الثلاثاء 13/مايو/2025

شعبية حماس في القطاع وفتح في الضفة

شعبية حماس في القطاع وفتح في الضفة

صحيفة الدستور الأردنية

بصرف النظر عن ملابسات ما جرى إثر مهرجان تأبين أبو عمار في قطاع غزة، وهو فخ وقعت فيه حماس، لأن أحداً لم يكن يتمنى انفضاض المهرجان بسلام أكثر من إسماعيل هنية.. بصرف النظر عن ذلك، فإن استخدام المهرجان وتداعياته في سياق تقرير خلاصات حول ما آلت إليه جماهيرية هذا الفريق أو ذاك يبدو متعسفاً إلى حد كبير.

ولعلنا نشير ابتداءً إلى أن قراءة نتائج انتخابات المجلس التشريعي لم تكن صائبة من الأصل حين تعاملت مع النتائج كما لو كانت انقلاباً وليست نتيجة طبيعية لتحولات المجتمع الفلسطيني خلال الثمانينات والتسعينات وصولاً إلى انتفاضة الأقصى وما بعدها، مع العلم أن جماهيرية فتح مطلع العام الماضي (موعد الانتخابات) كانت في أفضل حالاتها على الإطلاق منذ مطلع التسعينات، وبالطبع على خلفية حضورها الجيد في انتفاضة الأقصى، فضلاً عن اغتيال أبو عمار بالسم على يد الإسرائيليين. ثم دعونا نعترف بأن حماس قد خسرت شعبياً بسبب تجربتها منذ الانتخابات، فهل صحيح أن فتح قد ربحت؟

لا يبدو هذا التقدير صحيحاً، ومهرجان غزة (عشرات الآلاف وليس مئات) لا يشكل دليلاً كافياً، إذ بوسع حماس إقامة مهرجان أكبر منه صبيحة الغد لو أرادت، مع العلم أن المهرجان شهادة لعرفات وليس لمن انقلبوا بالسلاح عليه عام 2003 (حماس وقفت معه يومها)، أما الأهم فهو أن ما جرى ويجري في القطاع ما زال يواجه بمظلومية حماس في الضفة الغربية، والحركة التي يعتقل 42 من نوابها، بينما يتمتع زملاؤهم بحرية التحرك لن تتراجع شعبيتها، فكيف حين يستهدف أكثر قادتها وعناصرها ومؤسساتها؟، ثم إذا كان بوسع فتح إقامة مهرجان في القطاع تركز كلمات المتحدثين فيه على هجاء الحكومة “المقالة”، فهل بوسع حماس إقامة مهرجان أصغر بكثير في الضفة؟

ما ينبغي أن يكون واضحاً هنا هو أن مسألة الشعبية والانحياز الجماهيري ليست مؤشراً يتذبذب كل يوم على إيقاع أحداث عابرة لكل طرف رؤيته وروايته حولها، وإنما هي اختيارات فكرية وسياسية تتشكل بمرور الوقت، إلى جانب بعد آخر لا يقل أهمية يتعلق بالأداء المقاوم في صراع تاريخي له مكانته في الوعي الجمعي للأمة.

ربما تراجعت حماس في قطاع غزة، وربما خسرت شيئاً من شعبيتها بسبب مسلسل ما بعد الانتخابات، لكن الموقف في الضفة الغربية ما زال يوازن المعادلة على نحو ما، فيما يأتي الحصار الذي يفرض على القطاع بسبب سيطرة حماس عليه، ومسلسل التركيع الذي يفرضه الاحتلال، مع الاجتياحات اليومية، والتهديد بالاجتياح الشامل، بأتي كل ذلك ليمنح الحركة صورة العدو الأشرس للاحتلال وللخيارات الأمريكية الإسرائيلية، الأمر الذي يجعل التراجع في شعبيتها أمراً مشكوكاً فيه، حتى لو شعر محبوها، بخاصة في الخارج، بالكثير من الاستياء والحرج جراء الممارسات التي نشأت عن المشاركة في الانتخابات ومن ثم الفوز، وصولاً إلى الحسم العسكري منتصف حزيران الماضي. يضاف إلى ذلك أن من يطالب بالحوار ويصر عليه بهدف استعادة الوحدة يكسب سياسياً وشعبياً أيضاً، خلافاً لمن يرفضه من دون صيغة الاستسلام، بينما يلهث خلف خيارات سياسية مجرّبة يعرف الناس نتائجها المتوقعة على الأرض، بل حتى سبب تفعيلها في هذا الوقت بالذات.

لسنا ننحاز هنا إلى خيارات حزبية، بل إلى خيارات سياسية في صراع تاريخي تخوضه أمتنا مع ألد أعدائها، ومن يمسكون بالبوصلة الصحيحة للصراع سيربحون معركة الجماهيرية في أوساط الأمة.

ألم يغفر الناس لأبي عمار كل أخطائه السابقة عندما كتبت خاتمته على يد المحتلين؟،

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات