سيناريوهات إسرائيلية لمستقبل القدس وتقسيمها

صعدت كلمة رئيس الوزراء الإسرائيلي أولمرت أمام الكنيست حول تقسيم مدينة القدس من الجدل الساخن الذي يدور في الساحة الإسرائيلية حول هذه المسألة الموضوعية وقد تساءل أولمرت في كلمته ما هي الفائدة التي تعود على إسرائيل من الاحتفاظ بمنطقتي السواحرة والولجة؟ وهما من المناطق والأحياء ذات الكثافة السكانية العربية كما أنهما من الأحياء التي ضمتها إسرائيل بعد 67 إلى بلدية القدس، وكان أولمرت قد تعهد قبل أيام من هذه الكلمة إلى وفود من المستوطنين والأحزاب المتشددة بعدم تبنيه خطة مساعده حاييم رامون الموسعة التي تستهدف وضع تصور شامل للصراع الفلسطيني
وكان رامون بطرحه هذا المشروع قد فتح الطريق أمام عدد من الوزراء الذين يؤيدون وجهة النظر هذه إلى تقديم اقتراحات خاصة بهم إلا أنه يلاحظ أن هؤلاء الوزراء وهم وزراء البيئة جدعون عيزرا ووزير الجيش باراك وليبرمان وزير الاستراتيجيات. وكان جدعون عيزرا قد قال للإذاعة الإسرائيلية ان المعني هنا بالتنازل عن بعض الأحياء للفلسطينيين هي تلك التي تقع خارج الأسوار وذات الكثافة العربية مثل شعفاط ومصلحتنا هنا التخلص من مائتي ألف فلسطيني وليس المعني هنا البلدة القديمة.
وكان إيهود باراك قد كرر قبل أيام مواقف ثابتة له بشأن تقاسم مدينة القدس كان قد عرضها في مؤتمر كامب ديفيد عام 2000 وتتمثل في نقل الأحياء العربية للفلسطينيين وأن تكون هناك مسئولية أمنية مشتركة على أحياء مثل بيت حنينا وشعفاط إذ انه إذا لم تكن هناك سيطرة أمنية إسرائيلية على عدة أحياء سوف تعمل بالمستقبل على عزل الأحياء اليهودية التي تقع شمال القدس والمعني هنا بسكات زائيف والنبي يعقوب وغيرهما إلا أن المفاجأة الكبرى كانت قد ظهرت قبل أيام من انضمام المتطرف ليبرمان ورئيس الحزب القومي إسرائيل بيتنا حيث عقد مؤتمرا صحفيا وأعلن استعداده للتنازل عن أحياء بمدينة القدس مقابل موافقة فلسطينية على ضم مستوطنات مثل عتيسيون التي تقع ما بين الخليل وبيت لحم ومعاليه أدوميم وغيرها للقدس أي تنفيذ المشروع الإسرائيلي الذي كان قد تحدث عنه أكثر من مسئول منذ سنوات عن إيجاد القدس الكبرى التي تشكل خمسي أراضي الضفة الغربية علما بأن ليبرمان هذا كان قد زار عدة مستوطنات بعد مؤتمره الصحفي عارضا على المستوطنين مشروعه إلا أنه لوحظ أنه في تجمع لمستوطنة بيتار قرب نابلس قد وجه له رئيس مجلس المستوطنات يشع انتقادات حادة واتهمه بالعمل على تقسيم القدس والتنازل عنها ويلاحظ هنا أن هؤلاء الوزراء يقابلهم وزراء آخرون متشددون يرفضون التنازل عن أي حي عربي في الوقت الحاضر على الأقل ومنهم وزير المواصلات موفاز رئيس الأركان السابق الذي يدعي بأن الفلسطينيين غير جاهزين للاتفاق على قضايا التسوية النهائية وأنهم يطالبون بمناطق وأراض لا يمكن أن توافق عليها إسرائيل ويتخذ الموقف نفسه هذا وزير الداخلية والشرطة آفي دختر ويعتبر إيلي يشاي رئيس حركة شاس الدينية من أهم الرافضين لتقسيم القدس وأنه قال الأسبوع الماضي ان أحدا لن يجرؤ على تقسيم المدينة أو سلخ أحياء منها وأن هذا الشخص غير مخول كما تردد في الأنباء أن اللقاء الذي جمعه مع وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس كان متوترا حول قضايا كثيرة في مقدمتها القدس واللاجئون.
ومن الموضوعات الشائكة بالنسبة إلى مدينة القدس هي المقدسات والمسجد الأقصى والحرم القدسي حيث يدعو الفلسطينيون للسيطرة الكاملة على المقدسات الإسلامية والمسيحية. وكان السيد عدنان الحسيني مستشار الرئيس عباس لشؤون القدس الذي كان يشغل في السابق مدير إدارة الأوقاف الإسلامية قد ذهب لأبعد من ذلك حينما قال ان المسلمين لن يتنازلوا عن حائط البراق وهو الحائط الغربي للمسجد الأقصى الذي يسميه اليهود حائط المبكى، علما أنه في لقاءات كامب ديفيد قد وافق الرئيس عرفات على التخلي عن السيطرة على هذا الحائط فقط وهو ما يسمى عند اليهود الحوض المقدس ويشمل أيضا منطقة سلوان ومحيط المسجد الأقصى وحي المغاربة والحي اليهودي وجبل الزيتون، وكان باراك قد تقدم في كامب ديفيد بطروحات لايزال متمسكا بها تبناها الرئيس الأمريكي السابق كلينتون وتقضي بتقسيم الحرم القدسي الشريف ما بين اليهود والمسلمين بحيث يسيطر الفلسطينيون على بنيان المسجد الأقصى والصخرة المشرفة فيما يقوم اليهود ببناء كنيس كبير أسفل الأقصى باعتباره يضم أجزاء من الهيكل اليهودي المزعوم التي أثبتت الحفريات والأثريون الأجانب حتى الإسرائيليون عدم التمكن من إيجاد ما يثبت ذلك حيث ان هذا الطرح كان من أهم أسباب فشل كامب ديفيد حيث قال المرحوم الرئيس عرفات في ذاك الوقت ان أي مسلم لا يستطيع الموافقة على ذلك موجها كلامه للرئيس كلينتون والوفد المرافق أدعوكم إلى المشاركة في جنازتي إذا وقعت هذا.
