنية على الاحترام المتبادل بين الجميع، أما الوضع الغذائي في داخل السجون كافة وهذا السجن جزء السجون؛ الوضع سيئ بمعنى الكلمة، حيث ينقصنا دوماً الخضار، والطعام سيئ من حيث الكمية والنوعية. وقد مرّت علينا ظروف غاية في السوء عندما انقطعت “الكانتينا” (مخصصات المشتريات من مقصف السجن) التي كانت تدفعها وزارة الأسرى فقط، هذا الشهر بعد مرور حوالي ثمانية أشهر على انقطاع “الكانتينا” وصلنا جزء منها. أم بالنسبة للوضع الأمني؛ فهذه الأوضاع متذبذبة بين المدّ والجزر، تشوبها بعض التوترات عند اقتحام السجن ليلاً من قبل فرقة “ماتسادا” (الصهيونية)، هذا في عامة السجون، أما بالنسبة لـ”هداريم” ربما يكون أفضل من غيره.

أما الوضع الصحي: فهناك تقصير واضح وإهمال طبي بشكل عام في أغلب السجون.

 

ـ كيف تصف العلاقات بين الأسرى داخل السجن، والعلاقة بين الفصائل، وهل في الأفق مبادرة منكم أنتم الأسرى لحل الخلافات بين “فتح” و”حماس”، خاصة وأنك سبق أن قدّمت مبادرة الأسرى مع قيادات فصائل أخرى سابقاً؟

النتشة: بالنسبة للعلاقات كما ذكرت سابقاً في سجن “هداريم” فهي ممتازة، ولكن في السجون التي فيها فصل (مفروض من الاحتلال بين الأسرى حسب الانتماء الفصائلي) ليس هناك أي تواصل بين الأسرى، مع أننا قمنا بمحاولة إعادة الدمج بين الأسرى وأنا في سجن نفحة ورامون. الحقيقة أنّ هناك مساعٍ جيدة من بعض الأخوة في “فتح” في هذا الاتجاه، ولكنني أرى أنّ الإدارة (الصهيونية للسجن) غير معنية بالأمر، ونسأل الله خلال الأيام القادمة أن يكون هناك توافق حول العودة لبعضنا بعضاً.

اما بالنسبة للوضع الخارجي؛ فإنني وجميع الأسرى متألمون لما يحصل على الساحة الفلسطينية من نزاع وخلاف، وما يتعرض له الأهل من آلام من هنا وهناك. وكنت أتمنّى أن تُعطَى حكومة الوحدة الوطنية و”اتفاق مكة” متسعاً من الوقت لإنجاح هذا الاتفاق وهذه الحكومة التي أنظر إليها على أنها المخرج وهي الرافعة للحالة الفلسطينية، ومع ذلك فلم يفت الأوان بعد، وعلى الأطراف جميعاً وعلى عاتق الأخ أبو مازن على عاتقهم مسؤولية إعادة اللحمة والوحدة لشعبنا وأرضنا ولقضيتنا، وفي هذا صالح للجميع وهي أهم بكثير من الذهاب إلى المفاوضات التي لا نعوّل عليها كثيراً، ولن تجلب لشعبنا لا الأمن ولا الحرية ولا الاستقلال، لذلك أتمنى على الأخوة في “فتح” و”حماس” العودة للحوار وإنهاء الخلاف، في الحقيقة فنحن لم نتمكن خلال الفترة السابقة من عمل أي مبادرة للخروج من هذا الوضع المأساوي لشعبنا بسبب الفصل ما بين الأسرى في السجون الإسرائيلية، وأتمنى وأنا في “هداريم” أن نعمل سوياً مع الاخوة لبلورة شيء نستطيع فيه خدمة شعبنا.

 

ـ ما هو موقفكم من إعادة نشر الصور المسيئة للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في الصحف الدنماركية، وفي نظركم ماذا يترتب على وزراء الإعلام العرب من ردود على ذلك؟

النتشة: يؤسفنا أن تقوم هذه الدول تحت ما يسمى “حرية الرأي” بالإساءة إلى مليار ونصف المليار من المسلمين، ومن هنا أتساءل: لماذا الإساءة فقط لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ولماذا الاستهتار بالأمة المسلمة؟. في هذا الزمن يقف الإنسان مع نفسه فيرى أنّ ضعف الأمة وتفرّقها وتسلّط الأنظمة القمعية على رقاب أمتنا الإسلامية وارتماء هذه الأنظمة في أحضان الغرب ذليلة منكسرة؛ هو سبب قيام هذه الدول بالإساءة إلينا. والمطلوب من الأنظمة أن تقف وقفة لله ولرسوله، تردّ بها هذا الهجوم من الغرب على الإسلام، والمطلوب من وزراء الإعلام العرب بدل أن يضعوا الوثائق لتقييد حرية الإعلام المسؤول أن يضعوا حداً لهذه الإهانات من قبل الغربيين، وعليهم أن يعملوا على تسخير الإعلام العربي والإسلامي لنصرة رسول الله عليه الصلاة والسلام، وعلى هؤلاء الوزراء أن يوقفوا كل حملات تجهيل وتفسيق الأمة من خلال البرامج الخلاعية ولتتقوا الله في أمتنا وشبابنا.

 

ـ هناك إشارات عن مخطط صهيوني ضخم يستهدف المسجد الأقصى المبارك وبناء كنيس في ساحة البراق ومصادرة المباني والأراضي في القدس. ما هي تبعات هذا المخطط في ظل الانقسام الداخلي الفلسطيني؟

النتشة: بكل أسف فإنّ هرولة بعض مسؤولي الشعب الفلسطيني لعقد اللقاءات مع الاحتلال الصهيوني وتمسّكهم بالحلول السلمية والعبثية؛ هو الذي يدفع الاحتلال لمزيد من التطاول علينا وعلى أرضنا وعلى مقدساتنا، وإنّ تشرذم الأمة العربية والإسلامية وانشغال زعمائها بترويج اللهو والمجون عبر الفضائيات، وانشغال زعمائها بالتطبيع هو الذي يساعد الاحتلال الصهيوني على قضم الأرض وتدمير المقدسات. ومن هنا نبعث رسالة مسطّرة بالألم والإشفاق على حال الأمة، لنناشد جميع الشعب الفلسطيني توحيد صفه ووقف المفاوضات العبثية حتى توقف سلطات الاحتلال هذه العملية. والمطلوب من الأمة الإسلامية والعربية أن تجعل همّها الأول تحرير القدس وفلسطين، وإذا بقينا في هذه الحالة من الفرقة والانشغال بتوافه الأمور فإننا سنفقد لا سمح الله كل معالم القدس العظيمة، والتي تستحق منا بذل الجهد والدماء من أجلها.

 

ـ ما هو المطلوب، برأيك، عملياً من العرب والمسلمين لرفع الحصار والظلم عن غزة والضفة والمحاولات الصهيونية لتهويد القدس؟

النتشة: بالنسبة للحصار فإنه مما يحزّ في نفوسنا أن ترى أطرافاً من أبناء جلدتنا يساهمون في هذا الحصار، والمطلوب أولاً وقف الحديث أو المفاوضات مع الاحتلال حتى يُرفع الحصار، والمطلوب من الأنظمة وقفة جادة باتجاه الملايين التي تموت جوعاً وتقتل يومياً بغير ذنب، ولا أقل من أن تتخذ الأنظمة العربية قراراً بسحب سفرائها من الكيان الصهيوني وطرد سفراء الاحتلال من بلادهم، بدل الهرولة للتطبيع. وأوجه رسالة لأشقاءنا المصريين، حكومة وشعباً وبرلماناً؛ أن تتقوا الله في إخوانكم في فلسطين، ولتكن الوقفة المشرِّفة التي وقفتموها أخيراً بفتح المجال أمام شعبنا للتسوّق من مدن مصر الشقيقة هو العلاقة الكبيرة بيننا مع التأكيد أننا كفلسطينيين وكأسرى نحترم السيادة المصرية على أرضها، ونؤمن وندافع عن الأمن القومي لمصر الشقيقة. ونحن نرفض كل إساءة صدرت من هنا أو هناك ضد جنودنا جنود الجيش المصري. مرة أخرى نناشد باسم الأسرى جميعاً الأخ الرئيس المصري بوقفة مشرفة بكسر هذا الحصار.

 

ـ ما هي أبعاد اغتيال القيادي البارز في المقاومة اللبنانية عماد مغنية على المنطقة؟ وهل في نظرك سيكون ذلك فتيلاً لحرب جديدة؟

النتشة: بالنسبة لعملية اغتيال القائد مغنية نحن ندينها بكل أشكال الإدانة، والذي أراه أنها ستكون باباً لفتح حرب إقليمية تقودها الولايات المتحدة والكيان الصهيوني وحلفائهما في المنطقة ضد مشروع المقاومة والممانعة لشعوبنا العربية والإسلامية، وهي مقدمة لعمليات اغتيال جديدة على الطريق. ومن هنا؛ نتمنى على كل قيادات العمل الوطني والإسلامي داخلياً وخارجياً أن يأخذوا سبل الحماية والوقاية من هذا المشروع الاحتلالي الكبير.

 

ـ هل تعوِّلون على صفقة شاليط؟

النتشة: لا شك أن هذه العملية، أسر الجندي، أحيت الأمل في نفوس الأسرى جميعاً، ولا أُخفي سراً أنّ جميع الأسرى يعوِّلون على نجاح هذه الصفقة كمقدمة للإفراج عن كافة الأسرى، وعلى رأسهم الأخوة القدامى والمرضى وكبار السن وأصحاب الأحكام العالية.

 

ـ تردّدت في وسائل الإعلام في الآونة الأخيرة معلومات حول مبادرات تتعلق بمعالجة حالة الانقسام الداخلي في الساحة الفلسطينية، ماذا تقول بهذا الشأن مع الأخذ بعين الاعتبار الضغوط المشددة المفروضة على “حماس” في الضفة؟

النتشة: ليس المطلوب من الأخوة في “فتح” أو السلطة أن ينتظروا من “حماس” أن ترفع الراية البيضاء، بل المطلوب من الطرفين أن يجعلوا مصلحة شعبهم ومصلحة قضيتهم ومصلحة مقدساتهم وأرضهم فوق خلافاتهم، وليس من المعقول أن يضع أحد شروطاً على الطرف الآخر في حين نرى هرولة المفاوضات عبثية. وأناشد الرئيس أبو مازن أن يوقف كل الممارسات السلبية والسيئة التي تُمارَس ضد أبناء حركتنا في الضفة الغربية من اعتقال وتعذيب ومصادرة وملاحقة، والمطلوب الذهاب إلى هذا الحوار .

ونحن في حركة “حماس” وأسرى “حماس” نؤكد على قضية أساسية، وهي دعوتنا في كل لحظة وفي كل حين إلى العودة إلى الحوار، وإصلاح الأمر، مبنياً على ما تم الاتفاق عليه في القاهرة ووثيقة الوفاق الوطني واتفاق مكة، خاصة ونحن نرى أنّ محاولات العدو هي إبقاء الشقاق والنزاع بين أبناء الشعب الواحد وإيهام الناس بأنّ هناك حل للقضية مع قناعة الأسرى بأنّ الاحتلال لن يعطي الفلسطينيين حقوقهم ولن يتنازل عن احتلاله لأرضنا، وحكومة الاحتلال أضعف من أن تقدم شيئاً لشعبنا الفلسطيني، ولذلك لا نبني مواقفنا على أوهام ولا نركز على أي طرف دولي في حل قضيتنا، بل نعتمد بداية على وحدتنا والموقف الواحد لشعبنا، وبذلك نفرض احترامنا على العالم أجمع، وعندها سيؤمن الجميع أنّ ما تم الاتفاق عليه في مكة ووثيقة الوفاق واتفاق القاهرة هو المخرج الحقيقي ولا مخرج سواه.

 

ـ من موقع الأسير؛ ما هو تقييمك لأداء “وزارة” الأسرى بـ”حكومة” فياض غير الدستورية في خدمة الأسرى؟ فهل تقوم بواجباتها حقاً تجاه الأسرى؟

النتشة: الحقيقة أنني أتحدث وفي قلبي غصّة، حيث يعلم الجميع أنّ الأسرى في ظل ظروفهم المأساوية التي يعشونها ويعتمدون في معيشتهم على ما يدخل إليهم، ففي الناحية المعيشية وأقول للوزارة (التابعة لفريق فياض) لائماً لها بأنه في ظل الحكومات السابقة لم تتأخر يوماً مخصصات “الكانتينا”، فلماذا في هذا الظرف فقط تمرّ علينا أشهر ولا نرى شيئاً يدخل علينا. وعندما يبدأ إدخال

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات