عندما نحقق لعدونا أهدافه!!

صحيفة الشرق القطرية
مازلت رغم الألم أكن لفتح قدراً من الحب تشكل عبر سنوات طويلة، فليس من السهل أن يتنكر الإنسان لسنوات العمر مهما كانت خيبة الأمل.
ومن منطلق هذا الحب كتبت رسالة منذ شهور على صفحات جريدة الشرق لشرفاء فتح أحذرهم فيها من أن تتخلى الحركة عن وظيفتها الأساسية كحركة تحرر وطني، وأن تنسى الهدف الأساسي وهو تحرير فلسطين.
لكن مضت الأيام والحال يسوء فلقد ركزت فتح خطابها على الهجوم على حماس والعمل على نفيها من الساحة الفلسطينية باستخدام الوسائل والخدع القانونية التي تستخدمها النظم العربية الديكتاتورية.
ولقد زاد الشعور بالمرارة والألم بسب إصرار فتح على التمسك بموقفها المستكبر الرافض للحوار مع حماس أو التوصل إلى تفاهم يحفظ للشعب الفلسطيني وحدته في مواجهة الاحتلال، ويحفظ لفتح صورتها كحركة تحرر وطني.
سلطة ديكتاتورية
إن فتح وهي تركز لحل جهودها على الحرب ضد حماس، وتركز خطابها على الهجوم عليها قد فقدت وظيفتها الأساسية كحركة تحرر وطني تكافح لتحرير فلسطين من الاحتلال، وتحولت إلى حزب يهتم فقط بالمحافظة على الحكم للحصول على المغانم التي يمكن أن يجنيها أصحاب النفوذ والسلطة في هذا الحزب.
لقد أصبح يسيطر على فتح مجموعة من الأغنياء أصحاب المصالح، الذين يتمتعون بالنفوذ والثروة، وكل ما يهمهم هو الحفاظ على الوضع الراهن أو ما يطلق عليه البعض الاستقرار على حساب حرية الوطن وحق الشعب في الحرية والخبز.
وفتح أصبحت تستخدم المصطلحات التي تستخدمها الأحزاب الحاكمة في الوطن العربي، وهي تعتقد خطأ أن الشرعية تتمثل في الخضوع للقوانين مهما كانت جائرة.. ولذلك فإنها تصدر قوانين لا تحقق مصالح الشعب، ولكنها تهدف لحماية السلطة.
والشرعية القانونية أصبحت متناقضة مع الشرعية الشعبية التي تتمثل في رضاء الشعب وموافقته على الأهداف العامة لنظام الحكم. والشعب في فلسطين ككل الشعوب العربية أصبح يرى أن القوانين التي تصدرها السلطة مجرد وسيلة لقهره، وليست لتحقيق مصالحه.
كما فعل السادات
والسلطة الفلسطينية أصدرت قانون انتخاب جديد يحرم من لا يوافق على الاتفاقيات التي عقدتها مع “إسرائيل” من حق الترشيح، وهو قانون يشبه ما فعله السادات عندما حاول أن يحرم بالقانون كل من لا يوافق على اتفاقيات كامب ديفيد من حقوقه السياسية.
وواقعياً فإن القانون الانتخابي الذي أصدرته السلطة الفلسطينية يحرم من لا يعترف ب”إسرائيل” من حق الترشيح، وبالتالي من المشاركة السياسية، ويحاول أن ينفي سياسياً من يرفض الاعتراف ب”إسرائيل”. ولذلك فإن السلطة الفلسطينية قد حققت ل”إسرائيل” بقانونها هدفاً لم تكن “إسرائيل” تحلم يوما تحققه.
الغريب في الأمر أن المثقفين العرب قد صمتوا عن نقد هذا القانون، أو توضيح خطورة ذلك الاتجاه ربما لأن السلطة الفلسطينية قد فعلت ما تحاول النظم العربية أن تفعله بحرمان الاتجاه الإسلامي من الترشيح مهما كانت قوته الشعبية، أو ربما بسبب هذه القوة.
المثقفون العلمانيون يؤيدون اتجاه السلطات العربية لحرمان الإسلاميين من الترشيح باستخدام القوانين، ولذلك صمتوا عن نقد قانون السلطة الفلسطينية بالرغم من خطورته الشديدة على قضية فلسطين، وأنه يفرض الاعتراف ب”إسرائيل” على الشعب الفلسطيني.
سؤال مشروع
لقد توقعت أن يقاوم شرفاء فتح خاصة في السجون الإسرائيلية هذا الاتجاه، فهل يعقل أن يرضى أولئك الشرفاء عن تحويل مسار فتح من حركة تحرر وطني إلى مجرد سلطة تحاول أن تنفي شركاء الوطن والكفاح وتحرمهم من حقوقهم السياسية وتحقق للعدو أهدافه بفرض الاعتراف ب”إسرائيل” على شعب فلسطين.
هل يمكن أن تتنكر فتح لكل الثوابت الوطنية من أجل مصالح مجموعة من المليونيرات بينما شعب فلسطين يتضور جوعاً؟!
هل يمكن أن يرتضي الفتحاويون أن تتحول حركتهم من حركة تحرر وطني تكافح لتحرير الوطن إلى مجرد وسيلة لتحقيق مصالح مجموعة الأثرياء الذين يمتلكون الأبراج السكنية في الكثير من الدول، والحسابات البنكية في أوروبا وأمريكا، والذين يريدون فقط أن يبقى الحال على ما هو عليه، فلا يريدون حرية ولا تحريراً؟!
هل يمكن أن يرتضي الفتحاويون أن تتحول حركتهم إلى سلطة يكرهها الشعب مثل الكثير من السلطات العربية؟!
هل يمكن أن يقبل الفتحاويون أن يحققوا للعدو أهدافه مجاناً، وأن تفرض سلطتهم على شعب فلسطين الاعتراف ب”إسرائيل” والتخلي عن حق العودة والقبول بسيطرة “إسرائيل” على القدس؟!
إن على الفتحاويين أن يجيبوا بصراحة عن تلك الأسئلة وأن يعيدوا تقييم مسيرتهم وأن يعقدوا مؤتمراً عاماً لإصلاح حركتهم وعزل القادة الذين حولوا مسار الحركة وحققوا أهداف “إسرائيل”.
شركاء في الكفاح
مهما كانت حدة الخلافات واختلاف الرؤى وتباين السياسات فإن حركة حماس هي حركة تحرر وطني، وهي الوريث الشرعي لكل تاريخ الكفاح لتحرير فلسطين. والأمة الإسلامية كلها تعتز وتفخر بكفاح حركة حماس وبطولتها وتضحياتها وثباتها وإصرارها على تحقيق الهدف الأسمى للأمة وهو تحرير فلسطين.
وشعب فلسطين يدرك تماماً أن السلام مع “إسرائيل” مستحيل، وأن حقوق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته وعاصمتها القدس الشريف لن تتحقق عبر المفاوضات وأن السلطة الفلسطينية لن تحقق شيئاً، ف”إسرائيل” ترفض دائماً الاقتراب من قضية القدس والمستوطنات والسيادة الفلسطينية وحق العودة في أية مفاوضات.
لذلك أصبحت تلك المفاوضات مجرد عبث يهدف لإضاعة الوقت، والسلطة الفلسطينية تدرك ذلك لكنها تريد أيضاً إضاعة الوقت.
وشعب فلسطين يدرك أن “إسرائيل” لا تحترم الاتفاقيات، وأنها يمكن أن تمارس أسلوبها التاريخي في الغدر وتجتاح الأراضي الفلسطينية خاصة غزة في أي وقت، وأن أبطال حماس هم الذين يمكن أن يواجهوا العدوان ببطولة وفدائية وتضحية.
من يحمي غزة؟!
شعب فلسطين يدرك تماماً أن حماس تحمي غزة من “إسرائيل”، وأن الجيش الإسرائيلي لا يستطيع اجتياح غزة خوفاً من حماس، ولذلك يُعد الجيش الإسرائيلي الخطط لاجتياح غزة، ويهدد ويتوعد ويحشد قوته لكنه لا يستطيع أن يقْدم على هذا الاجتياح حتى لا يعطي لحماس الفرصة لتحقيق انتصار تاريخي.
ولذلك فإن قوة حماس هي قوة لكل شعب فلسطين، ولذلك فإن من يحاول أن يقلل قوة حماس أو يضعفها يعمل لصالح “إسرائيل”، ويوجه ضربة لشعب فلسطين وللأمة الإسلامية كلها.
ولذلك يتحمل الشعب الفلسطيني الجوع في غزة، ويصبر على مرارة الحرمان والفقر لأنه يعرف أن أبطال حماس هم الذين يحمون أمنه وحريته، ويدافعون عن حقه في تحرير أرضه.
يجب أن تدرك فتح أن شعب فلسطين لن يسمح لأحد أن يضعف حماس التي تزداد قوة بإصرار شعب فلسطين على الثبات والمقاومة وتحرير الأرض.
لقد سيطرت حماس على غزة لأن شعب فلسطين هو الذي وفر لها الظروف لهذه السيطرة والناس هم الذين ساعدوا أبطال حماس على الوصول للمقرات والسيطرة عليها، ولقد كان ذلك استفتاء جديداً على شرعية حماس وحب الناس لها.
الحقيقة التي يجب أن تدركها فتح هي أن الناس في غزة هم الذين طردوا عناصر دحلان الذين كانوا يقتلون الناس على الهوية، وبدون سبب، فهم كانوا مجرد بلطجية لا يخضعون لقانون ولا يتمتعون بشرعية، ولذلك تخلص منهم شعب فلسطين، وأفشل خطة دايتون القديمة، كما أنه سيفشل خطته الجديدة.
المشاركة في تجويع الشعب
هل يرتضى الفتحاويون أن تقوم سلطتهم بالمشاركة في تجويع شعب فلسطين وفرض الحرمان عليه من خلال إغلاق المؤسسات الخيرية التي كانت تقوم بتحقيق العدالة الاجتماعية، ومساعدة الفقراء على الحياة، وتوفير الفرص للتعليم، بالإضافة إلى الدعوة الإسلامية.
والسلطة الفلسطينية بقيامها بإغلاق تلك المؤسسات تحارب شعب فلسطين كله، وتزيد كراهيته لها.
والسلطة الفلسطينية تحرم المنتمين لحماس من الرواتب، وقامت بفصل الكثير منهم، وهذا ما لم تفعله حماس التي تعاملت مع الفتحاويين كشركاء في الوطن.
وآخر الأساليب التي استخدمتها فتح هي الصلاة في الساحات، وفتح كما يعرف الجميع حركة علمانية، فإذا كانت قد قررت أن تصلى أخيراً فإن الخلافات مع حماس يمكن أن تنتهي، حيث يمكن أن تتحول فتح إلى حركة إسلامية تتعاون مع حماس لتحقيق هدف الأمة في تحرير فلسطين، وبالتالي تنتهي المشكلة.
يجب أن تفهم حماس أنها تخسر كثيراً إذا استمرت في حربها ضد فتح، وتخلت عن دورها كحركة تحرر وطني.
رمضان قادم وفيه تصفو النفوس وتسمو الأرواح، ويمكن أن تجرب فتح أن تصلي مع حماس في المساجد أو الساحات، ولكن بنية مخلصة لله سبحانه وتعالى، ويومها يمكن أن تعود فتح إلى الأمة.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

