الثلاثاء 13/مايو/2025

وقائع التهويد تتسارع في الضفة رغم حمى اللقاءات بين عباس وأولمرت

وقائع التهويد تتسارع في الضفة رغم حمى اللقاءات بين عباس وأولمرت

لقاء جديد بين رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ورئيس حكومة الاحتلال إيهود أولمرت، وأحاديث متجددة عن تسويات قادمة وطلبات من عباس بالحصول على تسهيلات. إلاّ أنّ الواقع القائم على الأرض في أرجاء الضفة الغربية يتحدث بلغة أخرى لا تنسجم مع أجواء المصافحات أو روح التسوية، بل عن استمرار خريف الغضب الصهيوني على الشعب الفلسطيني، رغم إشادته بـ “المعتدلين” منهم، كعباس وفريقه.

فمن يعبر طرقات الضفة الغربية وشوارعها ينتابه شعور غريب ينتزعه من هذا المكان، فيكاد يشعر المار على طريق نابلس – قلقيلية (شمالي الضفة) بالتيه أو أنه وراء الخط الأخضر. إنه الانطباع الذي يتولد من غلبة المشاهد اليهودية على جنبات الطريق، وكثرة المغتصبات المقامة في كل جانب، والمظهر العام للشوارع والمفارق، والأعلام واليافطات العبرية.

إنّ التوقف الاضطراري عند بعض الحواجز التي ينشرها الاحتلال في أرجاء الضفة، يكشف للمرء أنّ الأمر يتعلق بمعبر حدودي، يتم نصبه وغيره للفصل بين مدن الضفة، فيما الكتل الإسمنتية تحدِّد آليات المرور الخاصة بالمواطنين الفلسطينيين. وعلى الجانب الآخر يجتاز المغتصبون الصهاينة هذه الحواجز بكل أريحية.

وقد كان السائق على الخط العمومي نابلس- قلقيلية صريحاً للركاب بأنّ حملة هوية طولكرم لن يتمكنوا من المرور عبر حاجز جيت، ما اضطر بعضهم لإقناع سائق آخر بسلوك طريق فرعي لتجاوز ذلك بما يزيد مسافة الطريق للضعف. ولا يشمل هذا الحال طريق طولكرم – قلقيلية وحده، بل يتعداه إلى كافة الحواجز المنصوبة على طرقات الضفة، بما يُعرف بظاهرة الهويات الممنوعة.

ويقول وضاع أبو شعر، وهو من مواطني جينصافوط، أنّ بلدته تقع في مستنقع من المغتصبات بحيث أضحى عدد المغتصبين يفوق عدد سكان البلدات المحيطة، فيما تزداد إقامة المدارس والكليات الدينية اليهودية والمصانع الصهيونية في المنطقة. ويضيف أبو شعر أنّ التهويد للشارع الرئيس لم يبدأ حديثاً، بل منذ الاحتلال الصهيوني للضفة والشروع بإقامة مغتصبات على جوانب الطرق، وبخاصة مغتصبات “قرنيه شمرون” و”قدوميم” و”معاليه شمرون”.

ويشير أحد الشبان من بلدة عزون، التي تقع في منتصف الطريق بين مدينتي طولكرم وقلقيلية؛ أنّ سلطات الاحتلال دأبت مؤخرا على إغلاق مدخل البلدة الرئيس المؤدي للشارع، بحجة رشق سيارات المغتصبين بالحجارة وإجبار الأهالي على التوجه لطرق مرتبطة بالبلدات المجاورة. ويشير الشاب إلى أنّ جيش الاحتلال نصب برجاً على جانب الطريق لتوفير الحماية لمركبات المغتصبين، لافتاً الانتباه إلى أنّ أعداد المركبات التي تحمل لوحة تسجيل صفراء (صهيونية) يفوق أعداد المركبات الفلسطينية، ما يعطي انطباعاً بحجم التواجد اليهودي الكبير في المنطقة، وفق انطباعه.

ويُعدّ مشهد منزل المغتصب المعروف “زوهر”، والذي احتل جبلاً فلسطينياً بكامله وأقام بيتاً محصّناً على التلة، علامة على مدى تفنّن آلة الابتلاع الصهيونية في الاستيلاء على مزيد من الأراضي بكل الطرق والسبل. ويبدو هذا البيت أو القصر، محروساً بشكل مشدد، وتنتصب لافتات قرب الشارع تحذر من الاقتراب من محيط المنزل لوجود ألغام.

أما أعمدة الإنارة المقامة على جوانب الطريق الرئيس، فتحوّلت إلى مساحة لإظهار سيطرة المغتصبين على المنطقة من خلال نشر المئات من أعلامهم ويافطاتهم، فيما صور زعماء غلاة المغتضبين تنتصب على جنبات مفارق الطرق.

ولا يتوقف المغتصبون عن استفزاز المارة الفلسطينيين، من خلال إخراج السلاح من نوافذ مركباتهم، إلى جانب رفع أعلام أحزاب المغتصبين المتطرفين على سارية المركبات، وأحياناً بتوجيه إهانات عنصرية وإلقاء السباب على العرب جميعاً.

وقبل الوصول إلى مناطق الضفة المتاخمة للخط الأخضر؛ يتحوّل حاجز جلجولية إلى ما يشبه المعبر الحدودي، فيما تشتد إجراءات المرور وتنتشر أجهزة الفحص الإلكترونية، في مشهد لا يختلف كثيراً عن معابر بيت حانون (إيرز) شمالي قطاع غزة، أو معبر قلنديا بالضفة.

يجري كل هذا التهويد المتسارع على الأرض، رغم الحديث عن دولة فلسطينية، توصف بأنها “قابلة للحياة”، وفي ظل الاستعدادات لمؤتمر الخريف المثير للحدل الذي خرج به الرئيس الأمريكي جورج بوش وسترعاه وزيرة خارجيته غونداليزا رايس. إنها إجراءات وممارسات تشير إلى أنّ الاحتلال يواصل فرض سياسة الأمر الواقع، وأنّ نهب الأراضي الفلسطينية ومواصلة تهويدها يقعان على رأس أولوياته.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات