الثلاثاء 13/مايو/2025

أجهزة عباس الأمنية: مقاومة المقاومة وضلوع في الفلتان .. والحقائق تتفاقم

أجهزة عباس الأمنية: مقاومة المقاومة وضلوع في الفلتان .. والحقائق تتفاقم

يخيِّم الفلتان الأمني على أرجاء الضفة الغربية، بينما تتورّط الأجهزة الأمنية التي تأتمر بأمر رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، في هذه الظاهرة المتفاقمة. وتتضافر الشواهد على خطورة منحى الفلتان الراهن، كما تأتي به الوقائع من مدن الضفة المختلفة.

إحدى الشواهد الحية على ذلك تبدو ماثلة في نابلس، المدينة الصامدة برغم الهجمات المتكررة من قبل الاحتلال عليها، والملاحقات الأمنية لأجهزة عباس في البحث عن المقاومين وأسلحهتم. فهذه المدينة تكاد تغرق في بحر من الفلتان الأمني وبتورط مباشر من للأجهزة الأمنية، التي تبدو إما ضليعة مباشرة في ما يدور أو متواطئة معه.

الطفل نديم عوني كلبونة الذي يسكن مع عائلته في شارع المريج بمدينة نابلس، خرج من بيته في الثامنة مساء من يوم السبت (22/9) ليلعب ويلهو مع أطفال حارته، بعد يوم صيام طويل وشاق. ولم يعد الطفل بعد غيابه منذ ذلك الحين ليتضح أنه جرى اختطافه على أيدي مجهولين، وذلك استمراراً لمسلسل اختطاف تعرض له عدد من أطفال المدينة في أوقات متفاوتة.

ووفق تلفزيون نابلس المحلي؛ فقد ذكر والد الطفل عوني كلبونة “لا يوجد لي أعداء”، مناشداً المسؤولين التحرك العاجل لعودة ابنه سالماً الى أهله. أما جدة نديم فتحدثت عن حفيدها قائلة “إنه طفل محبوب من جميع أهله ومدلل، ويخاف كثيراً”، متوجهة الى الله تعالى، والدموع في عيونها، بالضراعة أن يعيد لها حفيدها لتعاود احتضانه كما كانت تفعل دائماً.

ويصرِّح أحد أقارب الطفل المختطف بالعتب والملامة إزاء الأجهزة الأمنية في نابلس التي تُعدّ عناصرها بالآلاف ولا تظهر إلاّ في حملات اختطاف أنصار “حماس”، ويقول “لو كان جندي صهيوني هو المختطف لوجدته (تلك الأجهزة) وعثرت عليه بسرعة البرق”، كما ذكر رافضاً البوح باسمه.

الأجواء الرمضانية غائبة عن بيت الطفل نديم عوني كلبونة، الذي امتزجت فيه رائحة البخور بدموع أمه وهي واضعة كفها على خدها نادبة حظها، ولسان حالها يقول ما ذنب الطفولة البريئة التي قتلها الاحتلال ليصل الحال إلى أبناء جلدتنا ليشيعوا الذعر والخوف في نفوس الأطفال وذويهم؟!.

أما والد نديم، ويعمل صرافاً، فيقول إنه لم يتلق بعد أي اتصال من الخاطفين ليبلغوه مطالبهم، لكنه يشك بأنّ الخاطف شخص مدين له بمبلغ من المال. ويضيف قوله “لقد بدأت أجمع مبلغ الدين من الأصدقاء والأقارب لأعيده إلى صاحبه في حال كان هو الخاطف، وكان هذا مطلبه”.

ويلجأ بعض المستفيدين من حالة الفلتان الراهنة إلى طرق خارج القانون لتسوية خلافات مالية، أو عائلية، أو شخصية، في ظل تنامي قوة المجموعات المسلحة المدعومة التي يتصدرها أمثال “أبو جبل”، الذي اعتقلته قوات الاحتلال وأفرجت عنه بعد ساعتين بشكل مخجل.

ويجد الباحثون عن حلول خارج القانون لخلافاتهم في أفراد من تلك الميليشيات والمجموعات المسلحة، غالبيتهم مدعومين من فاسدين بحركة “فتح”، بحيث يكون هذا الخيار وسيلة لتحصيل مطالبات غالباً ما تكون مادية، مستغلين في ذلك غياب القانون وفساد أجهزة الأمن.

ربع مليون مواطن فلسطيني سكان مدينة نابلس هم وقود المقاومة والنضال الفلسطيني، ومع ذلك فإنّ هذه المدينة الباسلة تقع في بؤرة تحركات الأجهزة الأمنية، التي اختلقت مؤخراً قصصاً من قبيل رواية ضبط أسلحة في أحد مساجد نابلس لتبرير تدنيس المساجد. هكذا يجري برعاية تلك الأجهزة تحويل نابلس المقاومة إلى مركز للانفلات الأمني في الضفة الغربية، بينما ينتشر فيها عدد كبير من المجموعات المسلحة التي تتدخل في مختلف شؤون حياة المواطنين الصغيرة منها والكبيرة، وهي حالة لها مثيلاتها في مدن الضفة الأخرى على تفاوت بينها.

ويقول الفريق الحكومي غير الدستوري الذي نصّبه رئيس السلطة محمود عباس في رام الله، إنه شرع منذ الاثنين (24/9) في نشر خمسمائة رجل شرطة مسلحين في مدينة نابلس، بذريعة “حفظ الأمن والنظام”، متجاهلاً حقيقة وجود آلاف العناصر من الأجهزة الأمنية في المدينة، وهو ما يثير شكوك المواطنين بشأن المرامي الحقيقية لذلك الانتشار.

ويبقى واضحاً أنه تحت عنوان فرض الأمن تتزايد ظاهرة الفلتان وتتفاقم، وأنّ الأجهزة الأمنية التابعة لمحمود عباس، ليست معنية بالتصدي للتوغلات اليومية التي ترتكبها قوات الاحتلال، بل هي منهمكة في التنسيق الأمني المُعلَن مع السلطات الصهيونية، وأنّ دورها ليس في احتواء ظاهرة الفلتان والفوضى المسلّحة ضد المواطنين بل بإذكائها والضلوع المباشر وغير المباشر فيها. وتبقى المهمة الملموسة لتلك الأجهزة، هي ملاحقة المقاومين ومحاولة استئصال “حماس” وتضييق الخناق على المؤسسات الأهلية الفلسطينية. إنها الجهود التي جعلت تلك الأجهزة تحظى بشهادات إشادة و”حسن سلوك” متتابعة على ألسنة مسؤولي حكومة الاحتلال مؤخراً.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات