الثلاثاء 13/مايو/2025

معاناة تتفاقم في العريش: عالقون في رمضان على أعتاب الوطن

معاناة تتفاقم في العريش: عالقون في رمضان على أعتاب الوطن

علقوا في مكان بين السماء والأرض، لا هم موتى ولا هم أحياء. هم عالقون بعيداً عن تراب الوطن، وكان عليهم أن يسكنوا الشوارع وأن يذوبوا بين الأحياء، أو أن يبقوا في حجز صغير مهما كبر يضيق بهم.

مائة يوم من العذاب وربما أكثر؛ قضاها آلاف العالقين الفلسطينيين على أرض مصر، وعيونهم معلّقة ببوابة معبر رفح الحديدية ،المغلقة بقفل كبير مفتاحه بيد رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس وسلطات الاحتلال، لتزداد معاناتهم باستقبالهم شهر رمضان المبارك بعيداً عن بيوتهم وأطفالهم.

فقدت طفلها

أشهر متواصلة قضتها الفلسطينية “أم عبيدة” بعيدة عن طفلتها التي تركتها في غزة، فقد خرجت مع زوجها لبلد عربي لحضور مؤتمر ومن ثم بعد حيل بينها ودخول القطاع. قلبها المعلق بطفلتها الوحيدة جعل دموعها تنهمر بمجرد الحديث وهي تقول “لا نستطيع العودة عبر معبر العوجا (الذي تسيطر عليه سلطات الاحتلال)، ولا أستطيع أن أتحمّل شوقي لابنتي في غزة”.

ليست “أم عبيدة” الأم الوحيدة هنا التي اضطرت لترك أطفالها في غزة، فقد خرجت ولم تكن تعرف أنّ فترة غيابها التي كان من المقرر أن تكون وجيزة قد تحوّلت إلى أشهر، وهي تشير إلى أنّ آلامها تتضاعف بينما هي وزوجها في شهر رمضان بعيدين عن ابنهما وأهلهم في غزة.

فقدت حملها

أما رانية الزعيم، فلها حكاية أخرى سطّرتها في مدينة العريش. فطفلها الذي حملته تسعة أشهر في بطنها لم يُكتَب له أن يرى النور بعد أن فقدته بسبب توترها والحالة الصحية التي مرّت بها بعد أكثر من شهرين قضتهما بالقرب من الحدود مع قطاع غزة. كيلو مترات قليلة فصلتها عن بيتها وحياتها، ولكن اجتيازها كان صعب المنال.

رانية وزوجها وأطفالها الأربعة قرّروا العودة إلى قطاع غزة بعد أن ألغت دولة الإمارات عقد عمل زوجها، فكان لا بد من أن يعودوا للقطاع، ولكنّ بوابات المعبر المغلقة وقفت أمامهم، فما كان منهم إلاّ الانتظار في مدينة العريش. كان على الأطفال الأربعة أن يبتعدوا عن تعليمهم ومدارسهم بانتظار العودة إلى قطاع غزة.

مطار العريش

في مكان ليس ببعيد عن مدينة العريش، يكون الانتظار لأكثر من مائة كافياً لأن يرسم ملامح مأساة حقيقة، خاصة بعد دخول شهر رمضان على العالقين هنا وهم بعيدون عن أطفالهم وزوجاتهم.

فتحي نوفل، أحد المحتجزين في مطار العريش، أكد أنّه يقبع في المطار ما يقارب 43 شاباً فلسطينياً ممنوعين من التحرك داخل الأراضي المصرية، مشيراً إلى أنّ الحالة الصحية لهؤلاء العالقين متدهورة، خاصة وأنّ المكان غير مهيّأ للسكن، فهو منطقة خالية.

وأضاف نوفل “النظافة ليست بشكل كافي، والمكان مليء بالحشرات والجراثيم، هناك أكثر من طبيب هم من المحتجزين معنا، ولكنّ العيادة أو مكان الحجر الصحي في المطار غير مجهّز بشكل جيد”.

وحول قضائهم لأيام رمضان المباركة ولياليه وهم محتجزون في مطار العريش؛ أشار نوفل إلى أنّ الشبان المحتجزين يحاولون ملء وقتهم بعد الإفطار الجماعي بقراءة القرآن والتسامر، قائلاً “كل هذا لن ينسينا عذاب أكثر من مائة يوم قضيناها هنا في المطار، ورغم حسن معاملة المصريين؛ فإنّ شعورنا هو أننا في سجن لا يفارقنا”، كما ذكر.

وطالب فتحي نوفل ومن حوله من الشبان الذين تمنعهم السلطات المصرية من التحرّك في أراضيها واحتجزتهم في مطار العريش لحين فتح معبر رفح، منذ ما يقارب الأربعة أشهر؛ “كافة المسؤولين بأن يبحثوا عن حل لمشكلتهم ومأساتهم، وأن يرأفوا بحالهم، خاصة مع دخول شهر رمضان عليهم”.

أوضاع صعبة

في السياق ذاته، أكد النائب مشير المصري، عضو المجلس التشريعي الفلسطيني وأحد العالقين على معبر رفح، أنّ أوضاع الفلسطينيين العالقين في مصر يزداد سوءً، في كل يوم يمر عليهم وهم محتجزون بعيداً عن وطنهم، قائلاً “ازدادت معاناة العالقين خاصة وأنهم يدخلون في شهرهم الرابع بعيداً عن ذويهم، وهو ما يتزامن أيضاً مع دخول شهر رمضان وهم محتجزون”.

وأشار النائب المصري إلى أنه من الضروري أن يعمل الجميع على إيجاد حل لقضية العالقين، موضحاً أنّ “معبر العوجا لم يكن حلا موفقاً، خاصة وأنّ ما حذرت منه حركة حماس حدث وتعرّض المسافرون عن طريق العوجا للابتزاز والحجز ومحاولات الإسقاط”.

ولفت النائب الفلسطيني الانتباه إلى أنهم على تواصل دائم مع كافة العالقين، مشيراً إلى “المأساة الكبرى” للمرضى والأطفال الذين تأخروا عن مدارسهم والعالقين المحتجزين منذ أكثر من أربعة أشهر في مطار العريش.

يُذكر أن فريق سلام فياض المدعوم من رئيس السلطة محمود عباس، تدخل لاستبدال معبر رفح بطريق معبر العوجا ومن ثم معبر “إيرز”، اللذين تسيطر عليهما سلطات الاحتلال الصهيوني، ما جعل آلاف العالقين يرفضون تعريض أنفسهم للخطر من خلال العودة عن طريق تلك المعابر البديلة عن معبر رفح.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات