استحقاق الراتب

الراتب حق يترتب عليه استحقاق، و عادةً ما يكون ذلك الاستحقاق عبارة عن مقابل مادي لخدمات معينة يقدمها صاحب الحق لرب عمله، و الحكومة في أي بلد تمثل رباً من أرباب العمل تسعى لتحصيل الاستحقاق المتمثل في مجموع الخدمات التي يقدمها موظفوها لخدمة مصالح البلد على أن تتعهد بتقديم الحق المكافئ لهذه الخدمات.
وكما عهدنا السلطة الفلسطينية منذ نشأتها عام 1994 وحتى نهاية عهد الحكومة التاسعة فقد حرصت على أن تكون الحاضنة لما يزيد عن 50% من القوى العاملة لأبناء الشعب الفلسطيني في الضفة والقطاع مع حرصها الشديد على توفر الكفاءة في موظفيها والمتمثلة بألا يكونوا من التيارات الإسلامية أو الموالين لها مع أفضلية لمنتسبي حركة فتح والمقربين منها وكل ذلك دون النظر في غالب الأحيان للمؤهلات العلمية أو الخبرات (إلا من رحم ربي).
عندما تولت الحكومة العاشرة مسئولياتها وجدت كاهلها مثقلاً بعدد مهول من الموظفين الحكوميين الذين غلبت عليهم البطالة المقنعة من جانب، وعمل غالبيتهم للتنظيم والمصلحة الشخصية من جانب أخر، عوضاً عن اكتشاف العدد المهول من موظفي الدرجة العليا من المتردية والنطيحة وما أكل السبع الذين تم تعيينهم بمعية الواسطات والرشاوى التي كانت سمة من سمات حكوماتنا السابقة (أقصد من بداية السلطة وحتى الحكومة التاسعة)، ومع كل هذا فقد آثرت الحكومة العاشرة إلا أن تلتزم بتأدية حقوق الموظفين رغم فقدانها للاستحقاق من البعض وتلقيها إياه على شكل إضرابات مسيسة وتعطيل عمل ومناكفات ومؤامرات من بعض آخر، ومع تولي حكومة الوحدة الوطنية زمام الأمور لم يتغير شيء مع إقرار الجميع بعِظم الفساد الإداري الذي عاشته وخلفته السلطة منذ بدايتها وحتى بداية عهد الحكومة العاشرة.
أما نقطة التحول في هذا الموضوع فقد بدأت مع انفراط عقد حكومة الوحدة الوطنية، وتخلي الرئيس وحكومته المزعومة برئاسة رجل الشفافية سلام فياض عن الاستحقاق المترتب على الراتب في جميع المؤسسات الأمنية داخل قطاع غزة وجزء كبير من مؤسسات العمل المدني التابعة للحكومة ولعل في هذا خيرا، فرغم استنكاف ما يزيد عن 80% من موظفي الحكومة عن العمل إلا أن فعالية أداء الحكومة تجاوز حد 60% مما كانت عليه الحكومة في السابق، وفي هذا مؤشر صريح على مدى البطالة المقنعة التي كانت تسود الحكومة وكذلك مدى التضحية والحب والتفاني من أجل البلد داخل نفوس العديد من موظفي الحكومة!!
ولكن هل ستستمر الرئاسة وحكومة فياض في دفع الرواتب دون مطالبة موظفي قطاع غزة بالاستحقاق المترتب عليها؟!، أغلب الظن أن هذا هو سؤال المرحلة القادمة، فالرواتب التي تدفعها رام الله اليوم يقيناً يدركه كل ذي عقل أنها ليست لسواد عيون أهل غزة ولا محبة لهذا الشعب المسكين ولكن خشية التفاف الناس حول حماس وفقدان غزة للأبد.
أما المطلوب الفترة القادمة فهو الاستحقاق المترتب على الراتب، وما تؤكده تلك البيانات المتسربة من مجموع البيانات الداخلية التي تصدرها قيادة التيار الانقلابي في رام الله لأذنابها في غزة أن استحقاق الراتب في الفترة القادمة سيكون بحجم المناكفات والإضرابات والمظاهرات الذي يحدثها الموظفون في قطاع غزة بغية إفساد جو الاستقرار والأمان الذي تعيشه غزة منذ تطهيرها، وقد رأينا ذلك بالفعل من بعض موظفي وزارة الصحة أصحاب المهنة الإنسانية ذات المقام الرفيع (الأطباء) بالإضرابات المستمرة في الوزارة، وما تزامن مع ذلك من استغلال فئة مفسدة إضراب البلديات للترويج بأن هذا ما أتت به حماس للشعب نفايات تملأ الشوارع حتى وصل الانحطاط الأخلاقي ببعضهم القيام بتجميع النفايات في منتصف الشوارع وفتح أكياس القمامة بغية الضرر بأبناء شعبهم،وتحول جزء من الموظفين للعمل كمخبرين ضد إخوانهم الملتزمين بعملهم، عوضاً عن ربط أفراح البعض بظواهر الفلتان الأمني السابقة، والقادم أعظم وأشد خطراً…..
إذاً بدا من الواضح أن رام الله لم تمن على موظفي قطاع غزة بالتخلي عن استحقاق الراتب كما يتصور البعض بل رأت فيه ابتزازاً لهؤلاء الموظفين للعمل من أجل الضرر بمصالح بلدهم والعبث بممتلكاتها ونشر الفوضى تحت مسمى إنهاء الانقلاب على الشرعية، أي شرعية تلك التي تعبث بمصالح الشعب للقضاء على شرعيتهم الحقيقية؟!.
أخي الموظف اربأ بنفسك أن تكون أداة مسلطة على نفسك وعلى أخيك وشعبك من حيث لا تدري، واعلم أن خرق السفينة يعني غرق من يقطن أسفلها وأعلاها على حدٍ سواء، وأن زبانية القوم لا يبتغون لك نفعا، أما عموم شعبنا الكريم في قطاع غزة فاعلموا أن الساكت عن إنكار المنكر آثم بسكوته عاص بإهلاك نفسه .
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

الأورومتوسطي: إسرائيل تمارس حرب تجويع شرسة في قطاع غزة
غزة- المركز الفلسطيني للإعلام أكد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، أن الهجوم الإسرائيلي المتواصل والحصار الخانق والنقص الحاد في الإمدادات...

550 مسؤولا أمنيا إسرائيليا سابقا يطالبون ترامب بوقف الحرب بغزة
القدس المحتلة – المركز الفلسطيني للإعلام طالب مئات المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين السابقين الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالعمل على وقف الحرب في...

حماس تدعو للنفير لحماية الأقصى بعد محاولة ذبح القرابين
القدس المحتلة – حركة حماس قالت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، إن محاولة المستوطنين ذبح قربان في المسجد الأقصى يعد تصعيداً خطيراً يستدعي النفير...

مؤسسات الأسرى: تصعيد ممنهج وجرائم مركّبة بحق الأسرى خلال نيسان الماضي
رام الله - المركز الفلسطيني للإعلام واصلت سلطات الاحتلال الإسرائيلي خلال شهر نيسان/ إبريل 2025 تنفيذ حملات اعتقال ممنهجة في محافظات الضفة الغربية،...

إضراب جماعي عن الطعام في جامعة بيرزيت إسنادًا لغزة
رام الله- المركز الفلسطيني للإعلام أضرب طلاب ومحاضرون وموظفون في جامعة بيرزيت، اليوم الاثنين، عن الطعام ليومٍ واحد، في خطوة رمزية تضامنية مع سكان...

القسام تفرج عن الجندي مزدوج الجنسية عيدان ألكساندر
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أفرجت كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، عند الساعة 6:30 من مساء اليوم...

خطيب الأقصى: إدخال القرابين يجب التصدي له بكل قوة
القدس – المركز الفلسطيني للإعلام استنكر خطيب المسجد الأقصى الشيخ عكرمة صبري، محاولة يهود متطرفين إدخال قرابين إلى ساحات المسجد الأقصى، معتبراً أنه...