الثلاثاء 13/مايو/2025

مشاهد مسرحية ليست للتسلية

د. محمد سعد

أحمل إليكم اليوم المشهد الأول والثاني من فصول مسرحية طويلة تحمل عنوان ” المعاناة الفلسطينية ” وهى مسرحية تراجيدية جميع أحداثها حقيقية بالحرف الواحد. أكتفي بنقل وتصوير مشاهد المسرحية، واترك التعليق وقراءة كواليس العرض للقارئ الكريم.

المشهد الأول: حدث في مجلس الأمن

يفتح ستار المسرح على مشهد أعضاء مجلس الأمن قبل عقد جلسة طارئة للمجلس، وعلى خشبة المسرح يظهر مندوبا دولة قطر واندونيسيا وقد وقفا يتحدثان جانبا وتظهر على ملامحهم علامات التأثر الشديد، بينما يقف في الجانب الآخر مندوبو فلسطين وإسرائيل وأمريكا، وقد انهمك ثلاثتهم في حديث غاضب وساخن.

يطلب رئيس الجلسة من الجميع الجلوس لعقد الجلسة، ويبدأ مندوب قطر في الحديث عن الطلب الذي تقدمت به دولته مع اندونيسيا لاعتبار قطاع غزة منطقة “منكوبة إنسانياً”، ويطالب أعضاء مجلس الأمن فقط بالسماح بدخول غير مقيّد للمساعدات الإنسانية وتسهيل مرور الواردات والصادرات ودخول الوكالات الإنسانية، ومعها إمدادات الوقود والمياه والكهرباء. وذلك بعد أن رُفع الحصار عن الضفة الغربية وبقي قائماً بالنسبة لقطاع غزة…

مقاطعة من المندوب الفلسطيني: ومن سمح لسيادتكم بالحديث باسم الشعب الفلسطيني، أنا هنا ممثل السلطة الفلسطينية ورئيسها الشرعي السيد محمود عباس،  ونحن نعتبر أن هذا الأمر شأن داخلي فلسطيني لا يجوز لأحد التدخل فيه،  وما دامت غزة قد اختارت حماس فعليها تحمل النتائج، وبناء على ذلك أطلب من الأعضاء الكرام في مجلس الأمن رفض هذا الطلب وعدم مناقشته من الأساس..وشكرا.

( أصوات همهمة تسيطر على المسرح، وعلامات استغراب على وجوه الجميع فهي المرة الأولى التي تقف فها دولة أمام قرار يخص مصلحة أبناء شعبها، يقطع ذلك تصفيق حاد من مندوب أمريكا وإسرائيل،  ويتبعهم في التصفيق باقي الدول عدا قطر واندونيسيا اللذان عقدت الدهشة وجوههما)

يخرج المندوب الإسرائيلي من الجلسة مزهوا ويعقد مؤتمرًا صحافيٍّا فوريًّا يعلن فيه: أن هذه بالفعل سابقة مثيرة للاهتمام، فلأول مرة تقف إسرائيل مع الفلسطينيين على جانبي المتراس.  المعتدلون الفلسطينيون انضموا إلينا في الصراع ضد المتطرفين.

المشهد الثاني: بين ظلمات ثلاث

يرفع الستار على المسرح وهو يغمر في ظلام دامس، ويظهر ضوء شمعة من جانب المسرح تحمله أم، وتقف بجانب ابنتها التي انهمكت في بكاء شديد.

الابنة: يا أمي.. أنا لا أستطيع النوم نتيجة الحر الشديد، وعدم وجود تهوية أو ماء بارد لا أستطيع أن أتحمل أكثر من ذلك.

الأم: صبرا يا ابنتي، فالحر ليس المشكلة الآن،  ولكن ما يقلقني ألا نجد ما نأكل بعد أن تعفنت جميع المأكولات في الثلاجة

الابنة: إلى متى ستستمر الكهرباء مقطوعة عنا يا أمي؟

الأم: آه يا ابنتي… لست أعلم،  ولكن نحن لسنا وحدنا في هذه المأساة، فتقريبا جميع سكان غزة الآن يعيشون نفس المشكلة، وفى انتظار قرارات السلطة وإسرائيل والاتحاد الأوروبي.

الابنة: ما هو الخطأ الذي ارتكبناه يا أمي لكي نعاقب بمثل هذه الوسائل غير الإنسانية؟

الأم: كفاك هذا الكلام الآن.. وأحضري البطاريات لنشغل المذياع ونسمع آخر الأخبار لعل الله يفرجها.

(تقوم الأم بتشغيله) ويظهر صوت رياض المالكي وزير الإعلام الفلسطيني في حكومة أبو مازن:أيها الشعب الفلسطيني يجب على كل بيت في قطاع غزة أن يخرج إلى الشارع ويقول لحركة حماس أنت مسئولة عن هذه الجريمة. لأنّ الاتحاد الأوروبي قرّر وقف الدفع المالي للشركة الإسرائيلية التي تزود الوقود لمحطة الكهرباء في غزة بسبب سيطرة حماس على شركة الكهرباء، ولن يتراجع الاتحاد الأوروبي عن قراره بقطع التيار الكهربائي عن قطاع غزة، إلا بتراجع حماس عن موقفها واعتذارها “

يزداد بكاء الطفلة فيما تغير الأم المحطة ويظهر صوت المتحدث الإسرائيلي من مكتب الارتباط بمعبر “إيريز” ويعلن: أننا غير مسئولين عن انقطاع التيار الكهربي عن غزة، فاليوم لم يتم طلب السولار اللازم لتشغيل محطة الكهرباء في القطاع، حيث يتم طلب الوقود عن طريق مكتب سلام فياض في رام الله، لكن حكومة فياض طلبت 100 ألف لتر وقود من أنواع مختلفة لا تشمل السولار وليكن في علم الجميع أن شبكة توزيع التيار الكهربائي تملكها وتديرها شركة خاصة يملكها مقاولون فلسطينيون. وبالرغم من أن «حماس» لا صلة لها بأي شؤون مالية متعلقة بالكهرباء في قطاع غزة.إلا انه يجب على أهالي القطاع أن يعلنوا تبرأهم من حركة حماس الإرهابية، حتى يفك الحصار وتعود الأمور كما كانت.

يرتفع صوت نحيب الابنة والأم معا.

يسدل الستار.. ونستكمل باقي مشاهد المسرحية الأسبوع القادم إن شاء الله

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات