رمضان في جنين .. موسم موعود ومشاعر فياضة وذكريات تتداعى

يعيش المواطنون الفلسطينيون في مدينة جنين، أجواء الفرح والسرور والغبطة في شهر رمضان المبارك، هذا الموسم الفضيل الذي يحمل في طياته معاني التقرب الى البارئ عز وجلّ، والقيم السمحة، والصبر والطاعة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. ويقبل المواطنون في جنين هذه الأيام على الإكثار من العبادات والطاعات، أسوة بالمسلمين حول العالم.
وعلاوة على اكتظاظ المساجد بالمصلين في ليالي هذا الشهر؛ فإنّ الحياة اليومية في جنين تكتسب انتعاشاً مميّزاً في الموسم الرمضاني، حيث تزدهر الحياة الاقتصادية بالشكل الذي تزداد أهميته في ظل الظروف المعيشية الصعبة التي يعاني منها المواطنون جراء سياسات الحصار والتجويع. فلطالما انتظر التاجر والمزارع والعامل الجنيني قدوم شهر رمضان، كي ينتعش الدخل الشهري له، ويتحسن بذلك المردود الاقتصادي لعائلته ولأسرته وللمجتمع المحلي بشكل عام.
وتشهد أيام شهر رمضان المبارك إقبالاًَ منقطع النظير من قبل المواطنين في المدينة على شراء احتياجات متعددة من خضار وفواكه ولحوم ودواجن وحلويات، تكوِّن أطباقاً شهية تشكل الوجبة اليومية للمائدة الرمضانية البيتية للمواطن الفلسطيني.
ولكنّ الأمر لا يمضي بلا متاعب، إذ ترتفع أسعار بعض المنتجات والمواد الغذائية في مثل هذه الأوقات عن غيرها من أيام السنة، ومع ذلك؛ يزداد إقبال المواطنين على الشراء والتبضع بشكل يلفت الأنظار، وتعجّ السوق المحلية في جنين بالحركة، بينما تزدحم شوارع المدينة بالسيارات والمركبات في مشهد يفيض بالحياة.
“القطايف” .. علامة مميزة لرمضان
المواطن أنور سعيد أبو بكر، البالغ من العمر 47 عاماً ومن سكان مدينة جنين، امتهن حرفة بيع حلوى “القطايف” منذ ما يقارب العشرة أعوام، وهو يؤكد مدى سعادته وسروره لقدوم شهر رمضان والذي لطالما يتنظره في كل عام، حيث تزداد تجارته من هذه الحلوى الرمضانية في مثل هذه الأيام عن غيرها من أيام السنة. ومع رمضان المبارك يزداد الدخل الشهري لأسرته المكوّنة من خمسة أفراد جراء مبيعات “القطايف”.
ويكشف أبو بكر عن شعور غريب ينتابه حين قدوم شهر رمضان الفضيل، وهو يرى بأم عينيه طوابير المواطنين وهي تصطف على فرن “القطايف”، ليكون بذلك قد أعطى لنفسه العلامة التجارية والشهرة المحلية لمنتوجه.
ويؤكد أبو بكر أنّ شهر رمضان المبارك، بكل ما يحمله من روح الإيمان والتسامح؛ يجعل هذا الموسم ذا نكهة فريدة في فلسطين، فرمضان هو علامة مميّزة لمنظومة من العادات والتقاليد والدفء الاجتماعي بين الفلسطينيين.
ويشرح أبو بكر البرنامج اليومي الذي تعيشه أسرته خلال شهر رمضان، مشيراً إلى أنه وفي كل يوم أثناء عودته إلى المنزل بعد نهار مُضنٍ وشاق من بيع “القطايف”، يقوم بقراءة ما يتيسّر من القرآن الكريم إلى حين اقتراب موعد آذان المغرب، لتلتئم أسرته حول مائدة الطعام. ومن أن ينتهي وقت الإفطار حتى يحين موعد الزيارات اليومية وصلة الأرحام والأقارب.
ننتظر قدوم رمضان لحظة بلحظة
بدوره، تبدو ملامح الفرحة والسرور الكبيرين على وجه الحاج أبو يونس، البالغ من العمر 74 عاماً من مخيم جنين، حيث لا يعبِّر عن سروره الغامر بشهر رمضان المبارك. ويعود الحاج الفلسطيني بذاكرته عشرات السنين إلى الوراء، بكل ما تحمله تلك العقود من تجارب سعيدة ومحزنة، وسارة ومؤلمة، اجتازتها أسرته التي تنتظر هذا الشهر يوماً بيوم وساعة بساعة، كما يؤكد.
ويتابع الحاج أبو يونس وهو يمسك بقبضة يده عصاه التي يتكئ عليها لتسانده في المسير، كيف أنه خلال شهور رمضان الماضية لم يكن بحاجة إلى هذه العصا، بينما هو الآن عاجز تماماً عن أن يلبي حتى أبسط ما تتطلبه مقومات الحياة الأساسية من مأكل ومشرب وملبس واستطباب؛ إلاّ بمساعدة أحد أبنائه التسعة، بالإضافة الى اعتماده على العصا التي أصبحت عنصراً إضافياً إلى مشهده العام.
رمضان .. بين الأمس واليوم
ويلفت الحاج أبو يونس الانتباه الى أنّ ما يحمله رمضان في هذه الأيام من عادات وتقاليد وروتين يومي؛ هو مخالف تماماً لما كان سائداً في أيام شبابه وقوته وصلابة جسده، معتبراً أنّ الأيام الرمضانية الخالية كانت أفضل بكثير مما هو عليه الآن، حيث كان الصغير قبل الكبير فرحاً ومبتهجاً وصبوراً لحلول شهر الصيام، وكأنه ينتظر الفرج في هذا الشهر. وكانت صلة الأرحام أقوى بكثير مما هو عليه الآن، وفق تأكيده، حيث أصبحنا نرى ندرة في تزاور الأقارب وصلة الأرحام أو حتى السهرات الليلية الرمضانية بين الأصدقاء والشباب والفتية، ما يجعل لأشهر رمضان السالفة رونقاً ندر وجوده في هذه الأيام، حسب شكواه.
استذكار “المسحراتي”
واستذكر الحاج أبو يونس ذلك “المسحراتي” الذي كان يوقظ أهل مخيم جنين خلال فترات شبابه، ليعينهم على تناول وجبة السحور والفرحة مرتسمة على شفاههم إيذاناً بنهار ينقطع فيه الجميع عن الطعام والشراب.
وإذا غاب “المسحرّاتي” تقريباً عن جنين ومخيمها في هذه الأيام، فإنّ زائراً آخر يأتي في مثل هذه الأوقات من رمضان، مدججاً بسلاحه، فيقتحم البيوت ويعتقل المواطنين، هو جيش الاحتلال الصهيوني الذي لا يراعي حرمة هذا الشهر.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

24 شهيدًا وعشرات الجرحى والمفقودين بقصف محيط المستشفى الأوروبي بخانيونس
غزة- المركز الفلسطيني للإعلام اسشتهد 24 فلسطينياً وأصيب عدد كبير بجراح مختلفة فيما فُقد عدد من المواطنين تحت الركام، إثر استهداف إسرائيلي بأحزمة...

المبادر المتخابر في قبضة أمن المقاومة والحارس تكشف تفاصيل
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام كشفت مصادر أمنية اعترافات عميل تخابر مع الاحتلال الإسرائيلي تحت غطاء "مبادر مجتمعي"، لجمع معلومات حول المقاومة...

حماس: قرار الاحتلال بشأن أراضي الضفة خطوة خطيرة ضمن مشروع التهجير
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام اعتبرت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، إنّ قرار الاحتلال الإسرائيلي إعادة تفعيل ما يُسمّى “عملية تسجيل ملكية الأراضي...

علماء فلسطين: محاولة ذبح قربان في الأقصى انتهاك خطير لقدسية المسجد
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام اعتبرت "هيئة علماء فلسطين"، محاولة مستوطنين إسرائيليين، أمس الاثنين، "ذبح قربان" في المسجد الأقصى بمدينة القدس...

حماس: إعدام السلطة لمسن فلسطيني انحدار خطير وتماه مع الاحتلال
جنين – المركز الفلسطيني للإعلام أدانت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، الجريمة التي ارتكبتها أجهزة أمن السلطة في مدينة جنين، والتي أسفرت عن استشهاد...

تعزيزًا للاستيطان.. قانون إسرائيلي يتيح شراء أراضٍ بالضفة
القدس المحتلة - المركز الفلسطيني للإعلام تناقش سلطات الاحتلال الإسرائيلي في "الكنيست"، اليوم الثلاثاء، مشروع قانون يهدف إلى السماح للمستوطنين بشراء...

أطباء بلا حدود: إسرائيل تحول غزة مقبرة للفلسطينيين ومن يحاول مساعدتهم
المركز الفلسطيني للإعلام حذّرت منظمة أطباء بلا حدود من تحوّل قطاع غزة إلى مقبرة جماعية للفلسطينيين ولمن يحاول تقديم المساعدة لهم. وقالت المنظمة في...