1500 مواطن فقدوا بصرهم جراء الإبادة في غزة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام كشفت وزارة الصحة الفلسطينية أن نحو 1500 مواطن فقدوا البصر جراء حرب الإبادة، و 4000 آخرون مهددون بفقدانه؛ مع نقص...

الاحتلال يشن حملة دهم واعتقالات في الضفة الغربية
الضفة الغربية- المركز الفلسطيني للإعلام شنت قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم السبت، حملة دهم واعتقالات في عدة مناطق في الضفة الغربية المحتلة، تخللها...

مسؤولون بالبرلمان الأوروبي يطالبون إسرائيل بإنهاء حصار غزة فورا
المركز الفلسطيني للإعلام طالب قادة العديد من الجماعات السياسية في البرلمان الأوروبي اليوم السبت، إسرائيل بالاستئناف الفوري لإدخال المساعدات...

جراء التجويع والحصار .. موت صامت يأكل كبار السن في غزة
المركز الفلسطيني للإعلام قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إنّه إلى جانب أعداد الشهداء التي لا تتوقف جرّاء القصف الإسرائيلي المتواصل، فإنّ موتًا...

إصابات واعتقالات بمواجهات مع الاحتلال في رام الله
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام أُصيب عدد من الشبان واعتُقل آخرون خلال مواجهات اندلعت مع قوات الاحتلال الإسرائيلي في عدة بلدات بمحافظة رام الله...

القسام ينشر مقطع فيديو لأسيرين إسرائيليين أحدهما حاول الانتحار
المركز الفلسطيني للإعلام نشرت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، السبت، مقطع فيديو لأسيرين إسرائيليين ظهر أحدهما بحالة صعبة وممددا على الفراش....

جرائم الإبادة تلاحق السياح الإسرائيليين في اليابان
المركز الفلسطيني للإعلام في خطوة احتجاجية غير مسبوقة، فرضت شركة تشغيل فنادق في مدينة كيوتو اليابانية على الزبائن الإسرائيليين توقيع تعهد بعدم التورط...