كما يتضمن مشروع باراك السيطرة الفلسطينية على الحيين الإسلامي والمسيحي بالبلدة القديمة وتتضمن خطة رامون مزيدا من التفاصيل حول البلدة القديمة والأماكن المقدسة عارضا أن تكون منطقة الحرم القدسي والبلدة القديمة تحت إدارة أردنية مغربية مصرية وأن يتولى اليهود المسئولية عن أماكنهم المقدسة كذلك المسيحيون شريطة ألا ترفع أعلام أو أي إشارات على الحرم القدسي أو البلدة القديمة كما يتناول الأمر أيضا أن تكون الطرق المؤدية إلى الأحياء العربية واليهودية مفتوحة للطرفين. أما ليبرمان فقد قال إنه لا سيطرة للفلسطينيين على الأماكن المقدسة ولا على البلدة القديمة. وكان الكاتب الإسرائيلي المعروف شمعون شيفر قد كتب قبل أيام أن أولمرت يراهن بالنسبة إلى موضوع القدس على وجود أغلبية إسرائيلية تؤيد إجراء مفاوضات ونقل مسئولية الأحياء إلى الفلسطينيين على عدة مراحل ومن هنا كانت قد وجهت عدة انتقادات إسرائيلية لرئيس الوزراء الذي وافق على مصادرة 1100 دونم من قرى أبوديس والعيزرية والسواحرة من أجل بناء جدار العزل ووصل مستوطنة معاليه أدوميم بالقدس وهذا يعني فصل شمال الضفة الغربية عن جنوبها، الأمر الذي يحبط مساعي جهود السلام كافة وإيجاد حل لمدينة القدس وقد تبنى هذه الانتقادات معسكر السلام الإسرائيلي وأعضاء الكنيست من هذا المعسكر وحركة ميريتس وكتاب أعمدة في الصحف الإسرائيلية مثل عاكيفا هدار المختص بالشؤون الفلسطينية إلا أنه لوحظ خلال عيد العرش عند اليهود في أواخر شهر رمضان أن خريطة جديدة قد رسمت بأحياء القدس سواء أكانت داخل البلدة القديمة أم خارجها وأن الجيش الإسرائيلي وقوات الأمن وحرس الحدود قد انتشرت بالأحياء اليهودية والمستوطنات حيث تدفق الإسرائيليون بشكل جماعي وبمظاهر احتفالية إلى حائط البراق ــ المبكى ــ عندهم كما أن هذا الانتشار قد شوهد في الطرقات الفاصلة ما بين الأحياء العربية واليهودية فيما سمح للعرب والمصلين بالتنقل بحرية ومن دون وجود أمني في أحيائهم، الأمر الذي فسر من قبل المراقبين والمتتبعين بأن تقسيم الأحياء ما بين اليهود والعرب قد ترجم على الأرض بهذه المرحلة حيث ان المسلمين أيضا قد تدفقوا للمسجد الأقصى بشكل جماهيري وعفوي على الرغم من أن حواجز الجيش الإسرائيلي المنتشرة على مداخل مدينة القدس قد حدت كثيرا من التوجه بأعداد ضخمة نحو المسجد الأقصى وعلى الرغم من ذلك فإن عدد المصلين الذين أدوا صلاة الجمعة قبل الأخيرة وفي ليلة القدر قد قدر بـ 125 ألفا معظمهم من فلسطينيي الـ 48 علما بأنهم في السنوات الماضية كان يصل إلى المسجد الأقصى لتأدية صلاة الجمعة ما يقرب من نصف مليون مصل.
ولا تستبعد الأوساط الفلسطينية المطلعة والمتتبعة للشأن الإسرائيلي أن إعلان بلدية القدس المحتلة قبل أيام باستئناف الحفريات بمحيط المسجد الأقصى وقبل ذلك إعلان مصادرة 1100 دونم لإقامة جدار العزل من قرى أبوديس والعيزرية والسواحرة تأتي على خلفية المنافسات الإسرائيلية الداخلية والضغط على رئيس الوزراء الإسرائيلي أولمرت من المتشددين قبل انعقاد قمة أنابوليس على الرغم من أن وزير الثقافة الإسرائيلي قد أعلن تراجع وتأجيل هذه الحفريات باعتبار أن مجلس الوزراء لم يقرها وأن الذي اقرها هو لجنة وزارية مصغرة لابد أن تحصل على موافقة مجلس الوزراء وأن هذا التراجع من أحد أسبابه عدم التشويش على أنابوليس حيث ان هذين القرارين الإسرائيليين قد جوبها بردة فعل عنيفة من قبل الفلسطينيين وان الرئيس عباس قد صارح وزيرة الخارجية الأمريكية رايس في لقائه الأخير معها بأنه لا يمكنه الذهاب لأنابوليس في الوقت الذي تقوم به إسرائيل بمصادرة أراضي بالقدس واستمرار الحفريات بمحيط المسجد الأقصى وهذا هو الموقف العربي أيضا، ومن هنا كانت زيارة رايس للقاهرة ولقاؤها الرئيس مبارك الذي أكد موقف الرئيس عباس علما بأن دائرة الأوقاف الإسلامية قد شهدت أمس الأول اجتماعا موسعا لفعاليات مدينة القدس ومؤسساتها المدنية والعلماء من أجل تنظيم حملة شعبية لمقاومة استئناف الحفريات في محيط الأقصى، وأنه قد تقرر القيام بعدة نشاطات منها تبليغ رسالة لقناصل الدول الغربية بالقدس أن إقدام إسرائيل على استئناف الحفريات يعني تصعيد التوتر بالمدينة وأن رئيس دائرة الأوقاف عزام الخطيب قد دعا قناصل الدول الغربية إلى إبلاغ دولهم بالتدخل لوقف هذه الحفريات كما أجريت اتصالات مع منظمتي الأونيسكو والسيسكو.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

حماس: مجزرة البريج جريمة حرب بشعة تضاف للسجل الأسود للاحتلال
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام قالت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، إن مجزرة مدرسة أبو هميسة في مخيم البريج، والتي كانت تؤوي نازحين، جريمةٍ جديدةٍ...

بلدية جباليا تحذر من كارثة وشيكة لتراكم النفايات
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام حذرت بلدية جباليا النزلة، يوم الثلاثاء، من انتشار وتراكم كميات النفايات في مناطق نفوذها، مع عدم مقدرة طواقم العمل على...

الاحتلال يشرع بهدم منازل في مخيم نور شمس شمال الضفة
طولكرم – المركز الفلسطيني للإعلام شرعت جرافات الاحتلال الإسرائيلي، الثلاثاء، بهدم عدد من المباني السكنية في مخيم نور شمس شرق مدينة طولكرم شمال الضفة...

20 شهيدا وعشرات الجرحى بمجزرة مروعة وسط غزة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام ارتكبت قوات الاحتلال الإسرائيلي، مساء اليوم الثلاثاء، مجزرة مروعة بحق النازحين، عقب قصف الطيران الحربي لمدرسة تُؤوي...

الاحتلال يُمدد اعتقال 58 أسيرا إداريا
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام أفادت هيئة شؤون الأسرى والمحررين وجمعية "نادي الأسير الفلسطيني"، بأن سلطات الاحتلال الإسرائيلي أصدرت 58 أمر...

أنصار الله: الملاحة في المطارات الإسرائيلية غير آمنة
صنعاء- المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت القوات المسلحة اليمنية "أنصار الله"، أن الملاحة الجوية في المطارات الإسرائيلية باتت غير آمنة، مشيرة إلى أن...

جيش الاحتلال يقصف مطار صنعاء الدولي ومصنعا للإسمنت ومحطة كهرباء مركزيّة
صنعاء - المركز الفلسطيني للإعلام شنّ جيش الاحتلال الإسرائيليّ، اليوم الثلاثاء، هجوما استهدف من خلاله مطار صنعاء الدوليّ، ومصنعا للإسمنت في منطقة...