للحكومة والمنظمات الحقوقية:الدماء لا تنام..والعدل أساس الملك

هاتان الحكمتان الشعبيتان العميقتان في المعنى، الواضحتان في الدلالة، الصريحتان في الإشارة، يكثر الناس من تكرارهما كلما مر بهم من أحداث تخالف ما تشيران إليه من حكمة.
وفي غزة التي يحاول الفريق المتصهين إغراقها مرة أخرى في الفوضى والفلتان الذي لا يرشح إلا من دماء الأبرياء، نرى أن لهاتين الحكمتين مجال واسع لجهة الاستعانة بهما للحاكم والمحكوم على حد سواء.
المحاولات المحمومة من المنطقة الصفراء في رام الله لجر حكومة هنية ويدها الضاربة -القوة التنفيذية – إلى فخ مواجهة الجماهير الذي لا يستطيع أحد أن يصمد فيه إلا ويخسر من شعبيته ومن نقائه وعدله ونزاهته فضلا عن عدالة هدفه وقضيته، لا شك أنها جرت على حكومة هنية عدداً من الأخطاء القاتلة، أخطاء غير مقبولة شعبيا لكنها مبررة مهنيا نظرا لأن الحكومة وقوتها الضاربة لم يمض على حكمها المطلق لغزة إلا بضعة أشهر، ولم يتمرس كوادرها التنفيذيين في سبل مواجهة الأزمات وحلها بأقل الخسائر، علما أن عدد أفراد القوة التنفيذية محدود قياسا بعدد عناصر الأجهزة الأمنية التي عربدت في غزة سابقا.
لذلك وجدنا أن البعض – خصوصا منظمات حقوق الإنسان – يوجه اللوم المستمر للحكومة لاستخدامها القوة المفرطة في مواجهة المتظاهرين سواء في مسيرة فتح في غزة أو مسيرة حركة حماس في رفح والقسوة البالغة التي أبداها أفراد القوة التنفيذية ، علما أن المنظمات الحقوقية في قطاع غزة على الأقل رفضت وما زالت القيام بتنظيم دورات تدريبية تأهيلية حقوقية وقانونية لقادة وكوادر وعناصر القوة التنفيذية خشية اتهامها بتأهيل قوات غير مرضي عنها من الدول التي تدعم هذه المنظمات الحقوقية.
ونحن كمثقفين وإعلاميين إذ ننضم لهذه المنظمات الحقوقية في إدانة كل الأخطاء والانتهاكات التي تقع من أي كان ضد أي كان في ساحتنا الفلسطينية لنوجه اللوم والإدانة ذاتها لهذه المنظمات الحقوقية لامتناعها عن القيام بواجبها الوطني تجاه تأهيل هذه القوات قانونيا وحقوقيا، مستهجنين وفاءها لأجندات الممولين الدوليين، أكثر من وفائها لقضايانا الوطنية الملحة.
وعليه فإننا نتوجه بالسؤال التالي لهذه المنظمات:
أين كنتم وأين كان صوتكم عندما كان الناس يقتلون على اللحى في الشوارع؟
وأين كنتم وأين كان صوتكم عندما كان يعتدا على الحريات الشخصية وينزع الحجاب عن وجوه المنقبات.؟
وأين كنتم وأين كان صوتكم عندما كان القتلة يقتحمون البيوت الآمنة ويقتلون الأئمة ويغتالون الشرفاء ويحرقون البيوت والمؤسسات.؟
وأين صوتكم الآن من الجرائم والانتهاكات المستمرة في مدن الضفة الغربية، قياسا بصوتكم المدوي في غزة.؟
وعندما قامت حماس بما قامت في غزة، وفر عناصر الفوضى، وعملت رام الله على شل جهاز الشرطة، فهل كان على حماس وعلى حكومة هنية أن تترك غزة نهبا للفوضى والفلتان.؟
ولو فعلت حماس وحكومة هنية ذلك هل كانت ستسلم من بياناتكم وإدانتكم واستنكاراتكم.؟
وبعد أن أخذت حكومة هنية زمام المبادرة وأخذت على عاتقها تنظيم البلد وفرض الأمن والنظام في ظل امتناع رجال الأمن السابقين المؤهلين عن القيام بواجبهم الوطني تنفيذا لأوامر رام الله، وطلبت الحكومة من المنظمات الحقوقية مساعدتها في تأهيل هذه القوات إلا أنكم تمتنعون حتى الآن، فمن الذي يستحق اللوم والإدانة، الذي يحاول ويعمل – فمن يعمل يخطئ، ومن لا يعمل لا يخطئ – على فرض النظام والقانون أم الذي يعرف النظام والقانون ويرفض تعليمه للآخرين.؟ الذي يؤدي رسالته وواجبه الوطني ويخطئ أثناء التنفيذ أم الذي يلتزم بأجندات الممولين على حساب واجبه الوطني ويكتفي باحتلال مواقع المتفرجين المنتقدين؟.
احترام الحق في التجمع السلمي مقيد بضوابط ينظمها القانون، بحيث لا تفضي التجمعات السلمية إلى الإخلال بالأمن والنظام، أو إلى التعرض للممتلكات العامة والخاصة، وقد رأينا كيف اعتدت مسيرات فتح الجمعة الماضية والتي سبقتها على المجلس التشريعي الذي يعتدي عليه الرئيس عباس ليل نهار بمراسيمه وقوانينه اللاقانونية، والذي يختطف الاحتلال نحو 45 من نوابه ويغيبهم خلف قضبان زنازينه، فهل الاعتداء المتكرر من متظاهري فتح على المجلس التشريعي سيحقق لهم أهدافهم الوطنية التي خرجوا لأجلها.؟.
أحداث الشغب التي قد تحدث في التجمعات التي تدعي أنها سلمية لا شك أنها مبرر قانوني لقوات الأمن لاستخدام ما تشاء من وسائل لفرض الأمن والنظام والحفاظ على حياة وممتلكات الآخرين، ويدعم ذلك القانون ومعايير الأمم المتحدة لاستخدام القوة من قبل المكلفين بإنفاذ القانون، بحيث تتناسب القوة المستخدمة مع الحدث.
وعليه فإننا كأمناء على الكلمة وعلى الحقيقة ولكي نكون منصفين وغير منحازين إلا إلى الحق والحقيقة فلابد أن نطالب وزارة الداخلية وقيادة القوة التنفيذية بضرورة تشكيل لجنة تحقيق نزيهة في مقتل الفتى البريء محمد فتحي أحمد قديح 16 عاماً الذي ارتقى حسب المنظمات الحقوقية عند حوالي الساعة 6:45 من مساء يوم السبت الموافق الماضي بينما كان يشارك في التظاهرة الجماهيرية الحاشدة التي دعت إليها حركة حماس أمام معبر رفح احتجاجاً على استمرار إغلاق معبر رفح منذ 10/06/2007، حيث قام عناصر من القوة التنفيذية بإطلاق الرصاص في محاولة لتفريق آلاف المتظاهرين .
شهود عيان وصفوا لي ما حدث حيث قالوا: أن الآلاف من المعتصمين حاولوا الاقتراب من الجدار الحدودي لمعبر رفح، وكانت المسافة التي تفصلهم عنه أكثر من 300 متر، ففوجئ المعتصمين بعناصر من القوة التنفيذية يطلقون الرصاص بكثافة غير مبررة ومستهجنة تحت أقدام المتظاهرين وعلى مقربة منهم، فحدث تدافع كبير بين المتظاهرين الأمر الذي أدى إلى سقوط الفتى المغدور محمد قديح أرضا، وعلى مرأى ومسمع من المتظاهرين قام احد إفراد القوة التنفيذية بإطلاق النار على رأس الفتى قديح ما أدى إلى مقتله على الفور، وعاد القاتل إلى الجيب العسكري بكل برود، هذه رواية فيما أفادت روايات أخرى أن الرصاصة التي أصابت رأس الفتى قديح كانت مرتدة من الأرض وهي تسمى ( سكترما).
عدد كبير من أصدقائي الذي شاركوا في التظاهرة أكدوا أن الرصاص كاد أن يصيبهم أو يقتلهم من كثافته وقربه من أرجلهم.
ولتبيان الرواية الحقيقية لابد من لجنة تحقيق محايدة ونزيهة تشكلها وزارة الداخلية تستمع إلى روايات شهود العيان وهم كثر، وتستطيع وزارة الداخلية أن تتخذ من حادثة مقتل الفتى قديح مثالا وأنموذجا على نزاهتها وحرصها على دماء أبناء شعبنا وعلى إحقاق الحق وإعلانه للناس حتى ولو أدين مطلق النار، وهذا ما سيخرس كل أبواق الفتنة التي تتكئ على مثل هذه الحوادث لتدين وتشوه حكومة هنية وقوتها التنفيذية.
وقوفنا مع مشروع المقاومة والتحرير الذي تقوده حركة حماس وحكومتها في غزة يفرض علينا أن ننصح ونوجه ونشير إلى الخطأ حيثما كان وأيا كان مرتكبه، ذلك لأن الدماء لا تنام ولأن العدالة أساس الملك.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

صاروخ يمني فرط صوتي يستهدف مطار بن غوريون ويوقفه عن العمل
صنعاء – المركز الفلسطيني للإعلام قال المتحدث باسم القوات المسلحة اليمنية، العميد يحيى سريع، إن القوات الصاروخية استهدفت مطار "بن غوريون" في منطقة...

المقاومة تقصف عسقلان وأسدود وغلاف غزة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام تبنت " سرايا القدس" الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، مساء اليوم، قصف اسدود وعسقلان ومستوطنات غلاف غزة برشقات...

لازاريني: استخدام إسرائيل سلاح التجويع جريمة حرب موصوفة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام قال المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، فيليب لازاريني، إن استخدام "إسرائيل"...

24 شهيدًا وعشرات الجرحى والمفقودين بقصف محيط المستشفى الأوروبي بخانيونس
غزة- المركز الفلسطيني للإعلام اسشتهد 24 فلسطينياً وأصيب عدد كبير بجراح مختلفة فيما فُقد عدد من المواطنين تحت الركام، إثر استهداف إسرائيلي بأحزمة...

المبادر المتخابر في قبضة أمن المقاومة والحارس تكشف تفاصيل
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام كشفت مصادر أمنية اعترافات عميل تخابر مع الاحتلال الإسرائيلي تحت غطاء "مبادر مجتمعي"، لجمع معلومات حول المقاومة...

حماس: قرار الاحتلال بشأن أراضي الضفة خطوة خطيرة ضمن مشروع التهجير
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام اعتبرت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، إنّ قرار الاحتلال الإسرائيلي إعادة تفعيل ما يُسمّى “عملية تسجيل ملكية الأراضي...

علماء فلسطين: محاولة ذبح قربان في الأقصى انتهاك خطير لقدسية المسجد
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام اعتبرت "هيئة علماء فلسطين"، محاولة مستوطنين إسرائيليين، أمس الاثنين، "ذبح قربان" في المسجد الأقصى بمدينة القدس...